الحريري يدعم الجيش , ومعركة الجرود تتأجل

 

المستقبل :

«الجيش يعرف ما عليه القيام به والتشكيك في التحقيق الذي تقوم به القيادة مرفوض»، بهذه التغريدة المقتضبة والموازنة في مضمونها الحاسم بين كفتيّ الثقة المطلقة بالمؤسسة العسكرية والإيمان المطلق بنزاهة التحقيقات الجارية في سبيل جلاء الملابسات التي رافقت توقيفات عملية مداهمة الإرهابيين المندسين في مخيمات عرسال للنازحين، اختصر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الموقف بُعيد انتهاء لقائه قائد الجيش العماد جوزيف عون بحضور وزير الدفاع يعقوب الصراف في السراي الحكومي، سيّما وأنه نجح في تبديد اللغط المُثار حول هذا الموضوع عبر ما أظهره من أسس ومسلّمات وطنية تكرس دعم الحريري «غير المشروط للجيش» وعزمه من ناحية موازية على تجفيف كل منابع الإرهابيين و«المصطادين في الماء العكر» على الساحة الوطنية.

الحريري، الذي حرص شخصياً على إطلاع الصحافيين على نتائج اللقاء، أعرب بدايةً عن تثمين «العملية الناجحة جداً» التي نفذها الجيش لتفكيك الخلايا الانتحارية المتوارية بين «عشرة آلاف نازح ولم تؤدِّ إلى سقوط جرحى بين المدنيين»، بينما لفت في ما خصّ الوفيات الأربع التي حصلت في صفوف 

الموقوفين خلال العملية إلى أنّ «قيادة الجيش تقوم بتحقيق واضح وصريح يجب ألا يشكك أحد فيه» لتبيان الحقائق في هذا الموضوع. وأردف مشدداً على أنّ «المؤسسة العسكرية لا تشوبها أي شبهات ومن يُحاول أن يصطاد في الماء العكر فليخيطوا في غير هذه المسلّة».

ورداً على أسئلة الصحافيين، أكد الحريري «الدعم السياسي للجيش لحسم الأمور» في مواجهة الإرهاب، غير أنه نبّه في الوقت عينه إلى «مشكلة استعمال الإرهابيين المدنيين لحماية أنفسهم»، منوهاً في هذا المجال بحرص قيادة الجيش على المدنيين خلال تنفيذ العمليات العسكرية، وكاشفاً أنه «خلال يومين أو ثلاثة» سيتسلّم نتائج التحقيق في ملابسات وفاة أربعة أشخاص من موقوفي مداهمة مخيمات عرسال، وسط تشديده على كون «الشارع السني هو أكبر داعم للجيش، وهذا الأمر أثبته خلال معارك نهر البارد وصيدا وطرابلس، كما في كل المناطق». خاتماً بالقول متوجهاً إلى كل من «يحاول افتعال قضية أو خلاف» من هذا الموضوع: «نحن (ووزارة الدفاع وقيادة الجيش) يد واحدة في وجه أي محاولة لضرب أمن البلد».

تزامناً، نقلت مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل» ارتياح اليرزة لنتائج لقاء السراي، مؤكدةً أنّ قيادة الجيش مرتاحة للدعم السياسي المُطلق الذي تلقته من رئيس مجلس الوزراء في سبيل إكمال المعركة ضد الإرهاب، ولفتت الانتباه في هذا السياق إلى أنّ «التواصل دائم» بين الحريري وقائد الجيش سواءً من خلال اللقاءات أو عبر الاتصالات الدورية «وبعضها بعيد عن الإعلام».

وإذ شددت على أهمية لقاء الأمس باعتباره «أوقف كل حملات التحريض على الجيش ووضع حداً للمصطادين في الماء العكر ولكل من يُصوّب سهامه باتجاه المؤسسة العسكرية»، أفادت المصادر أنّ «الدعم السياسي المُطلق للجيش يدفعه إلى استكمال مهامه الأمنية في مكافحة الإرهاب والمحافظة على الأمن بزخم أكبر بغض النظر عن كل الحملات الممنهجة على الجيش والتي لم تستطع التأثير لا على زخمه ولا على عزمه ومعنوياته». 

ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أنّ العماد عون حمل إلى الحريري أمس «بعض المعطيات الأساسية» في ما يتصل بمداهمة مخيمات عرسال، مؤكدةً أنّ التحقيقات لا تزال جارية بهذا الشأن والنتائج النهائية سوف تصدر «في القريب العاجل».

 

الديار :

من «الاستدعاء» الاستعراضي لقائد الجيش العماد جوزيف عون الى القصر الحكومي، وصولا الى تعمد التصريح لا «التسريب» بعد اللقاء لمنح المؤسسة العسكرية الدعم السياسي والتغطية غير المشروطة، هل بدّل رئيس الحكومة سعد الحريري موقفه؟ ام ثمة من أساء فهمه وفسر الامور على هواه؟ وماذا عن تأثير موقفه العلني الرافض لاي عملية عسكرية يقوم بها حزب الله في الجرود على اللمسات الاخيرة تحضيرا للمعركة؟ هل ستأخذ المقاومة في «عين الاعتبار» عدم رضاه، ام ان ما «كتب قد كتب»؟
هذه الاسئلة شكلت خلال الساعات القليلة الماضية محور المتابعات السياسية في البلاد في غياب اي حراك داخلي جدي في ظل حالة الاسترخاء المقرر استمرارها لاشهر عديدة تسبق بقليل موعد الانتخابات النيابية، ولولا ملفي الجرود، ومكافحة الارهاب، ومسألة النزوح السوري، التي جاءت من خارج جدول اعمال رئيس الحكومة، لكانت مهرجانات الصيف وحدها في صدارة الاهتمام والمتابعة.
اوساط وزارية بارزة ذكّرت في حديثها لـ«الديار» بالمثل الفرنسي الشهير «ابحثوا عن المرأة»، وقالت ان سر تراجع رئيس الحكومة عن «الدعسة» الناقصة المتمثلة ببيان «الاستدعاء» لقائد الجيش، يمكن اختصاره بالقول: «ابحثوا عن اميركا»، فرئيس الحكومة الذي يستعد للقيام بزيارة رسمية الى واشنطن في 21 الجاري، تجاوز حسابات واشنطن المحلية القائمة على نظرية استمرار دعم المؤسسة العسكرية «المحسوب بدقة» لكي لا يحصل «فراغ» يستفيد منه حزب الله، وانساق وراء حملة «شعبوية» استهدفت المؤسسة العسكرية، عندما نصحه أحد مستشاريه بضرورة اتخاذ موقف ما لارضاء جمهوره «الغاضب» من ما حصل، فكان «البيان» الشهير الذي لم يحقق الغرض من اصداره، وهو موقف يشبه تلك الخطوة «المتهورة» التي قام بها عندما نزل لمخاطبة المعتصمين امام القصر الحكومي، بناء على نصيحة احدى الاعلاميات...!
 

 

 «ساعات فاصلة»  


وبحسب معلومات تلك الاوساط، فان الساعات الفاصلة بين صدور البيان، وموعد اللقاء، حصلت اتصالات اميركية عالية المستوى مع رئيس الحكومة لاستيضاح طبيعة موقفه، وابلاغه بضرورة عدم ضرب معنويات الجيش في مواجهته مع «الارهاب» ، وكذلك عدم تكبيل حركته في منطقة حيوية ومهمة، وقد يؤدي تراجع دوره فيها الى اعطاء «الذرائع» لقوى اخرى كي تتوسع في تحركاتها. طبعا لم تنحصر الاتصالات بالاميركيين، وانما جرى التواصل بين بعبدا والقصر الحكومي، وتولد انطباع واضح عند الرئيس الحريري بان الرئيس ميشال عون غير راض عن خطوته، خصوصا لناحية «الشكل»، كما تمت مناقشة حيثيات ما حصل في مخيمات اللاجئين في عرسال، ووعد الحريري بتبني موقف داعم للجيش، مصححا الخلل القانوني، وطلب من وزير الدفاع يعقوب الصراف حضور الاجتماع.
وعلمت «الديار» ان وزير الدفاع وقائد الجيش خرجا مرتاحين من الاجتماع، فالعماد عون شرح باسهاب ما حصل خلال الايام القليلة الماضية، وقدم شروحات وافية عن الوضع على الحدود الشرقية، وعرض لما تعرضت له وحدات الجيش خلال عملية المداهمة، وكيف تصرف الجنود والضباط بمناقبية عالية على الرغم من خطورة الموقف، وتحدث عن ملابسات وفاة الموقوفين السوريين الاربعة، مؤكدا ان مسارالتحقيقات الداخلية مستمر وسيفضي الى نتائج واضحة وشفافة، فكان رد فعل رئيس الحكومة ايجابيا ومتفهما، لكنه اوحى خلال كلامه بانه في مكان ما كان محرجا، وكان لا بد من التحرك لمواجهة التساؤلات، وعلامات الاستفهام، وابلغهما انه سيقوم بتصريح علني بعد الاجتماع، لكي لا تفسر الامور على غير حقيقتها!
 

 «تطهير» الجرود


وحيال رفض الرئيس الحريري لقيام حزب الله باي عملية عسكرية لتطهير الجرود، اكدت اوساط قيادية بارزة معنية بهذا الملف، ان كلامه لن يقدم او يؤخر في الوقائع شيئا، وهو امر يدركه جيدا رئيس الحكومة الذي لا يملك القدرة على منع ذلك، ولا يملك ايضا الحجج المنطقية التي تبرر موقفه، لكنه عمليا «غسل يديه» عشية ذهابه الى واشنطن من اي تطورات ستحصل على الحدود سواء حصل ذلك قبل ذهابه او خلال وجوده هناك. فالعملية العسكرية المقررة لم تأجل وما تزال في موعدها المحدد، مئات المقاتلين باتوا مع عتادهم في مواقعهم الهجومية بانتظار اشارة البدء بالهجوم، لا شيء سيوقف العملية الا قبول المجموعات الارهابية بشروط التسوية.
وبحسب تلك الاوساط، فان الحريري لا يملك ايضا منع الجيش بالقيام بدوره «الحمائي» للاراضي اللبنانية، وهو الدور المناط به في هذه العملية، وهو يملك الغطاء السياسي من القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس ميشال عون الذي ما يزال يعمل تحت سقف القسم الرئاسي، حيث قال: «سنتعامل مع الإرهاب استباقيًا وردعيًا وتصديًا، حتّى القضاء عليه»، وهو لا يعترض طبعا عملية «تنظيف» الجرود، مدركا ان حزب الله سيتولى المهمة انطلاقا من القلمون الغربي والجهة السورية من الحدود، وقيادة الجيش في اجواء هذه العملية.
وتلفت تلك الاوساط الى ان حزب الله يتعامل مع هذه المناطق على انها محتلة ويجب تحريرها، وحتى وزير الداخلية نهاد المشنوق صنفها في هذا الاطار، ويبقى السؤال حول خلفية هذا الرفض الصريح للحريري، فهل يتحمل مسؤولية هجوم جديد من قبل تلك المجموعات الارهابية على قرى بقاعية كما حصل في بلدة القاع مثلا؟ وماذا عن السيارات المفخخة التي كانت تجهز في تلك المناطق؟ اليس اول المستفيدين من «التحرير» هم اهالي عرسال؟ الفرصة متاحة الان للتخلص من هذه المخاطر، وحزب الله لن يفوتها.
 

 «رسالة» لمن؟


وفي هذا السياق تبدو رسالة الحريري للاميركيين وليس لحزب الله، وبحسب مصادر دبلوماسية في بيروت، فان واشنطن تعمل على ترتيب الاولويات، وتحرص على تأ جيل الحسم على الحدود اللبنانية الشرقية، بانتظار تبلور طبيعة التفاهمات مع الروس، وما حصل في جنوب سوريا خير دليل على ذلك، فلولا الغطاء الاميركي لما كان دخل الأردن كطرف مباشر في الترتيبات العسكرية، ويأمل الاميركيون بان تتمكن موسكو من إبعاد حزب الله والفصائل التي تدور في فلك ايران حتى عمق 70 كيلومترا شمالي الجنوب السوري وبعيداً عن الحدود الأردنية. 
وفي هذا السياق يرغب رئيس الحكومة بشدة في تأجيل اي عملية عسكرية على الحدود الى ما بعد زيارته الى الولايات المتحدة، فهو يحتاج الى الاطلاع على حقيقة ما تمخضت عنه القمة الروسية ـ الاميركية، بعد ان نمي اليه عبر بعض الاصدقاء في واشنطن بان ما حصل على الحدود الاردنية السورية، يشكل محطة اولى لاختبار النوايا على تقاسم النفوذ بين واشنطن وموسكو، وهو يرغب في معرفة اين موقع لبنان من هذه «الصفقة»؟ مع ادراكه المسبق بان واشنطن لا ترغب في ان يحقق حزب الله اي انتصار جديد خصوصا ان هذه المعركة ستكون آخر المواجهات على الحدود اللبنانية ـ السورية، وهذا يعني ضياع هذه «الورقة» الضاغطة.
 

 ازمة النزوح


وفي مسألة النزوح السوري الى لبنان علمت «الديار»، ان التوجه العام للقوى المطالبة بضرورة التفاوض مع الدولة السورية لاعادة النازحين، ستزيد ضغوطها في المرحلة المقبلة لعدم تضييع الفرصة الراهنة، خصوصا انها تبلغت من التيار الوطني الحر انه يعتبر مسألة اعادة اللاجئين على رأس اولوياته، وهو يشكل احد التحديات المركزية للعهد، في المرحلة المقبلة، وذّكرت اوساط «التيار» بما ورد في خطاب القسم عن «تأمين العودة السريعة لهؤلاء بالتعاون مع الدول والسلطات المعنية، وبالتنسيق المسؤول مع منظّمة الأمم المتحدة التي ساهم لبنان في تأسيسها»، والسلطات المعنية، المقصود بها الدولة السورية التي لا يمكن تجاوزها، شيئا فشيئا سيتحول هذا الملف الى مادة انتخابية لدى «التيار البرتقالي» الذي يعرف مدى حساسية جمهوره امام هذا الملف، وهذا سيكون اول اختبار للتفاهم الذي حصل مع رئيس الحكومة ابان الاتفاق على التسوية الرئاسية.

 

 

الجمهورية :

كأنّ البلد كله قائم على رمال متحركة تهدد بابتلاعه في اي لحظة؛ جوّ مسموم، وواقع سياسي مزنّر بحقل ألغام سياسية جاهزة للتفجير عند أي مفترق وامام اي حدث، وبأحزمة ناسفة لآمال الناس في انبلاج فجر الفرج. جوّ مسموم، يهدّد بالانهيار اقتصادياً ومعيشياً وحياتياً وخدماتياً، فيما تقدّم السلطة نفسها وكأنها ترشح وعوداً وحرصاً، بينما الحقيقة هي وعود عصيّة على التنفيذ، وشعارات مملّة لا تنسجم مع الواقع وحجم الملفات، ولا تقترن بالمبادرة البديهية الى التنفيذ وحتى بإرادة التنفيذ لِما هو مُلحّ، على رغم أنّ كل ذلك يصبّ في خانة التحصين الداخلي المطلوب في هذه المرحلة، ربطاً بتطورات المنطقة المتفجرة والتي تضع لبنان في موقع المتلقّي للارتدادات.

اذا كان التحصين السياسي يعاني اهتزازاً فإنّ التحصين الأمني يحتلّ مكانه في غرفة العناية الامنية والعسكرية، ويزيده مناعة جهد الجيش والاجهزة الامنية لصيانة الاستقرار الداخلي واصطياد المجموعات الارهابية ومنع تَسرّبها اليه، وتجنيب الداخل اي ارتدادات محتملة لأي تطورات تحصل، لا سيما من الجانب الآخر للحدود اللبنانية ـ السورية.

من هنا تأتي جهوزية الجيش في الداخل وعلى الحدود، وسط حديث مؤكّد بأنّ المنطقة التي تسمّى جرود عرسال دخلت مدار الحسم ضد المجموعات الارهابية المتمركزة، وانّ العد التنازلي للمعركة هناك بدأ، وباتت المسألة مسألة أيام معدودة، وأجرى «حزب الله» استعداداته اللازمة لهذه المعركة، فيما برزت مؤشرات سورية توحي بأنّ المعركة انطلقت فعلاً إنما بشكل تدريجي، بدليل تركيز العمليات العسكرية السورية على منطقة تمركز الارهابيين، في الجانب السوري منها.

والبارز في هذا السياق، تلقّي الجيش اللبناني جرعة دعم حكومية سياسية معنوية، عبّر عنها الرئيس سعد الحريري لقائد الجيش العماد جوزف عون، تقطع الطريق على حملة بعض المنصّات السياسية على الجيش ربطاً بعمليته العسكرية في منطقة عرسال.

ولفت موقف الحريري امام قائد الجيش في حضور وزير الدفاع يعقوب الصراف، بتأكيده الدعم السياسي غير المشروط للجيش الحريص على المدنيين، وانّ المؤسسة العسكرية لا تشوبها اي شبهات، رافضاً التشكيك بالتحقيق الذي تجريه القيادة بحادثة عرسال.

وكان هذا الموقف مريحاً جداً لقيادة الجيش، واكدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» انّ اللقاء وما تخلله من إيجابيات كبرى ردّ على المصطادين بالماء العكر، ونأى بالجيش عن التجاذبات السياسية وحملات التحريض التي يختلقها البعض.

وقالت ان قائد الجيش لمس دعماً سياسياً مطلقاً لإكمال المعركة ضد الارهاب. واوضحت المصادر «انّ ما حمله العماد عون الى اللقاء مع الحريري، لم يكن تقريراً بنتائج التحقيق، إنما بعض المعطيات، في حين انّ التحقيق ما زال مستمراً وستصدر نتائجه قريباً».

وأكدت المصادر «انّ هذا الدعم السياسي المطلق، سيدفع الجيش الى استكمال مهمته الأمنية في مكافحة الارهاب والمحافظة على الامن التي لم تتوقف اصلاً، ولم تتأثر بالحملة على المؤسسة العسكرية، والجيش سيواصل مهمته بزخم كبير هذه المرة».

الحريري وجنبلاط

واللافت، انّ موقف الحريري كان له الأثر السريع في مكان آخر، حيث اجرى النائب وليد جنبلاط اتصالاً مطوّلاً برئيس الحكومة، هو الأول من نوعه بعد دخول العلاقة بينهما في توتر شديد خلال مرحلة الاعداد لقانون الانتخاب. وعلمت «الجمهورية» انّ جنبلاط نقل الى الحريري»ارتياحه لمواقفه بعد لقاء قائد الجيش لِما حملته من مؤشرات مطمئنة»، واتفقا على عقد لقاء قريب بينهما.

الى بعبدا

وفي وقت لاحق انتقل قائد الجيش الى قصر بعبدا، ووضعَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أجواء اللقاء وما تخلله من مواقف تدعو الى الارتياح، ومن شأنها أن تعزّز خطوات القيادة والمضي في العمليات العسكرية المقررة بكل ثقة مدعوماً من الجميع.

وسَلّم قائد الجيش رئيس الجمهورية تقريراً حول ما جرى في منطقة عرسال، مُبدياً ارتياحه لحجم الدعم الذي يحظى به الجيش.

بواخر الكهرباء

وبالعودة الى الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدماتي، فالجوّ مسموم في كل المفاصل: إدارة ينخرها الروتين القاتل والفساد وفوضى الاستهتار والرشاوى في قطاعات عدة. امّا العلاج والترياق الشافي فطال انتظاره، واهل السلطة هم عاجزون، أو يغضّون الطرف، وبعضهم في نظر الناس متواطئون، وبعضهم الآخر يكتفي بتقديم صورة كاريكاتورية محزنة لمجلس الوزراء، والمثال في ما أبلغه أحد الوزراء البارزين لبعض المقرّبين منه أنّ «مجلس الوزراء لا يقرأ، ولا يسمع، ولا يفهم، وتستطيع أن تمرّر ما تريد فيه»، والبعض الآخر يكتفي بالثرثرة والحديث عن تفعيل الحكومة وتنشيطها وتعداد الملفات الملحّة وتزييت العجلة الانتاجية وتكثيفها بما يلبّي أولويات الناس، فيما تلك الملفات مركونة على رفّ النسيان والتخاذل المزمن، ولم يلمس الناس سوى مقاربات روتينية متواضعة لا تتلاءم مع الوعود، ولا مع ملفات تتطلّب مقاربات نوعية وجريئة وحتى عمليات جراحية تعبّر عن استفاقة ولو متأخّرة للسلطة وتضعها في الموقع الجدير بالاحترام وبثقة الناس التي وصلت الى حدّ الكفر بها.

ومن مآثر السلطة ما سُمّيت بـ«الخطة الانقاذية لقطاع الكهرباء» التي تحاط بالتباسات عدة وعلامات استفهام حول الكثير من مفاصلها، وايضاً استئجار بواخر التغذية حيث لا يبدو انّ هذه البواخر ستبحر قريباً في الاتجاه الذي رسمه المصرّون على هذا الاستئجار، نتيجة عطل ظهر فجأة في دائرة المناقصات التي أحيل اليها الملف.

وتجلّى هذا العطل بعدم وجود العدد الكافي من الشركات المستوفية للشروط، إذ تبيّن انّ شركة واحدة مكتفية الشروط، فيما هناك شركات اخرى مقترحة في طور هذا التشكيل، ودونه تعقيدات. ومع وجود شركة واحدة، ليس في الإمكان «التقليع» بالمناقصة.

تزوير القرار
على انّ هذا الأمر في جانب آخر، يتفاعل داخلياً حول ما أحاط قرار مجلس الوزراء في جلسة 21 حزيران 2017 بإحالة ملف مناقصة البواخر الى إدارة المناقصات من التباسات وعلامات استفهام، لجهة تحريف مضمونه. ووصلَ الحَدّ ببعض القوى الى حدّ الحديث عن وجود تزوير للقرار. فما الذي جرى؟

صيغتان... قراران!

في تلك الجلسة أقرّ المجلس، وبعد مناقشات وزارية، إحالة ملف البواخر الى دائرة المناقصات وفق صيغة نَصّت حرفياً على: «إحالة كامل الملف المتعلق باستقدام معامل توليد الكهرباء الى إدارة المناقصات لفَضّ العروض المالية وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض، وإحالته الى الوزير لإعداد تقرير مفصّل ورَفعه الى مجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن».

الّا انّ الصيغة التي خرج فيها القرار وأحيل بموجبها الملف الى ادارة المناقصات جاءت مغايرة للقرار الاصلي، فنصّت على: «إحالة كامل الملف ( ) ... (مع ترك هذين الهلالين فارغين من دون أي محتوى بينهما) الى إدارة المناقصات لفَض العروض المالية وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض المالية المتعلقة باستقدام توليد الكهرباء العائمة وإحالته الى الوزير المختصّ تمهيداً لإعداد تقرير مفصّل ورَفعه الى مجلس الوزراء لِبَتّه بأسرع ما يمكن».

للوهلة الاولى قد يبدو الأمر يقتصر على تعديلات شكلية في الصياغة، الّا انّ التعمّق في الصيغتين السالفتي الذكر يبيّن اختلافاً جوهرياً لا يتفق مع النقاشات الوزارية التي انتهت الى إحالة القانون بصيغته الاولى.

وهذا ما تؤكده الملاحظات التي وضعت في أيدي مراجع كبيرة وسياسيين، الذي تعدت توصيفاتهم لِما جرى من تزوير، الى تحوير، الى تعديل، تصحيح. خصوصاً انّ تلك الملاحظات بَيّنت فروقات جوهرية بين النصين. بحيث:

- أضيفت في النص الثاني كلمة «المالية» التي لم تكن واردة في النص الاول، الى استدراج العروض»، لتصبح «استدراج العروض المالية»، فيما ليس هناك في النصوص وجود لـ«استدراج العروض المالية».

- حذفت عبارة «المتعلّق باستقدام معامل توليد الكهرباء»، من امام عبارة «كامل الملف»، ليخلو الملف المقصود من التعريف، ونقلت العبارة المحذوفة لتَرِد بعد عبارة «إستدراج العروض» التي أضيفت اليها كلمة «المالية»، ليبدو وكأنّ موافقة مجلس الوزراء كانت تتعلق بالعروض المالية حصراً من دون الملفين الاداري والتقني.

- أضيفت عبارة «المختص تمهيداً» الى كلمة الوزير، ليبدو وكأنّ المجلس اعتبر الوزير هو صاحب الصلاحية في إجراء ما تمّ تنفيذه من إجراءات، وانّ ما هو مطلوب من إدارة المناقصات ليس وضع تقرير كامل وشامل ومستقلّ يتضمّن ملاحظاتها وتوفّر لمجلس الوزراء صورة واضحة حول إجراءات المرحلتين الادارية والتقنية التي كانت موضع ملاحظات وتشكيك بسلامتها، بما يسمح للمجلس باتخاذ القرار المناسب في ضوء النتائج التي سيتضمّنها تقرير إدارة المناقصات.

- أدخلت عبارة «للبَت به» ضمن عبارة «ورفعه الى مجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن»، ليبدو وكأنّ الموافقة هي على التسريع بالبَت، وليس التسريع برفع التقرير.

تبيّن تلك الملاحظات «انّ نص الاحالة الى إدارة المناقصات (الصيغة المحوّرة للصيغة الاولى)، غَيّر مضمون ما تمّت الموافقة عليه في مجلس الوزراء، لحَصر دور إدارة المناقصات بفضّ العروض المالية فقط، من دون التعليق على المرحلتين الادارية والفنية السابقة لفَض العروض المالية، ويلغي الغاية الاساسية من تقرير ادارة المناقصات بنتيجة مراجعتها للمرحلتين الادارية والمالية وما يمكن ان يترتّب عنها من ملاحظات حول دفتر شروط المناقصة واجراءاتها، والتي يمكن ان تكون الشركة الاستشارية غَضّت النظر عنها، لا سيما بالنسبة الى دفتر الشروط الذي أجريت على أساسه، والشوائب والاخطاء التي يمكن أن تعتريه».

تصحيح... لا تصحيح!
تلك الفروقات أثارت التباساً كبيراً وتشكيكاً، الأمر الذي فرضَ ان يُعيد أمين عام مجلس الوزراء تصحيح القرار إنما بشكل جزئي، وأُبلغ الى الوزراء في الجلسة السابقة للمجلس، حيث شُطبت كلمة «المالية»، وأصبح النص: «إعداد تقرير كامل عن استدراج العروض المتعلقة باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة» بدلاً من «إعداد تقرير كامل عن استدراج العروض المالية باستقدام معامل توليد الكهرباء العامة»... والباقي من دون تعديل».

والسؤال: لماذا اكتفي بهذا التصحيح بهذه النقطة فقط، وتُركت الامور الاخرى؟ ومن هو المسؤول الذي زوّر أو عدّل، او حرّف او حوّر قرار مجلس الوزراء؟ هل هو «راجح»؟ ولماذا مرّ الأمر مرور الكرام؟ ولماذا لم يُساءَل أحد، او يُحاسب؟ ولماذا تم القبول بالتصحيح الجزئي للقرار؟ ومن يضمن الّا يتكرر مثل هذا الامر في الآتي من الايام؟

ديوان المحاسبة

وتفيد تلك الملاحظات ايضا بأنّ وزير الطاقة عرض اخيراً على رقابة ديوان المحاسبة المسبقة، مشروع عقد اتفاق بالتراضي مع الاستشاري «POYRY»، لتقييم العروض التي استلمتها وزارة الطاقة والمياه بشأن استئجار الطاقة من البواخر، فيما يتبيّن من قرار مجلس الوزراء رقم 64 تاريخ 21 حزيران 2016 انّ الوزارة أفادت بأنه سبق لهذا الاستشاري أن نفّذ مهمته وأنهى تقريره العائد لفَضّ العروض الادارية والتقنية، وبات من الضروري الانتقال الى فض العروض المالية العائدة للشركات المؤهّلة.

ونَصّ قرار ديوان المحاسبة في 29 حزيران 2017 حول «مشروع عقد اتفاق رضائي لتقديم خدمات استشارية متعلقة بتقييم عروض لاستئجار طاقة من باخرتين تتراوح بين 800 و1000 ميغاوات وربطهما بمعملي دير عمار والزهراني» على: «انّ ديوان المحاسبة، وبعد التدقيق في ملف القضية، يقرر إعلان عدم صلاحية ديوان المحاسبة للنظر بالمعاملة المعروضة، لوضع المعاملة موضع التنفيذ قبل عرضها على رقابة ديوان المحاسبة المسبقة».

تحرير الموصل
إقليمياً، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس انتصار بلاده على «الوحشية والإرهاب في الموصل، بعدما أنهَت قواته ثلاث سنوات من حكم تنظيم «داعش» على ثاني أكبر مدن العراق. وقال في خطاب بِزيّه العسكري الأسود: «من هنا، من قلب الموصل الحرّة المحررة، أعلن النصر المؤزر لكل العراقيين».

وأضاف: «إنتصارنا هو انتصار على الظلام، وانتصار على الوحشية والإرهاب». وفي أول ردّ فعل على إعلان العبادي، اعتبر التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، أنّ خسارة الموصل تشكّل ضربة حاسمة للتنظيم

 

 

اللواء :

في الوقت الذي تنشط فيه الاتصالات الدبلوماسية، من جنيف إلى دول المنطقة لتثبيت الاتفاق الأميركي – الروسي بوقف النار في الجنوب السوري، بما في ذلك تبريد جبهة الجولان، والقصف الجوي المتكرر بين إسرائيل وحزب الله، نجح الرئيس سعد الحريري في احتواء اللغط الذي رافق ما تردّد عن استدعاء قائد الجيش العماد جوزيف عون الى السراي الكبير على خلفية ما حدث في عرسال، لا سيما لجهة الجثث السورية الأربع التي شكك ذوو الأشخاص العائدة لهم بأسباب الوفاة، بدعم من منظمات حقوقية ووسط تهويل بأن الدول المانحة معنية بجلاء أسباب الوفاة، والتهويل أيضاً بأن الإدارة الأميركية بصدد إعادة النظر بنظام المساعدات للقوى العسكرية اللبنانية.
قال الرئيس الحريري بعد الاجتماع الذي عقد بناء على طلبه، مع وزير الدفاع يعقوب صرّاف والعماد عون: بالنسبة لي فإن الدعم السياسي للجيش اللبناني هو دعم غير مشروط، مؤكداً ان قيادة الجيش تحرص دائماً على المدنيين قبل أن يتكلم أي شخص عن هذا الموضوع، والمؤسسة العسكرية لا تشوبها أي شبهات، ومن يحاول ان يصطاد في الماء العكر: «فليخيطوا في غير هالمسلة».
إلى ذلك، سجلت أمس، أوّل خطوة لكسر الجليد في العلاقات بين الرئيس الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، بسبب التباين الذي نشأ بين الرجلين حول وضع القانون الجديد للانتخابات، إذ أفاد الموقع الالكتروني للحزب التقدمي الاشتراكي مساءً، أن جنبلاط أجرى اتصالاً بالرئيس الحريري، تناولا خلاله متابعة عدد من القضايا.
وإذ اكتفى مفوض الإعلام في الحزب الاشتراكي رامي الريس لـ«اللواء» بالبيان الصادر عن الاتصال، اشارالى ان «جو الاتصال كان ايجابياً، وأن التواصل قائم بين جنبلاط والحريري».
وأتى الاتصال المفاجئ بعد كلام صحافي للنائب جنبلاط.
اجتماع الحريري وقائد الجيش
في تقدير مصادر سياسية، ان اجتماع الرئيس الحريري بقائد الجيش العماد عون، في حضور وزير الدفاع، حقق اغراضه في توفير التغطية السياسية الكاملة لإجراءات الجيش وتدابيره الأمنية في عرسال وفي غير عرسال، وعلى الحدود وفي الداخل، ووضع حداً للغط الكبير الذي حصل في البلد، على اثر المداهمات الأخيرة للجيش في مخيمات عرسال.
وبحسب الرئيس الحريري، الذي كانت له مواقف مهمة وحاسمة بعد الاجتماع، فإن «الجيش قام بعملية ناجحة جداً وكبيرة جداً في مخيمات عرسال، وانه لو لم يقم بها لكان هناك اليوم مشكل كبير في البلد»، كاشفاً بأن العبوات التي تمّ تفجيرها في هذه العملية الاستباقية، كانت موجهة لتفجير لبنان، وأن الجيش احبط بمداهمة المخيمات محاولة كبيرة كان مخططاً لها، مؤكداً أن «محاولة زرع الفتن واي توتر مع الجيش أو مع القيادات العسكرية التي تعمل ليل نهار لتجنيب لبنان الأعمال الإرهابية لن تمر، كما ان التشكيك في التحقيق الذي تقوم به قيادة الجيش أمر مرفوض أيضاً.
وبهذه النتيجة التي خرج بها لقاء الحريري بقائد الجيش، يمكن القول ان الاجتماع كان ناجحاً، بعدما ازال الالتباسات التي رافقت العملية الأخيرة، وكذلك «ظروف وفاة السوريين الأربعة أثناء التحقيقات معهم، والتي تخضع بدورها لتحقيق شفاف تقوم به القيادة ويفترض ان يتسلمه الرئيس الحريري خلال يومين أو ثلاثة».
وعبر الوزير الصرّاف لـ«اللواء» عن ارتياحه للاجتماع مع الرئيس الحريري، مؤكداً أنه كان ممتازاً خلافاً لكل الجو المثار عن وجود خلافات بين السياسيين في البلد، وانه لا يمكن التشكيك لحظة بالدعم السياسي المطلق للجيش وبالتزام الجميع بالقانون.
وقال الصراف لـ»اللواء» ان البحث تناول كل ما له علاقة بالجيش، من الموازنة الى الاحتياجات العسكرية ومشروع بناء المستشفى العسكري، الى ما جرى في عرسال وسير التحقيقات القائمة حول ماجرى لا سيما وفاة الموقوفين الاربعة، وكان هناك دعم مطلق من الرئيس الحريري للمؤسسة العسكرية، خلافا للجو الاعلامي والسياسي الذي يحاول اشاعة وجود خلافات تارة بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وتارة اخرى بين الرئيس وقائد الجيش، عدا عن انه تم احترام النص الدستوري بدعوة وزير الدفاع الى الاجتماع- وليس الاستدعاء- وهذا حق من حقوق رئيس الحكومة بطلب الاجتماع الى اي موظف كبيرفي الدولة.
واوضح الصراف، ان التحقيقات مع الموقوفين من مخيم النازحين في عرسال لم تنتهِ بعد، فهناك نحو 350 موقوفا والتحقيق معهم يحتاج الى وقت لمعرفة مدى ارتباطهم بالمسلحين، وبعضهم احيل الى الامن العام لمخالفته اجراءت الاقامة وسيتم التدقيق فيهم حول ما اذا كانت هناك شبهات امنية حول بعضهم، وبعضهم ثبت تورطه في اعمال ارهابية.
واضاف: انه لعمل مهم جدا ان يقوم الجيش بعملية كبيرة كالتي قام بها في مخيم النازحين في عرسال ولم يسقط جريح واحد برصاص الجيش من المدنيين، بينما في مباراة كرة القدم كان يسقط عشرات الجرحى. ولكن البعض يحاول التفتيش عن مشكل بيننا وبين الرئيس الحريري بينما نحن على تواصل شبه يومي لمتابعة كل الامور المتعلقة بالجيش.
إلى ذلك، حرصت مصادر وزارية في «التيار الوطني الحر» على نفي ما يُحكى عن خلافات في وجهات النظر، بين الرئيسين عون والحريري، وأكدت لـ«اللواء» ان الرئيسين متفقان على احترام الجيش اللبناني ودوره، وهذا أمر وطني واستراتيجي، ولا خلاف عليه، ولا يمكن لأحد التشويش على الموضوع، لا سيما وأن هذا الملف ليس له علاقة بلعبة التجاذبات السياسية، وجزمت بأنه لن يكون هناك أي إشكالات بين الرئيسين في عهد الرئيس عون.

ملف النازحين والتعيينات
ومن المقرر ان تحضر عملية عرسال مع ملف النازحين، على طاولة مجلس الوزراء غدا، من خارج جدول الاعمال، بعد ان تطرح في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة البحث في شؤون هؤلاء عصر اليوم في السراي الحكومي.
ولم يشأ وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي في رد على سؤال لـ «اللواء» الكشف عما يمكن التداول به في الاجتماع اليوم، لا سيما لجهة مسألة عودة النازحين الى سوريا، مكتفيا بالاشارة الى ان هناك امورا كثيرة تعمل عليها الوزارة في ملف النازحين وسيرى امكانية طرحها، علما ان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ابلغ وزير شؤون المهجرين طلال ارسلان امس ان النظام في سوريا يتمسك بحوار مع الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بعودة النازحين، الامر الذي دفع ارسلان الى القول بأن الحكومة عاجزة عن مقاربة هذا الملف وغير قادرة بسبب الانقسام داخل مجلس الوزراء، مقترحا بأن يبحث على مستوى القيادات السياسية في البلد.
اما بشأن موضوع آلية التعيينات الادارية المطروح على جدول اعمال الجلسة، والذي يرجح ان يكون النقاش حوله ساخنا، نظرا للخلاف بين الوزراء، حيث يتمسك وزراء امل وحزب الله والحزب الاشتراكي بالآلية، بينما يسعى وزراء التيار الوطني الحر والمستقبل الى الغائها، لكي يكون للوزير حق الاختيار في ما يريد تعيينه، علما انه لا يمكن اغفال الشغور في ثلث ملاكات الادارة، بما يحتم ملء هذه الشغور الذي يؤثر سلبا على انتاجية القطاع العام.
وفي محاولة لتعديل هذه الآلية، اقترحت مصادر وزارية عبر «اللواء؛ ملء الشغور من خلال مجلس الخدمة المدنية وليس عبر مجلس الوزراء، الا في حال وجود اسباب موجبة للتعيين، لكن شرط ان يكون للوزير المختص رأي بالاسماء المقترحة باعتباره الاكثر خبرة بالحاجة المطلوبة لتسيير شؤون وزارته.
ولفتت هذه المصادر انه رغم وجود الآلية، فإن التعيينات التي جرت في السابق لم تخل من تدخلات سياسية، مشيرة الى انه ليس هناك من مانع لاعتماد الآلية اذا ارتأى الوزير ذلك او عدم اتباعها، خصوصا وان هناك امكانية للاستفادة من الملفات الجاهزة والموجودة في وزارة شؤون التنمية الادارية والتي سبق لها ان خضعت لشروط الآلية من دون ان يتم البت بها.
ولم تستبعد مصادر اللجوء الى التصويت في حال لم يحسم النقاش اي اتجاه ستسير به الحكومة في موضوع الآلية او إلغائها او تعديلها.
وقال وزير حزب الله محمّد فنيش ان حزبه سيدعم الابقاء على الآلية عينها للتعيينات، وان عرض الموضوع على التصويت تحترم رأي الاكثرية.
وعلمت «اللواء» ان هناك اتجاهاً لتعيين محافظ جبل لبنان، من دون ان تكشف المصادر الوزارية الشخصية المقترحة مكتفية بالاشارة الى جوجلة الاسماء لان هناك اكثر من مرشح.
تعديل حقائب
على صعيد آخر، نفت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ما تردد عن تعديل في بعض الحقائب الوزارية المحسوبة على التيار الوطني الحر، معتبرة ان ما يحكى مجرد كلام، لكن مصادر وزارية محسوبة على التيار لفتت الى أن من حق اي حزب او فريق سياسي القيام بإجراء تبديل في حصته الوزارية في حال قضت الظروف ذلك.. إلا ان المصادر اكدت ان الموضوع لم يتم طرحه داخل اجتماعات تكتل التغير والاصلاح، غير انه سيثار في اجتماع التكتل اليوم، مشيرة الى ان الهدف من اثارة الموضوع حث الوزراء على بذل المزيد من الجهود الاضافية من اجل العمل لانجاح وزاراتهم، مع العلم، بحسب المصادر، ان جميع الوزراء يبذلون الكثير من الجهود ويعملون بنشاط استثنائي.
اشادة سليماني ورسالة روسية؟
وبعيداً عن الشؤون الداخلية، انشغلت اوساط لبنانية بمرحلة ما بعد استعادة القوات العراقية والحشد الشعبي الموصل من داعش، بعد معارك ضارية استمرت اشهراً.
وتوقفت هذه الاوساط عندما اعلن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني من ان دعم حزب الله اللبناني للشعب العراقي مشيرا الى انني «من هنا اقبّل ايادي السيد نصر الله».
في هذا الوقت، تحدثت بعض المصادر عن اتصال جرى بين دبلوماسي روسي وقيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية، تناولت الترتيبات التي جرت في الجنوب السوري، وما يتعلق بوقف النار، بما في ذلك، وقف الاشتباك بين القوات الاسرائيلية وعناصر حزب الله.

 

 

الاخبار :

بدّد رئيس الحكومة سعد الحريري اللغط الذي رافق مواقفه الأخيرة من الجيش اللبناني، ودعوته قائد الجيش العماد جوزيف عون الى اجتماع معه في السرايا، والتي ظهرت كأنها استدعاء له للبحث معه في التحقيق بوفاة 4 موقوفين من النازحين السوريين. تراجع مدروس نفّذه الحريري، اعتمد ركيزتين أساسيتين: الأولى، انضمام وزير الدفاع يعقوب الصراف إلى الاجتماع مع عون، والثانية تأكيده أن «الدعم السياسي للجيش اللبناني غير مشروط».

وهذا الموقف جاء بعد لقاء جمعه بالصراف وعون، فظهر أن الهدف الأساسي منه نفي كل التأويلات التي رافقت المداهمات الأخيرة للجيش في مخيمات النازحين السوريين في بلدة عرسال على الحدود مع سوريا. وتكمن أهمية هذا التصريح في أنه أتى بعد يومين اثنين من الحملة «غير المدروسة» التي شنّها نائب تيار «المستقبل» عقاب صقر على المؤسسة العسكرية، واستخدمت مادة أساسية في نشرات أخبار قناة «المستقبل». وهي حملة نسفها من أساسها الحريري، حين أكد أن ««قيادة الجيش حريصة على المدنيين كي لا يصابوا» في تنفيذ عملياته، وشدد على أن «المؤسسة العسكرية لا تشوبها أي شبهات، ومن يحاول أن يصطاد في المياه العكرة فليخيّط بغير هالمسلة». وكشف أنه سيتسلم التحقيق الذي يجريه الجيش بوفاة الموقوفين السوريين الأربعة «خلال يومين أو ثلاثة».


 

 

وتعليقاً على مداهمة الجيش مخيمين في بلدة عرسال لإحباط مخطط لإرسال انتحاريين من «داعش» و«جبهة النصرة» في مناطق لبنانية عدة، قال الحريري إن «الجيش قام بعملية ناجحة جداً، ولو أنه لم يقم بها لكان هناك اليوم مشكل كبير في البلد لأن تلك العبوات كانت موجهة لتفجير لبنان. دخل الجيش اللبناني الى مخيم فيه عشرة آلاف شخص وقام بعملية كبيرة، والحمد لله لم يسقط جرحى بين المدنيين، وهناك حادثة الجثث السورية الأربع، وقيادة الجيش تقوم بتحقيق واضح وصريح في هذا الموضوع، ويجب ألا يشكك أحد فيه لأن الجيش حريص على المواطنين والمدنيين أكثر من أي فريق آخر». واعتبر أن أي «محاولة لخلق أي توتر بين الجيش أو القيادات العسكرية في لبنان، التي تعمل ليل نهار لتجنيب لبنان أي مشكل إرهابي في البلد، هو أمر مرفوض، كما أن التشكيك في التحقيق الذي تقوم به قيادة الجيش أمر مرفوض أيضاً». ورداً على سؤال، متى سيكون الدعم المطلق والضوء الأخضر للجيش لحسم الوضع في جرود عرسال؟ أجاب: «كل الدعم السياسي موجود للجيش لحسم الأمور وكذلك القرار السياسي، ولكن علينا اليوم أن نعلم أن هناك مدنيين موجودين في المخيمات، والمشكلة هي أن الإرهابيين يستعملون المدنيين لحماية أنفسهم». وأضاف: «موضوعي ليس الشارع السني ولا أي شارع آخر، الدعم الأساس هو للجيش، والشارع السني هو أكثر شارع مع الجيش، وهذا الأمر أثبته خلال معارك نهر البارد وصيدا وطرابلس وفي كل المناطق».
من جهة أخرى، أجرى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط اتصالاً بالحريري، تناولا خلاله عدداً من القضايا. وقد جاء هذا الاتصال بعد فترة من القطيعة بين الرجلين، رافقها تراشق إعلامي واتهامات متبادلة بينهما، قبل أن ينخفض سقف الهجوم منذ مدة. وكانت مصادر جنبلاطية قد أشارت لـ«الأخبار» الى أن «هناك قراراً بالتهدئة، رغم عدم وجود تواصل مباشر بين قيادات المستقبل والاشتراكي». ولفتت إلى أن التهدئة «أثمرت هذا الاتصال الذي سوف يستتبع بمزيد من التواصل والتنسيق، وخصوصاً أن البلد يمر بحالة سياسية وأمنية حرجة».
من جهته، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال اللقاء الاقتصادي في قصر بعبدا، أمس، الى «أننا كنا نخاف من الإرهاب، وعندما تخلّصنا منه جاء الفلتان الداخلي بحجم كبير، وخصوصاً لدى السوريين». وأكد عون أننا «نحاول ضبط هذا الأمر وسنتوصل الى نتيجة مثلما توصلنا الى نتيجة مع الإرهاب الخطير».