مبادرات جديّة وتنازلات أعطت الحكومة الدفعة للإقلاع

 

السفير :

إذا صدقت النيات وإذا كانت الحكومة ضرورة لا ترفا وإذا كانت هناك إرادة سياسية جدية بأن ينطلق العهد «المُهجَر» حاليا في «القصر»، وإذا انتفت «المؤامرة» ومعها «راجح»، يصح القول إننا أمام أيام لا بل ساعات حاسمة قد تولد معها أو خلالها حكومة سعد الحريري الثانية!
بعد جهد جهيد، «اهتدى» الرئيس المكلف سعد الحريري مساء الجمعة الماضي إلى عين التينة. طلب «مساعدة صديق»، فقال له رئيس المجلس «أنا مستعد لمؤازرتك فعلا لإنجاز التأليف»، لكنه قرر، في الوقت نفسه، اعتماد مبدأ «الضرورات تبيح المحظورات»، وهو المبدأ الذي ساعد قبل ذلك في ولادة أكثر من حكومة ولا سيما حكومة نجيب ميقاتي الثانية في عام 2011، عندما قرر رئيس المجلس التنازل عن مقعد شيعي حكومي من أصل المقاعد الستة في تلك الحكومة الثلاثينية، لمصلحة فيصل كرامي، أي بجعل المقاعد السنية سبعة بدلا من ستة، في سابقة لم تشهدها كل حكومات ما قبل الطائف وما بعده، لجهة تساوي الحصص الشيعية والسنية.
على هذا الأساس، تواصل بري مع رئيس «تيار المردة» غداة اللقاء الذي حصل بينه وبين الحريري، وتوافقا على لقاء يعقد في عين التينة بعد ظهر يوم أمس.
استشعر بري في هذه الأثناء، وخصوصا بعد عملية جسّ نبض في أكثر من اتجاه سياسي، بأن حصول «تيار المردة» على وزارة سيادية قد يكون أهون من حصوله على حقيبة «التربية»، فقرر أن «يلعبها» على طريقته بعدما نال الضوء الأخضر من الحريري: فلتكن وزارة الأشغال من حصة فرنجية الذي كان قد أبلغ الرئيس المكلف بأنه قرر أن يسمي هذه المرة عن «المردة» المحامي يوسف فنيانوس وزيرا.
غير أن رحلة فرنجية من بنشعي إلى عين التينة، تخللتها محطة بروتوكولية في بكركي، كان يراد لها أن تكون بمثابة تحية إلى بطريرك الموارنة الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي كان قد أسرّ أمام معاونيه يوم الخميس الماضي بعد مغادرته قصر بعبدا أنه مستعد للتحرك لتحقيق المصالحة بين عون وفرنجية «ولو اقتضى الأمر أن أمسك زعيم زغرتا من يده وأرافقه إلى القصر».
كما أبلغ الراعي معاونيه أنه مستعد للتضحية بالبروتوكول والشكليات صونا للجمهورية ومقام الرئاسة الأولى وفي سبيل تعزيز التضامن المسيحي أولا والوطني ثانيا.
بالأمس، شكر فرنجية الراعي على مبادرته وحرصه وعلى كل ما قام ويقوم به في سبيل وحدة الموارنة، لكنه بدل أن يخطو خطوة لرأب الصدع بينه وبين الرئاسة الأولى، أغضب الأخيرة، وبات منسوب أزمة الثقة أعلى من الجدران المرتفعة بينهما، وبالتالي، ذهبت محطة «أو. تي. في.» في مقدمة نشرتها الإخبارية ليلا الى القول إن فرص التأليف أو العودة الى نقطة الصفر باتت متساوية في ضوء ما صدر عن فرنجية.
ومثلما كانت بكركي معنية بأن توضح لبعبدا أنها غير مسؤولة عن مواقف زعيم «المردة» وأنها كانت تريد للأمور أن تنحو منحى إيجابيا، فإن فرنجية، وبعد أن فاز بجائزة «وزارة الأشغال»، جعل نفسه مدينا بالسياسة لرئيس المجلس قبل غيره من «المؤلفين» في ضوء «التخريجة» التي أعطته حقه مع «حبة مسك». لم يكتف بذلك، بل قال إنه مطمئن لموقف الحريري، لكنه ينتظر تفهما مماثلا من رئيس الجمهورية.
ومن عين التينة، توجه فرنجية مباشرة إلى بنشعي، تاركا للمعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل متابعة التفاصيل في ضوء التفويض الممنوح من قيادة «حزب الله» و «المردة» لبري في ملف التأليف، فضلا عن إبداء الحريري انفتاحه على أي مخارج تساعد في الإفراج عن حكومته.
وبالفعل، توجه علي حسن خليل من عين التينة إلى «بيت الوسط» ووضع الحريري في أجواء اللقاء مع فرنجية، متمنيا عليه أن يكون هذا المخرج إيذانا بولادة قريبة للحكومة، وخصوصا أن الرئيس بري أبدى تساهلا في موضوع الحقيبة الثانية (العمل أو الزراعة).
ولكن مناخ «بيت الوسط» كان يشي بأن الأزمة ما زالت مستمرة في ضوء ما تبلغه الحريري عبر جبران باسيل فور إعلان تنازل بري عن «الأشغال» لفرنجية، خصوصا أنه جاء بعد وقت قصير من تصريح رئيس «تيار المردة» وما تضمنه من إساءة لمقام الرئاسة الأولى!
وبدا أن هناك من يريد للاعتراض أن يكون أشبه بلعبة «البلياردو»، فيأتي الاحتجاج من «القوات» على تنازل بري عن حقيبة «الأشغال»، لا من «التيار».
واستباقا لأي عرقلة، تعمّد الرئيس بري أن يردد ليل أمس، أمام زواره، أن الأجواء المحيطة بملف تشكيل الحكومة إيجابية جدا، «ومن جهتي، انتهى التأليف بنسبة 99 في المئة، ولو أن الأمر يعود إليّ لكانت صدرت مراسيم تشكيل الحكومة اليوم (أمس)».
وأضاف: «أنا تنازلت عن حقيبة «الأشغال» لمصلحة النائب فرنجية الذي وقف معنا واتخذ مواقف مشرفة وساهم بطريقة أو بأخرى في وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية».
وشدد بري على أن هذا التنازل (عن الأشغال) يخدم أساسا مصلحة البلد ومصلحة تسهيل ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن، واعتبر أنه وفى بوعده للحريري بمؤازرته «وها أنا أقرن القول بالفعل»، كما قال ليل أمس.
وأوضح بري أنه لم يطلب في مقابل «الأشغال» حقيبة أساسية محددة «ولم أحاول أن آخذ من الحصص المثبتة للآخرين وكذلك لم أطالب بحقيبة «التربية» حتى لا أحرج غيري».
في موازاة ذلك، وبينما كان البعض يلمح إلى أن خيار الحكومة الثلاثينية موضوع على بساط البحث، أوفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الوزير الافتراضي» ملحم الرياشي، مساء أمس، للاجتماع بالحريري وخرج من اللقاء للقول إن «الأجواء دائما جيدة وممتازة مع دولة الرئيس الحريري».
ومن «بيت الوسط»، توجه الرياشي مجددا إلى معراب، حيث أطلع جعجع على محصلة الاجتماع مع الحريري، فيما كانت خطوط التشاور، في موازاة ذلك، مفتوحة بين معراب وقيادة «التيار الوطني الحر»، وأفضت المداولات حتى ساعة متأخرة ليلا عن وجوب إجراء قراءة «قواتية» متأنية للاعتبارات التي أملت بعض التعديلات على مسودة التشكيلة التي كان قد سلمها الرئيس المكلف لرئاسة الجمهورية عشية عيد الاستقلال.
وليلا أوفد الحريري غطاس خوري إلى معراب حيث التقى جعجع مطولاً من دون أن ترشح أي معلومات عن الموقف النهائي لـ«القوات» التي كانت قد تلقت عرضا بحصولها على ثلاث حقائب هي: نائب رئيس الحكومة، وزارة الاعلام، وزارة الصحة (أو ما يعادلها)، فضلا عن إسناد حقيبة لحليفها الكاثوليكي ميشال فرعون.
بعد اللقاء، مع جعجع في معراب بحضور الرياشي قال خوري: «الوقوف على رأي الدكتور سمير جعجع بالتشكيلة الحكومية هو أساس والكل يعلم أن الرئيس الحريري متشبث بالتفاوض مع الدكتور جعجع وبأن يكون هناك اتفاق بشأن الحكومة، وان لا يكون هنالك حكومة طرف أساسي مثل القوات اللبنانية خارجها».
الجدير ذكره أن «التيار الوطني الحر» اعتبر أكثر من مرة أنه ضحّى من حصته وعلى الآخرين أن يضحّوا مثله لا بل ألمح إلى أن «كل حقوق الرئيس بري ومطالبه قد تأمنت، فإذا أراد أن يمنح «تيار المردة» حقيبة وازنة، فليمنحه إياها من حصته لا من حصص الآخرين»!
موفد أميركي في بيروت
من جهة ثانية، قالت مصادر رسمية لـ «السفير» إن مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون ستصل إلى بيروت في الساعات المقبلة، للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين والتباحث معهم في ملفات لبنانية وإقليمية.

 

النهار :

كلما حلت عقدة برزت عقد مكانها، فمن ينفخ في رياح تأخير الولادة الحكومية؟ كان يفترض ان تكون هذه الولادة على مشارف الامتار الاخيرة من رحلة التأليف بعدما "تنازل" رئيس مجلس النواب نبيه بري لرئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية عن حقيبة الاشغال وأكد ان "الحكومة صارت خالصة 99 في المئة". حتى ان معظم المعطيات المتوافرة عن الاتصالات الكثيفة التي جرت أمس ذهبت الى توقع الولادة غداً أو بعده على أبعد تقدير. ومع ذلك عكس الشوط النهائي من عملية التأليف استمرار المشي فوق حبل مشدود للغاية ترجمه نصف ايجابي مبدئيا في حل عقدة حقيبة "المردة " ولكن في مقابل نصف سلبي برز التعبير عنه في تصريحات فرنجية من بكركي التي لم تنزل برداً وسلاماً على قصر بعبدا ومعراب واعتبرت "استفزازية " وأبقت وساطة سيد بكركي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عالقة في منتصف الطريق. اذ ان التفاوت برز بقوة بين مناخ الحرارة الذي ساد تصريحات فرنجية في عين التينة حيث حرص على شكر رئيس المجلس " لاعطائنا وزارة الاشغال " ونبرة تصريحاته في بكركي حيث رمى كرة علاقته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مرماه. فاذ أبدى استعدادخ لأي لقاء مع الرئيس عون "بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة" استدرك بقوله انه مستعد أيضاً "للمهادنة أو لعلاقة جيدة او للمحاربة وان الامر بيد الرئيس عون".
وفُهم ان فرنجية سمى المحامي يوسف فنيانوس لتولي حقيبة الاشغال باعتباره المسؤول في تيار "المردة" عن ملف العلاقات مع "حزب الله " و"أمل"، بينما بدا ان الحقيبة البديلة التي ستعطى لـ"القوات اللبنانية " والتي كانت الاشغال ضمن حصتها المتفق عليها سابقا شكلت العقبة الجديدة.
وعلمت "النهار" من مصادر حزب "القوات اللبنانية" أن رئيسه سمير جعجع اعتبر نفسه غير معني بكل المناخات الاعلامية التي أثيرت أمس وتالياً فإن الامور بالنسبة الى "القوات اللبنانية" لا تزال في إطار القديم على قدمه.

 

"قطب مخفية"؟
وفي الاطار نفسه، تحدثت مصادر مواكبة للتأليف عن "قطب مخفية" تدعو الى التريث في تبني التوقعات التي تتحدث عن ولادة وشيكة للحكومة، فيما لا تزال الاوساط القريبة من "حزب الله" تتحدث عن إمكان تبني صيغة الحكومة الثلاثينية بدلاً صيغة ال 24 المتداولة حالياً.
ولفتت المصادر الى ان هناك إستغرابا للطريقة التي يتبعها فريق أساسي داخل قوى 8 آذار والذي أعطى أمس إشارة جديدة الى ان التأليف يتم في عين التينة وليس في "بيت الوسط" وقصر بعبدا. ورأت أن ما حصل يندرج في سياق وضع الرئيس عون و"القوات اللبنانية " أمام أمر واقع مفاده إما التسليم بشروط هذا الفريق وإما لا حكومة. وأضافت ان ثمة مخاوف برزت ليلاً من عودة مسار التأليف الى نقطة الصفر بفعل ما اعتبره بعض الجهات "تصعيداً من النائب فرنجية في بكركي وتحدي الرئيس عون وضرب هيبةرئاسة الجمهورية". وشككت مصادر قريبة من الثنائي العوني – القواتي في صيغة الحل المتداولة ملمحة الى "مناورة" لاحراج "التيار الوطني الحر" و"القوات" والرئيس الحريري ورمي تهمة التعطيل على الافرقاء الثلاثة. كما لوحظ ان الرئيس فؤاد السنيورة صرح علناً لاحدى المحطات التلفزيونية "ان بعض الاطراف يحاولون الاستفادة من الاوضاع في سوريا لتحسين شروطهم التفاوضية في شأن الحكومة في لبنان". وواكبت هذه الاجواء معلومات عن توزيع حقائب واسماء منها تسمية يعقوب الصراف لوزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية وحقيبة للاقليات سمي لها حبيب افرام، والوزير السابق عبد الرحيم مراد للمقعد السني من حصة رئيس الجمهورية علماً ان معلومات سابقة كانت ترجح تسمية السيدة ليلى الصلح لهذا المقعد.
ووسط ملامح الاستياء التي سادت صمت "القوات اللبنانية"، برزت ليلاً حركة مكوكية على محور "بيت الوسط" – معراب اذ التقى الرئيس الحريري مساء رئيس جهاز الاعلام والتواصل السابق في "القوات" ملحم رياشي، ثم قام النائب السابق غطاس خوري بزيارة لرئيس "القوات " ليلاً في معراب. وقالت مصادر الرئيس المكلف لـ"النهار" إن معظم الحقائب إما حلت وإما شارفت الحل ولا مشكلة في توزيع الحقائب بقدر ما برزت مشكلة في الشكليات. وأكدت ان الرئيس الحريري يعمل بدأب على تذليل العقبات ومعالجة أي توتر يمكن ان يكون قد نشأ بفعل اخراج الحل لحقيبة "المردة".

 

شورتر
وفي سياق المواقف الديبلوماسية الغربية البارزة من الواقع اللبناني صرح السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر في حديث الى برنامج "وجها لوجه" من "تلفزيون لبنان" أمس ان انتخاب الرئيس عون جاء "بتسوية لبنانية" وانه "يجب ألا يسمح اللبنانيون لاحد بأن يأخذ منهم واقع ان التسوية كانت حلا لبنانيا للأزمة". ولم يستغرب التعثر في تشكيل الحكومة نتيجة تجربة طويلة في تأليف الحكومات وقال: "حان الوقت لان تكون هناك حكومة بعدما بات اطارها معروفاً ونظراً الى أهمية المحافظة على الزخم الذي رافق انتخاب رئيس الجمهورية وهذا الزخم مهم لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لوجود مصلحة ورغبة لديهما في حكومة تتخذ قرارات سريعة، خصوصا ان قانون الانتخاب هو احدى أبرز المهمات على جدول اعمالها "كما ابرز اهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها" لانه من المهم ان يبقى لبنان ديموقراطية نابضة ونموذجا للمنطقة".

 

 

المستقبل :

منذ إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري نهاية الأسبوع الفائت «إيجابية الأجواء» في فضاء المشاورات الحكومية وتوقعه بلوغ «الخواتيم» المنشودة قريباً، تواصل كرة التفاؤل الوطني تدحرجها على مسار التأليف متجاوزةً مزيداً من العقبات المعوّقة لولادة أولى حكومات العهد الجديد، سيما منها ما يتصل بحقيبة «المردة» في التشكيلة الائتلافية العتيدة مع تأكيد النائب سليمان فرنجية أمس أنّ «حقه» وصله من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري ربطاً بتبلغه إجراء عملية «خلط حقائب» تتيح لتياره تولّي حقيبة «الأشغال» في آخر الصيغ المطروحة على طاولة التأليف. وما أن خرج فرنجية من عين التينة معلناً أنّ «الأمور في طريقها إلى الحل»، حتى أوفد بري مساءً معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل إلى بيت الوسط حيث استعرض المستجدات الحكومية مع الرئيس المكلف، الذي عاد فاستقبل لاحقاً موفد معراب

ملحم رياشي للغاية نفسها وانتهى اللقاء إلى تأكيد رياشي أنّ «الأجواء دائماً جيدة وممتازة مع دولة الرئيس الحريري».

وليلاً، زار مستشار الحريري غطاس خوري معراب موفداً من الرئيس المكلف للتشاور مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حيال التطورات، وأوضح خوري بعد اللقاء أنّ «التفاوض يتم على كيفية الوصول إلى تشكيلة ترضي الجميع»، مؤكداً حرص الحريري «على الوقوف على رأي جعجع» بشأن التشكيلة الحكومية و«ألا تكون هناك حكومة طرف أساسي مثل «القوات» خارجها». وإذ أكد أنّ «هناك قنوات مفتوحة بين كل القوى السياسية ويمكن إزالة العراقيل» أمام عملية التأليف، لفت خوري إلى أنه «من الطبيعي ان يطالب كل فريق سياسي بالحقيبة التي يراها مناسبة له، لكن في النهاية الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة».

وكان فرنجية قد استهل حركته أمس من بكركي مبدياً بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي استعداده لعقد لقاء مصارحة ومصالحة مع رئيس الجمهورية ميشال عون «بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة»، باعتباره «بيّ الكل وراعي الكرامات» كما وصفه فرنجية. وإذ أمل الوصول إلى ولادة الحكومة في الأيام المقبلة، شدد رئيس «تيار المردة» على أنّ مسألة العلاقة مع عون هي «عند فخامته» وأردف: «فإذا أراد أن يدعوني يكفي أن يتصل ويقول لي أنا رئيسك تعال إلى القصر فألبي الدعوة»، مضيفاً: «صاحب الغبطة لديه هاجس الخلاف الماروني - الماروني والمسيحي - المسيحي، وهو ليس مرتاحاً للجو السائد بين فخامة الرئيس وبيننا، ونحن أيضاً لسنا مرتاحين للخلاف مع الرئيس عون الذي تربطنا به أيام ود وصداقة وحلف». 

وبعد لقائه «بيّ الكل» في بكركي، زار فرنجية «الأخ الكبير» في عين التينة حيث أعلن أنّ بري تنازل عن مطلب تولي «حركة أمل» حقيبة الأشغال لصالح «تيار المردة»، وبناءً عليه أعرب فرنجية أمام الصحافيين عن امتنانه لرئيس المجلس وقال: «كمردة نعتبر أنّ حقنا وصلنا من الرئيس بري ووصلنا حقنا أيضاً من الرئيس الحريري الذي كان منفتحاً، وإن شاء الله يكون الآخرون وعلى رأسهم رئيس الجمهورية منفتحين كذلك»، لافتاً الانتباه إلى أنّ المسألة تبقى بحاجة إلى حل «الحقيبة البديلة» عن الأشغال لا سيما ما يتصل بمسألة «التربية وغيرها»، لكنها أمور أعرب فرنجية عن تفاؤله بأنها «في طريقها إلى الحل».

قانون الانتخاب

تزامناً، أطلق التكتل العوني جولة «قانون الانتخاب» على القيادات السياسية في محاولة «رئاسية» لتحفيز المشاورات الهادفة إلى بلورة نقاط الالتقاء بين الأفرقاء حيال المشاريع المطروحة للقانون الانتخابي الجديد. وبينما استهل وفد «التغيير والإصلاح» الجولة في يومها الأول بسلسلة لقاءات شملت معراب وحارة حريك وخلدة، أوضح أمين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان بعد الاجتماع مع جعجع أنّ الهدف منها «خلق حالة سياسية يمكن توظيفها لبت مسألة القانون المتعلقة بالشراكة والديموقراطية وصحة التمثيل»، مشدداً في ما يتصل بالموضوع الحكومي على وجوب «أن يُحترم المسار الدستوري في تأليف الحكومة والذي قوامه رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بالتعاون مع الكتل». ومن حارة حريك، لفت النائب آلان عون إثر زيارته على رأس وفد نيابي مقر كتلة «الوفاء للمقاومة» إلى أنّ اللقاء بحث في «خارطة طريق للوصول الى قانون انتخابات عصري قائم على النسبية»، مؤكداً العمل على «إحداث خرق في هذا الجدار المقفل منذ سنوات رغم كل الجهود التي تبذلها اللجان النيابية المختصة».

 

الديار :

كل المؤشرات السياسية اوحت بولادة حكومة العهد الاولى قريباً والبعض أعطى مواعيد خلال الساعات الـ48 المقبلة وآخرون قبل عيد الميلاد، وبالتالي اجمعت التسريبات بان العقدة الحكومية تم حلها وخصوصاً بعد اعلان النائب سليمان  فرنجية من عين التينة ان الرئىس بري تنازل عن وزارة الاشغال الى «المردة» وسيتولاها المحامي يوسف فنيانوس، لكن هذه الاجواء الايجابية عكستها اجواء مغايرة وردت في مقدمة تلفزيون O.T.V. التابع للتيار الوطني الحر عن عدم حسم الامور حتى الآن، وانتقدت بشدة مواقف النائب سليمان فرنجية التصعيدية في بكركي وعين التينة واعتبرتها بانها قد تعيد الامور الى نقطة الصفر. كما ان اعلان فرنجية عن تنازل بري عن الاشغال يطرح اسئلة حول موقف معراب من هذه النقطة بالتحديد حتى ان هناك من اعتبرها وضع الرئىس عون امام الامر الواقع عبر معادلة اما التسليم بما اتفقنا عليه او لا حكومة او القول «مفتاح الحكومة بيد عين التينة».
الأجواء التفاؤلية حسب مصادر متابعة للتأليف تستدعي ايضاً التوافق على حجم الحكومة ثلاثينية او 24 وزيراً، وهناك خلاف بين وجهة نظر الحريري المصر على حكومة الـ24 وزيراً ومدعوماً من التيار الوطني الحر وموقف الثنائى الشيعي المصر على حكومة ثلاثينية يتمثل فيها الكتائب والقومي وطلال ارسلان والبعث وسنة 8 آذار وهذه القضية لم تحسم حتى الآن.
القضية الثانية، حصة النائب وليد جنبلاط في ظل ظهور بوادر اعتراض على تسلم الوزير مروان حمادة لحقيبة العدل واعطاءه حقيبة خدماتية كالمهجرين، علماً ان جنبلاط يصر على العدل و«زاهد» بالمهجرين والتيار الوطني الحر يطمح بتولي العدل من قبل الوزير السابق سليم جريصاتي.
 القضية الثالثة، الرئىس الحريري وخلال لقائه ليل الجمعة مع الرئىس بري تفاهما على ان يتولى كل فريق تسمية وزرائه مع الحقائب المبادلة وتنازل الرئيس بري عن الاشغال لفرنجية  مقابل اعطاء الصحة للقوات اللبنانية ووزارة الزراعة لبري، مع الشباب والرياضة والصناعة لحزب الله ووزارة دولة، كما تم التوافق على ان يسمي الحريري حصته مع اعطائه وزيراً مسيحياً هو غطاس خوري، ووزيراً عن الاقليات طرح اسم النائب باسم الشاب، وبالمقابل تسمي القوات حصتها وكذلك التيار الوطني والنائب جنبلاط، ووافق بري والحريري على هذا الامر.
وفي المعلومات انه بناء  على هذا الاتفاق زار فرنجية عين التينة وابلغه بري هذا القرار، لكن هذا الاتفاق الثنائي بين بري والحريري لا يلزم الرئىس عون ولا القوات اللبنانية التي اكدت مصادرها انها لم تتبلغ اي شيء بعد وحصتها ما زالت الاشغال والاعلام والشؤون الاجتماعية ونائب رئىس مجلس الوزراء بالاضافة الى وزارة السياحة من حصة القوات على ان تسند للوزير ميشال فرعون والقوات اللبنانية اعتبرت ان حقيبة الاشغال هي للتعويض عن تنازلها عن الحقيبة السيادية وبالتالي لا بد من انتظار موقف الدكتور جعجع من عرض الحريري.
وتشير المعلومات ان اعطاء الصحة للقوات اللبنانية قد يعيد خلط الاوراق والحقائب، وبالتالي فان الرئىس ميشال عون ينتظر زيارة الرئيس المكلف لوضع المسودة بين يديه وعندها ستحسم الامور، لان الرئيس الحريري تعهد امام بري باقناع الدكتور جعجع في وزارة الصحة والرئىس عون فيها.
ولادة الحكومة باتت في المربع الاخير والحكومة يلزمها بعض الرتوش كما يجمع المراقبون لكن الشياطين تكمن في التفاصيل الاخيرة، علما ان الاسماء المقترحة لن تخرج عن المسودة الاولى التي قدمها الرئىس الحريري ورفضها العماد ميشال عون.
اما حزب الكتائب يريد المشاركة عبر النائب سامي الجميل لكن كلامه بعد لقائه الرئيس عون «بان الامور ما زالت عالقة حكومياً» يوحي بعدم ولادة سريعة للحكومة.

ـ بري: التأليف انتهى بنسبة 99% ـ

الرئىس نبيه بري قال امام زواره مساء امس: الاجواء جيدة وايجابية وبالنسبة لي انا فقد انتهى تأليف الحكومة بنسبة 99% ولو عاد الامر لي لصدرت مراسيم الحكومة اليوم.
ورداً على سؤال قال: «نعم تنازلت عن وزارة الاشغال لمصلحة النائب سليمان فرنجية الذي وقف معنا ونحن لم نقصر تجاهه ايضاً، علماً انه ساهم بطريقة او بأخرى في انتخاب رئيس الجمهورية».
واضاف بري: «ان هذا التنازل عن الاشغال ايضا لمصلحة البلد ولمصلحة تشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن»، واشار انه لم يطلب مقابل الاشغال اية حقيبة اساسية ولم احاول ان اخذ من الحصص المثبتة لغيري ولذلك لم اطالب بالتربية حتى لا احرج غيري.

ـ فرنجية في عين التينة وبكركي ـ

شكل الكلام الذي اعلنه النائب سليمان فرنجية وتحديداً من امام بكركي استياء في بعبدا ولدى التيار الوطني الحر لما تضمن من كلام عالي النبرة لفرنجية وقوله «اذا كان رئىس الجمهورية يريدنا فهو يقرر، اذا كان يريدنا قربه سنكون، واذا كان يريد محاربتنا سنحاربه، واذا اراد مصادقتنا نصادقه، أنا بيِّ مات منذ اربعين سنة من يريدني يتصل بي ويقول لي شرف». واشارت المعلومات ان موقف فرنجية التصعيدي اوحي بأنه جاء بعد ان رفض العماد عون الكلام مع فرنجية عبر الهاتف ، وهذا ما نفاه التيار الوطني الحر نفياً قاطعاً واعتبره من نسج الخيال، واشار التيار الوطني الحر الى ان الاتصالات الاخيرة امام احتمال من اثنين «عودة الامور الى نقطة الصفر بحيث تكون النبرة العالية لفرنجية اعلاناً صريحاً بفشل المساعي لاعلان الحكومة او ان تكون الاتصالات حركت المياه الراكدة ولا بد ان تفضي في نهاية المطاف خروجاً في حل باتت معالمه واضحة وطبخته على نار حامية بعد اكتمال الاتفاق بين القوى السياسية على شكل الحكومة الانتقالية والاحتمالان متساويان والانظار تتجه الى الحريري والدكتور جعجع وموقفه من حقيبة الاشغال.
وفي المعلومات، ان المخرج الذي يعمل عليه ان يصطحب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي النائب سليمان فرنجية معه الى قصر بعبدا ويتم عرض لكل التطورات وللعلاقة بين الرئىس عون وفرنجية ومن الممكن ان يستبقيهما الرئىس عون على مائدة الغداء، وبعدها يقوم الرئىس الحريري بزيارة بعبدا ويطلع الرئىس عون على مسودته الحكومية ويتم ولادة الحكومة على ان تنجز هذه الخطوات خلال الايام القادمة او في 48 ساعة المقبلة، لان كل الخلافات لن تكون عائقاً امام ولادة الحكومة بشكل سريع، والاحتمال الثاني، ان تتم المصالحة خلال القداس الكبير في عيد الميلاد ببكركي الذي يحضره رئىس الجمهورية سنوياً ويحضره ايضاً النائب فرنجية ويقوم البطريرك بجمعهما في بكركي.

ـ باترسون في بيروت ـ

ورغم هذه الاجواء، فان زيارات الدعم الخارجية تتوالى مع وصول مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط آن باترسون الى بيروت لتهنئة الرئىس عون، بالاضافة الى لقاءات اخرى والتأكيد على دعم لبنان والجيش اللبناني في محاربة الارهاب.

 

الجمهورية :

إذا ما تابعَت الأمور سيرَها على خط الإيجابيات الظاهرية الذي تسلكه، ونجحت اتّصالات التأليف في حلحلة ما تبَقّى ممّا تُسمّى تفاصيل صغيرة، فإنّ الحكومة العتيدة يفترَض أن تبصر النور اليوم قبل الغد؟! ولعلّ إحدى أبرز العلامات الإيجابية، هي اتّفاق الجميع على فصلِ مسارِ التأليف عن العلاقة المتوتّرة بين بعبدا وبنشعي. وتوقّعَت مصادر متابعة «أن تولد الحكومة في أسرع ما يمكن». وأكّدت المصادر «أنّ العقَد الكبيرة تمّ تذليلها بعدما تخلّى رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حقيبة الأشغال لمصلحة تيار «المردة»، وانعكسَت هذه الخطوة إيجابيات متلاحقة، إذ قبلت «القوات اللبنانية» بوزارة الصحّة مقابل حقيبة الأشغال، ولم تعُد هناك مشكلة لدى الفريق الشيعي بتوزيع الحقائب الأخرى، فهو أبلغَ الحريري أنّه سيُسهل التأليف إلى أقصى حد». وعلمت «الجمهورية «أنّ الحقيبة التي يمكن أن يحصل برّي عليها بدل الأشغال ستكون الزراعة أو العمل، وعلماً أنّ أفكاراً تمَّ تداوُلها في الساعات الأخيرة تفيد بحصول النائب وليد جنبلاط على حقيبة التربية مقابل أن تصبح حقيبة العدل من حصّة «التيار الوطني الحر». وستَخضع كلّ الصيغة الحكومية لجَوجلة أخيرة. ربّما اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري. قبل إعلانها في وقتٍ قريب جداً. وبالتالي كلّ الاحتمالات واردة، بما فيها إعلان ولادة الحكومة اليوم.

فقد فُتِح الأسبوع السياسي الحالي على ارتفاع في منسوب الأجواء التفاؤلية في البلاد، ما أوحى بولادة وشيكة للحكومة، بعد الانتهاء من بعض اللمسات الاخيرة على التشكيلة، وكذلك على شكلها، حيث لم يُحسَم بعد ما إذا كانت حكومة من 24 وزيراً أو 30 وزيراً.

حركة لقاءات

وقد بدأ أسبوع الولادة الحكومية المرتقَبة بلقاءات على مستوى القيادات، وانتهى يومه الاوّل باتصالات مكثّفة، تَلت زيارة موفد بري الوزير علي حسن خليل إلى «بيت الوسط»، حيث اجتمع مع الرئيس المكلف سعد الحريري في حضور مستشاره الدكتور غطاس خوري، وتناوَل البحث التطورات السياسية الراهنة، ولا سيّما ما آلت إليه الاتصالات لتشكيل الحكومة.

كذلك اجتمعَ الحريري مع ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في حضور النائب عقاب صقر، وخوري الذي توجّه مساءً إلى معراب موفداً من الحريري لوضعِ جعجع في آخِر معطيات التأليف.

وأكّد خوري بعد اللقاء أنّ «الرئيس الحريري متشبّث بالتفاوض مع الدكتور جعجع، وبأن يكون هناك اتفاق بشأن الحكومة، وألّا يكون هناك حكومة طرفٌ أساسي مِثل «القوات اللبنانية» خارجها».

وأوضَح: «التفاوض يتمّ على كيفية الوصول إلى تشكيلة تُرضي الجميع، وهناك تقدّم سيحصل، وستؤخَذ في الاعتبار كلّ المشاكل التي نتجَت عن التحرّك في اليومين الأخيرين ليتمَّ حلّ هذه الأمور بطريقة ترضي الجميع».

وقال: «لا أظنّ أنّ هناك نوايا لأن يكونَ هناك معارك بين الأطراف المسيحية، ومِن العدالة القول إنّ العهد سيكون على مسافة واحدة من الجميع، والرئيس المكلف هو على مسافة واحدة من الجميع أيضاً، ويجب إتمام هذه البداية الجديدة في لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية بتأليف حكومة والذهاب إلى العمل، لأنّ الوقت يداهمنا أكانَ على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أو على صعيد الاستحقاقات الدستورية، ومنها الانتخابات النيابية».

وأشار إلى وجود «قنوات مفتوحة بين كلّ القوى السياسية وخصوصاً مع الدكتور جعجع، ويمكن إزالة العراقيل».

وفي السياق، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»، «إنّ المفاوضات مستمرة على رغم التعقيدات القائمة، ولكنّ الاتصالات متواصلة بوتيرة قوية، وإن «القوات» لن تتأخّر لتسهيل انطلاق الحكومة ولكن ضمن حدود معينة». وعلمت «الجمهورية» أنّ المجتمعين لم يتوصّلوا إلى خيار نهائي في شأن الحقائب التي ستُسند إلى «القوات اللبنانية» على أن يستكمل البحث اليوم.

بعبدا _ بنشعي

إلّا أنّ الانتعاش على خط التأليف هذه الأيام، لم ينسحب بعد على العلاقة بين بنشعي وبعبدا، وخير دليل ما اعلنَه فرنجية من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقبَيل توجهِه الى عين التينة.

فرئيس «المردة»، على رغم إبداء استعداده لأيّ لقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالطريقة التي يراها البطريرك مناسبة، اعلنَ أنّه إذا كان رئيس الجمهورية «يريدنا قربَه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتَنا سنحاربه، وإذا أراد مصادقتَنا نصادقه. وأبدى استعداده لزيارته إذا اتّصل به قائلاً: «والذي يريدني يتصل بي ويقول لي شرّف».

مصادر بكركي

وأكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الراعي عملَ شخصياً على خطّ فرنجية، وتولّى الاتصالات معه من دون وساطة أحد، لأنّ بطريرك الموارنة ليس بحاجة الى وسيط للاتصال مع أبنائه، فتوجّه فرنجية الى الصرح البطريركي واستمع الى كلام البطريرك الذي حاولَ تقريبَ وجهات النظر مع رئيس الجمهورية، على اعتبار أنّ عون هو رئيس البلاد ولا يجوز أن يدخل الزعماء الموارنة في خلافات مع رئيس الجمهورية، أو التسبّب بشرخٍ مسيحيّ إضافيّ، في حين شرَح فرنجية وجهة نظره من كلّ الأحداث، ومِن ضمنها المنطق الذي تعاطى به «التيار الوطني الحرّ» معه إثر إعلان مبادرة الرئيس سعد الحريري ترشيحَه للرئاسة».

ونفَت المصادر أن «يكون عون قد رفض الردّ على اتصال الراعي من أجل جمعِ عون وفرنجية هاتفياً». واعتبرَت أنّ «معالجة الأمور بين الرَجلين بحاجة إلى المزيد من العمل والجهد، وهذا ما سيفعله البطريرك في الأيام المقبلة».

وإذ لم ترَ المصادر في كلام فرنجية تصعيداً مباشراً أو تعقيداً لمهمّة البطريركيّة»، أكّدت أنّ «احتمال زيارة فرنجية بعبدا برعاية الراعي ما زالت قائمة ويمكن ان تحصل بعد توضيح كلّ المسائل الخلافيّة من دون تحديد موعد»، لافتةً الى أنّ «الجهد ينصبّ حاليّاً على تأليف الحكومة وعدم السماح للخلافات بالتأثير على هذا الموضوع الحيوي، ولا أن يؤثّر تصريح من هنا أو تصعيد من هناك على الولادة المرتقَبة، لأنّ البطريركية المارونية تضع كلّ جهدها لتذليل العقبات».

برّي

وقال بري أمام زوّاره أمس «إنّ الأجواء إيجابية، ومِن جهتي انتهى تشكيلُ الحكومة بنسبة 99 في المئة، ولو عاد الأمر لي لصدرَت مراسيم الحكومة اليوم».

وردّاً على سؤال، قال: «أنا تنازلت عن حقيبة الاشغال للنائب فرنجية، لهذا الرجل الذي وقفَ معنا، ونحن بالتأكيد لم نقصّر حياله، وهو أيضاً ساهم بطريقة أو بأخرى في انتخاب رئيس الجمهورية. هذا التنازل أيضاً هو لمصلحة البلد ولمصلحة تسهيل تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن».

وحول الحقائب التي طالبَ بها بدل حقيبة الأشغال، قال بري: «أنا لم أطالب حتى بحقائب أساسية مقابل الأشغال، ولم أحاول ان آخذَ من الحصص المثبتة لغيري، لذلك لم أطالب بالتربية حتى لا أحرجَ غيري».

لقاء برّي ـ الحريري

وفي المعلومات انّ اللقاء الاخير بين بري والحريري عكسَ أنّ الأجواء الحكومية قد حسِمت الى حدّ كبير، والفترة الممتدة حتى منتصف هذا الاسبوع هي الفترة الحاسمة امام تأليف الحكومة. وكذلك عكسَ اللقاء انّ هناك حراكاً أكثر مِن جدّي ورغبات أكبر، وأنّ الحريري بدا في هذا اللقاء أكثرَ استعجالاً من أيّ وقتٍ مضى في توليد الحكومة في أسرع وقت ممكن.

وللمرّة الأولى منذ التكليف وحتى الآن يقدّم الرئيس المكلّف امام بري عرضاً متكاملا ومفصّلاً للحكومة، وكان النقاش هادئاً ومتفهّماً، حكَمته الرغبة المشتركة في تشكيل الحكومة. ولمسَ الحريري انّ بري بعرضه امامه، قد كان اكثرَ من عامل مسهّل ومساعد للتشكيل، وهو ما عبّر عنه الحريري بعد اللقاء.

مصر تشيّع ضحاياها

إقليمياً، أقامت مصر أمس جنازةً رسمية لضحايا انفجار القاهرة وحَمل جنودٌ نعوشَ الضحايا الملفوفة بعلم مصر. وتقدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس في مصر الجنازة. وترأسَ البابا تواضروس صلاة الجنازة على القتلى الذين كانوا يرقدون في نعوش خشبية.

وعُلّقت لافتات تحمل أسماء القتلى على الجدران، وغالبيتهم من النساء. وسعى البابا في كلمته في نهاية الصلاة إلى رأبِ أيّ صدع طائفي ناتج عن الهجوم. وقال إنّ «المصاب يا أحبّائي ليس مصاباً في الكنيسة ولكنه مصاب لكل للوطن ولكلّ مصر.»

من جهته، أعلنَ السيسي أنّ مفجّراً انتحارياً نفّذ الهجوم. وأضاف: «إنّ السلطات ألقت القبض على أربعة مشتبَه بهم بينهم امرأة، وأنّ البحث جارٍ عن اثنين آخرَين». ولم يَذكر السيسي اسمَ الجهة التي ينتمي لها المشتبَه بهم، كما لم تعلن أيّ جهة مسؤوليتَها عن الهجوم حتى الآن.

وفي وقتٍ نفى مسؤولون في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة أيَّ صلة للجماعة بالهجوم وندّدوا به، نفَت حركة «حسم» المتشدّدة أيضاً مسؤوليتَها عن التفجير.

 

 

اللواء :

انفرجت، تعقدت، اتصالات ومشاورات مثل «خلية النحل»، وكل من هو معني بملف الإفراج عن الحكومة يرمي المشكلة عند غيره، وأياً كانت العقدة المستعصية أو العقبات العالقة، فان ما يهم كل فريق هو انه لا يعرقل. اما أن تتشكل الحكومة أو لا تتشكل فالأمر لا يعنيه.
وفي الوقائع، أن تصريحات رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية التي رافقته من بكركي إلى عين التينة، سواء لجهة إعلان جهوزيته «للمعركة» أو «المهادنة» أو «العلاقة الجيدة»، وأن طريقة التعاطي معه هي بيد رئيس الجمهورية الذي ربح معركة الرئاسة «فاذا كان يريدنا قربه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتنا سنحاربه، وإذا اراد مصادقتنا سنصادقه». وأن «الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري اعطياه حقه بأن وزارة الاشغال من حصته»، وانه «يرشح لتوليها المحامي يوسف فنيانوس»، صبت كالماء البارد عند تحالف معراب. ففريق الرئيس ميشال عون اعتبره خطوة تصعيدية، وفريق «القوات اللبنانية» قال لمن يهمه الأمر ان اسناد حقيبة الاشغال من قبل الرئيسين برّي والحريري لرئيس «المردة» هو امر لا يعني «القوات» وانها ترفض ان توضع أمام الأمر الواقع.
وهذه التداعيات حركت حركة من الاتصالات، بدأت بايفاد الرئيس برّي معاونه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل إلى «بيت الوسط» لاطلاعه على ما تمّ في اللقاء مع فرنجية، والتباحث في الوزارة التي يمكن أن تسند إلى حركة «امل» بعد التنازل عن الاشغال لصالح تيّار «المردة».
وعلمت «اللواء» أن الحقيبة البديلة لن تكون وزارة التربية، بل وزارة الزراعة التي بالإمكان اسنادها إلى شخصية بقاعية، ربما كان وزير الاشغال الحالي غازي زعيتر، مع العلم انه عرضت على حركة «امل» ثلاث حقائب بديلة هي: الزراعة والعمل والصحة، وان جواب الوزير خليل انه «لا مانع من اي وزارة تريحكم نحن نقبلها».
وعزت أوساط الرئيس برّي سبب التخلي عن الاشغال لفرنجية بأنه كان دائماً معنا، وهو لا يطالب بحقيبة أساسية، ولو كان أمر تشكيل الحكومة بيد رئيس المجلس لأعلنها خلال 24 ساعة، بعد أن انجزت 90 في المائة من التشكيلة.
«بيت الوسط» - معراب
وحتى ساعات الصباح الأولى، كانت حركة الموفدين والاجتماعات قائمة بين «بيت الوسط» ومعراب.
فبعد موقف فرنجية، بدت كرة التأليف في ملعب «القوات اللبنانية» التي أعلنت انها تبلغت أن وزارة الاشغال من حصتها، بانتظار أن تتبلغ أي شيء آخر.
وأول محطة كانت إيفاد رئيس حزب القوات سمير جعجع ملحم رياشي المرشح لتولي وزارة الإعلام في الحكومة العتيدة إلى «بيت الوسط» لإبلاغ الرئيس المكلف موقف رافض لما أعلنه فرنجية، وحتى رفض التخلي عن وزارة الاشغال. وعلى خلفية ما ابلغته أوساط «القوات» لـ«اللواء» من انها قدمت كل التسهيلات ولا تقبل الانتقاص من حصتها، وهي قدمت التضحيات على مدى سنوات من دون أن تنال حقها.
وشارك في اللقاء مع الرئيس الحريري النائب عقاب صقر ومستشاره السياسي الدكتور غطاس خوري.
وبعد تقييم الموقف واجراء الاتصالات اللازمة بكل من بعبدا وعين التينة، أوفد الرئيس الحريري خوري إلى معراب حيث استقبله جعجع في حضور رياشي.
وعمم المكتب الإعلامي للقوات ان خوري صرّح بعد اللقاء بأن «التفاوض يتم على كيفية الوصول إلى تشكيلة ترضي الجميع، وهناك تقدّم سوف يحصل، وستؤخذ بالاعتبار كل المشاكل التي نتجت عن التحرّك في اليومين الاخيرين».
ورأى انه من الطبيعي أن يطالب كل فريق بالحقيبة التي يراها مناسبة له، مضيفاً «في النهاية الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة، وانه يمكن إزالة العراقيل».
وقال «ان العهد على مسافة واحدة من الجميع، وكذلك الرئيس المكلف، والوقت يداهمنا، إن كان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، أو على صعيد الاستحقاقات الدستورية والانتخابات النيابية».
وعلمت «اللواء» ان خوري نقل اقتراحات تتعلق بالحقائب البديلة التي يمكن للقوات ان تنال واحدة منها، في ظل إعادة خلط أوراق الحقائب، لدرجة ان معلومات ترددت ان «التيار الوطني الحر» يطالب بأن تكون وزارة العدل من حصته، على ان تسند للحزب الاشتراكي وزارة أخرى.
وبعد ان قيمت «القوات» العرض الذي نقله خوري وأجرت ما يمكن من اتصالات مع «التيار الوطني الحر» الذي اشارت اوساطه ان الكرة هي في ملعب «القوات» وهو يؤيد ما ترتئيه، عاد رياشي إلى «بيت الوسط» قبيل منتصف الليل برفقة خوري، حاملاً الأجوبة على ما طرح، أو اقتراحات بديلة.
ونقل عن لسان خوري انه أبلغ جعجع ان الحكومة لن تتشكل من دون موافقته، فيما كشفت مصادر قواتية ان لقاء معراب بحث كل الأمور من السياسية إلى هندسة الحكومة.
من جهته، أكّد مصدر قريب من بعبدا، ان الرئيس عون لا يضع «فيتو» على إعطاء حقيبة الاشغال للمردة، طالما ان هذه الحقيبة كانت من حصة الرئيس برّي.
ولفت المصدر إلى ان الكرة الآن في ملعب «القوات»، وما إذا كانت ترضى بحقيبة الصحة بدل التمسك بالاشغال، معرباً عن اعتقاده بأن الأمور ستمشي بالنهاية، وأن تأليف الحكومة بات على الأبواب، ويمكن ان تعالج العقد من الآن وفي يوم الجمعة أو السبت، مشيراً إلى ان احتمال العودة إلى صيغة الـ30 وزيراً ما زال قائماً، وأن كان العهد يفضلها ان تكون 24.
ولفت إلى ان المعركة الآن تدور على الحقائب الثلاث: الاشغال والتربية والصحة، واطرافها هم: «أمل» و«القوات» و«المردة».
اتصال أو لا اتصال
وفيما نفت أوساط مقربة من بعبدا، وأخرى من بكركي ان يكون البطريرك الراعي اتصل بالرئيس عون في حضور فرنجية، أو ان يكون الرئيس عون رفض الكلام مع رئيس «المردة»، أبلغ مصدر وزاري مطلع «اللواء» بأن اتصالاً جرى بين الصرح وبكركي، لكنه لم يسفر عن مخرج مناسب لزيارة فرنجية إلى بعبدا.
ونقل هذا المصدر الوزاري عن الوزير جبران باسيل انه أقل تفاؤلاً من اليومين الماضيين.
وقال ان اتصالاً جرى بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع الذي كان واضحاً لجهة رفضه ما جرى، وقال خلال الاتصال: «انه مش هيك تتألف الحكومات، ونحن نرفض الالتفاف علينا، وهذا الاسلوب يؤلف حكومة صراع وطني وليس حكومة وفاق وطني».
وقالت هذه المصادر ان موجة التفاؤل التي سادت خلال النهار حول تشكيل الحكومة أخذت «قيلولة» مساءً، بانتظار صباح اليوم.
جولة التكتل
في هذا الوقت، باشر تكتل «الاصلاح والتغيير» جولته على الكتل النيابية بهدف فصل مساري تأليف الحكومة عن قانون الانتخاب مع التشديد على ضرورة التوصّل إلى قانون جديد، فيما اعتبرت مصادر كتائبية لـ«اللواء» ان المعركة الأهم من معركة الحكومة هي قانون الانتخابات النيابية، لافتة إلى ان الموقع السياسي والحزبي والشعبي للكتائب يستدعي وجودها في الحكومة.
ونقلت هذه المصادر عن نتائج زيارة رئيس الحزب النائب سامي الجميل للرذيس عون برفقة وزير الاقتصاد المستقيل في حكومة تصريف الأعمال آلان حكيم، قولها ان رئيس الجمهورية هو السلطة الأعلى، وهو حريص على تمثيل الجميع داخل الحكومة.
وجال وفد التكتل على كل من كتلة «الوفاء للمقاومة» والنائبين محمّد الصفدي وطلال أرسلان، قبل أن يلتقي مساءً جعجع في معراب.
وليس بعيدا من ملف قانون الانتخاب، أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل أن «مسيرة التصحيح في لبنان بدأت اليوم، من رأس الهرم من مقام رئاسة الجمهورية، والمشوار لا يزال في بدايته والطريق ستكتمل عندما يصبح لدينا قانون انتخابي يتمثل من خلاله كل اللبنانيين تمثيلا صحيحا فنعيش ميث