كان تشييعاً مُذلاً قبل ان تموت المدينة، وكان إعلاناً مهيضاً للجهود الدولية والعربية التي بذلت ولم تتمكن من إنقاذ حلب الضاربة ماضياً في التاريخ وحاضراً في الدم والدمار.
 

 لم يحضر كل الندّابين الذين تعاقبوا على محنتها القاتلة، كوفي أنان والأخضر الابرهيمي، وأخيراً ستافان دو ميستورا الذي منذ بداية مهمته حمل خريطتها، داعياً الى وقف لإطلاق النار يبدأ منها. أيضاً يجب ألا ننسى نبيل العربي وحطام الجامعة المفلسة، ولكن ربما دموع جون كيري وبعض "أصدقاء سوريا" المفجوعين تقيم مأتماً كاملاً!

لا يكفي القول إن إجتماع باريس يوم السبت الماضي حول مأساة حلب كان إعلاناً مدوياً عن العجز الدولي والعربي، ربما لأنه كان عبارة عن مناحة في مستوى الفضيحة، لم تعلن العجز عن حل المشكلة السورية فحسب، بل أكدت عجز الشرعية الدولية عن وضع الحلول لمشكلات الصغار عندما تدخل الحيتان الكبيرة الحلبة!
كيف استطاع جون كيري، الذي عقد حتى الآن ٤٧ إجتماعاً فاشلاً مع سيرغي لافروف للبحث في الأزمة في سوريا، ان يوغل في الفظاظة في دعوته الغريبة المعارضة السورية الى التفكير في كيف يمكنها ان تنقذ حلب، وخصوصاً عندما يواصل حديثه قائلاً إن المقاتلين المحاصرين في المدينة الذين يقصفون بعنف ويحاكمون بطريقة وحشية اذا ما قبض عليهم، لا يثقون بأنهم سينقذون حلب اذا ما أخلوها، او انه سيُفرج عنهم أحياءً، ولذلك فإنهم يرون ان الخيار أمامهم " إما الموت في حلب وإما الموت في إدلب".
عندما يكون الوضع على هذه الحال [دعونا من "النصرة" والإرهابيين]، لماذا يبرم كيري السكين في جروح المعارضين الذين دربتهم واشنطن ويدعوهم الى إنقاذ حلب وهم عاجزون عن إنقاذ رقابهم؟ ولماذا يتسوّل روسيا والنظام السوري إنجاح المفاوضات [المفاوضات؟] مع المعارضين من خلال الموافقة على مناقشة الإنتقال السياسي، وهو الذي تحدث صراحة عن انتقال هؤلاء المعارضين الى ذمة ربهم؟
الغريب ان كيري عاد الى القول إن القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين الدولية ويعتبر جرائم ضد الإنسانية، داعياً الروس الى "إظهار بعض التعاطف لأن الديبلوماسية تتطلب ذلك أحياناً". والغريب ايضاً ان ينبري جان - مارك ايرولت للإعلان ان المعارضة مستعدة للتفاوض من دون أي شروط مسبقة، وان معركة حلب لا تستهدف إنهاء الإرهاب بل القضاء على أي معارضة للنظام "وتكريس حكم ديكتاتور... وأي سلام اذا كان سلام القبور"؟
أين يمكن صرف كلام كيري وإيرولت وتلويح فيديريكا موغيريني بمزيد من العقوبات على النظام، وما قيمة هذه البكائيات السخيفة وهي مجرد تفجّع سياسي على حلب التي حظيت بمأتم دولي قبل ان تتحول رماداً كما يقول فرانك - فالتر شتاينماير؟