إذا ما تابعَت الأمور سيرَها على خط الإيجابيات الظاهرية الذي تسلكه، ونجحت اتّصالات التأليف في حلحلة ما تبَقّى ممّا تُسمّى تفاصيل صغيرة،
 

فإنّ الحكومة العتيدة يفترَض أن تبصر النور اليوم قبل الغد؟! ولعلّ إحدى أبرز العلامات الإيجابية، هي اتّفاق الجميع على فصلِ مسارِ التأليف عن العلاقة المتوتّرة بين بعبدا وبنشعي. وتوقّعَت مصادر متابعة «أن تولد الحكومة في أسرع ما يمكن». وأكّدت المصادر «أنّ العقَد الكبيرة تمّ تذليلها بعدما تخلّى رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حقيبة الأشغال لمصلحة تيار «المردة»، وانعكسَت هذه الخطوة إيجابيات متلاحقة، إذ قبلت «القوات اللبنانية» بوزارة الصحّة مقابل حقيبة الأشغال، ولم تعُد هناك مشكلة لدى الفريق الشيعي بتوزيع الحقائب الأخرى، فهو أبلغَ الحريري أنّه سيُسهل التأليف إلى أقصى حد». وعلمت «الجمهورية «أنّ الحقيبة التي يمكن أن يحصل برّي عليها بدل الأشغال ستكون الزراعة أو العمل، وعلماً أنّ أفكاراً تمَّ تداوُلها في الساعات الأخيرة تفيد بحصول النائب وليد جنبلاط على حقيبة التربية مقابل أن تصبح حقيبة العدل من حصّة «التيار الوطني الحر». وستَخضع كلّ الصيغة الحكومية لجَوجلة أخيرة. ربّما اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري. قبل إعلانها في وقتٍ قريب جداً. وبالتالي كلّ الاحتمالات واردة، بما فيها إعلان ولادة الحكومة اليوم.فقد فُتِح الأسبوع السياسي الحالي على ارتفاع في منسوب الأجواء التفاؤلية في البلاد، ما أوحى بولادة وشيكة للحكومة، بعد الانتهاء من بعض اللمسات الاخيرة على التشكيلة، وكذلك على شكلها، حيث لم يُحسَم بعد ما إذا كانت حكومة من 24 وزيراً أو 30 وزيراً.

حركة لقاءات

وقد بدأ أسبوع الولادة الحكومية المرتقَبة بلقاءات على مستوى القيادات، وانتهى يومه الاوّل باتصالات مكثّفة، تَلت زيارة موفد بري الوزير علي حسن خليل إلى «بيت الوسط»، حيث اجتمع مع الرئيس المكلف سعد الحريري في حضور مستشاره الدكتور غطاس خوري، وتناوَل البحث التطورات السياسية الراهنة، ولا سيّما ما آلت إليه الاتصالات لتشكيل الحكومة.

كذلك اجتمعَ الحريري مع ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في حضور النائب عقاب صقر، وخوري الذي توجّه مساءً إلى معراب موفداً من الحريري لوضعِ جعجع في آخِر معطيات التأليف.

وأكّد خوري بعد اللقاء أنّ «الرئيس الحريري متشبّث بالتفاوض مع الدكتور جعجع، وبأن يكون هناك اتفاق بشأن الحكومة، وألّا يكون هناك حكومة طرفٌ أساسي مِثل «القوات اللبنانية» خارجها».

وأوضَح: «التفاوض يتمّ على كيفية الوصول إلى تشكيلة تُرضي الجميع، وهناك تقدّم سيحصل، وستؤخَذ في الاعتبار كلّ المشاكل التي نتجَت عن التحرّك في اليومين الأخيرين ليتمَّ حلّ هذه الأمور بطريقة ترضي الجميع».

وقال: «لا أظنّ أنّ هناك نوايا لأن يكونَ هناك معارك بين الأطراف المسيحية، ومِن العدالة القول إنّ العهد سيكون على مسافة واحدة من الجميع، والرئيس المكلف هو على مسافة واحدة من الجميع أيضاً، ويجب إتمام هذه البداية الجديدة في لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية بتأليف حكومة والذهاب إلى العمل، لأنّ الوقت يداهمنا أكانَ على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أو على صعيد الاستحقاقات الدستورية، ومنها الانتخابات النيابية».

وأشار إلى وجود «قنوات مفتوحة بين كلّ القوى السياسية وخصوصاً مع الدكتور جعجع، ويمكن إزالة العراقيل».

وفي السياق، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»، «إنّ المفاوضات مستمرة على رغم التعقيدات القائمة، ولكنّ الاتصالات متواصلة بوتيرة قوية، وإن «القوات» لن تتأخّر لتسهيل انطلاق الحكومة ولكن ضمن حدود معينة». وعلمت «الجمهورية» أنّ المجتمعين لم يتوصّلوا إلى خيار نهائي في شأن الحقائب التي ستُسند إلى «القوات اللبنانية» على أن يستكمل البحث اليوم.

بعبدا _ بنشعي

إلّا أنّ الانتعاش على خط التأليف هذه الأيام، لم ينسحب بعد على العلاقة بين بنشعي وبعبدا، وخير دليل ما اعلنَه فرنجية من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقبَيل توجهِه الى عين التينة.

فرئيس «المردة»، على رغم إبداء استعداده لأيّ لقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالطريقة التي يراها البطريرك مناسبة، اعلنَ أنّه إذا كان رئيس الجمهورية «يريدنا قربَه فسنكون، وإذا كان يريد محاربتَنا سنحاربه، وإذا أراد مصادقتَنا نصادقه. وأبدى استعداده لزيارته إذا اتّصل به قائلاً: «والذي يريدني يتصل بي ويقول لي شرّف».

مصادر بكركي

وأكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الراعي عملَ شخصياً على خطّ فرنجية، وتولّى الاتصالات معه من دون وساطة أحد، لأنّ بطريرك الموارنة ليس بحاجة الى وسيط للاتصال مع أبنائه، فتوجّه فرنجية الى الصرح البطريركي واستمع الى كلام البطريرك الذي حاولَ تقريبَ وجهات النظر مع رئيس الجمهورية، على اعتبار أنّ عون هو رئيس البلاد ولا يجوز أن يدخل الزعماء الموارنة في خلافات مع رئيس الجمهورية، أو التسبّب بشرخٍ مسيحيّ إضافيّ، في حين شرَح فرنجية وجهة نظره من كلّ الأحداث، ومِن ضمنها المنطق الذي تعاطى به «التيار الوطني الحرّ» معه إثر إعلان مبادرة الرئيس سعد الحريري ترشيحَه للرئاسة».

ونفَت المصادر أن «يكون عون قد رفض الردّ على اتصال الراعي من أجل جمعِ عون وفرنجية هاتفياً». واعتبرَت أنّ «معالجة الأمور بين الرَجلين بحاجة إلى المزيد من العمل والجهد، وهذا ما سيفعله البطريرك في الأيام المقبلة».

وإذ لم ترَ المصادر في كلام فرنجية تصعيداً مباشراً أو تعقيداً لمهمّة البطريركيّة»، أكّدت أنّ «احتمال زيارة فرنجية بعبدا برعاية الراعي ما زالت قائمة ويمكن ان تحصل بعد توضيح كلّ المسائل الخلافيّة من دون تحديد موعد»، لافتةً الى أنّ «الجهد ينصبّ حاليّاً على تأليف الحكومة وعدم السماح للخلافات بالتأثير على هذا الموضوع الحيوي، ولا أن يؤثّر تصريح من هنا أو تصعيد من هناك على الولادة المرتقَبة، لأنّ البطريركية المارونية تضع كلّ جهدها لتذليل العقبات».

برّي

وقال بري أمام زوّاره أمس «إنّ الأجواء إيجابية، ومِن جهتي انتهى تشكيلُ الحكومة بنسبة 99 في المئة، ولو عاد الأمر لي لصدرَت مراسيم الحكومة اليوم».

وردّاً على سؤال، قال: «أنا تنازلت عن حقيبة الاشغال للنائب فرنجية، لهذا الرجل الذي وقفَ معنا، ونحن بالتأكيد لم نقصّر حياله، وهو أيضاً ساهم بطريقة أو بأخرى في انتخاب رئيس الجمهورية. هذا التنازل أيضاً هو لمصلحة البلد ولمصلحة تسهيل تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن».

وحول الحقائب التي طالبَ بها بدل حقيبة الأشغال، قال بري: «أنا لم أطالب حتى بحقائب أساسية مقابل الأشغال، ولم أحاول ان آخذَ من الحصص المثبتة لغيري، لذلك لم أطالب بالتربية حتى لا أحرجَ غيري».

لقاء برّي ـ الحريري

وفي المعلومات انّ اللقاء الاخير بين بري والحريري عكسَ أنّ الأجواء الحكومية قد حسِمت الى حدّ كبير، والفترة الممتدة حتى منتصف هذا الاسبوع هي الفترة الحاسمة امام تأليف الحكومة. وكذلك عكسَ اللقاء انّ هناك حراكاً أكثر مِن جدّي ورغبات أكبر، وأنّ الحريري بدا في هذا اللقاء أكثرَ استعجالاً من أيّ وقتٍ مضى في توليد الحكومة في أسرع وقت ممكن.

وللمرّة الأولى منذ التكليف وحتى الآن يقدّم الرئيس المكلّف امام بري عرضاً متكاملا ومفصّلاً للحكومة، وكان النقاش هادئاً ومتفهّماً، حكَمته الرغبة المشتركة في تشكيل الحكومة. ولمسَ الحريري انّ بري بعرضه امامه، قد كان اكثرَ من عامل مسهّل ومساعد للتشكيل، وهو ما عبّر عنه الحريري بعد اللقاء.

مصر تشيّع ضحاياها

إقليمياً، أقامت مصر أمس جنازةً رسمية لضحايا انفجار القاهرة وحَمل جنودٌ نعوشَ الضحايا الملفوفة بعلم مصر. وتقدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس في مصر الجنازة. وترأسَ البابا تواضروس صلاة الجنازة على القتلى الذين كانوا يرقدون في نعوش خشبية.

وعُلّقت لافتات تحمل أسماء القتلى على الجدران، وغالبيتهم من النساء. وسعى البابا في كلمته في نهاية الصلاة إلى رأبِ أيّ صدع طائفي ناتج عن الهجوم. وقال إنّ «المصاب يا أحبّائي ليس مصاباً في الكنيسة ولكنه مصاب لكل للوطن ولكلّ مصر.»

من جهته، أعلنَ السيسي أنّ مفجّراً انتحارياً نفّذ الهجوم. وأضاف: «إنّ السلطات ألقت القبض على أربعة مشتبَه بهم بينهم امرأة، وأنّ البحث جارٍ عن اثنين آخرَين». ولم يَذكر السيسي اسمَ الجهة التي ينتمي لها المشتبَه بهم، كما لم تعلن أيّ جهة مسؤوليتَها عن الهجوم حتى الآن.

وفي وقتٍ نفى مسؤولون في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة أيَّ صلة للجماعة بالهجوم وندّدوا به، نفَت حركة «حسم» المتشدّدة أيضاً مسؤوليتَها عن التفجير.