أُجّلت جلسة البحث في الموازنة العامة إلى يوم الجمعة، فيما جلسة الأربعاء ستقتصر على نقاش جدول أعمال عادي، وقد تشهد إقرار التعيينات الأمنية والعسكرية. في موازاة ذلك، كانت اللجان النيابية المشتركة تناقش سلسلة الرتب والرواتب وكيفية إقرارها. في الموازنة، على ما يبدو، الأمور تسير بإيجابية وفق ما يؤكد مختلف الوزراء الذين يطرحون البحث في إدخال خطة إصلاحية على الخطة الأساسية. فيما السلسلة تبدو بعيدة المنال باعتبار أنها عادت إلى المربع الأول، أي إلى اللجان المشتركة.

هنا، تروي شخصية سياسية بارزة ومعنية بملف السلسلة لـ"المدن" كيف أراد السياسيون جميعهم التهرب من إقرارها، رغم المواقف التي يؤكدون عبرها أنهم يريدون إقرارها بدون إضافة مزيد من الأعباء على المواطنين. وتشرح الشخصية الوضع بالقول: "في البداية، هناك طرف يؤيد فرض ضرائب على الأرباح، وعلى المصارف، مقابل طرف آخر يرفض ذلك، وطرف ثالث لا يمانع فرض ضرائب على الأرباح من دون أن تشمل المصارف. ومنذ البداية كانت المسألة واضحة بأنه لن يكون هناك أي إتفاق على كل هذه الصيغ".

لكن أيضاً، الجميع حريص على إقرار الموازنة، لأن التسوية تسمح بذلك، ووزير المال علي حسن خليل أبلغ الجميع أن لديه الصيغة المقبولة لتسوية الأوضاع المالية للسنوات المقبلة، بحيث يتحرر الجميع من الأعباء التي ستلقى عليهم لناحية تحميلهم مسؤولية صرف كثير من المليارات بدون الموازنة. لذلك، كان الإتفاق على إنجاز الموازنة، مع عدم تضمينها لسلسلة الرتب والرواتب، والتي لاحقاً وضعت تحت الضغط كبند إحتياطي.

وتقول الشخصية إن اللبنانيين يتعرضون لما يشبه مؤامرة كبرى من جانب القوى السياسية. وهذه المؤامرة عنوانها سلسلة الرتب والرواتب، لأن أحداً لا يريد إقرارها، والجميع يمنح الجميع من طرف اللسان حلاوة. وتشرح الشخصية: "مشكلة سلسلة الرتب والرواتب هي في إيجاد الواردات لتأمين النفقات. فطُرحت مسألة رفع الضرائب والرسوم. الأمر الذي لم يوافق عليه كثيرون لأنه غير شعبي. وهنا، طرح سؤال إذا ما كان هذا المورد المالي بحال تأمينه، سيكون دائماً أو لفترة معينة وفيما بعد ستحصل إستدانة لتمويله، لم يستطع أحد الإجابة عن هذا السؤال، لأن لا موارد أساسية وواضحة لتمويل السلسلة. لذلك، رسى الخيار على وضع السلسلة في بند إحتياطي للهروب منها. والطامة الأكبر هي ما أعلنته الحكومة بأنها أنجزت بند الموازنة وأحالته وحيداً إلى اللجان النيابية لإعادة درسه، فيما تتواصل جلسات مجلس الوزراء لبحث الموازنة للإتفاق على إقرارها. بالتالي، لا يمكن أن تكون السلسلة مدرجة ضمن الموازنة وكل واحدة تناقش في مكان مختلف عن الآخر.

عليه، عادت اللجان النيابية إلى مناقشة بند الموازنة، واستطاعت إقرار المادة السادسة منها، فيما بقيت المادة الثانية معلقة نظراً إلى الخلافات بين الأفرقاء. وقد تم تأجيل الجلسة إلى الثلاثاء لبحث البند الأساسي المتعلق بأرقامها وإيراداتها. ولعل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل كان الأكثر صراحة في هذا الأمر، إذ اعتبر أن "الطريقة التي يتم العمل بها من أجل إقرار الموازنة "مسرحية" وما يحصل هرطقة دستورية كبيرة لأن مجلس النواب ليس المسؤول عن إقرار الموازنة إنما الحكومة".

واعتبر رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن "ما حصل اليوم بداية جيدة". وأشار إلى أن "المواد المعلقة هي بسبب الجداول القديمة. والمطلوب من وزير المال تزويد اللجان المشتركة بالجديدة". وقال: "الإيجابية التي حصلت أننا لم نعد إلى الصفر. بالتالي، المواد المعلقة أساسية لكنها قليلة، وإذا توفرت الإرادة والمعطيات المادية لا عوائق أمام إقرار السلسلة". أما النائب جورج عدوان فقال إن "النية جدية لإقرار السلسلة في أسرع وقت والعمل الجاري هو لكيفية التدرج باقرارها بطريقة تؤمن أكبر عدالة للجميع".

وتختصر الشخصية هذه النقاشات بعبارة أن الشيطان يكمن في التفاصيل، وتستند في ذلك إلى ما جرى سابقاً، أي حين كانت السلسلة قاب قوسين أو أدنى من الإقرار، فاقترح وزير الدفاع السابق سمير مقبل أن تتضمن سلسلة العسكريين، فعاد البحث إلى النقطة الصفر. وتبدي الشخصية خشيتها من أن يتم إخراج أرنب جديد لتطيير السلسلة مجدداً.