بالرغم من أن أركان الحكم في لبنان يتلقون باستمرار تطمينات من مصادر سياسية ودبلوماسية غربية وخصوصاً من الجانب الأميركي بأن لبنان يحظى بمظلة أمنية دولية تقيه أي شرارة من الحروب المشتعلة من حوله في معظم الدول العربية وخصوصاً في سوريا والعراق واليمن، وتحول دون إنجراره إلى أي إشكالات أمنية داخلية قد تقع على خلفيات طائفية ومذهبية.

وبدورهم فإن قوى السلطة الحاكمة يطمأنون اللبنانيين أنهم بمنأى عن أي تأثيرات خارجية قد تنعكس سلباً على الواقع اللبناني، وتؤدي إلى صراعات ونزاعات عسكرية على الساحة اللبنانية. 
لكن بالرغم من كل ذلك فإن اللبنانيين لا يستطيعون النوم على حرير هذه الوعود وتصديق ما يجود به حكامهم والتّنعم بحال من الطمأنينة والإسترخاء مع وجود الخلافات الحادة بين الأطراف السياسية والحزبية الممسكة بتقاليد البلاد والمتسلطة على رقاب العباد حول كافة القضايا والملفات الداخلية.

إقرأ أيضًا: ترامب يستهدف داعش وإيران

وتناقض الرؤى والنظريات حول كيفية علاقات لبنان بالخارج الدولي والإقليمي ومع محيطه العربي، وبالذات مع الدول ذات التّأثير المباشر على السياسة الداخلية اللبنانية. 
وأما إسرائيل فإنها ومن خلال تحركاتها ومواقفها من التّطورات الميدانية في المنطقة فإنها لا تبعث على الإطمئنان، بل تثير الكثير من الشكوك والريبة بعد قيامها من وقت لآخر بقصف أهداف عسكرية داخل سوريا وتدعي بأنها اهداف تابعة لحزب الله، علماً بأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحدث في كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي يوم الجمعة الماضي عن أن إسرائيل تتجنب الحرب على لبنان وعلى غزة لأنها تعلم جيداً بأن هذه الحرب ستكون مكلفة جداً بسبب قدرات المقاومة المتطورة وخصوصاً إمتلاكها لمنظومة الصواريخ النوعية والتي تطال أي بقعة وأي منشأة نووية في إسرائيل. 
وحسب المتابعين للتطورات السياسية والعسكرية على جبهة الجنوب فإن إسرائيل ترسل إشارات تدل على أنها قلقة ومتخوفة من القدرات البشرية والعسكرية التي تمتلكها المقاومة الإسلامية لدرجة أن حزب الله بات يشكل هاجس لدى الإسرائيليين بما يمتلك من ترسانة صاروخية وغيرها من الأسلحة تشعرهم بحال من القلق الدائم خصوصًا وإن إسرائيل مهما امتلكت من قبة حديدية ودروع صاروخية وغيرها فإنها لن تستطيع أن تتجنب خطر سقوط صواريخ المقاومة التي قد تطال المنشآت النووية الإسرائيلية، وهي لن تستطيع ان تستمر في التعايش مع هذا التهديد الواقع على مرمى حجر من حدودها. 
ويضاف إلى إشكالية صواريخ المقاومة، النزاع الحدودي القائم والناشىء عن استمرار إسرائيل باحتلالها لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشرقي من قرية الغجر وعدم اعترافها بلبنانية هذه الأراضي، وهو الجمر الخامد دائما تحت الرماد ولكنه يتوهج ويشتعل وفقا لمقتضيات التطورات الإقليمية. 

إقرأ أيضًا: تقاسم سوريا .... أميركا وروسيا تدعمان والبقية أدوات ينفذون
وفي هذا الجو المحموم بين لبنان وإسرائيل تبرز مشكلة النفط بعد إقدام الأخيرة على وضع يدها على منطقة إقتصادية خاصة بلبنان تزيد مساحتها على 850 كيلومتر مربع وبدأت بالإستفادة من الثروة النفطية دون اي إعتبار لحقوق لبنان بهذه الثروة لإنشغال أهل الحكم فيه بمشاكلهم الداخلية واختلافاتهم على جنس الملائكة والتي تتراكم باستمرار ويوما بعد يوم، علما بأن الواجب يتطلب تجاوز هذه الخلافات وتوحيد كلمتهم للمطالبة بحقوق البلد الطبيعية والمشروعة وتجنيبه القرصنة الإسرائيلية. 
فإسرائيل التي تستغل وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعم لها في البيت الأبيض وترسل التهديدات إلى لبنان بأنها ستدمر كافة البنى التحتية فيه عند قيام أي حرب مقبلة، ورد حزب الله بتهديد مماثل،ة وأنه مستعد لقصف المنشآت النفطية الإسرائيلية في البحر إذا ما استمرت إسرائيل بمنع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية والغازية، فإن ذلك يشكل مبعث قلق للبنانيين وعدم الركون الى التطمينات الخارجية وتمنعهم من النوم على حرير الوعود الغربية، إذ أن أي خطأ قد يرتكبه أي من الأطراف المعنية المتنازعة قد تشعل حربا لبنانية - إسرائيلية بتكاليف باهظة جدا تفوق قدرة لبنان واللبنانيين على تحملها.