خرج أرنب الرئيس بري بدون ترحيب جامع من الوسط المسيحي، في وقت كانت الثنائية المسيحية تنتظر أن يعطيها الرئيس المحافظ تنازلاتٍ أكثر لاسيما المرور في خطة المقاعد البديلة وتبرئة ذمة الدوائر المختلقة حفاظًا على ماء الوجه والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين.  


لم تعد الثنائية الشيعية تضرب بيد من حديد، وهذا ليس بجديد على الساحة اللبنانية، إذ تنازل حزب الله في أكثر من موقف عن إرضاء الحليف الشيعي ليظفر برضا حليفه الماروني، فيما كان الأخير منتشًيا بإنتصاره الظاهري على الأقل في ابتكاره ثنائيةً مسيحيةً غير مسبوقة، ولعل أبرز ما حلحلَ هذه الأواصر وصول العماد عون إلى سدة الرئاسة بدون أدنى محاولة نفسية من حزب الله لوضع حليفه الشيعي بالصورة، فوجدنا كتلة التنمية والتحرير مجبرةً على المضي بورقة ضغط من حزب الله وحصلت المعارضة داخل الحلف الواحد بسبب حسابات غير مدروسة جارَ به الحزب على أملْ.

إقرأ أيضًا: من مصائب الثنائية الشيعية.. ولاية جبران باسيل لآل البيت

في المقلب الآخر صهر الرئيس لا يدع شاشةً إلا ويظهر من خلالها، عازمًا على مجدٍ كبيرٍ يوصله إلى طموحاته الخاصة، فترى باسيل يناور من حافة إلى حافة لكنه يبدو أن سقوطه في النهر بات محكومًا بإنحداره الخطابي الذي يبدو منفعلًا بعض الشيء ومتسرًعا أيضًا، إذ تراه يظهر في مناسبات شيعية جذلة ويشحن النفوس ويسعى إلى تأسيس حلف شيعي ثالث موجّهًا رسالة خبيثة للرئيس بري ولكنها ضعيفة جدًا، مفادها أننا نحن التيار الوطني الحر لنا القاعدة الشعبية الشيعية ونستطيع أن نقود معركة الرهان في أي قانون إنتخابي جديد، ثم يقفز باسيل للدفاع عن صفقة البواخر التي تمت على أكمل وجه وباشرت الحكومة بتنفيذها مع علم عميق ومدروس بكمية الفساد الموتورة حيال هذه الصفقة التجارية إذا صح التعبير. 

وكان باسيل قد قفز منذ أسابيع إلى فكرة مجلس الشيوخ، الذي ما لحقَ أن تكلم عنه إلا وباشر بالمفاوضات الداخلية ليأخذ حصته من بيت السبع، لكنه فشل أيضًا.

إقرأ أيضًا: إشتباك عون - برّي...صراع نفوذ وتنازع صلاحيات وتبادل أضغان

والقراءات القادمة تظهر قفزة متوقعة ونوعية في فكر الجبران إلى معارضة وصول الرئيس بري إلى رئاسة المجلس، ولا يخلو الأمر من وجود هذه الذهنية في عقل وزير الخارجية ليرد صاع التنمية والتحرير بصاعين من الإصلاح والتغيير، وهكذا بدا الرئيس بري فاترًا حيال موقف الوزير باسيل، بدا حياديًا وفضل عدم الدخول في معمعة مع الصهر كي لا توقعه في معمعة مع العم الرئيس وفي ذلك ما يضمن خراب المرحلة، لذلك ينجح الرئيس بري في إمتصاص حدة المراوغة بإثباته أنه رجل الخيارات والحلول السريعة في القانون، وهكذا كان يعرضُ إلمامه بالقوانين الأوروبية ليبرر خروج أرنب جديد في الوقت المناسب.

وفي إنتظار انعقاد الجلسة الإستثنائية، تبقى الأنظار موجهة على ردود أفعال الطرفين اللذينو بدون بيضة القبان (حزب الله لن يربح أحدٌ فيهما على الآخر، والسؤال الأخير هل ستميل هذه البيضة هذه المرة لصالح التيار وتخذل الرئيس بري كما فعلت سابقًا أم أنه ستفقس على رأس رئيس التيار؟ 
 
الجواب في صيف ٢٠١٧.