تصادف في مثل هذه الأيام ذكرى حرب تموز 2006، الحرب التي بدأت بعد عملية عسكرية لحزب الله في الجنوب اللبناني سُميت حينذاك بعملية الوعد الصادق، وكانت نتيجة هذه العملية عدوان إسرائيلي كبير تسبب بمقتل ألف وثلاثماية مواطن لبناني وأضرار بالغة في بنية لبنان الإقتصادية والإجتماعية والإنمائية وغيرها.
في هذه الحرب قرر حزب الله وحده أن يضع لبنان أمام مصير مجهول فكانت حرب تموز 2006 هي الأسوأ في تاريخ لبنان، فقد أتت على كل مقدّرات الدولة ووقف لبنان وحده أمام همجية الجيش الإسرائيلي ولم تنته هذه الحرب إلا وقد دفع لبنان ثمنا غاليًا على كل صعيد، وفيما كان لبنان كله يدفع هذا الثمن، كان حزب الله يحتفل بالإنتصار الإلهي على أنقاض البلد وجثث الضحايا.

إقرأ أيضًا: هل ستمرّ معركة جرود عرسال على خير؟
اليوم وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على هذه الحرب يصرّ حزب الله على تجاهل الدولة وقراراتها فيخرج الأمين العام للحزب في خطابه الأخير ليهدد ويتوعد في القضاء على الإرهابيين في جرود عرسال في تخطٍّ واضح لدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وفي تهديد جديد للأمن الوطني والإجتماعي وفي تهديد جديد للإستقرار السياسي الذي تنعم به البلاد .
للجيش اللبناني وحده الحق في تأمين حدود الوطن والدفاع عن السيادة، وجبه المخاطر من أي جهة أتت، وله وحده، أن يقيّم حجم الأخطار المتأتية عن الوضع في جرود عرسال وكيفية درئها والطريقة المناسبة للقيام بذلك، وفي الوقت نفسه حفظ أمن أهل المدينة والنازحين إليها، وهو في ذلك يستند الى القوانين والدستور والأحكام النافذة والقرار السياسي الشرعي، مثلما هو حاله دائماً.

إقرأ أيضًا: نازحون إلى ديارهم...من جرود عرسال إلى عسال الورد والقلمون
وعليه، فإنّه لا يحق للأمين العام  لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولا لغيره من خارج مؤسسات ومراكز صنع القرار السيادي الشرعي، أن يذهب الى معركة في جرود عرسال، مثلما فعلَ ويفعل في الداخل السوري منذ ست سنوات، متخطياً الدولة وسلطاتها وخارجاً عن الإجماع الوطني ومقتضيات العيش الواحد وشروط الميثاق. مثلما لا يحقّ له التعدّي على الدور المركزي للجيش ووظيفته الحصرية في الدفاع عن لبنان وأهله، مثلما لا يحقّ له ولحزبه تعريض أمن عرسال وأهلها لأخطار ليست خافية على أحد وتنطلق من خلفيات فئوية واضحة ومن ارتباطها بأجندات إيرانية وأسدية لا يقرّها سائر اللبنانيين ولا يرون فيها أي مصلحة وطنية عليا بل العكس تماماً.
وهناك ومن يعتبر أن في لبنان دولة قائمة ومؤسسات سيادية عاملة وفاعلة وقوى وأسلاك عسكرية وأمنية رسمية قادرة ومؤهّلة، وهذه كلها مجتمعة تمثّل الشرعية الدستورية والوطنية التامّة، وتملك وحدها الحق في تحديد الأخطار الكبرى والصغرى وكيفية مواجهتها. وفي اتخاذ ما يلزم من قرارات في شأن أي تحرّك عسكري أو أمني انطلاقا من مصلحة لبنان وأهله أولاً وأخيراً.