فرق كبير وشاسع بين عقاب صقر إبن المصبغة واليتيم الكادح والفقير المكافح الذي كنا نعرفه، مناضلًا عصاميًا وصاحب مشروع تغييري، وبين عقاب اليوم، المغترب في بلجيكا وعلى ضفاف نهر السين والمنتقل حديثًا للسكن في بيت الوسط بين الحراس والخدم والحشم ورفاه العيش.
عقاب الأول الخارج من رحم المعاناة، كان واحدًا منا نسمعه فنسمع قضايانا ومشاكلنا وهمومنا، طموحه طموحنا وحلمه حلمنا في السعي الحثيث إلى بناء وطن وعبور إلى دولة المؤسسات نشعر تحت فيئها فقط بالأمن والأمان على عكس عقاب اليوم تمامًا، الذي إبتعد كثيرًا وصارت المسافات بيننا طويلة وطويلة جدًا تمامًا كالمسافة بين بيت الوسط والطريق الجديدة. 

إقرأ أيضًا: برروا كما تشاؤون واتركوا القاسم بن الحسن
عقاب الذي سرقته منا بهارج القصور وحياة الترف، صار جلّ همه إرضاء أولياء النعمة، فيقول لهم ما يحبون ويسمعهم فقط ما يرغبون أن يسمعوه وهذه آفة المستشارين وحواريي السلطان في كل زمان ومكان. 
إجتهد بالأمس "عقاب صقر" مع الزميل وليد عبود أن ينعش لدينا مرحلة من الزمن الجميل عندما كان يطلق سهامه الحادة والقاتلة على كل من يريد بلبنان شرًا، لا تأخذه في وطنيته لومة لائم، فكانت شجاعة الموقف يومها دليل على عمق الإيمان بالقضية.
أما اليوم ومع موت القضية، وفي زمن التسويات والإنبطاحات، وعشية ذهاب سعد الحريري إلى أميركا مكلفا من حزب الله بملف العقوبات المالية، وعشية عودة نظام الأسد إلى لبنان عبر بوابة اللاجئين، وبعيد إسقاط نقيب المعلمين نعمة محفوظ بالتنسيق والتعاون مع كل أحزاب السلطة بمن فيهم حزب الله، وفي زمن تخلي سعد الحريري عن كل قضاياه وموظفيه، وفي زمن الشراكة مع العهد الباسيلي الناطق الرسمي بإسم محور الممانعة، والوكيل الشرعي للبواخر المشبوهة، وفي زمن التحالف مع الجميع إلا من بقي على حلم قيام الدولة. 

إقرأ أيضًا: عودة اللاجئين إلى سوريا أم عودة الأسد إلى لبنان؟
في هذا الزمن بالذات، حيث "وفيق صفا" نفسه مندهش من حجم التنازلات التي تزيّنها أنت وأمثالك لسعد الحريري فأكاد أسمع قهقهاته من بطولاتك الإعلامية مع وليد عبود لأنه يعرف تمامًا أن الأمر لم يعد كونه أكثر من محاولات لتلميع صورة ورثها تيار المستقبل وضاعت في دهاليز القصر والحركات الصبيانية، وهو يدرك (وفيق صفا) أن وظيفتك الآن هي فقط الدفاع عن زلات سعد الحريري ليس بوصفه صاحب قضية وإنما بوصفه صاحب القصر وتحت الشعار المضحك د "حماية لبنان ". 
واعلم يا صديقي أن معظم من عرفك وخبرك عن قرب أو من بعيد من أهالي زحلة أو المعارضين الشيعة لا يسعدهم ما أنت عليه الآن وما كانوا يتمنون لك هذه الخاتمة بأن يروك مجرد،،، عقاب قصر.