كمال اللبواني، من يكتب اسمه على محرّك البحث غوغل سيجد أنّ لحظة الذروة في حياته السياسية والإعلامية هي زيارته إلى الكنيست الإسرائيلي في شباط الفائت، بعدما كان ينادي بالتدخل الإسرائيلي لدعم الثورة السورية، ما جعل الائتلاف الوطني السوري يتبرّأ منه وبات من حينها مستقلًا، أو بالأحرى منبوذاً في أطياف المعارضة السورية كلّها.
 


كمال اللبواني هذا يريد أن يزايد على وزير الداخلية، العروبيّ الهوى والهويّة، نهاد المشنوق، الذي عاشر الرئيس ياسر عرفات وكان إلى جانبه، وعاشر الرئيس رفيق الحريري وكان إلى جانبه، ولم يأتِ إلى السياسية بقدر ما هي سعت إليه. ولعلّه السياسي الوحيد من الطبقة الحالية في السياسة اللبنانية، الذي لم يسعَ لمنصبٍ أو مسؤولية من تلقاء نفسه بل فرضت عليه السياسة كخيار طارىء، بعدما كان خلف الكواليس صانعاً للمشهد السياسي إلى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري. 
وقد تبيّن أنّ هناك جهات تقف وراء كمال اللبواني، الذي اتهم الوزير المشنوق بأنّه "تواصل  مع رئيس مكتب الأمن القومي في سوريا علي مملوك بدايةً بشكل غير مباشر وبواسطة المخابرات المصرية، لتصبح لاحقاً لقاءات مباشرة جرت في القاهرة بين المشنوق والعميد "سامر بريدي" والذي يعتبر اليد اليمنى للمملوك، حول خطط لإجراء إبعاد قسري للاجئين السوريين في لبنان باتجاه سوريا، ولتبادل المعلومات حول تحركات واتصالات الناشطين السويين على الأراضي اللبنانية إضافة إلى الحركة السياسية لقيادات لبنانية كبيرة داعمة للثورة السورية ومناوئة  للنظام السوري".
هذا ما سرّبه اللبواني إلى موقع "أورينت نيوز" المناصر للثورة السورية، عبر صحافية مبتدئة ومتحمّسة اعتقدت أنّها حصلت على "سكوب" غير مسبوق. قد يكون لمجهولين من خلف اللبواني مصلحة في استهداف المشنوق في هذا التوقيت الحكومي. 

إقرأ أيضا : حلب معنى الموت والجحيم


فرغم أنّه كان وزيرًا إشكالياً، في الملفات التي تصدّى لها، ولم يكن بعض قراراته "شعبياً"، إلا أنّه نجح في التحوّل إلى "صلة وصل" بين أطراف عديدة، واستطاع تأمين "الأمن السياسي" في لبنان. وكان أحد عرّابي الصفقة الرئاسية التي أعادت الرئيس سعد الحريري إلى السراي الحكومي، وجاءت بميشال عون إلى قصر بعبدا. 
ولعلّ العارفين بمكاتب وزارة الداخلية والبلديات يعرفون أنّه منذ استلامه الوزارة حوّلها إلى مكتب مراجعات كبير للاجئين السوريين، وخصّص عددًا من الضباط للاهتمام بشؤون السوريين، ربما أكثر من الذين يهتمون بشؤون اللبنانيين. 
وقد شهدت وزارة الداخلية في عهده إنجازات كبيرة على المستويين الأمني والسياسي، وقادت وزارة الداخلية في مرحلة من أشد المراحل خطورة على المستوى السياسي والأمني، أبرزها إنهاء الحرب الأهلية في طرابلس، وإنهاء "أسطورة المبنى ب" في سجن رومية، والسيطرة على أمن لبنان في لحظة اشتعال المنطقة من حولنا، وبالطبع إنجاز الانتخابات البلدية، وهي الانتخابات الوحيدة منذ العام 2009، لولا انتخاب رئيس للجمهورية قبل شهر.  
المشنوق سعى ويسعى باستمرار إلى معالجة أزمات ملفّ النزوح السوري إلى لبنان، رغم تشعبات هذه الملفات اجتماعياً وسياسياً وأمنياً. وقد استطاع تنظيم هذا الملف، وأوجد، بالتعاون مع فريق كبير، حلولًا معقولة لأزمات كثيرة عصفت باللاجئين، وأبرز ما تغيّر في عهده أنّ الناشطين السوريين في لبنان ما عادوا مهدَّدين مطاردين بل صاروا آمنين في بيروت والمناطق اللبنانية، ومنع ترحيل أيّ ناشط سياسي سوري إلى سوريا، حفاظاً على سلامتهم الجسدية، وبالطبع وقوفًا إلى جانب خيارات الشعب السوري. 
استفاد الوزير من علاقته بقيادات في حزب الله، من خلال الحوار الوطني، ومن خلال الحوار الثنائي مع حزب الله برعاية الرئيس نبيه بري في عين التينة، إذ يمثل تيار المستقبل إلى جانب النائب سمير الجسر مدير مكتب الرئيس سعد الحريري الشيخ نادر الحريري، لترتيب ملفات كانت "متفجّرة" قبل استلامه الوزارة. 
تعرّض الوزير المشنوق إلى حملات إعلامية كثيرة، بسبب تقاطع كلّ هذه الأدوار، وبسبب الغيرة داخل فريقه السياسي من "بروز نجوميته" خلال سنوات قليلة، واستحواذه على كلّ الضجيج الإعلامي. 
وبسبب مواقفه ودوره تعرّض الوزير نهاد المشنوق لحملات إعلامية وسياسية قاسية وما زال، وآخرها ما شهدناه أمس واليوم من حملة إعلامية منظّمة غير بريئة حاولت تضليل الرأي العام ببثّ شائعات وأخبار كاذبة عبر بعض المواقع الإلكترونية أو عبر بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن "استبعاده من الشتكيلة الحكومية". والهدف محاصرة الوزير نهاد المشنوق سياسياً وإعلامياً في لحظة وصول مشاورات التشكيلة الحكومة إلى خواتيمها. حيث من المعلوم أنّه لا يزال المرشّح الوحيد، والمتفق عليه من كل الأطراف، لتولّي وزارة الداخلية. 
واستغلال موضوع اللاجئين السوريين للنيل منه دليل عجز مناوئيه عن استهدافه في أيّ ملف داخلي. وموقع "أورينت نيوز" الذي نشر الخبر عاد وحذفه، وتبيّن أنّ اللبواني استعمل صحافية ناشئة لتمرير هذه المعلومات، هو المطرود من موقع "أورينت" قبل فترة بسبب ارتباطاته الاستخباراتية الغامضة، وهي تسريبات بلا سند أو توثيق، تصدر عن مطرود من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، بسبب علاقاته بالكيان الصهيوني وزيارته إلى إسرائيل ومواقفه من التطبيع معها. 
فكيف يزايد العميل الإسرائيلي على أبرز سياسيي لبنان وأبرز عروبييه؟