يصر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط 2017، مستنداً إلى تطبيق القوانين والاستعداد لقيام الوزارة بواجباتها لناحية إنجاز الإستعدادات وفق القانون القائم، وأن ليس من مهمته إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية. في مقابل ذلك، يبدو أن رئيس الجمهورية مازال على تصعيده وموقفه الرافض توقيع مرسوم اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين.

في المشهد العام، وفي حال عدم التوصل إلى تسوية ترضي الجميع وفق قانون يحظى بموافقة كل الكتل، فإن الأمور في لبنان قد تذهب نحو أزمة سياسية عميقة، تعيد الأمور إلى ما قبل التسوية الرئاسية، خصوصاً أن عون لا يمانع حلول الفراغ في المجلس النيابي. وهذا ما قد ينطوي على إشكالية غير ظاهرة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، الذي مازال على هدوئه ويرفض الدخول في سجال مع عون. لكن الأيام المقبلة قد تحمل مزيداً من التصعيد.

عملياً، يقف لبنان أمام احتمالين: الأول إمكانية التوصل إلى تسوية تخرج قانوناً جديداً للانتخابات، وهذا مستبعد حالياً؛ والثاني أن يمدد المجلس مرة جديدة لنفسه، لأن لا شيء إسمه فراغ في السلطة التشريعية. وهذا التمديد إذا ما حصل مجدداً، يعني أن الأزمة ستتعاظم.

يبدو الإنقسام واضحاً في هذه المرحلة، بين عون والقوات اللبنانية من جهة، مقابل تيار المستقبل، تيار المردة، الحزب التقدمي الاشتراكي في الجهة المقابلة، بالتعاون مع حركة أمل، فيما حزب الله مازال يطرح مسألة النسبية الكاملة رغم قناعته بأنها لن تحقق أي تقدّم. رفض هؤلاء كل الطروحات التي تقدّم بها الوزير جبران باسيل، لاعتبارهم أنها تؤدي إلى تحجيمهم وتقليص أعداد نوابهم، ويذهب المستقبل والاشتراكي والمردة أكثر من ذلك، إلى حد رفض أن تشمل النسبية مناطق نفوذهم فيما بقى النظام الأكثري هو الغالب في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات والتيار الوطني الحرّ.

وإذا بقي الوضع على حاله، فإن الأمور ستذهب نحو حلّ المجلس النيابي في ظل رفض عون اجراء الانتخابات وفق قانون الستين. ولكن، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن مجلس النواب أصبح بحكم المنحلّ، ولم يعد يتمتع بأي صفة تشريعية من الناحية القانونية ولا يحق له الالتئام أو إقرار أي قانون. ويعني أيضاً أنه لا يحق له الدعوة مجدداً لاجراء الانتخابات وفقاً لقانون الستين. بالتالي، فإن ذلك يحتّم الذهاب إلى تشكيل هيئة تأسيسية جديدة، أو مجلس تأسيسي جديد، يصوغ قانوناً جديداً يتم من خلاله إقرار قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية. وهذا يعني الإطاحة بإتفاق الطائف.

وبما أنه في المفهوم العام للنظام، ولما أرساه الطائف، لا وجود لما يسمّى فراغاً في السلطة التشريعية، وتحت عنوان تأمين استمرارية النظام العام، لا بد من تأمين استمرارية هذه المؤسسة، وهذا سيكون من خلال حلّ وحيد لا خياراً بديلاً منه. وهو التمديد مجدداً لمجلس النواب، ولكن هل يمكن حصول ذلك في ظل رفض رئيس الجمهورية التمديد؟ تشير المصادر إلى أن لدى الرئيس نبيه بري كل المسوغات القانونية لذلك. بالتالي، فإنه تجنباً لحلّ المجلس، سيدعو إلى جلسة عامة في حينه، لإقرار التمديد. هذا القانون سيحال إلى رئيس الجمهورية، وبما أنه سيرفضه سيبقى لديه 15 يوماً، على أن يردّ بعدها إلى المجلس، ويعقد بري جلسة ثانية لإقراره بالأكثرية المطلقة، أي بـ65 صوتاً ليصبح نافذاَ، وهذه الأصوات مؤمنة، فيما يقول رئيس حزب القوات اللبنانية سمر جعجع أمام زواره، إنه إذا ما فكر أحد أن يمدد مجدداً للمجلس النيابي، فإن القوى المسيحية لن تشارك في هذه الجلسة، لكن هذا ليس من شأنه أن يفقد الجلسة ميثاقيتها لأن عدد النواب المسيحيين سيكون كافياً