يبدو أن مسيرة العهد ككل ستسير على شاكلة الإتفاق الذي أنتج التسوية الرئاسية، بكل مضامينه السياسية المستمدّة من حصرية تمثيل كلّ طرف مذهبه. فثمة إتفاق مبطن بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، بحسب ما علمت "المدن"، على أن يكون عون معنياً بشكل أساسي بالتعيينات كلها في المواقع المسيحية، وستكون الأرجحية في التسمية لمصلحته، خصوصاً في المواقع المارونية. على أن يتشاور بشأن المواقع المسيحية الأخرى مع القوى المختلفة. فيما يطرح الحريري الأسماء السنية للمواقع العائدة إلى الطائفة السنية. وبطبيعة الحال ستبقى المواقع الشيعية في يد حركة أمل وحزب الله، والدروز من حصة النائب وليد جنبلاط.

وما جرى لدى تشكيل الحكومة، كان خير دليل على ذلك، مع استثنائين. الأول الإتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة على تسمية كل طرف منهما وزيراً من طائفة الآخر. والثاني لم يتم الإلتزام به، هو عدم طرح أي طرف أسماء استفزازية عند الطرف المقابل. فطرح عون اسمي سليم جريصاتي ويعقوب الصراف، ولم يلق معارضة من الحريري، حرصاً منه على عدم التدخل بالاسماء التي يريد توزيرها، واختار توزير معين المرعبي ومحمد كبارة.

ويقول مصدر مقرب من الحريري لـ"المدن" إن تيار المستقبل "لن يطرح مسألة التعيينات، بل هي منوطة بما يريده رئيس الجمهورية، إذ إننا نفضل البت بها في توقيتها، أي عند انتهاء ولاية شاغليها. أما في حال طرحها من عون، فنحن سنطرح ما نريده في المقابل". يضيف المصدر: "هناك إتفاق بأن لا نتدخل في من يريد عون تسميته لمنصب معين، كي لا نسمح له بالتدخل في المواقع التي تعتبر من حصتنا. لكن أيضاً يجب أن لا تكون الأسماء استفزازية، وتحظى بقبول الجميع".

ففي المواقع الأمنية العسكرية، يتوقع الالتزام بهذا الإتفاق، خصوصاً أنها تعتبر ذات أهمية وحساسية عاليتين، بالنسبة إلى الجميع. بالتالي، فإن أي إسم لا يوافق عليه حزب الله، لن يمرّ. ووفق مصادر متابعة، فإن عون يستعد لطرح مسألة تعيين قائد جديد للجيش، في الأسابيع القليلة المقبلة، وهو لا يريد الإنتظار حتى انتهاء ولاية قائد الجيش الحالي جان قهوجي الممدة. وهذا ما تعبر عنه حركة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وسعيه إلى إثارة موضوع التعيينات باكراً. لكن، وفق مصادر "المدن"، فإن حزب الله لايزال يتريّث. وهذا ما عبرت عنه نتيجة التواصل، الذي جرى الإثنين في 16 كانون الثاني، بين باسيل ووفيق صفا بشأن مسألة التعيينات العسكرية. إذ لم يبدِ صفا حماسة إزاء ذلك، مفضلاً التريث حتى انتهاء الولاية.

أما في حال تغيرت المعطيات، واستطاع عون طرح هذه المسألة على جدول أعمال إحدى الجلسات الحكومية، فإن المستقبل سيطرح مسألة تعيين المدير العام الجديد لقوى الأمن الداخلي خلفاً للواء إبراهيم بصبوص. وتؤكد المصادر أن الإتفاق على هذه الاسماء سيكون سابقاً على طرحها على طاولة البحث. لكن الصيغة الشكلية له ستكون بتقديم كل طرف لائحة من ثلاثة إلى خمسة أسماء، على أن يتم اختيار واحد منها.

الاسماء التي يريد عون طرحها لمنصب قيادة الجيش أصبحت معروفة، وهي إلى جانب مدير المخابرات كميل ضاهر، العميد جوزيف عون، العميد كلود الحايك، العميد فادي داوود، العميد خليل ساسين والعميد الياس الجميل. فيما سيطرح الحريري ثلاثة أسماء للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، عُرف منهما العميدين عماد عثمان وسمير شحادة. وتشير المصادر إلى أن الأرجحية تميل لمصلحة عثمان، على أن يتم الإتفاق في حال تعيينه على تعيين خلف له على رأس شعبة الملعومات.

إلى جانب التعيينات الأمنية والعسكرية، فإن التعيين الثاني والأهم الذي يريد عون طرحه، هو تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة. وتلفت المصادر إلى أن مرشح عون الأساسي لهذا المنصب هو المدير العام الحالي لوزارة المال آلان بيفاني.

ومن المفترض أن تكرّ سبحة التعيينات لتطال بعض المناصب القضائية الشاغرة، كتعيين مفوّض جديد للحكومة لدى المحكمة العسكرية، بالإضافة إلى النواب العامين في المناطق. وستطال تعيين المدير العام الجديد للتنظيم المدني، رئيس مجلس الانماء والاعمار، المدير العام للطيران المدني، المدير العام للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات، المدير العام لوزارة المهجرين، الأمين العام لمجلس النواب، المفتش العام الصحي والاجتماعي والزراعي في التفتيش المركزي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، رئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء، ومديري ورؤساء مجالس إدارة مستشفيات حكومية.
وتشير مصادر متابعة إلى أن هذه التعيينات ستحصل على مدى الأشهر المقبلة. وفي حال تعذّر الإتفاق على التعيينات الأمنية والعسكرية أولاً، فإن الاهتمام سينصب على التعيينات في المناصب الإدارية.