عجلة التأليف مستمرة ببطء , والنظام السوري يرسل مفتيه فأحرج العهد

 

السفير :

ترتفع شجرة الميلاد المضاءة في دارة النائب وليد جنبلاط في كليمنصو عملا بتقليد قديم، يشمل إقامة عشاء عائلي ليلة العيد. إلا ان هذه الزينة الميلادية لم تكن كافية لإخفاء علامات القلق التي بدت واضحة على وجه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي».. وكلماته.
لا يكابر جنبلاط وهو يتابع مشهد حلب ودلالاته. يعترف بأن الرئيس بشار الأسد يحقق الانتصار تلو الآخر، إنما من دون أن يدفعه ذلك الى التفكير، ولو لبرهة، بطرق أبواب دمشق مجدداً.
يحاول الرجل تأمين انتقال هادئ ومتدرج لـ»السلطة» الى نجله تيمور، إلا أنه يخشى من مفاعيل الكفة الراجحة للأسد في الميدان، وصولاً الى تحسّسه بخطر داهم يحيط به.
لم يتردّد جنبلاط خلال حواره مع «السفير» في البوح بهواجسه الكامنة، قائلا: نعم.. بشار الأسد انتصر في حلب مستفيداً من تخلّي معظم المجتمع الدولي عن الشعب السوري، ولاحقاً سينقض على إدلب، وهذا يعني أن تأثيره في لبنان سيزداد، وأن القبضة الإيرانية ـ السورية على البلد ستشتدّ.
ويرى جنبلاط أن التذرع بالخطر التكفيري لـ«تبرير بعض المظاهر الاستعراضية ليس مقنعاً»، معتبراً أنه لا يوجد تهديد حقيقي من هذا النوع، يهدّد حاليا المناطق الدرزية في راشيا أو غيرها، ومستبعداً أن تحاول «جبهة النصرة» التمدّد في اتجاه هذه المناطق تحت ضغط تقدم قوات النظام على الجانب السوري من الحدود، «مع العلم أن دور «النصرة» مشبوه، وهناك خطوط مفتوحة بينها وبين الجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل».
وفي سياق شرح التهديدات التي يشعر بانه يتعرض لها، يشير جنبلاط إلى أن التحذيرات التي تلقّاها منذ فترة من جهات أمنية رسمية جدّية، «ما فرض عليّ عدم التحرك إلا في حدود ضيقة جداً»، كاشفاً عن أن «حزب الله» نصحه كذلك بأن يأخذ جانب الحيطة والحذر ويخفف من تنقلاته.
ويرى رئيس «الاشتراكي» أنه مهما تعدّدت تسميات المجموعات التي تحاول اغتياله فان المتهم الأساسي يبقى من وجهة نظره هو النظام السوري. ويضيف: لقد قيل لي ان «داعش» يريد قتلي، ثم أبلغوني بأن «الكاوبوي» كان يخطط أيضاً لاغتيالي بإيعاز إسرائيلي. وفي أحدث المعلومات التي وصلتني أنّ عماد ياسين الذي اعتقلته مخابرات الجيش في «عين الحلوة» اعترف بأنّني كنت مدرجاً على لائحة أهدافه.
ويتابع جنبلاط: أعتقد أنّ صاحب المصلحة الأكبر في التخلص مني هو النظام السوري الذي ازداد قوة بعد التطورات الميدانية على جبهات القتال، وأنا أقيم معظم الوقت في المختارة، تقيداً بالنصائح الأمنية، ولولا اضطراري إلى إجراء عملية بسيطة في إحدى عينيّ، ما كنت لآتي الى كليمنصو في هذا الظرف.
ويلفت الانتباه إلى أنّ الذين كانوا يحمونه في سوريا لم يعودوا موجودين، من حكمت الشهابي إلى غازي كنعان وآخرين..
ولكن.. هل يمكن لوليد جنبلاط المعروف ببراغماتيته وتكيفه مع المستجدات أن يعيد يوماً ما مدّ الجسور مع الرئيس بشار الأسد، خصوصاً أنّ فرضية إسقاطه لم تعد واردة؟
يجيب جنبلاط: لن أنهي حياتي السياسية بإعادة ترميم العلاقة مع الأسد.. لست بهذا الصدد بتاتاً، حتى لو حقق النظام انتصاراً شاملاً. وعلى كلٍّ، سوريا التي أعرفها تغيرت ولا أظن أنّها ستعود، وأنا أنصح تيمور بأن يفعل الأمر ذاته عندما يتسلّم زمام القيادة.
ويبدي جنبلاط خشيته من تداعيات التحولات الديموغرافية في سوريا، تحت وطأة الحرب والتهجير، مشيراً إلى أنّ الكتل السكانية السنّية التي نزحت من المدن والبلدات التي كانت تقيم فيها، قد لا تعود إليها مستقبلاً على الأرجح، ربطاً بحسابات النظام.
ويؤكد جنبلاط أنه لن يترشح الى الانتخابات النيابية المقبلة، إفساحاً في المجال أمام تيمور ليأخذ دوره كاملاً، مضيفاً: لقد قلت له انه لن يكون بالضرورة كمال أو وليد جنبلاط بل عليه أن يصنع شخصيته وتجربته، وقد أوصيته بأولوية المحافظة على السلم الأهلي، وبضرورة الانفتاح على الجميع، وحماية مصالح الدروز مع مراعاة توازنات النسيج اللبناني المرهف، والسعي الى فصل لبنان الصغير عن اضطرابات المنطقة وأزماتها، كما أوصيته بان تبقى فلسطين حاضرة لديه، ولو في الذاكرة والوجدان.
ويدعو جنبلاط إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، لافتاً الانتباه الى أنّه لا يوجد مبرر لهذا الصراع المحموم على الحقائب الوزارية في حكومة لن تستمر سوى لأشهر قليلة.
ويبدي جنبلاط تفهمه لموقف الرئيس نبيه بري قائلاً: الكل يريدون أن يحافظوا على الحقائب الأساسية التي كانت بحوزتهم في حكومة تمام سلام، فلماذا يرفض البعض ان تبقى «المال» و»الاشغال» مع بري، عملاً بالقاعدة ذاتها.. لقد آن الأوان لوقف هذه المناورة في مواجهة رئيس المجلس..
ولا يبدي جنبلاط أي قلق من تحالف «التيار الوطني الحر»- «القوات اللبنانية»، مشدداً على أن العودة الى امتيازات الماضي لم تعد ممكنة لاعتبارات عدة، والمهم أن يكون طرفا هذا التحالف مقتنعيْن كذلك باستحالة العودة الى الوراء. ويضيف: ان الدور المسيحي في لبنان ضروري وحيوي، بأبعاده الحضارية والوطنية، وهو بمثابة صمام أمان حتى على مستوى العلاقات الاسلامية - الاسلامية. المهم، ألا يحاول أحد ان يحرف مجدداً هذا الدور عن مساره السليم لنبش قبور أوهامٍ، لم يعد من مجال لإعادة إحيائها.
وفي ما خص قانون الانتخاب، يتوقع جنبلاط الإبقاء على «قانون الستين» لأن المهلة الضيقة الفاصلة عن موعد إجراء الانتخابات النيابية لم تعد تسمح بإنتاج قانون جديد، موضحاً أنه يرجح ان يؤدي «الستين» في ظل تحالف «التيار» و»القوات» الى فقدانه مقعدين نيابيين مسيحيين في كتلته، معترفاً بأن خسائره ستكون أكبر إذا تم اعتماد النسبية.
فرنجية يلتقي الحريري
على صعيد المخاض الحكومي، تفاهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية على «خارطة طريق» للمستقبل الحكومي، وفق ما أسماها فرنجية الذي أمل أن تصل الأمور الى الخواتيم السعيدة قبل فترة الأعياد.
وجاء كلام فرنجية بعد اجتماعه مساء أمس على مدى أكثر من ساعتين بالحريري في «بيت الوسط»، حيث تخلل اللقاء مأدبة عشاء شارك فيها الوزير روني عريجي عن «المردة» وغطاس خوري ونادر الحريري عن «تيار المستقبل».
وقد كانت الحقائب الوزارية هي الطبق الرئيسي بين الحريري وفرنجية الذي أبدى اعتزازه بالصداقة التي تجمعه برئيس الحكومة المكلف، رافضاً تحميله مسؤولية تعطيل التاليف، مشيراً الى أن الحريري «يعرف أننا لا نتمنى له سوى الخير وسوى أن تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد، وبدوره يتفهم وضعنا وهو لا يقبل أن يُنتقص من حقنا أو حق أي فريق في البلد».
وإذ جدد فرنجية تمسك «المردة» بحقيبة أساسية، قال:»نحن لا نعمل على كسر أحد، وفي الوقت نفسه لا نقبل أن يكسرنا أحد. الأمور تطرح وكأنها تأديبية، وهذا لا يحل المشكلة. نحن نحاكم تأديبيا وهذا ما لا نريده، بالتأديب تصبح الأمور مختلفة... فليس دائما إذا رفض «المردة» أن يلغي نفسه يكون تعرقل البلد، فيما إذا أجرى الآخر اتصالا يكون يحل الأمور ولا يعرقل».
وردا على سؤال، أجاب فرنجية: قد نكون وقفنا مع حلفائنا ضد أنفسنا، واليوم حلفاؤنا يقفون معنا بمطلب محق، ونحن نطلب مطلبا محقا. هناك من يرفض لنا هذا المبدأ من منطلق التحجيم، فيما لا أحد يمكنه أن يحجمنا.
وفُهم من أوساط متابعة لمفاوضات تأليف الحكومة أنه وبعد تحديد الحقائب الأساسية، جرت عملية إعادة خلط للحقائب، مع تحييد «السيادية» و»الأشغال»، حيث يجري نقاش في إمكان منح حقيبة «الصحة» الى فرنجية إذا تعذر حصوله على «التربية»، وأن هذه النقطة قد تفتح الباب أمام تأليف الحكومة قريباً إلا إذا برزت عراقيل في اللحظة الأخيرة.

 

النهار :

وسط الحديث عن مناخات ايجابية في شأن عملية تأليف الحكومة تنتظر ترجمتها وتسييلها قبل الاعياد، وفيما سجل الجيش خطوة اضافية بارزة في مسار مواجهته مع الخلايا الارهابية في الداخل، لم تشكل زيارة مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون هدية "مألوفة" لقصر بعبدا وبكركي أمس. بل بدت هذه الزيارة أشبه بمهمة رعاها النظام السوري مباشرة لتوظيف منبري القصر الجمهوري والصرح البطريركي في "التبشير" بنصر حلب الذي يقرع النظام طبوله.
وربما كانت الزيارة مرت بحد أدنى من الضجيج لو اقتصرت على المواقف "الودية" التي شاء المفتي حسون تغليف مهمته بها، لكنه سرعان ما بادر عقب لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى افتتاح مواقفه بعبارة " صباح حلب الحلو" الامر الذي بدا انه أحرج القصر فوزع تصريح المفتي خالياً من هذه العبارة. ثم أعاد الكرة في بكركي حيث لم يكتف بتمجيد "هذا اليوم المبارك يوم البشارة الحقيقية لسوريا التي تزغرد الآن لحلب"، بل تحدث عن توجيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "تحية حب الى سوريا وقائدها وجيشها وتهنئة بالانتصارات". ولم توزع هذه العبارة أيضاً في البيان الذي صدر عن بكركي.
في غضون ذلك، شكل إطباق الجيش على "خلية بقاعصفرين " الارهابية انجازاً اضافياً، خصوصاً ان عملية توقيف الافراد الاربعة للخلية جاءت بعد 48 ساعة فقط من اعتداء الارهابيين على حاجز الجيش في بقاعصفرين والذي أدى الى استشهاد جندي وجرح آخر. ونفذت عملية الدهم وحدات من مخابرات الجيش ووحدات اللواء العاشر وشملت ثلاثة منازل كان يختبئ فيها أفراد الخلية الذين ثبت من التحقيقات الاولية معهم انهم يرتبطون بتنظيم "داعش"، علماً ان البعد الخطر الذي كشفته عملية توقيفهم يتمثل في كونهم من ابناء البلدة. وأبرزت معلومات أمنية أهمية عامل السرعة الخاطفة التي طبعت العملية العسكرية اذ توافرت للمخابرات معلومات عن تخطيط لتنفيذ عمليات ارهابية اضافية تستهدف مراكز للجيش ضمن مخطط جديد.

 

جعجع في القصر...
اما على الصعيد السياسي، فعلمت "النهار" أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي زار قصر بعبدا أمس للمرة الاولى منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لمس لدى الأخير تفاؤلاً كبيراً بموضوع تأليف الحكومة وإن الرئيس عون يعوّل على المساعي التي يقوم بها "حزب الله" لتذليل ما تبقى من عقبات. كما يتوقع ان تؤتى هذه المساعي ثمارها آخر الاسبوع الجاري.وفي الوقت نفسه، لم يتطرّق البحث في لقاء بعبدا الى موضوع الحقائب.
وقد أكد الرئيس عون أنه يرفض الدخول في أية محادثات ترتد سلباً على موقع الرئاسة الاولى، مشدداً على التنسيق الكامل بينه وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري. كما أكد الرئيس عون حرصه التام على تطبيق الدستور وإحترام المواقع الدستورية، موضحاً انه يمارس دوره إنطلاقا من الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور. وتطرق البحث الى قانون الانتخاب فأكد عون إصراره على إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات، على أساسه بما يعطي العهد إندفاعاً قوياً.
ووصفت مصادر "القوات اللبنانية" أجواء اللقاء بإنها كانت "وديّة للغاية وقد خرج جعجع بإرتياح كبير جداً الى التفاهم حول كل الملفات المطروحة. إذ شمل البحث تفصيلاً موضوع الحكومة فضلاً عن مواضيع أخرى معمّقة قصد جعجع طرحها تاركاً للايام كشفها وإظهارها".
ولوحظ أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" أدلى بعد لقائه رئيس الجمهورية بتصريحه الى الصحافيين في البهو الكبير لقصر بعبدا وهو المكان المخصص لرئيس الوزراء وكبار الضيوف. واعرب عن نفحة متفائلة بمسار الامور، اذ قال "إن هناك بحثاً جدياً لرفع الحظر عن مجيء الرعايا العرب الى لبنان وهذا كله بفضل العهد الجديد والتوجه الجديد". واذ تمنى تشكيل الحكومة قبل الاعياد، رأى ان الموضوع "سياسي ولا يتعلق بالحقائب". وأضاف ان البحث لا يزال مستمراً في حكومة من 24 وزيراً وان "القوات ليست العائق امام تشكيلها".
وفي معلومات لـ"النهار" إستقتها من مصادر خارج لقاء عون وجعجع أن رئيس الجمهورية سأل رئيس حزب "القوات اللبنانية" لماذا لا ينفتح على "حزب الله" عوض أن يهاجمه إنطلاقاً من ثقة عون بالحزب، فأجاب جعجع بأن ما يحصل أن "حزب الله" هو من يهاجم "القوات اللبنانية" بإستمرار ويضع عليها الفيتو تلو الفيتو، وتالياً فإن المشكلة عند الطرف الاخر وليست عند القوات".

 

.. وفرنجية في "بيت الوسط"
في المقابل، استقبل الرئيس الحريري مساء في "بيت الوسط" رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، يرافقه وزير الثقافة روني عريجي، في حضور مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري والسيد نادر الحريري. وتخللت اللقاء، مأدبة عشاء استكملت خلالها مواضيع البحث، ولا سيما منها ما يتعلق بالمشاورات والمساعي المبذولة لتشكيل الحكومة.
وصرّح فرنجية على الاثر بأن الرئيس الحريري "لا يرضى ان نكون خارج الحكومة ولا حتى حلفائي أيضاً ونحن نطالب بحقيبة أساسية ولا نريد أن نكسر أحداً كما لا نرضى ان يتم كسرنا". وأشار الى ان "هناك من يرفض مطلبنا من منطلق تحجيمنا ولا يمكن أحداً ان يحجمنا ولا نريد ان يحاكمنا أحد تأديبياً".
ولكن مصادر "تيار المستقبل" أبلغت "النهار" ليلاً أن هناك أجواء ايجابية برزت في اللقاء وسط توافق بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية. وأشارت إلى أن كوة فُتحت في جدار المأزق تسمح بالأمل في اختراق حقيقي على أن يستكمل الرئيس الحريري مشاوراته مع الأطراف الاخرى وإن هذه الكوة رهن بتجاوب الأطراف.
وعلى رغم اقلاله من التعليقات على العقباتالتي تعترض تشكيل الحكومة، لم يخف رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط استياءه من المراوحة التي تشهدها عملية التأليف. واكتفى أمس بالقول لـ"النهار" إن "التأخير من لزوم ما لا يلزم واتمنى الا ندخل في دوامة أطول كالتي مررنا بها عند تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام"

 

 

المستقبل :

صبيحة التأكيد الجازم الذي عبّر عنه قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ»المستقبل»، برز أمنياً النجاح الباهر الذي حققته المؤسسة العسكرية بتوقيفها جميع منفذي الاعتداء على حاجز بقاعصفرين بعد أقل من 72 ساعة على ارتكاب الجريمة التي أدّت إلى استشهاد عسكري وإصابة آخر، فضلاً عن تمكن مخابرات الجيش من ضبط الأسلحة الحربية المستخدمة في الاعتداء. أما حكومياً، فلفت الانتباه أمس مشهدان متقاطعان في الرمزية السياسية على خارطة مشاورات التأليف والمساعي الجارية لتسهيل إنجاز التشكيلة الائتلافية، الأول تجلّى صباحاً بزيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونقل عنه تفاؤله بقرب تذليل العقبات التي تحول دون ولادة الحكومة، بينما برزت 

مساءً زيارة رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية إلى بيت الوسط حيث أعرب بعد لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري عن تفاؤله بوصول المسار الحكومي إلى «خواتيم سعيدة قبل فترة الأعياد».

وإذ شدد رئيس الجمهورية أمام زواره أمس على أنّ «الورشة الوطنية لبناء الدولة تتسع للجميع ولا مجال لاستثناء أحد منها»، لاحظ جعجع من قصر بعبدا أنّ الأمور على الصعيد الحكومي «بدأت تأخذ مسارها الطبيعي الفعلي والحقيقي الذي سيوصل إلى نتيجة»، متمنياً ولادة الحكومة العتيدة قبل الأعياد، وقال: «نحن لسنا العائق أمام تشكيل الحكومة، وعلى أي حال فإنّ فخامة الرئيس متفائل من هذه الناحية ولديه وعود بأن العقبات سيتم تذليلها».

أما فرنجية، فأكد بعد المحادثات التي أجراها مع الرئيس المكلف في بيت الوسط على متانة الصداقة التي تربطهما والتي أضحت «أكبر من كل التفاصيل»، وأوضح في ما خصّ مشاورات التأليف قائلاً: «يعرف الرئيس الحريري أننا لا نتمنى له سوى الخير وسوى أن تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد، وهو يتفهم وضعنا ولا يقبل أن يُنتقص من حقنا أو حق أي فريق في البلد»، وأردف: «نحن متفاهمون وطرحنا خريطة طريق للمستقبل وأتصوّر أن الأمور ستتجه نحو خواتيم سعيدة ولا سيما قبل فترة الأعياد». 

ورداً على أسئلة الصحافيين، أجاب فرنجية: «نحن نرسم خريطتنا ولا نعمل على كسر أحد، وفي الوقت نفسه لا نقبل أن يكسرنا أحد (...) متفاهمون مع الرئيسين بري والحريري، لكنّ القصة قصة مبدأ وهناك من يرفض لنا هذا المبدأ من منطلق التحجيم فيما لا أحد يمكنه أن يحجمنا».

بري

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أكد خلال لقاء الأربعاء النيابي على كون «الاتصالات متواصلة وتتم بوتيرة نشطة في شأن تأليف الحكومة»، آملاً أن تصل إلى «النتائج الإيجابية المرجوّة في أسرع وقت ممكن». كما لفت في سياق تفاؤلي متقاطع، ما نقله السفير المصري نزيه النجاري بعد لقائه بري في عين التينة لناحية أنّ رئيس المجلس طمأنه إلى أنّ الأمور على صعيد مشاورات التأليف «تمضي في الاتجاه الإيجابي«.

«حزب الله» 

في الغضون، برز عشية إطلالة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، طرحُ الحزب على لسان رئيس كتلته البرلمانية النائب محمد رعد مسألة توسيع إطار التشكيلة الحكومية، في إشارة إلى المطالبة بجعلها 30 وزيراً بدلاً من 24 تسهيلاً للأمور على مستوى حل «مشكلة المحاصصة في الحقائب» كما عبّر رعد، مضيفاً: «لذلك نحن طرحنا مبدأ توسعة التمثيل في حكومة الوفاق الوطني حتى لا يُستثنى أحد وحتى تلمّ شمل القوى السياسية».

 

الديار :

اللقاء بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجيه لم يحمل جديداً في ظل تمسك فرنجيه بحصة وازنة وبوزارة من بينها الاتصالات والطاقة والاشغال، وان هذا المطلب من حق تيار المردة، اما الحريري فأكد انه سيعرض مطلب فرنجيه عبر «خريطة طريق» على الرئيسين ميشال عون ونبيه بري والافرقاء السياسيين لايجاد حل للقضية، خصوصاً ان وزارة الطاقة محسومة للتيار الوطني الحر ولسيزار ابي خليل ولن يتراجع عنها والاشغال موضع خلاف بين الرئيس بري والدكتور سمير جعجع والاتصالات لتيار المستقبل ولن يتنازل عنها، فيما فرنجيه ابلغ الحريري ان قبوله بوزارة خارج هذه الحقائب الثلاث لن يقبل بها لان الامور لم تعد تبادل حقائب بل هناك من يريد تحجيمنا ولا احد قادر على ذلك.
واشارت المعلومات ان الرئيس الحريري سيتحرك بعد لقاء فرنجيه والامور باتت محصورة بعقدة المردة وكيفية ايجاد حل للامر عبر تدوير الزوايا، وعلى ضوء اتصالات الحريري فانه يمكن الحديث عن ولادة الحكومة الذي تمنى فرنجيه ان تذهب الى خواتيم سعيدة وتشكيل الحكومة قبل الاعياد، علما ان فرنجيه تجاهل سؤالا عما ذا كان سيزور قصر بعبدا للقاء العماد ميشال عون.
وبالتالي يبقى السؤال مَن سيتنازل لفرنجيه الرئيس عون أو الرئيس بري او الرئيس الحريري او الدكتور جعجع؟
لكن قناة OTV كشفت بأن ولادة الحكومة يمكن ان تحصل في اي لحظة ولا يمكن لوزير ان يعطل التشكيل خصوصاً ان سلسلة عروض قدمت له.
 الانظار تبقى متجهة الى ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الموضوع الحكومي والمونة على الحلفاء، لكن ليس على حسابهم.
رغم هذه الاجواء فان الحكومة ستتألف قبل الأعياد في ظل توافق الجميع على تقديم التنازلات.

 مصادر المستقبل 

مصادر في تيار المستقبل قالت ان اللقاء بين الحريري وفرنجيه سادته اجواء أفضل مما كانت في السابق وهي ستساعد على الحل في تشكيل الحكومة ولكنها أشارت الى ان الأمر بحاجة للمزيد من الاتصالات ولا سيما مع الرئيس نبيه بري وسيتولى الحريري هذا الامر، وكشفت المصادر ان فرنجيه لم يعلن التخلي عن مطالبه ولا سيما لجهة انه يريد حقيبة من ثلاث: الاتصالات او الاشغال او الطاقة ولكنه أكد ان المبدأ هو اهم من الحقيبة وانه لا يريد احد ان يحجمه او ان يؤدبه.
الاجواء الايجابية كانت بدأت بلقاء وزير الخارجية جبران باسيل بمسؤول لجنة الارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا، وجرى عرض لكل التفاصيل الحكومية، واستتبع اللقاء ببيان ايجابي عن القصر الجمهوري تضمن كلاماً «ابويا» للرئيس عون ودعوة الجميع لزيارة بعبدا وطرح هواجسهم. وكان المقصود في البيان النائب سليمان فرنجيه وثم صدر كلام ايجابي عن الرئيس نبيه بري وامله بتشكيل الحكومة قريبا، ثم جاءت نصيحة النائب وليد جنبلاط للوزير جبران باسيل خلال العشاء بينهما عن تشكيل الحكومة قريباً ودعوته لتدوير الزوايا، ثم جاء كلام الوزير باسيل الايجابي بعد اجتماع تكتل الاصلاح والتغيير ورد عليه بري بكلام ايجابي، وجاء كلام الدكتور سمير جعجع بعد زيارته الاولى للرئيس عون الى قصر بعبدا. يضاف الى ذلك كلام الرئيس المكلف عن مبادرة سيقوم بها ترجمت في زيارة النائب سليمان فرنجيه الى بيت الوسط.
هذه الاجواء الايجابية تشير الى نضوج الطبخة الحكومية الا اذا ظهرت مفاجأة سلبية في الاتصالات الاخيرة وهذا امر مستبعد. واشارت معلومات ان الحكومة ستضم 24 وزيراً ومعظم  الاسماء وردت في المسودة الحكومية التي قدمها الرئيس الحريري للرئيس عون ورفضها، فيما اكدت معلومات اخرى وقريبة من الثنائي الشيعي دعمها لحكومة موسعة من 30 وزيراً تضم القومي وارسلان والبعث والكتائب وسنة 8 اذار وهذا ما يعطي الثنائي الشيعي الثلث الضامن، لكن هذه الامور لم تحسم بعد لكنها ليست عقدة اذا تم حل موضوع فرنجيه.

 زيارة مفتي سوريا الى عون والراعي 

شكلت زيارة مفتي سوريا احمد بدر الدين حسون يرافقه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الى القصر الجمهوري لتهنئة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون محطة بارزة حيث نقل تحيات الرئيس الاسد للعماد عون وقد شكلت هذه الزيارة دعماً اضافيا سورياً للعهد بعد زيارة ممثل الرئيس الاسد منصور عزام الى القصر الجمهوري، وكان البارز ايضا زيارة المفتي حسون للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وتخلل اللقاء تبادل الهدايا وكلاماً ودياً، وهي اول زيارة لمسؤول سوري الى بكركي منذ الخروج السوري من لبنان.

 قطع مداخل العاصمة اليوم 

الى ذلك يشهد لبنان اليوم اضرابا شاملا لقطاع النقل البري سيؤدي الى قطع شامل لمداخل العاصمة من كل الاتجاهات منذ الساعة السادسة والنصف صباحا، كذلك سيقطع اصحاب الفانات الطرقات الرئيسية في كل لبنان وسيعملون على تعطيل الحياة عبر مسيرات لالاف فانات النقل، علما ان قطاع النقل البري كان تمنى على وزارة التربية تعطيل المدارس والجامعات لان الفانات ستمتنع عن نقل الطلاب بالاضافة الى ان قطع الطرقات لن يسمح للطلاب وللموظفين بالوصول الى أعمالهم. وقد بذلت جهوداً سياسية لالغاء الاضراب لكنها فشلت، علماً ان قطاع النقل يطالب بعودة المعاينة الميكانيكية الى الدولة والغاء التزام الشركة الخاصة، فيما اماكن المعاينة الميكانيكية مقفلة منذ شهر، وقد أكد رئيس قطاع النقل بسام طليس المسؤول في حركة أمل على استمرار الاضراب، فيما تؤكد اوساط التيار الوطني الحر ان الاضراب سياسي بامتياز وهدفه عرقلة المسار الايجابي الذي ساد البلاد بعد انتخاب العماد ميشال عون. وان عملية قطع الطرقات ستعطي صورة سلبية قبل الاعياد وستعطل مصالح المواطنين، وهناك من يصف ما يجري بأنه حرب غير مباشرة بين الرئيس عون والرئيس نبيه بري.

 

الجمهورية :

ما زالت الإيجابيات هي الطاغية على خط التأليف الحكومي، الّا أنها إيجابيات لكن مع وقف التنفيذ، على رغم الحراك الملحوظ على أكثر من خط، فيما الانجاز النوعي كان في الميدان العسكري حيث تمكن الجيش من القبض على خلية بقاعصفرين الارهابية، في عملية نوعية كان لها الأثر المريح محلياً وخارجياً.

اذا كانت المقرّات الرئاسية توحي بأنّ حركة الاتصالات الجارية ستتولّد عنها بركة حكومية في المدى المنظور، الا انّ أيّاً من المراجع الرئاسية، وإن كانت تقارب ملف التأليف بلغة ترفع منسوب التفاؤل، استطاعت ان تجازف بتحديد موعد معيّن للولادة الحكومية، بل اكتفت بالأمل في ان تتم هذه الولادة قبل الاعياد.

الّا انّ ذلك يبقى رهناً بنجاح ما وُصفت بأنها محاولة جديّة لتذليل «آخر العقد» الماثلة في طريق التأليف، على حدّ ما يقول عاملون في مطبخ التأليف، الذين لم ينفوا او يؤكدوا ان يكون المقصود بـ«آخر العقد» حصة النائب سليمان فرنجية ونوعية الحقيبة التي ستسند الى تيار «المردة».

مصر على الخط

الأجواء توحي في ظاهرها انها تحمل بعض البشائر الشكلية على خط التأليف، كما تعكس اهتماما خارجيا لافتا بانطلاقة حكومية سريعة، وهو ما اكدته مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، التي تحدثت عن دخول مصري متجدد على الخط الحكومي، تجَلّى بورود توجيهات مصرية الى طاقمها الديبلوماسي العامل في لبنان بضرورة التحرك تأكيداً لدورها المتجدد في لبنان.
.
وفي هذا الاطار اجتمع سفير مصر في لبنان نزيه النجاري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك مع الرئيس المكلف سعد الحريري وفريقه المشارك في التأليف بعيداً من الاضواء، كما اجرى اتصالات في هذا الشأن بالنائب وليد جنبلاط وبالوزير جبران باسيل. لكن هذه الاتصالات توصّلت الى إيجابيات نظرية، ولكن ما زالت تنقصها الترجمة على ارض الواقع.

لا دخان أبيض

الى ذلك، وعلى رغم الايجابيات الشكلية، فإنّ تفاصيل حركة الاتصالات الجارية لم تظهر الى العلن اي دخان ابيض على اي تفصيل، سواء حول العلاقة بين بعبدا وبنشعي التي لا يبدو أنها تأثرت بالبيان الرئاسي الأخير، او حول حسم حصة «القوات اللبنانية» وحجم الحقائب ونوعيتها، في ظل كلام ترَدّد في الساعات الاخيرة عن إعادة خلط الحقائب من جديد، او حول شكل الحكومة وما اذا كانت ثلاثينية توسّع هامش المشاركة، وتضيّق مساحة الاختلاف. علماً انّ الصيغة الحكومية ما زالت محكومة بتأكيد رئاسي على تشكيلة من 24 وزيراً.

الحريري - فرنجية

ويندرج في هذا السياق اللقاء المسائي الذي عقد ليل أمس في «بيت الوسط»، بين الحريري وفرنجية بحضور الوزير روني عريجي، والدكتور غطاس خوري ونادر الحريري. وبحسب المكتب الإعلامي للحريري فإنّ البحث تناول آخر المستجدات والمشاورات والمساعي المبذولة لتشكيل الحكومة. وتخلل اللقاء مأدبة عشاء.

وفي تصريح له بعد اللقاء، قال فرنجية إنه جرى تبادل الآراء مع الرئيس الحريري، مشيراً الى أنّ «الحريري يعرف أننا لا نتمنى له إلّا الخير وأن تشكّل الحكومة قريباً».

وشدّد على أنّ «الحريري يتفهّم موقفنا ولا يقبل أن يتمّ الانتقاص من حقنا أو من حق أيّ فريق في البلد»، موضحاً أنّ «البعض يضعنا في موضع أننا نحن الذين نعطّل، ولكننا ولا يوم أردنا التعطيل، والتعطيل يتحمّل مسؤوليته الفريقان». وأكد «اننا والحريري متفاهمان، وطرحنا خريطة طريق والأمور يمكن أن تذهب نحو خواتيم سعيدة قبل الاعياد»، مشدداً على «اننا نريد حقيبة أساسية، والحريري تفهّم موقفنا ونشكره على ذلك».

أضاف فرنجية: «أنا متفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما مع الحريري»، لافتاً الى أنّ «الموضوع موضوع مبدأ ولا يتعلّق بالحقائب والتفاصيل الصغيرة».

وأشار الى «أننا وقفنا مع حلفائنا ضد أنفسنا. وإنّ حلفاءنا اليوم يقفون معنا بمطلب محقّ»، معتبراً أنّ «البعض يرفض مطالبنا من منطلق التحجيم، ولكن لا أحد يستطيع أن يحجّمنا».

عون – جعجع

في غضون ذلك، زار رئيس حزب «القوات» بعبدا والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وأبدى جعجع تفاؤله، متمنياً ان تشكّل الحكومة قبل الاعياد، واعتبر «انّ الامور بدأت تأخذ مسارها الطبيعي الفعلي والحقيقي الذي سيوصِل الى نتيجة».

وكشفت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» أنّ اللقاء كان ودياً للغاية، وخرج جعجع من الجلسة بارتياح تام، حيث أنّ التفاهم شمل كل الملفات التي تمّ التطرق إليها والتي يمكن وضعها في سياقين: اليوميات السياسية المتصلة بالحكومة وقانون الانتخاب وغيرهما، والسياق الآخر المتصل بالجانب المعمّق الذي فَضّل جعجع عدم التطرق إلى تفاصيله تاركاً للأيام كشفه وتبيانه وإظهاره.

وأشارت المصادر الى انّ جعجع لمس تفاؤلاً كبيراً حيال الموضوع الحكومي لدى عون الذي يعوّل على المساعي التي يتولاها «حزب الله» لتذليل العقبات، ويتوقع أن تثمر بتحقيق اختراق في نهاية الأسبوع.

اضافت المصادر: وفي حين لم يتمّ التطرق إلى مسألة الحقائب، شدد عون على رفض الدخول في أي مساومات ترتدّ سلباً على موقع رئاسة الجمهورية وهيبتها ودورها، فيما التنسيق هو على قدم وساق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري.

وقد لمس جعجع أيضاً تمسّك عون بتطبيق الدستور واحترام المواقع الدستورية، ولكنه حريص كل الحرص على أن يمارس رئيس الجمهورية دوره انطلاقاً ممّا يمنحه إيّاه الدستور من صلاحيات.

وقالت المصادر إنّ النقاش تطرّق أيضاً إلى قانون الانتخاب، حيث أكد عون إصراره على إقرار قانون انتخاب جديد يعطي العهد اندفاعة قوية، وانه لن يقبل بتشويه صورة العهد من خلال الإبقاء على القانون الحالي.

قانون الانتخاب

وفي وقت جَدّد فيه بري الدعوة الى دفن قانون الستين، بالتوازي مع الاعلان المتكرر لـ«القوّات» و «التيار الوطني الحرّ» رفضهما العودة الى الستين، كان لافتاً في الساعات الماضية دخول مجلس المطارنة الموارنة على الخط الانتخابي والتأكيد على «ضرورة الابتعاد عن تمييع مطلب أساسي ورئيسي، هو قانون جديد للانتخاب يُنتظر أن تقدّمَه الحكومة الجديدة إلى المجلس النيابي لإقراره قبل فوات الأوان، ويكون ضامناً لِما يقتضيه التوافق الوطني، على قاعدة الميثاق، من مناصفة حقيقية تعكس خصوصية لبنان الفريدة، ويضمن حقّ المشاركة السياسية الفاعلة لجميع اللبنانيّين بلا استثناء، ويجدّد نسيج تمثيلهم تحت القبّة البرلمانية».

وأبدى المجلس قلقه «من تعثّر تشكيل الحكومة بسبب التجاذبات السياسية بين الأطراف، والتشبّث في المواقف والمطالب من مختلف الجهات. الأمر الذي يأتي على حساب المصلحة الوطنية العليا وخير اللبنانيين، ويعطّل ممارسة مهام السلطة الإجرائية فيما الاستحقاقات كثيرة وملحّة».

إنجاز أمني

من جهة ثانية، وعلى مسافة ايام قليلة من الاعتداء الارهابي على احد مراكز الجيش في منطقة بقاعصفرين – الضنية الذي أدى الى استشهاد الجندي عامر المحمد وإصابة الجندي عبد القادر نعمان، تمكن الجيش اللبناني من كشف المنفذين والقبض عليهم.

وفي معلومات «الجمهورية» انّ القبض على الارهابيين تمّ في عملية دقيقة أشرفت على تنفيذها قيادة الجيش مع مديرية المخابرات، ونفّذت بحرفية عالية حيث أُطبق على الارهابيين في غرف نومهم من دون أن تتاح لهم فرصة المقاومة، وسيقوا الى مديرية المخابرات حيث بوشر التحقيق معهم.

التحضير للإنجاز

وبحسب المعلومات كما لخّصها مصدر أمني، فإنّ العملية الارهابية التي استهدفت مركز الجيش في بقاعصفرين ليل الاحد الماضي، أدخلت المؤسسة العسكرية في حال استنفار قصوى بهدف معرفة الجناة، وإلقاء القبض عليهم في أسرع وقت ممكن، إذ انّ هذا الأمر هو بمثابة تحد كبير للمؤسسة العسكرية ولا يمكن السكوت عليه أو التأخير في إماطة اللثام عن المنفذين وكل الملابسات التي تحيط بالهجوم الارهابي على حاجز الجيش.

إذ كلما تأخر ذلك فإنّ من شأنه ان يرفع معنويات الارهابيين ويجعلهم يسترخون ويشعرون بأنهم حققوا هدفهم ووجهوا ضربة معنوية كبيرة، ليس فقط باستهداف الجنود بل للمؤسسة العسكرية كلها. ومن هنا كان القرار الحازم على مستوى قيادة الجيش ومديرية المخابرات بضرورة التعجيل في الرد على الهجوم وإلقاء القبض على الارهابيين.

وفي هذا السبيل، يضيف المصدر الامني، تكثّف الجهد الامني والرصد والاستخبار وتقاطع المعطيات في أكثر من اتجاه، حتى تمكنت مخابرات الجيش من الوصول الى خيوط تدلّ على الفاعلين، وعلى الجهة التي ينتمون اليها. وبالفعل عملت المخابرات على تجميع الخيوط الى ان تكوّنت لها الصورة كاملة وتمكنت من الوصول الى هويات الجناة، ومن تحديد أماكن تواجدهم.

وتشير المعلومات الى انّ الساعات الاربع والعشرين السابقة لتنفيذ العملية كانت حاسمة في اتجاه التنفيذ، وبالفعل عقد اجتماع عسكري بإشراف قيادة الجيش وبمشاركة مديرية المخابرات، ووضعت خطة محكمة، أعطيت فيها التعليمات للقوة العسكرية المنفذة بضرورة القيام بعملية نظيفة وناجحة مئة في المئة، خصوصاً انّ هذا العمل الارهابي الذي تعرّض له مركز الجيش في بقاعصفرين قد يكون مقدمة لأعمال إرهابية أخطر، وبالتالي من الضروري أن يُساق الارهابيون الى التحقيق لكشف مخططهم.

وبناء على هذا الاجتماع، تمّ تحديد ساعة الصفر لتنفيذ العملية، وتمّ توزيع القوى العسكرية المنفذة بحسب توزيع أماكن الارهابيين، اي في ثلاثة منازل داخل بلدة بقاعصفرين، حيث أسندت لكل منها مهمة اقتحام واحد من المنازل الثلاثة وفي وقت واحد، اي في ساعة الصفر التي تحددت في الرابعة والربع فجر الاربعاء، وذلك حتى لا يعطى للارهابيين إمكانية المقاومة او الفرار. فيما تولّت دورية كبيرة مؤازرة القوى العسكرية عبر فرض طوق على البلدة وعند مداخلها.

وبالفعل، إقتحمت القوى العسكرية الثلاث هذه المنازل في عملية ثلاثية استغرقت دقائق قليلة، وقبضت على كل من ابراهيم وردة، ادهم نايف، زكريا شبيب وهلال شبيب، وجميعهم لبنانيون من بلدة بقاعصفرين.

وتمّ سوقهم الى مديرية التحقيق وبوشر التحقيق معهم. حيث تبيّن من اعترافاتهم انّ الارهابيين كانوا معاً لحظة تنفيذ الهجوم على مركز الجيش ومزوّدين برشاشين حربيين من نوع كلاشينكوف، وانّ مطلق النار على عناصر الحاجز العسكري هو ابراهيم وردة.

فيما لم يستخدم الرشاش الثاني في إطلاق النار... فوجىء المحققون بسرعة انهيار الارهابيين وتبيّن من اعترافاتهم بأنهم ينتمون الى تنظيم «داعش» الارهابي، ويشكلون خلية نائمة وجاهزة غب الطلب لتنفيذ عمليات ارهابية، علماً انّ أفرادها كانت لهم أدوار ضد عناصر الجيش في المنطقة.

وبحسب المعلومات، فإنّ الارهابيين لم يعترفوا بعد بارتباطهم بأي خلية اخرى، بل أبلغوا في افاداتهم انهم هم وحدهم يشكلون خلية لـ«داعش»، تلقّوا أمر تنفيذ العملية من مشغّليهم في الرقّة، حيث تلقّوا من امير «داعش» هناك تعليمات بتنفيذ هجوم على اي موقع عسكري للجيش اللبناني وإيقاع اكبر عدد من القتلى في صفوفه، وذلك بقصد إعادة نقل اجواء التوتير الامني الى لبنان وإشغال الجيش اللبناني انطلاقاً من الشمال.

على انّ ما أثار ريبة المحققين هو انّ اعترافات الارهابيين جاءت متطابقة ايضاً لناحية نَفيهم اي صلة بينهم وبين اي خلية ارهابية اخرى، وهو امر لا يصدقه المحققون، وبالتالي يركز التحقيق حالياً في هذا الاتجاه.

مرجع أمني

وقال مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية»: انّ إنجاز الجيش بإلقاء القبض على الارهابيين، اكّد مرة جديدة انّ عين الجيش ساهرة، وانه لا يمكن ان يسمح بتمادي الارهابيين ومحاولة زرع فتائل التوتير والفتنة في لبنان.

وما عملية الأمس سوى دليل على انّ المبادرة هي في يد الجيش، وانه يستطيع الوصول الى عمق أوكار الارهابيين والقبض عليهم، على غرار العملية النوعية بإلقاء القبض على الارهابي عماد ياسين في مخيم عين الحلوة وكذلك العملية الكبرى التي نفذها الجيش أواخر الشهر الماضي، وتمكن خلالها من اصطياد 11 ارهابياً بينهم امير «داعش» في عرسال أحمد يوسف أمون الذي يُعدّ من اخطر الارهابيين.

وبحسب المرجع، فإنّ عملية الأمس تثبت انّ الجيش، وبالانجازات التي يحققها، قد أرهب الارهابيين، بحيث لم تعد المبادرة في ايديهم، بل نقلنا المعركة الى أوكارهم.

ولن يسمح لهم الجيش في ان يأخذوا زمام المبادرة مجدداً او يحاولوا نقل المعركة إلينا، واستهداف الوحدات العسكرية وحواجزها وأماكن تواجدها. وبالتالي، عملية الأمس هي رسالة جديدة للإرهابيين بأنّ الجيش لهم بالمرصاد، وانّ في يده تحديد زمان المعركة ومكانها حتى في عمق أوكارهم لضربهم واصطيادهم.

الجدير بالذكر انّ قيادة الجيش ومديرية المخابرات تلقّتا أمس اتصالات تهنئة من العديد من الملحقين العسكريين الأجانب، على الإنجاز النوعي الذي حققه الجيش بالقبض على إرهابيي بقاعصفرين المُعتدين على الجيش، في فترة زمنية قياسية.

وكانت قيادة الجيش قد أصدرت البيان الآتي: «بنتيجة البحث والتقصّي ومتابعة حادث الاعتداء على حاجز الجيش في محلة بقاعصفرين – الضنية بتاريخ 4/12/2016، والذي أدّى إلى استشهاد أحد العسكريين وإصابة آخر بجروح، تمكنت قوّة من مديرية المخابرات ووحدات الجيش المنتشرة في المنطقة فجر اليوم (أمس) بعد تنفيذها عمليات دهم واسعة من توقيف جميع منفذي الاعتداء وهم: (أ.و)، ( أ.ن)، (ز.ش)، (ب.ش)، كما ضبطت في الأحراج المجاورة الأسلحة الحربية المستعملة في الاعتداء المذكور. تمّ تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللازم».

 

 

اللواء :

ورشة الحوار التي أَطلقها «لقاء الجمهورية» في مؤتمر «تحصين وثيقة الوفاق الوطني ومناقشة الثغرات الدستورية»، شكّلت نافذة ضوء في هذا الظلام المدلهم، وأكدت أهمية الصيغة اللبنانية، أسساً ومبادئ، والحاجة الدائمة إلى تعزيزها وتحصينها، وتنقيتها من شوائب الممارسات السياسية الاستنسابية والمغرضة.
الإعداد لهذا المؤتمر الوطني بامتياز، بدأ إبان ذروة التداعيات السياسية والدستورية الناتجة عن الشغور المتمادي في رئاسة الجمهورية، والإشكالات المتعاقبة التي أثارتها التفسيرات المتناقضة لبعض المواد الواردة في الدستور، حيث ركّز بعضها على تبرير أساليب التعطيل للانتخابات الرئاسية عبر مقاطعة جلسات الانتخاب، وما لحق بهذه الأساليب من مضاعفات أدّت إلى تعطيل السلطة التشريعية، وإقفال أبواب مجلس النواب، كما نجحت في تعطيل السلطة الإجرائية، وتعليق جلسات مجلس الوزراء أكثر من مرّة.
وجاءت التطورات الأخيرة التي أنهت الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لتؤكد مدى الحاجة الوطنية الواعية لتحصين وثيقة الوفاق الوطني، واستطلاع إمكانية معالجة الثغرات الدستورية، بعيداً عن حساسيات تنازع الصلاحيات، وفي إطار توضيح المسؤوليات والواجبات، على خلفية الفصل بين السلطات، وتفادياً لتكرار الأزمات السياسية والخضات الدستورية على الساحة الوطنية.
* * *
لقد حرص الرئيس ميشال سليمان على التحضير للمؤتمر، ومتابعة تفاصيل المحاور المطروحة للنقاش، بعناية ودقة بالغتين، لإبعاد «شبهة التعديلات» عن مناقشات الثغرات الدستورية، ولاستبعاد كل محاولات الترويج لعقد «مؤتمر تأسيسي» جديد، وسعي البعض لطي مرحلة الطائف، على اعتبار أن المطلوب هو تصحيح الممارسات السياسية الخرقاء، بتطبيق الدستور نصاً وروحاً، والعمل على سدّ بعض الثغرات التي أظهرتها تجارب الحُكم في السنوات الأخيرة، والتي يمكن تصويبها من دون الذهاب إلى «مؤتمر تأسيسي» هو أشبه بقفزة في المجهول، في ظل الظروف المحلية والإقليمية المتشابكة.
ورسمت كلمات الرؤساء أمين الجميل ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، الخطوط الوطنية لورشة الحوار التي أطلقها «لقاء الجمهورية»، حيث التقى الجميع على ضرورة التمسك بوثيقة الوفاق الوطني، ومعارضة الدعوة لمؤتمر تأسيسي جديد، والتأكيد على أهمية حماية مشروع الدولة من خلال التطبيق الصحيح والسليم لبنود الدستور، من دون استنسابية أو تشويه.
أما التوصيات التي خلصت إليها ورش العمل الثلاث، والتي شاركت فيها ثمانون شخصية من وزراء ونواب حاليين وسابقين، وخبراء دستوريين وأكاديميين، وفاعليات من المجتمع المدني، فيمكن أن تشكّل ورقة عمل لحوار وطني فاعل، سواء في إطار مجلس النواب، أو في حال استئناف جلسات طاولة الحوار في بعبدا، بهدف معالجة بعض الثغرات الدستورية، وتحصين وثيقة الوفاق الوطني، بما يُعزّز صيغة «الوطن - الرسالة» المرشحة أن تصبح نموذجاً لإطفاء نيران الحروب المستعرة، والعودة إلى مفاوضات الحل السياسي... عندما تحين ساعتها طبعاً!