حفظ الأمن لا يتم بمزاولة شرطي عمله بتنظيم السير في شارع من شوارع المدينة او بإنشاء مخفر في أي بلدة من البلدات اللبنانية ولا بحاجز لقوى الأمن الداخلي لتنظيم محاضر ضبط بحق من لا يمتطي حزام الأمان على وسطه او بمن تأخر عن دفع رسوم الميكانيك عن سيارته او بمن تجاوز السرعة المحددة وحفظ الأمن لا يتحقق بحواجز للجيش اللبناني لمراقبة هويات المارة بحثا عن المطلوبين والملاحقين بجرائم قتل وتهريب وكذلك فإن فرض الأمن واستتبابه لا يتحقق بتسيير دوريات مؤللة في الأحياء والزواريب وبالتالي فإن الأمن لا يتوفر بمداهمة منازل الفارين من وجه العدالة ولا يفرز المئات من عناصر القوى الامنية والعسكرية للبحث عن المخلين والعابثين بأمن الوطن كمن يبحث عن إبرة في كومة قش. 
وفرض الأمن لا يتم بالمظاهر الاستعراضية للاليات العسكرية والشاحنات وهي ملأى بالعناصر المدججة بالسلاح وتجاوب الشوارع والأحياء مثيرة الرعب في نفوس الأطفال فيما هدير الدبابات وأصوات الملالات يكون بمثابة إنذار للملاحقين والمطلوبين كي يتخذوا احتياطاتهم بالفرار للاختباء بأماكن آمنة. 
وأيضا وأيضا... فإن فرض الأمن والأمان لا يتم إنجازه بالاجتماعات واللقاءات والتصاريح من على شاشات التلفزة وعلى وسائل الإعلام. ولا بإطلاق التهديد والوعيد على لسان مسؤول من هنا او وزير من هناك او نائب من هنالك وبالتالي فان الامن ليس مناسبة للمزايدة ولا يحتمل المتاجرة به للكسب السياسي فهو خارج المناكفات والمماحكات والاختلافات بين أهل الحكم وأركان السلطة. 
الأمن فوق كل هذا فهو قرار رسمي وإرادة شعبية. 
فالامن هو قرار تتخذه القيادة السياسية بالتنسيق مع القيادات الأمنية والعسكرية وتتولى تنفيذه على الأرض الأجهزة المولجة حفظه وحفظ الاستقرار وتأمين مناخات من الأمان في ربوع الوطن وهو أيضا إرادة شعب يبحث عن حياة حرة كريمة ويريد أن يعيش موفور الكرامة والاحترام وتحت سقف الدولة لا تحت سلطة قوى الأمر الواقع من الأحزاب والتنظيمات السياسية والحزبية. 
وأما غير ذلك فإن الأحاديث عن الأمن ليس أكثر من هروب من المسؤولية وإثارة انتقادات وتوجيه اتهامات بخلفيات مناطقية وحزبية. وفي أحيان كثيرة بخلفيات مذهبية وطائفية لنصل في نهاية المطاف لأقرار الأمن بالتراضي وكأنه تقاسم حصص ومغانم فإذا كان هناك مطلوب مسلم فبالضرورة يجب أن يكون هناك مطلوب مسيحي والعكس صحيح والحال كذلك ينطبق على الشيعي والسني وغيرهما من باقي الطوائف والمذاهب فحتى الجرائم في بلدي خاضعة لمنطق النظام الطائفي والمحاصصة. 
في الأيام الخوالي وفي زمن العزة والكرامة كان عنصر من قوى الأمن يفرض الأمن وهيبة الدولة في اي موقع يتواجد فيه أما اليوم فإن كتيبة من العناصر الأمنية لم يعد لها أثر إلا على المستضعفين والفقراء والاوادم الذين اختاروا الحياة في ظل النظام والقانون. 
ومن الطبيعي فإن الأجهزة العسكرية مخولة بصلاحيات بمعزل عن القرار السياسي وهي ليست عاجزة عن فرض الأمن والاستقرار واستعادة هيبة الدولة بألقاء القبض على المخلين بالنظام والمطلوبين والملاحقين بجرائم متنوعة والمخالفين للقوانين ولكن لا بد من رفع الغطاء الحزبي عنهم حتى تتمكن هذه الأجهزة من القيام بوظيفتها وإلقاء القبض عليهم وإلا فلا حياة لمن تنادي مع هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي تشرع القتل والإجرام والتهريب وترويج الممنوعات كي يستمر المجتمع غارقا في ظلمات الفقر والجهل والتخلف والارتهان والذل. فيسهل بذلك السيطرة عليه والإمساك بزمام قراره ومصيره فيصبح كالقطيع الذي يلحق بصوت الجرس المعلق برقبة الكراز الذي يسير في الأمام ويقوده.