حكايتان واقعيّتان وقعتا في مدينة هارون الرشيد، يفصل بينهما حوالي تسعة قرون، ويربط بينهما خراب البلاد وفساد العباد.
 


الحكاية الأولى: ابنة هولاكو

كانت ابنة هولاكو المغولي الذي اجتاح بغداد عام ١٢٥٨ للميلاد،وعاث فيها خراباً وقتلاً وحرقاً، بعد أن قضى على الخلافة العباسية، تجول في بغداد عندما رأت قوماً يتحلّقون حول رجل دين يعظهم ويرشدهم ،فقالت لمرافقيها : ماذا يفعل هذا الذي يجتمع حوله الناس؟ قالوا، يدعو لّله ، فقالت : ائتوني به مخفوراً، فجرّوهُ من رجله بعد أن نزعوا عمامته، وأُلقي بين يديها، فقالت: تدعو لّله! قال، نعم، قالت: لكنّ الله نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا. فقال لها: فُكّي وثاقي حتى أجيبك، ففكت وثاقه، فقال لها: إذا شردت الخراف وتبعتها النعاج، ولم يتمكن الراعي من لمّ شعثها، وإعادتها للحظيرة، فماذا يفعل؟ أجيبيني، فقالت: يُرسل كلابه وراءها، لكن ماذا تعني؟ قال: إجابة صائبة.

إقرأ أيضا : معالي الوزيرة عزالدين المُحجّبة..إشكالية الحجاب مُجدّداً

الحكاية الثانية: نوري المالكي

رجل دين شيعي، يتكلّم بمنتهى الجدّية والعنجهية عن فساد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، فيُقرُّ بفساده، لكن وبذات العنجهية والاعتداد بالنفس، يُحذّر باقي المذاهب (أي أهل السُّنّة العراقيين) من التعرُّض لكرامة المالكي، فهو رجل منّا ، ونحن نحاسبه، ونحن نُقرّعُه، ونتطاول عليه، أمّا الآخرون من بقية المذاهب والاتجاهات، فليخرسوا، وعليهم أن يتنطّحوا لمحاسبة أبناء ملّتهم في حال وقوعهم في الفساد، يعني السُّني يحاسب الفاسد السّني، والشيعي يحاسب الفاسد الشيعي، أمّا تبادل الاتهامات عبر المذاهب، فهذا ما سيتصدّى له "العالم الشيعي الجليل" ،ويمنع وقوعه بكافة الوسائل.
كل هذا بانتظار أن يرسل الله عزّ وجلّ "كلابه" لردّ أهل الفساد إلى جادة الصواب والرشاد، حيث لم ينفع في رأي عالم القرون الوسطى إصلاح ولا من يُصلحون.