لا يختلف اثنان على أن ملامح الخريطة الانتخابية الشمالية قد تغيرت، وعلى هذه الخريطة نجد خطوط الطول والعرض تتقاطع لتمثل حالة إسلامية مستقلة، ستخوض الانتخابات النيابية كما لم تخوضها من قبل. بعد أن نزعت عنها أثواب الغطاء السياسي التي كانت ترتديها بمرحلة من المراحل لتصل إلى مرادها، فهي اليوم ما عادت بحاجة لها وأصبحت تحتوي من التمثيل الشعبي مالا يقل وربما يفوق التمثيلات الشعبية لما تبقى من قيادات سياسية (سنية) على الساحة الشمالية.
 
تشير مصادر متابعة للشأن الانتخابي الشمالي لـ"ليبانون ديبايت" بأن الإسلاميين ومعهم السلفيين سيتكتلون انتخابيا في حلف واحد يضمهم، بعيدا عن قيادات طرابلس (ريفي، الحريري، ميقاتي، والصفدي) انطلاقا من اعتبار هذه القيادات "علمانية، لها علاقات مع دول الغرب، لا تتقيد بالحكم الشرعي، رؤساء أموال، وغير ملتزمين بالشريعة الإسلامية على الصعيد الشخصي (العائلي والاجتماعي)". وانطلاقا من أن هذه الجماعات أصبحت اليوم "حالة" فرضت نفسها وحضورها بعد حرب المحاور في طرابلس، والأحداث السورية، وما عادت بحاجة لغطاء هؤلاء. 
 
فبعد أن كان يقاطع بعضهم الانتخابات لاعتبارها "نوعا من أنواع الكفر" كونها تجري في دولة لا تقوم على الشريعة الإسلامية، وتتوزع أصوات البعض الآخر على قيادات طرابلس، "دعما للزعماء السنة" في مرحلة سابقة، وصبّت في خانة اللواء أشرف ريفي مؤخراً، لتقاطع المصالح بينهم وبين ريفي، الذي كانوا يعولون على إيصاله الى السلطة، لدعمهم وحل قضاياهم العالقة في القضاء اللبناني... انقلبت اليوم هذه الأصوات على كل من سبق ودعموه في الجولات الانتخابية السابقة. 
 
وتتمدد حملة الانقلاب هذه لتصل إلى ريفي، لاعتبارهم بأن الأخير خذلهم، في عدة مطارح، فـ"أطلق يد السلطات الأمنية في طرابلس بعد استغلال الاسلاميين في حرب المحاور لمصالحه الفردية، وخذلهم عندما أصبح وزيرا للعدل، ولم يعمل جديا على طريق حل قضية الموقوفين الاسلاميين"، وبالتالي سيعمل الاسلاميون انتخابيا اليوم جاهدين لـ "إعادة الصفعة التي تلقوها من ريفي إليه في الانتخابات النيابية المقبلة".
وعلى ما يبدو، فإن السياق العملاني الذي إستخدم في الإنتخابات النيابية وإستثمار ريفي لبعض أصوات الإسلاميين التي أتت مغاقبةً للحريري، سيتكرّر في مشهدية الإنتخابات النيابية صاحبة الإطار الأوسع، حيث أن "العقاب الإسلامي" لم يعد ينحصر في الحريري وتحالفته السابقة (أبان الإنتخابات البلدية) التي من المتوقع أن تتكرّر، بل سيصل الأمر إلى ريفي الذي ربما يتذوق المرورة من الكأس نفسها.
 
وانطلاقا من هذه الحالة، تتوقع المصادر أن الإسلاميين سيتكتلون مع بعضهم البعض، في لائحة واحدة، ويخوضون الانتخابات النيابية تحت اسم هيئة أو جمعية مدنية اسلامية معتدلة، يروجون لها تحت الطاولة عبر "الدفاع عن مظلومية أهل السنة والجماعة وإيصال أصواتهم إلى السلطة والتغيير، عسى تمثلهم في مجلسٍ نيابي مستفيدين من تململ القاعدة الشعبية الطرابلسية من قياداتها".
 
إذا، سيخوض الاسلاميون المعركة الانتخابية في الشمال، وهم الذين يشكلون ميدانيا اليوم حالة لا يستهان بها، ولكن احتمال خرقهم للوائح المنافسة يبقى مبهماً ومعلقا بآليات التحالف على الأرض، وقوة المنافسة. 
 
وتشير مصادر "ليبانون ديبايت" إلى أن حظوظهم "مرتفعة" في عكار، لأن إمكانية التحالف مع النائب المخلوع من تيار المستفبل خالد الضاهر كبيرة جدا، وهو الذي يسعى بدوره لخلق حالة عكارية خاصة به، مباشراً لقاءات تدور في هذا الفلك، ليخوض الانتخابات النيابية وجها لوجه ضد الحريري في عكار، خاصة وأن يستطيع إستثمار "خلفيته الإسلامية" وإشتباكه مع "المستقبل" في مشروع المواجهة المرتقبة.