السلسلة تربك الحكومة وأحزاب السلطة , اليوم الامتحان

 

المستقبل :

إذا صدقت التوقعات وصفت النيات سيكون اللبنانيون اليوم أمام إنجاز تاريخي طال انتظاره يُنصف أصحاب الحقوق ولا يقصم ميزانية الدولة. فبعد يوم مكوكي حافل بالاجتماعات والاتصالات استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل بهدف تعبيد الطريق وجعله سالكاً وآمناً أمام إبصار سلسلة الرتب والرواتب النور اليوم في الهيئة العامة، اختصرت مصادر متقاطعة من مختلف الكتل النيابية أجواء «السلسلة» بالقول لـ«المستقبل»: «الأمور مرهونة بخواتيمها وهي لا تزال حتى الساعة (قرابة منتصف الليل) تراوح بين التشاور والتفاؤل والترقب الحذر بانتظار ما ستخلص إليه توافقات ربع الساعة الأخير». 

وإذ أوضحت أن اجتماع السراي الحكومي أمس نجح في تذليل معظم العقبات أمام إقرار «السلسلة»، لفتت المصادر إلى وجود بعض العقد التي تحتاج إلى مزيد من التشاور والتنسيق سواءً بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري أو بين الكتل النيابية نفسها على أن يتحدد في ضوء مشاورات الليل مسار نهار اليوم في ساحة النجمة، وألمحت المصادر في هذا المجال إلى ضرورة بتّ موضوع الموازنة العامة وجدولتها على سلّم أولويات الجلسة 

التشريعية تماشياً مع التوافق الوطني على وجوب تزامن وترابط المسارات بين الموازنة والسلسلة والإصلاحات.

وعن اجتماع السراي الذي ترأسه الحريري وحضره وزيرا المال والاتصالات علي حسن خليل وجمال الجراح والنواب ابراهيم كنعان وجورج عدوان وعلي فياض وأكرم شهيب، أكدت المصادر أنه توصل إلى إقرار مبدأ تقسيط كلفة سلسلة الرتب والرواتب على مدى سنتين أو ثلاث سنوات، كاشفةً في ما يتصل بمسألة المتقاعدين عن «توافق مبدئي وجزئي تم بين الأفرقاء حيال هذه المسألة ويقضي بدفع 25% من قيمة كلفة درجات المتقاعدين بواقع 350 مليار ليرة وإرجاء سداد القيمة الباقية إلى العام المقبل».

وكان المشاركون في اجتماع السراي قد أعربوا إثر انتهائه عن تفاؤلهم بمآل المشاورات الجارية، فرأى خليل أنّ الأمور أصبحت في «المراحل الأخيرة للتفاهم شبه الكامل على السلسلة»، بينما أكد عدوان الاتجاه نحو إقرارها.

الكهرباء والاتصالات

في الغضون، برز أمس على الطريق نحو «استعادة الثقة» بالدولة وبخدماتها الواجبة للمواطنين تطوّر كهربائي لافت مع الإعلان عن «تخطي القدرة الانتاجية الموضوعة على الشبكة 2200 ميغاوات للمرة الأولى في لبنان فيما كانت تراوح في حدها الأقصى بين 1650 و1700 ميغاوات» كما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، مشيرةً إلى أنّ هذا الأمر سيجعل «هذا الصيف أفضل من فصول الصيف السابقة على مستوى التغذية بالتيار».

وتوزاياً، كان وزير الاتصالات يبشّر اللبنانيين من قصر بعبدا إثر لقائه رئيس الجمهورية بأنّ الوزارة بدأت تطبيق التخفيضات المالية على الفاتورة بالإضافة إلى إطلاق السرعات الجديدة في خدمة الانترنت، لافتاً في الوقت عينه إلى مباشرة العمل في ورشة الإصلاحات والصيانة اللازمة لتحسين الشبكة «لكي نتمكن من إيصال الخدمات بالسعر المخفض والسرعة المعقولة لكل المواطنين على كل الأراضي اللبنانية»

 

الديار :

سيشهد لبنان خلال الساعات والايام المقبلة، اختباراً جدياً في «السلسلتين»، «سلسلة» الرتب والرواتب، و«السلسلة الشرقية»، في الاولى ثمة اختبار جدي لنيات نواب الامة الذين يتبارون علنا في «ضخ» جرعات من التفاؤل حول تمرير «السلسلة» وعدم تكرار «مسرحية» الجلسة في آذار الماضي، وفي المسألة الثانية اقترب جدا الاختبار الميداني لعملية تنظيف الجرود من المسلحين بعد ان انتهت مهلة الانذار الاخيرة للمسلحين للقبول بالتسوية، ولم تثمر جهود بعض الاطراف عن استئناف المفاوضات المتوقفة.
 في اختبار مصداقية النواب وصفت اوساط وزارية بارزة اللقاء الذي عقد في بيت الوسط بأنه «وضع النقاط» على حروف السلسلة»، وسيشهد البرلمان اليوم اختبارا جديا لنيات الكتل النيابية، فعند «الامتحان يكرم المرء او يهان»، اليوم ستكشف الحقائق امام اللبنانيين، وسيتبين ما اذا كان تيار المستقبل والقوات اللبنانية قد تخليا حقا عن دورهما في حماية المصارف واصحاب رؤوس الاموال الكبيرة؟ وكذلك ستنكشف حقيقة تأييد الكتل النيابية الاخرى لاقرار «السلسلة»؟ ولعل العاملين اللذين يدعوان الى التفاؤل في هذا السياق، هما حاجة العهد الى انجاز جديد، وحاجة النواب الى «تسليف» الناخبين «رشوة» انتخابية على مسافة اشهر من الانتخابات النيابية.
اما في الملف الثاني، فان «السلسلة» الشرقية بات «قاب قوسين او ادنى» من اختبار جديد ينهي الوجود الارهابي على الحدود اللبنانية، بما يمثله ذلك من تحول استراتيجي في طبيعة الحرب الدائرة في سوريا، وقد ذكرت اوساط معنية بهذا الملف ان تكتيكات عسكرية جديدة، واسلحة نوعية جديدة، ستستخدم في المواجهة المرتقبة، ومن المؤشرات على قرب بدء المواجهة، ادخال الجيش السوري بالامس تعزيزات نوعية الى مواقعه على الجانب الاخر من الحدود، ومن بينها اسلحة «تكتيكية» متطورة لعل اهمها صواريخ «بي ام 27 ايرغان»، وراجمات صواريخ روسية معروفة باسم «الشمس الحارقة» او توس «وان ايه وان»، إضافة لراجمات متطورة من نوع «يو آر 77» المتخصصة في تدمير التحصينات في الجبال، وهي راجمات متخصصة في إطلاق شحنات متفجرة، وهي مجهزة صاروخياً وتستطيع تحقيق اختراقات وانفجارات ضخمة تمكنها من هدم وتدمير اهداف محصنة ضمن دائرة بطول 90 متراً وعرض 6 أمتار، وتُطلق الراجمة هذه النار عبر حبال صاروخية مزودة بعبوات متفجرة، وهو سلاح يستعمل بشكل خاص في مناطق الاشتباك الخالية من المدنيين، كما أنها وسيلة وفعالة لإزالة الألغام. 
ووفقا لتلك الاوساط، فان القيادة العسكرية الروسية ابدت استعدادها للمشاركة الفاعلة في المواجهة عند الضرورة، الطيران الروسي سيكون جاهزاً للمؤازرة اذا ما احتاج الامر الى ضرب تحصينات موجودة داخل «المغاور» في الجرود، ولن تتوانى القوات الروسية عن استخدام القاذفات الاستراتيجية او صواريخ «كاليبر» المجنحة التي تطلق من البحر، اذا ما طلب منها ذلك. فالروس «متحمسون» للمشاركة في هذه المواجهة  في هذه المنطقة المفتوحة الخالية من المدنيين، ويمكن في هذا السياق «استعراض» قدرة السلاح الروسي على اختراق التحصينات الجبلية.
 

إعلان

 

 

 

 معلومات استخباراتية


وعلم في هذا السياق ان المسح الجوي لمنطقة العمليات قد انتهى وباتت كل المواقع القيادية ومناطق التجمعات، ومخازن الاسلحة، محددة وفق احداثيات عالية الدقة، كما انجزت المعلومات الاستخباراتية، وفي هذا الاطار فان التقدير شبه النهائي لعدد عناصر «جبهة النصرة» لا يتجاوز 550 عنصرا، فيما لا يتجاوز عدد مقاتلي «داعش» 175، وقد رصدت خلال الساعات القليلة الماضية حركة اتصالات بين قيادتي «داعش» و«النصرة» في الجرود في محاولة لتوحيد الجهود الميدانية لمواجهة الخطر القادم، وثمة تحضيرات عملانية للقاء يجمع امير «النصرة» في القلمون ابو مالك التلي، وامير «داعش» المعروف بابو «السوس»، ويعمل القائمون على هذه الاتصالات على تذليل الاختلافات العميقة بين الطرفين، خصوصا ان الامور وصلت في السابق الى تبادل الفتاوى «بهدر الدم».
ووفقا المعلومات، فان «اللعب على اعصاب» المسلحين في الجرود قد ادى الغرض منه حتى الان، فقد أدت هذه الاستراتيجية الى ارهاقهم من خلال ابقائهم على استنفار دائم، خصوصا مع ارتفاع وتيرة غارات الطيران السوري، كما زادت حالة «الشك» في صفوفهم حول جدوى المواجهة، وكذلك حالة الانقسام بينهم، وقد سمح هذا التكتيك ايضا بمراقبة ردود افعالهم، ما يسمح بتسهيل عمليات استهدافهم لاحقا. 
 

 خطوات انتحارية


وتخشى اوساط معنية بهذا الملف، من ان يدفع هذا الانتظار المرهق المسلحين الى القيام «بخطوة استباقية انتحارية»، وعلم انه من جملة الافكار المتداولة بين قيادات المسلحين في الجرود، القيام بهجوم استباقي لنقل المعركة الى قلب عرسال وقرى حدودية اخرى، بدل الانتظار في الجرود، والتعرض للابادة. لكن ثمة انقسام جدي في الموقف بين مؤيد لهذه الخطوة على اعتبار ان الوجود ضمن بيئة سكانية سيصعب الامور على الطرف الاخر، كما سيحرج الجيش اللبناني، وسيؤدي الى تعقيد المواجهة على حزب الله بسبب الحساسيات الداخلية... اما الراي الاخر فيعتبر هذه الخطوة كـ«انتحار» لان التخلي عن المواقع المحصنة في الجرود سيضع المقاتلين في «العراء»، كما سيعرض النازحين في المخيمات لمخاطر مباشرة، ومعظم المقاتلين لديهم عائلات هناك، كما انه سيمنح حزب الله مشروعية داخلية ويوحد المواقف في الداخل حول مشروعية عملياته القتالية... وبحسب اوساط معنية بالتحضيرت للمواجهة فان هذا الاحتمال موضوع على الطاولة، ولن يكون تحرك المسلحين مفاجئا اذا ما حصل هذه المرة، وقيادة الجيش على اطلاع كامل على تلك المخاطر، وقد اتخذت كامل الاجراءات العملانية على الارض «لسحق» كل من يفكر في نقل المعركة الى داخل الاراضي اللبنانية المأهولة سواء في عرسال او اي بلدات حدودية أخرى.
 

 دور الجيش


وفي هذا الاطار وبعيدا عن المزايدات السياسية الداخلية، يبقى دور الجيش في المواجهة غير قابل «للنقاش» او «الالتباس»، والبحث عما اذا كان ثمة تنسيق مسبق مع حزب الله والجيش السوري حول طبيعة هذه المعركة نوع من «التمرين الذهني» غير المجدي، لان حسم الاجابة عن هذا الامر لا يقدم او يؤخر شيئا في الوقائع الميدانية، مهمة وحدات الجيش المنتشرة على الحدود واضحة ولن تتغير، وهي غير قابلة «للتأويل»، حصلت المواجهة او لم تحصل، دور المؤسسة العسكرية هو منع اي اختراق مسلح للحدود اللبنانية، وهي مهمة دفاعية بحتة لا تحتاج اصلا الى اي غطاء سياسي، الاستهداف بالمدفعية مستمر وسترتفع وتيرته بحسب الحاجة، العمليات الاستباقية، العسكرية والامنية، ستزداد تلقائيا عند اندلاع المواجهات، لان طبيعة الموقف العسكري يتطلب ذلك، ومن يريد تصنيف هذا التحرك بأنه مشاركة في المواجهة لمحاولة الضغط على الجيش او «تكبيله»، فهو مخطىء في حساباته، لان تقدير الوضع الميداني يحصل من خلال المعطيات على الارض، وليس من وراء «المكاتب». وفي هذا السياق ووفقاً لمصادر وزارية ان اطرافا وازنة في الحكومة رفضت ادراج بند على جدول اعمال مجلس الوزراء طالبت به بعض الجهات الحكومية لتحديد مهمة الجيش في اي مواجهة محتملة، وهو الامر الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس الى التأكيد على منح المؤسسة العسكرية الغطاء السياسي الكامل لمكافحة الارهاب، وذلك بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة.
في هذا الوقت، يواصل اهالي بلدة عرسال من اصحاب المقالع والكسارات سحب آلياتهم ومعداتهم الثقيل من المناطق القريبة من الجرود بناء على «نصيحة» من الجيش اللبناني، وذلك وفقا لمصادر اهلية في البلدة، المعابر بين عرسال والجرود لم تقفل، لكن تم الحد من تحرك النازحين السوريين من والى البلدة.
 

 سلسلة الرتب


وفي انتظار جلسة اليوم الحاسمة، ترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري امس اجتماعا حضره وزير المال علي حسن خليل، وزير الاتصالات جمال الجراح، ورئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان، والنواب علي فياض، واكرم شهيب، وجورج عدوان، وقد خرج الجميع بانطباعات ايجابية بعد اللقاء عكسه الرئيس الحريري بقوله ان «السلسة» ماشية باذن الله.. من جهته عبّر خليل عن تفاؤله باقرارها اليوم، وقال «اننا اصبحنا في المراحل الاخيرة للتفاهم شبه الكامل على السلسلة لكي نذهب الى مجلس النواب ونناقشها بايجابية ونصل الى نتيجة». وكذلك اكد عدوان الاتجاه الى اقرار «السلسلة»، واصفا الاجواء بالايجابية، نافيا اتهام القوات اللبنانية «والمستقبل» والاشتراكي بالقيام بدور تعطيلي... وقال: نتجه لإقرار «السلسلة».
ووفقا للمعلومات انه لم يتم التفاهم على جميع البنود، لكن تم الاتفاق على اكثر من 85 بالمئة منها، وبحسب اوساط شاركت في اللقاء، فقد تم تجاوز الخلاف على ملف المتقاعدين، والاملاك البحرية، وكذلك على زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 11 بالمئة، لكن مع تأجيل تطبيقها الى العام 2018... وفي بند الاصلاحات تم تمديد الدوام الرسمي للدوائر الحكومية حتى الساعة 3.30 على ان يكون يوم السبت يوم عطلة. وكذلك تم التفاهم على حزمة الضرائب على القطاع المصرفي، وهذا ما «وتر» الاجواء خلال الاجتماع بين الحريري والهيئات الاقتصادية، بعد ان دعاهم رئيس الحكومة الى تقدير ظرفه الذي لا يسمح له بالاستمرار في منع اقرار الضرائب، وقد حذروه خلال اللقاء من التداعيات الاقتصادية غير المحسوبة.

 

 

الجمهورية :

طريق سلسلة الرتب والرواتب تبدو نظرياً سالكةً في مجلس النواب اليوم، إنّما في جوهرها ليست آمنة تبعاً للتباينات السياسية، وتترك بالتالي كلّ الاحتمالات واردة حولها. وإذا كان النوّاب اليوم أمام لحظة الحقيقة والقرار حيال مسألة شديدة الحساسية مطلبياً ومالياً في آنٍ معاً، فإنّ الموازنة ما بين الأمرَين تبدو متعذّرةً إنْ لم تكن شديدةَ الصعوبة، ذلك أنّ القرار النيابي وكيفما مال، سواءٌ لصالح المطالبين بإقرار السلسلة أو لصالح المعترضين عليها والمحذّرين منها، ستترتّب عليه تداعيات وارتدادات ستَحكم المشهد الداخلي في المرحلة المقبلة.

ظلَّ الحديث عن تطوّرات أمنية وشيكة ضدّ المجموعات الإرهابية في جرود عرسال هو الطاغي، مع تزايدِ التسريبات عن خطوات ميدانية ستَظهر سريعاً، سبَقتها في الساعات الـ 48 الماضية إجراءات احترازية في عدد من القرى اللبنانية القريبة من تلك المنطقة، بالتوازي مع تجمُّع عناصر مسلحة وآليات في مناطق ليست بعيدة عن المناطق المرشحة للاستهداف، ما يعني أنّ الميدان، وكما أكّدت مصادر أمنية معنية لـ«الجمهورية»، قد دخلَ فعلاً مرحلة التسخين».

عون

تزامنَ ذلك مع جهوزية ملحوظة للجيش اللبناني في أماكن انتشاره، سواء في الداخل أو على الحدود، متجاوزةً كلّ الأصوات التي تحاول النيلَ منه والتهشيمَ بدوره في حماية الأمن والاستقرار وإحاطتَه باتّهامات لأخذِه إلى ساحة التجاذب حول عناوين بعيدة كلَّ البعد عنه.

وهو ما حذّرَ منه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إذ لفتَ الى «أنّنا عشنا في اليومين الماضيين أزمةً تمثّلت بإلقاء تهمة زور على الجيش الذي يقدّم الشهداء لحماية لبنان من الإرهاب»، وتساءل: «كيف بإمكان الجيش ان يتساهل امام مِثل هذه المسألة، خصوصاً حين يتعامل مع من لا يتردّد بتفجير نفسه لإلحاق الأذى؟» معتبراً «أنّ التساهل في مثل هكذا واقعٍ من شأنه ان يُضاعف من إمكانية وقوع جرائم الإرهاب».

وجدّد التأكيد على «أنّ الحرب الاستباقية التي يقوم بها الجيش ضدّ الارهابيين، تتمّ دائماً بناءً على توجيهات السلطة السياسية برئاسة رئيس الجمهورية».

من جهته، أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ الجيش له كلّ الدعم من السلطة السياسية، وبالتالي لا يحتاج إلى تظاهرات داعمة له.

السلسلة

وعشية الجلسة التشريعية اليوم، واضحٌ أنّ السلسلة تقف على مفترق حسّاس، ظهرَت فيه كلّ القوى في وضعٍ مربَك تحاول تلمُّسَ مخرجٍ لمأزقِ السلسلة يَحول دون أن يترتّب على إقرارها أو عدمه أيّ تداعيات محتملة، فيما تعالت الدعوات إلى تحرّكات تصعيدية من بعض الأحزاب، كالكتائب الذي ينفّذ وقفةً احتجاجية اليوم، وأيضاً من حركات نقابية، ضدّ المنحى الضريبي الذي يمكن أن يقترن به إقرار السلسلة.

ولعلّ المأزق الذي بلغَته الامور حيال السلسلة، وأيضاً حيال المالية العامة للدولة وما تعانيه من عدم قدرةٍ على سدّ كلفةِ إدارة الدولة ومصالح الناس ولو بحدّها الأدنى، وعلى تحمُّلِ أيّ كلفةٍ أو أرقام أو مبالغ إضافية تُرهقها أكثر، هو أمرٌ طبيعي تتحمّل مسؤوليته السلطة الحاكمة نتيجة انعدام الرؤية الواضحة، والتقصير المزمن والإمعان في غضِّ النظر عن مكامن العجز الحقيقي لمالية الدولة، وفي إبقاء هذا المرض العضال يستعصي ويتفاعل أكثر.

وأمام هذا الواقع المحزن، لم تُقدّم السلطة ولو دليلاً واحداً على مبادرة صادقة وفاعلة أو رؤيةٍ للمعالجة لإنقاذ المريض، على رغم أنّ عناصر العلاج امامها لا تتطلب سوى المبادرة الى منعِ التهريب المتفاقم و«على عينك يا تاجر»، ووضع حدّ للفساد المستشري في الإدارة، والرشاوى في المؤسسات، وسدّ مسارب هدر المال العام المتجلّية تحديداً في المصروفات غير المجدية وجيش المستشارين والإيجارات الضائعة للدولة، و«الصناديق السوداء» عند بعض النافذين، والمصروفات السرّية غير المرئية، وغيرها كثير لا يُعدُّ ولا يحصى في الدوائر العقارية والضمان ومؤسسات أخرى، وصولاً إلى الإصرار على الصفقات المصلحية ووقفِ العمل غير المبرّر في صفقات تُربح الخزينة، على شاكلة ما كشفَه مرجع سياسي لـ«الجمهورية» حول مناقصة لإنشاء محطة عائمة لتخزين و«تغويز» الغاز الطبيعي، التي وافقت عليها الحكومة قبل سنوات، وما زالت معطّلة رغم أنّها توفّر ما لا يقلّ عن مليار دولار على الرصيد التجاري من استيراد الديزل والمعدّات المتعلقة بالمولدات الخاصة، ناهيك عن الأثر البيئي الإيجابي لها».

وبدلاً من العلاج، تلجأ الى المسكّنات، واستسهال مدّ اليد على جيوب الناس بفرضِ ضرائب عشوائية وغير مدروسة تُطاول بالدرجة الاولى الشرائح الفقيرة والمتوسطة وتولّد في الشارع اعتراضات وتصعيداً يتزايد التحذير منه عشية طرحِ السلسلة للإقرار وخشية تضمُّنِها مزيداً من الضرائب على الفئات الشعبية.

برّي

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره: «كما سبق وقلت أنا ماشي بالسلسلة باعتبارها حقّاً لأصحابها طال انتظاره، وهي البند الاوّل، وعلى إقرارها يتوقّف كلّ شيء، وإن لم تقَرّ فكلّ شيء سيتوقّف».

وأتى كلام بري، بالتوازي مع الاجتماع الذي عقِد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري وحضور القوى السياسية الممثّلة في الحكومة، والذي بَرز فيه 3 محاور: محور يريد الموازنة قبل السلسلة (التيار الوطني الحر)، ومحور يريد الالتزام بسقف 1200 مليار دون زيادة (الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل)، ومحور يريد السلسلة أوّلاً مع إضافة زيادة المتقاعدين ودرجات المعلمين، وسعى إلى تدوير الزوايا في معالجة هذه النقطة، ولا يمانع بالتجزئة («أمل» و«حزب الله»)، وبحسب مصادر المجتمعين، الاتّجاه الأقوى هو نحو الذهاب إلى التجزئة.

وعلمت «الجمهورية» أنّ هناك مسعى جدّياً لتقريب وجهتَي النظر من خلال مخرج يتيح العودة الى المادة 20 من السلسلة والتي تجيز لمجلس النواب فتح اعتمادٍ من خلال الموازنة، وبالتالي يسير المجلس بالمراحل الثلاثة معاً: أي السلسلة والموازنة وفتح الاعتماد.

وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية»: «ما يختلف عن المرحلة السابقة في مناقشة الموازنة أنّ الكلّ يتعامل معها على أنّها ستقَرّ من دون مناورات، واتّفقت كلّ المكوّنات السياسية المشاركة في التفاوض حولها على خارطة طريق من ثلاث نقاط: حفظ الاستقرار المالي، حفظ الاستقرار السياسي، وإعطاء الحقوق لأصحابها.

وكشفَت المصادر أنّه سيُصار الى رفعِ كلفةِ السلسلة التي ستتضمّن حقوقَ المتقاعدين مقسَّطةً على 3 سنوات بحيث تتراوح بين 1200 و1600 مليار.

النازحون

تزامنَ ذلك، مع بقاء النار مشتعلةً تحت ملفّ النازحين السوريين الذي بلغَت أثاره على لبنان المستوى الأعلى في الضغط والسلبية على كلّ فئات الشعب اللبناني، وهو ما يَجري التحذير منه على غير صعيد، وفي المقدّمة بكركي التي تتعالى صرخاتها لمعالجة هذا الملف والحدّ من سلبياته.

وعلى وترِ ملفّ النازحين عزَف النائب وليد جنبلاط بتغريدة رفضَ فيها التظاهرات حول موضوع النازحين داعياً إلى التمييز بين الإرهاب واللاجئ السوري، وتساءلَ: «من قال إنّ المخابرات السورية بريئة وقد تريد صدام الجيش مع اللاجئين عشوائيا»؟

وتحدّثَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن توتّرات بين النازحين السوريين واللبنانيين، إلّا أنّها «ليست عنصرية بل تتعلّق بالوضع الاقتصادي». ودعا الى عدمِ تسييس الموضوع «لكي لا يتمّ أخذُ قرارٍ سياسي نحن بغِنى عنه»، معتبراً أنّ «أيّ تسييس للموضوع وأيّ طرحٍ لفتح علاقات من جديد وتوسيع العلاقات مع النظام السوري، من شأنه عرقلة عودةِ النازحين».

«القوات» وريفي

وفي سياق قوّاتي آخر، استغرَب مصدر في «القوات اللبنانية» دعوةَ اللواء أشرف ريفي «القوات» إلى «إعادة تقييم الجدوى من استمرارها في حكومة تضع رأسَها في رمال الوصاية الإيرانية»، وقال لـ«الجمهورية» إنّ ريفي «يدرك أكثر من غيره أنّ «القوات» لم تبدّل يوماً في مقاربتها الوطنية الاستراتيجية وعنوانُها بسطُ سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية»، ودعا «الصديق ريفي إلى التمييز بين خطابه الانتخابي المفهوم والمبرّر، وبين حرفِ الوقائع من خلال تظهير الحكومة بكونِها أداةً إيرانية، فيما المشاركة القواتية الوازنة أظهرَت وتُظهِر أنّ هناك توازناً فعليا داخل الحكومة»، وذكّرَت بأنّ جعجع «كان أوّلَ من ردَّ على موقف السيّد حسن نصرالله الداعي إلى فتحِ الحدود، وسجّلَ وزراء «القوات» اعتراضَهم على هذا الكلام وهجومه المتكرر على السعودية على طاولة مجلس الوزراء».

ورأى المصدر «أنّ الأولوية في المرحلة الحالية احتواء الأزمة مع استمرار كلّ طرفٍ على ثوابته بانتظار أيام أفضل، و«القوات» ليست موجودةً في الحكومة لمكاسب سلطوية، بل لأهداف وطنية على مستوى القضية السيادية ومواضيع مكافحة الفساد وانتظام المؤسسات وإدارة الدولة».

وقال إنّ اللواء ريفي «تَساكنَ مع «حزب الله» عندما كان في قوى الأمن والتنسيق الذي فرضَته ضرورات المرحلة، وعندما شارَك أيضاً في الحكومة، فيما الأولوية اليوم الحفاظُ على الاستقرار وتوسيع مساحة حضور الدولة ودورها في ظلّ ربطِ نزاع استراتيجي مع الحزب»، ورأى «أنّ وضع الدولةِ اليوم أفضلُ بكثير مما كان عليه قبل الانتخابات الرئاسية».

وأكّد «أنّ مَن يقود المواجهة سابقاً وراهناً ومن سيخوضها في المستقبل هو «القوات»، ودعت «الأصدقاءَ المختلفين معها في الرأي إلى وقفِ المغالاة، كونها لزومَ ما لا يلزم».

على صعيد آخر، أوضَحت وزارة الطاقة والمياه في بيان أمس «أنْ ليس هناك خلافٌ بين الوزير ومدير عام الاستثمار يستأهل الضجّة التي أثيرَت حوله»، معتبرةً «أنّ الوزير هو رأسُ الإدارة التي يوجب القانون أن تعمل بموظفيها بشكل منتظم وفق القوانين والأنظمة المرعية»

 

 

اللواء :

أغلب الظن ان سلسلة الرتب والرواتب ستقر في الجلسة النيابية التشريعية اليوم، بعدما اشبعت درساً وتمحيصاً ومخارج، بمشاركة ممثلي الكتل السياسية، ذات التأثير السياسي في المجلس.
وشكل الاجتماع، الذي ترأسه الرئيس سعد الحريري عصر أمس مع ممثلي الكتل النيابية بحضور وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان ذروة الاجتماعات الهادفة للبحث عن مخارج للنفقات الإضافية المتعلقة بدرجات الأساتذة، والزيادات على اجور المتعاقدين ورواتب المتقاعدين، والمقدرة بمبلغ لا يقل عن الـ800 مليار ليرة لبنانية، مع الإشارة إلى ان المبلغ الأصلي هو 1200 مليار ليرة لبنانية، تؤكد مصادر وزارة المال انها باتت متوافرة ولا مشكلة في تأمينها.
وجاءت دينامية الاجتماعات، على خلفية الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في اللقاء المسائي أمس الأوّل بين الرئيسين برّي والحريري، بحضور الوزير خليل بضرورة إقرار السلسلة في الجلسة النيابية، في ضوء الأرقام التي وضعها الوزير خليل امام الرئيسين والمخارج لتمويل السلسلة وطريقة اعطائها للمستفيدين منها، عبر تجزئتها على سنوات ثلاث، بحيث يدفع 35٪ منها في السنة الأوّلي، والباقي ومقداره 65٪ يدفع في السنة الثانية والثالثة.
السلسلة
في تقدير مصادر نيابية، ان موقف الرئيس عون، والذي شدّد فيه أمس الأوّل وبشكل عاجل على «ضرورة تأمين سلامة المالية العامة للدولة، من خلال إقرار الموازنة التي تحدد ايرادات الدولة والانفاق فيها»، ترك اثره على اجتماع ممثلي الكتل النيابية المشاركة في الحكومة، للبحث في مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب، بعد ان حمل بشكل غير مباشر، دعوة إلى ربط إقرار السلسلة بمشروع الموازنة العامة، وهي دعوة لقيت هوى لدى الرئيس الحريري الذي أبدى رغبته بأن يترأس اجتماع ممثلي الكتل، بعد ان التقى وفد الهيئات الاقتصادية الذي سلمه مذكرة تضمنت هواجس وتحذيرات الهيئات من انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي في حال إقرار زيادات ضريبية مقترحة.
غير ان هذا المخرج الذي طرح بربط السلسلة بالموازنة، لم يلق قبولاً لا من وزير المال علي حسن خليل، ولا من النائب علي فياض ممثّل «حزب الله» فيما وقف ممثّل «اللقاء الديمقراطي» النائب اكرم شهيب على الحياد، مشدداً على السقف الذي حددته الموازنة للسلسلة وهي 1200 مليار ليرة، وعدم الخروج عنه، في حين حاول الوزير جمال الجراح الذي مثل تيّار «المستقبل» والنائب جورج عدوان عن «القوات اللبنانية» دفع الأمور باتجاه خطوات يُشتمّ منها رسم مسارات تعيد النقاش إلى من يسبق اقرار الموازنة أم إقرار السلسلة، داعين إلى وجوب خلق توازن مالي وتضمين الموازنة السلسلة بعد رفع سقفها عن الـ1200 مليار.
وخلافاً للمعلومات التي ذكرت بأنه تمّ قطع شوط كبير من التفاهم على إقرار السلسلة، فإن مصادر المجتمعين أكدت لـ«اللواء» ان مشكلة تأمين الموارد المالية لزيادة تعويضات المتقاعدين بقيت عالقة، خصوصاً وأن كلفتها تبلغ 780 مليار ليرة، وتقرر ان يعود الحضور إلى قياداتهم اعتباراً من الليلة لمعرفة كيفية تأمين هذه الكلفة، مع انه جرى طرح اقتراح بتجزئة دفع هذه الزيادة، من دون ان يعرف ما إذا كان تمّ الاتفاق على هذا الاقتراح أم لا، على ان تكون مقرونة باصلاحات واسعة.
وأوضحت المصادر بالنسبة إلى مسألة ربط السلسلة بالموازنة، انه تمّ الفصل بينهما عملياً، بحيث تطرح السلسلة اليوم في الجلسة التشريعية، مثلما هو معروف، ويترك للنقاش ان يأخذ مجراه، ويحسم الاتجاه نحو اقرار السلسلة أو تأجيلها، فيما الموازنة تحتاج إلى أيام قليلة لإنجاز درسها في لجنة المال، على ان تحال فوراً الى الهيئة العامة التي ستدعى إلى جلسة قد تعقد الأسبوع المقبل أو الذي يليه.
وبهذا المعنى يمكن القول ان السلسلة، برغم الاجتماعات المتواصلة بقيت معلقة على توافق اللحظات الأخيرة اليوم، وهو ما ألمح إليه الوزير خليل بقوله: «اصبحنا في المراحل الأخيرة للتفاهم شبه الكامل على السلسلة لكي نذهب غداً (اليوم) إلى المجلس ونناقشها بإيجابية ونصل إلى نتيجة».
اما عدوان فاكتفى بالقول: أجواء الاجتماع كانت إيجابية ونتجه لإقرار السلسلة، وبقي على هذا العبارة من دون الدخول في تفاصيل.
من جهتها، وصفت مصادر الهيئات الاقتصادية لـ«اللواء» اللقاء مع الرئيس الحريري «بالممتاز» والصريح، وحذرت بشكل واضح من وضع ضرائب جديدة غير مدروسة لما سيكون له من انعكاسات سلبية على الاقتصاد والأوضاع المالية، مشيرة إلى ان الرئيس الحريري كان متفهماً لما تمّ طرحه، الا انها أكدت على ضرورة إقرار السلسلة لأنها حق طبيعي لمستحقيها، غير انها طالبت ان تكون الأرقام واضحة وضمن السقف، لأن الأمور تغيرت ولم تعد شفافة وواضحة بالنسبة الى التمويل، كما كانت خلال الاجتماعات التي عقدت بين الهيئات والمعنيين في وقت سابق.
ونقلت المصادر عن الرئيس الحريري معرفته تماماً بدقة المرحلة ورفضه السير بأي قرار غير مدروس وواضح في هذا الإطار، مشيرة في هذا الصدد إلى التبعات المالية لإقرار السلسلة في حال عدم وضوح الإيرادات وفق زيادة في العجز وتضخم في ظل تراجع اقتصادي ملموس.
في المقابل، رأت مصادر وزارية ان الكلام عن مناقشة الموازنة قبل سلسلة الرتب والرواتب غير مريح وأن البدء ببنود السلسلة قبل الموازنة يعني قذف موعد بحث سلسلة الرتب والرواتب إلى مدة أطول. ورأت أن التصريحات التي صدرت لا تؤشر الى أن السلسلة ملحة كما أن الاجتماعات التي عقدت لا توحي أن هناك رأيا واحدا حول هذا الموضوع.
أما بالنسبة إلى قطع الحساب فهو لم يحسم ولم يتم بالتالي التفاهم على صيغة واحدة، علماً ان وزارة المال انجزت نحو ٣٦ ألف صفحة من قطع الحساب.
وقال الوزير علي قانصو تعليقاً على هذا الموضوع ان «الغد لناظره قريب».
واوضحت المصادر الوزارية نفسها لـ«اللواء» ان الوزراء لم يتسلموا بعد بنود جدول اعمال مجلس الوراء الذي تقرر ان يعقد الخميس المقبل، أو أية أسماء تتصل بالتعيينات المرتقبة. وأكدت أن عدم تسلم الجدول اليوم أي قبل الـ48 ساعة من انعقاد المجلس وفق الأصول يعني أنه قد لا تكون هناك جلسة حكومية الخميس المقبل.
التهنئة بولي العهد
إلى ذلك، شكل فتح السفارة السعودية في لبنان، سجل التهاني بتعيين الأمير محمّد بن سلمان ولياً للعهد في المملكة، بعد أكثر من شهر على القرار، فرصة لأن يتوافد إلى مقر السفارة في شارع بلس، عدد كبير من الشخصيات الرسمية والسياسية والروحية ووفود شعبية التقت القائم باعمال السفارة وليد بخاري للتأكيد على متانة العلاقة التاريخية التي تربط لبنان بالمملكة، والإشادة بمكانة السعودية لدى اللبنانيين، وهو ما عبر عنه الرئيس الحريري الذي كان في مقدمة المهنئين، حيث أكّد في الكلمة التي دونها في السجل الرسمي على العلاقة الأخوية والتاريخية، آملاً ان تستكمل في المستقبل مع المملكة دائماً.
والمعاني نفسها أكد عليها الرؤساء: تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، الذين زاروا السفارة معاً، وكتبوا في السجل كلمة مشتركة، كما زار السفارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد ديني كبير ضم مفتي المناطق وقضاة الشرع ومدراء المرافق التابعة لدار الفتوى، وشدّد على ان الحفاظ على أمن المملكة وأمن الحرمين الشريفين أمر واجب على كل المسلمين وعلى كل العرب. (راجع ص 3)
معركة الجرد
وسط هذه الأجواء، ورغم انهماك المسؤولين بتبعات سلسلة الرتب والرواتب، والتحركات التي ستصاحبها في الشارع اليوم وغداً، اكمل «حزب الله» استعداداته لمعركة تطهير الجرود من المسلحين، بانتظار ساعة الصفر التي قد تدق قبل انقضاء الأسبوع الجاري، فيما أكّد الرئيس عون ان الحرب الاستباقية التي يقوم بها الجيش ضد الارهابيين تتم دائماً بناءً على توجيهات السلطة السياسية برئاسة رئيس الجمهورية، مشدداً على ان واجبات الإعلام ان يسأل ويستقصي ويستحصل على الأدلة قبل أن يكتفي بنشر اتهامات بحق مسؤولين.
وفي السياق، نقل عن مصادر في «حزب الله» قولها ان عناصر الحزب والجيش السوري سيتحركون من الداخل السوري والمناطق المتداخلة حدودياً، في حين ان الجيش اللبناني سيتحرك من الجانب اللبناني، والهدف من هذا التكتيك محاصرة المسلحين من كل الجهات ومنع تسللهم إلى الداخل اللبناني.
وإذ استبعدت ان تكون للمعركة تداعيات على بلدة عرسال، لأن المعركة مع المسلحين وليست مع المدنيين، أوضحت ان المفاوضات مع المجموعات المسلحة قائمة لتجنب المعركة، وهي انطلقت منذ دعوة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في اطلالته الأخيرة للمسلحين إلى مغادرة الجرود لتفادي المعركة، الا ان اجواءهم سلبية، ما يعني ان المفاوضات في دائرة الفشل.
وأوضحت المصادر ان الحزب على تنسيق دائم مع الجيش اللبناني لمنع أي تداعيات لمعركة الجرود على البلدات الحدودية، كاشفة عن تشكيل لجنة رسمية تضم ضباطاً من الجيشين اللبناني والسوري لتنسيق تحرك عناصرهما وخريطة انتشارهما لضمان نتائج معركة الجرود.
ومن جهته، أشار رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري الى ان أهالي عرسال وخصوصاً أصحاب المقالع يواصلون سحب آلياتهم ومعداتهم الثقيلة من المناطق القريبة من الجرود، بناءً على نصيحة من الجيش اللبناني، وإلى انه صدر قرار بمنع تحرك النازحين السوريين من وإلى عرسال وخارجها، لافتاً إلى ان قرار الحسم اتخذ، موضحاً بأن الحذر سيّد الموقف في البلدة ترقباً لتطورات الساعات المقبلة، الا انه طمأن إلى ان وضع البلدة وكل لبنان سيتحسن بعد الانتهاء من المعركة.
وبالنسبة لما تردّد عن مفاوضات لسحب عناصر «النصرة» إلى محافظة ادلب السورية، فالمعلومات الحزبية تُشير الى ان هؤلاء المسلحين يطلبون «فتح ممر آمن للانسحاب» بوصفهم مدنيين ليس إلى الداخل السوري، بل إلى مجمعات النازحين في محيط عرسال، وهذا ما يرفضه المفاوض اللبناني، لأنه يتعارض مع فكرة إنهاء الوجود المسلح في الجرود، وليس إدخالهم إلى لبنان مجدداً.

 

الاخبار :

تتّجه الأنظار اليوم إلى مجلس النواب، حيث من المفترض أن تسلُك سلسلة الرتب والرواتب طريقها وسط حقل ألغام سياسي – مالي، شهد محاولات عديدة لتدوير الزوايا والأرقام في سبيل إرضاء أصحاب المصارف والشركات المالية والعقارية من جهة، ومن جهة أخرى إرضاء الأساتذة وموظّفي القطاع العام والعسكريين.

وهذه المحاولات لم تسلَم من ضغط الهيئات الاقتصادية التي لا تنفك تحارب ضد سلّة الضرائب المقترحة عليها. الجلسة التي ستعقد اليوم وغداً، والتي تتصدر بنودها سلسلة الرتب والرواتب، كانت موضع درس في اجتماع لممثلي الكتل النيابية مع رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي (حضره وزير المال علي حسن خليل، وزير الاتصالات جمال الجراح، والنواب إبراهيم كنعان أكرم شهيب، جورج عدوان وعلي فياض) من أجل الاتفاق على السقف المالي لمشروع القانون الخاص بها وكيفية تأمين الإيرادات المطلوبة لتمويلها، خصوصاً أن إعطاء زيادات للمتقاعدين ودرجات إضافية للمعلمين، رفع كلفة السلسلة من السقف المتفق عليه وهو 1200 مليار ليرة إلى نحو 1700 مليار كحد أدنى، الأمر الذي تتذرّع به جهات عدّة ما لم تؤمن الواردات الكافية.


الغريب أن الجميع يتحدّث «بإيجابية» في هذا الملف. الحريري أكّد أن «السلسلة ماشية»، وكذلك الوزير خليل الذي أشار إلى أن «هناك تفاهماً شبه كامل عليها». هذا الكلام لا ينفي الصراع الذي لا يزال قائماً بين الكتل السياسية حول أبواب تمويل السلسلة، ومسألة ربط إقرارها بالموازنة، أو فصلها عنها. وقد ظهر ذلك جلياً خلال الاجتماع الذي عُقد أمس، إذ شهد تصادماً بين وجهتي نظر مختلفتين؛ الأولى عبّر عنها التيار الوطني الحرّ والقوات والمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وأكدت ضرورة إقرار الموازنة قبل سلسلة الرتب والراوتب. أما الثانية فعبّر عنها حزب الله وحركة أمل اللذان أكدا ضرورة إقرار السلسلة قبل الموازنة. وبحسب مصادر الاجتماع، فإن «المستقبل والقوات والاشتراكي لا يعارضون إقرار السلسلة قبل الموازنة شرط الالتزام بسقف الـ1200 مليار ليرة»، فيما يفضّل التيار الوطني الحرّ إقرار السلسلة بعد الموازنة، من دون الالتزام بالسقف المذكور، ولا مانع لديه من تخطّي هذا السقف، وفي حال الالتزام به طالب بتأجيلها إلى ما بعد الموازنة. أما حركة أمل وحزب الله فطالبا بإقرارها فوراً مع عدم الالتزام بأيّ سقف، إنصافاً للمتعاقدين. وبحسب المصادر، فإن الحزب والحركة «اقترحا تقسيط حقوق المتقاعدين وفق الآتي: 25 في المئة السنة الأولى، 25 في المئة السنة الثانية، و35 في المئة مطلع السنة الثالثة»، معتبرين أن «هذا الاقتراح يحقق الالتزام بمجموع الـ85 في المئة كزيادة للمتقاعدين». وأشارت المصادر إلى «تحقيق خرق تمثل بتأكيد المستقبل والقوات والاشتراكي على مبدأ إنصاف المتقاعدين وإعطائهم حقوقهم»، شرط «إعادة النظر في نظام التقاعد وضمان تأمين الواردات التي تكفل تمويل ما يزيد على سقف الـ1200 مليار». ولم تُحسم الوجهة التي سيتم اعتمادها في جلسة اليوم، ما يهدّد السلسلة، رغم الإيجابية التي عبّر عنها الحريري وخليل.
رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكد أمس أنه «ماشي بالسلسلة». وأشار إلى أنها «البند الأول على جدول الأعمال، ويتوقف عليه مصير سائر البنود الأخرى». وقال «إن أُقرّت السلسلة نُكمل، وإن لم تقرّ فكل شيء سوف يتوقف. لن أزيد إن أو أن أو لعل أو لكن». بدوره، كشف النائب عدوان أنه «سيقدّم طرحاً للرئيس بري يقوم على المادة 20 من السلسلة، والذي يجيز للحكومة فتح اعتماد لتمويلها، ما يعني إقرار السلسلة والموازنة بالتوازي». وقالت مصادر في تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن من الممكن أن تُقرّ السلسلة، لكن يتم ربط توقيت البدء بتنفيذها بإقرار الموازنة، وهذا الأمر يمثّل مخرجاً من الأزمة. وقالت مصادر في فريق 8 آذار إن الامور التي لم يُتّفق عليها ستُبحث اليوم قبل الجلسة، مشيرة إلى صعوبة أن يجرؤ أيّ فريق سياسي على تطيير السلسلة مرة جديدة.


 


وكان «تكتّل التغيير والإصلاح» قد استبق الجلسة باجتماع استثنائي برئاسة الوزير جبران باسيل. وأكد أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان أن «السلسلة درست على مدى 5 سنوات وطرحت إضافات منها بند المتقاعدين و3 درجات إضافية للمعلمين. واليوم، هناك وفر تأمّن بنتيجة الرقابة البرلمانية التي قامت بها لجنة المال والموازنة خلال مناقشة مشروع موازنة عام 2017، ويصل إلى حدود ألف بليون ليرة، ما يعني أن إمكان التوفير من الضرائب قائم، والتمويل من خلال التقشف والإصلاح المالي الذي نقوم به ممكن ويحتاج إلى تضامن كل الكتل النيابية». وأضاف: «نحن على بعد أيام من إقرار الموازنة التي ستشمل الاعتماد المقر للسلسلة، وسيتضح في ضوء إقرار الموازنة المشهد المالي العام، وسنكون أمام أمر جديد يمكن البناء عليه في كيفية التمويل، للتعويض عن الضرائب».

 

طرابلسي إلى تلفزيون لبنان

على صعيد آخر، علمت «الأخبار» أن جلسة الحكومة المقبلة ستشهد تعيينات إضافية على التشكيلات الدبلوماسية، أبرزها تعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان. وبحسب المعلومات، فإن «رئيس مجلس الإدارة والمدير العام سيكون واحداً من هذه الأسماء الثلاثة: توفيق طرابلسي، بشارة شربل أو إيلي خوري». وأشارت مصادر وزارية إلى أن «طرابلسي هو الأوفر حظاً، لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يزكّيه». أما أعضاء مجلس الإدارة الذين من المفترض أن يقترحهم وزير الإعلام ملحم رياشي فهم: رامي الريس، عبد الغني طليس، فؤاد رفيق خوري، سمير منصور (من حصّة تيار المستقبل، وهناك احتمال أن يتمّ استبداله)، وجاك واكيم (من حصّة التيار الوطني الحرّ، وهناك أيضاً احتمال استبداله باسم آخر). وفيما تردّد أن الجلسة ستشهد تعيين محافظين، نفت مصادر وزارة «الداخلية» ذلك لـ«الأخبار».