سيكون المؤتمر الأول في عهد الرئيس ترامب الذي يبدو أنه بدأ يستكمل الحرب على التنظيم من المكان الذي تركه سلفه باراك اوباما في الحرب في الموصل
 

استبقت واشنطن مؤتمر للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يبدأ اليوم في واشنطن باتخاذ قرار حظر نقل وسائل الكترونية من مطارات وعبر شركات طيران عدة في المنطقة، وما لبثت ان تبعتها بريطانيا في هذه الخطوة كإجراء وضع تحت عنوان حماية الولايات المتحدة من اعتداءات ارهابية محتملة على نحو يظهر التصميم الاميركي على مواجهة النقض لقرار الحظر الذي اتخاذه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في حق مواطني سبع دول في المنطقة، لجهة منعهم من دخول الولايات المتحدة. فالمؤتمر يفترض ان يؤمن مسبقا تغطية واسعة لقرارات من هذا النوع، ما دام يعقد بهدف تنسيق المواقف وتبادل الخبرات في مواجهة الارهاب، وكان سبق أن وجد دعما لقراره السابق عن بعض دول المنطقة بتأييد قوي من المملكة العربية السعودية في أثناء زيارة ولي ولي العهد السعودي لواشنطن الاسبوع الماضي، علما ان حظر الوسائل الالكترونية في مقصورة الطائرة يعتبر خطوة أمنية يخشى أن يصعب تصاعد معارضة قوية لها.

سيكون المؤتمر الأول في عهد الرئيس ترامب الذي يبدو أنه بدأ يستكمل الحرب على التنظيم من المكان الذي تركه سلفه باراك اوباما في الحرب في الموصل او الاستعداد لطرد عناصر التنظيم من الرقة عبر وصول عناصر أميركية عسكرية الى منبج قبل أسبوعين، من دون انتظار التنسيق مع الدول المشاركة في المؤتمر من أجل البدء بالمعركة. والتحالف بدوره أحدثه اوباما من أجل تأمين انخراط الدول العربية في الحرب ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" وعدم الظهور في موقع ان الولايات المتحدة تشن حروبا في المنطقة كما حصل في العراق. ويبدو ان هذا الغطاء لا يزال ضروريا على رغم تغير الادارة في واشنطن وسعيها الى نقض سياسة سلفها. لكن يبدو أن إدارة ترامب لا تستطيع القفز الى تحالف مع روسيا في الوقت الراهن، من أجل محاربة التنظيم، على رغم إعلان الرئيس الاميركي سابقا أنه سيرحب بالتعاون مع موسكو في هذا الاطار، وذلك في ضوء الاتهامات التي تلاحق ادارته عن اتصالات مسبقة لأركانها مع روسيا قبل وصوله الى البيت الابيض والتحقيقات الجارية على هذا الصعيد. وسبق لوزير الدفاع جيمس ماتيس ان اعلن الشهر الماضي ان لا خطط لدى البنتاغون للتعاون مع روسيا عسكريا في الوقت الراهن، علما ان اجتماع اركان كل من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا في انطاليا مع دخول عناصر اميركية الى منبج، أثار تساؤلات عن مدى التنسيق وما إذا كان يرقى الى مستوى التعاون أم لا. لكن ازاء التقدم في الموصل، والذي يقر الرئيس العراقي بأنه لم يكن ممكنا لولا المساعدة الاميركية، فان المسألة في سوريا مختلفة لجهة من يمكن ان يستفيد من الحرب الاميركية ضد تنظيم "الدولة الاسلامية"، في ظل الفصل الذي تجريه العناصر الاميركية بين تركيا والاكراد السوريين وفي ظل تمركز النظام على مقربة من المنطقة، بدعم من روسيا وايران للاستفادة واستعادة المنطقة الى سيطرته. وهذا أمر لا يزال يثير تساؤلات عمن يمكن ان يستفيد من المساهمة او من الاندفاع الاميركي من أجل استرجاع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا، من دون توافر أجوبة عنها. وثمة عنصر آخر يتمثل في واقع ان مجموعة متغيرات ميدانية حصلت على الارض في سوريا كما في العراق، بحيث اضحى في سوريا لاعبون مباشرون، اي روسيا وايران، الى جانب تركيا على نحو اضعف الى حد كبير اللاعبين المحليين السوريين، في الوقت الذي لا تبدو روسيا جالسة الى طاولة هذا المؤتمر، وهي لم تكن أصلا عضوا في التحالف، والحال نفسها بالنسبة الى ايران، علما ان الدولتين ترفعان شعار محاربة تنظيم "الدولة الاسلامية" والارهاب، إن في الموصل أو في ايران ومن تدعمه من الحشد الشعبي، او بالنسبة الى روسيا وايران في سوريا وسعيهما الى اعادة الاعتبار لنظام الرئيس بشار الاسد، من زاوية أنه يحارب الارهاب وتنظيم "داعش". وثمة من يضيف ان الرئيس الاميركي سبق ان اجرى اجتماعات يمكن ان تعتبر جوهرية ومحورية للتحالف ضد الارهاب، كان أبرزها مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، انطلاقا من ان الغطاء الذي توفره المملكة يعدّ الابرز، وكذلك التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية. وهذا ما اعلن في نتائج الاجتماعات التي عقدت في واشنطن الاسبوع الماضي، والتي اعلن على اثرها ان الطرفين اتفقا على مجموعة مسائل من بينها محاربة الارهاب والتصدي لطموح ايران في المنطقة.
من جهة أخرى، يعتبر بعض المراقبين ان المؤتمر يخرج واشنطن اعلاميا من دوامة التجاذب الداخلي حول مواقف الرئيس الاميركي ودور روسيا في الانتخابات الرئاسية الاميركية الى الدور الذي ينبغي ان تطل به الولايات المتحدة، علّ ذلك يكون ممهدا لاستراتيجية اميركية في المنطقة لا تتصل فقط بالخطة التي طلب الرئيس الاميركي اعدادها من البنتاغون لمواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية". ومن هذه الزاوية يعتقد هؤلاء ان الفرصة ستكون مهمة للكثير من الوفود المشاركة ومن بينها لبنان من اجل ان تبدأ التعارف مع ادارة جديدة تسلمت مهماتها في 20 كانون الثاني الماضي، لكنها لا تزال تتخبط في مشكلاتها الداخلية، ولذلك ترصد الوفود المشاركة الاجواء الجديدة في واشنطن عن كثب.