تعمد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن يكون منبر القصر الجمهوري في بعبدا هو منصة الإطلاق الردعي لصواريخه التوماهوكية على كلام السيد نصرالله، وقد إستطاع بذلك أن يعيد إلى الواقع السياسي شيء من التوازن الإستراتيجي الذي فقدناه لحظة إبرام صفقة الرئاسة التي أتت بالجنرال عون إلى قصر بعبدا وساهمت بتشكيل حكومة إعادة الثقة.
فقد كان الرد صريحًا وواضحًا إلى حد لا يُتحمل معه أي تأويل أو تفسير، مما أعاد إلى الأذهان مرحلة ما قبل التسوية واستطاع إنعاش ما تبقى من روح المواجهة عند فريق 14 آذار بعد غياب حسبنا معه أن الإستسلام و"الإنبطاح" هو السمة التي صبغت هذا الفريق. 

إقرأ أيضًا: السيد نصرالله والمحور المستحيل
يبدو أن دعوة أمين عام حزب الله لمئات الآلاف من المقاتلين " الشيعة " بالقدوم إلى لبنان شكل في نظر المشنوق لحظة إستهداف التسوية والقضاء عليها وإعتبارها "خارج سياق المسؤولية الوطنية"، فالتسوية التي كان جوهرها إبعاد لبنان عن حريق المنطقة وجد المشنوق وفريقه بكلام نصرالله "إستدراج الحريق إلى الداخل اللبنانني" وهذا ما لا يمكن السكوت عنه. 
يبقى السؤال الكبير هو هل رد المشنوق المزلزل والحاسم يندرج في سياقات التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة والتي كان من أبرز مؤشراتها التبدلات في مواقع السلطة داخل المملكة العربية السعودية ووصول الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، وما يحمل هذا التحول من مداليل تصعيدية في المواجهة مع المشروع الإيراني بالمنطقة، للقول مرة جديدة وحازمة: إذا أردتم يا حزب الله ضرب التسوية اللبنانية وإدخال البلد كعنصر في المواجهة الكبرى فنحن لن نقف مكتوفي الأيدي و "لن نسمح به ولن نقبل ".
إقرأ أيضًا:  لا قدسية للمسجد الاقصى في التراث الشيعي
بكل موضوعية يمكن القول بأن إستدعاء نصرالله للمقاتلين يعتبر تخطي للخط الأحمر، وجاءت بمثابة إستعمال السلاح الكيميائي الذي لا يبقي ولا يذر، فهل يُعتبر رد المشنوق بمثابة مفاعيل قصف التوماهوك الرادع؟ يبقى القول وبغض النظر عن الأبعاد الحقيقية التي تقف خلف الرد، فقد إستطاع المشنوق أن ينعش لدى الكثيرين شيئا من الأمل المفقود بأن أحدًا ما في هذه الحكومة يمكن أن يقول "لا" من أجل مصلحة الوطن.