تجربة جديدة في حياة الأحزاب السياسية في لبنان استطاع تيار المستقبل أن يكرسها في مؤتمره العام كمشهد ديمقراطي وحضاري، إلا أن العبرة في التطبيق والإنجازات القادمة
 

انتهى المؤتمر العام الثاني للمستقبل يوم أمس إلى التجديد للرئيس سعد الحريري برئاسة التيار وللأمين العام الحالي أحمد الحريري بولاية جديد .
وقد استطاع تيار المستقبل على مدى يومين متتاليين وشهور عدة من التحضير والمتابعة إلى إنجاز استحقاق ديمقراطي نوعي على صعيد العمل الحزبي في لبنان .
يوم انتخابي طويل في مجمع البيال والذي تخللته جلسات متتالية ناقشت التوجهات والتقارير والوثائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتيار بمشاركة أكثر من 2400 عضو ناخب و400 عضو مراقب، وقد جرى الإعلان مساءً عن نتائج الفائزين في عضوية المكتب السياسي الجديد للتيار (20 منتخبين و12 معينين) وسط مشاركة فاعلة للعنصرين النسائي والشبابي.
تجربة جديدة أرادها الرئيس الحريري أن تكون بمثابة ضخ الدم الجديد في أوردة التيار وإعادة إطلاقه. فتحول مركز بيال للمعارض إلى خلية نحل، دفعت بالرئيس والأمين العام إلى اعتبار أن ما يجري سابقة في تاريخ الأحزاب اللبنانية من حيث الشكل والمضمون والالتزام بمبادئ الديمقراطية الحزبية.
وقد أصرّ الرئيس الحريري على رفع أعضاء المكتب السياسي، إلى 32 عضواً، 20 انتخاباً و12 يعينهم الرئيس وأراد الغلبة بينهم لفئة الشباب، وعليه، فقد شارك في عملية الانتخاب 2400 عضو، وبحضور 400 مراقب. وقد فاز من أصل 85 مرشحاً: أحمد الحريري، مصطفى علوش، وسام شبلي، أمل شعبان، جورج بكاسيني، سامر حدارة، زياد ضاهر، محمد جميل قمبريس، عبد الستار أيوبي، محمد كجك، محمد شومان، وسام ترشيشي، منير الحافي، فادي سعد، نوال مدللي، نزيه خياط، ربيع حسونة، حسن درغام، محمد صالح وعامر حلواني.
وعيّن الرئيس الحريري 12 عضواً في المكتب السياسي، بعدما رفع الرقم من 10 وفق النظام الداخلي للتيار، وهم: ميشلين أبي سمرا، ربى دالاتي، شذا الأسعد، ميرنا منيمنة، روبينا أبو زينب، طارق مرعبي، طارق فهد الحجيري، رفعت سعد، معتز زريقة، بشار شبارو، راشد فايد وهيثم مبيض.
كذلك، عين الحريري كل من باسم السبع، ريا الحسن، سمير ضومط، نوابا للرئيس، والنائب جمال الجراح ممثلاً للتيار في كتلة المستقبل النيابية. فيما فاز المحامي محمد المراد بمركز أمين سر هيئة الإشراف والرقابة في التيار بالتزكية.
ولوحظ خلال المؤتمر اتساع رقعة المناقشات وبروز وجهات نظر مختلفة بين الكوادر والحضور ما اعتبره الرئيس الحريري دليل عافية وليس دليل ضعف .
وفي السياق أيضا لوحظ خلال المؤتمر وجود انتقادات واسعة لمسؤولي المستقبل السابقين في المناطق لجهة حرمان هذه المناطق و تهميشها، وهناك من ذهب أكثر من ذلك مسجلاً اعتراضه على النمط السياسي الذي يعتمده التيار، بمعنى أن الجمهور الذي كان يتوقع من القيادة أموراً عديدة على المستوى السياسي، لم يجد منها شيئاً تحقق، بل كان دائماً يواجه التنازلات التي ولّدت الإحباط لديه، لكن ردود الحريري كانت سريعة بأن البلد أهم من أي موقف سياسي، كما أن هناك من أبدى رفضه للتسوية الرئاسية الأخيرة وللحوار مع حزب الله.
كما لفت أيضا الهجوم الذي تعرّض له أعضاء كتلة المستقبل النيابية من عدد كبير من الأعضاء والكوادر، أولاً لغياب بعضهم عن متابعة شؤون الناس، وثانياً بسبب التفاوت في الوجهة السياسية الذي ظهر في مرحلة ما قبل إنجاز التسوية الرئاسية، إذ ظهرت الكتلة في مكان ورئيس التيار في مكان آخر. وهذا ما أفرز نواباً معترضين على انتخاب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وما دفع الرئيس فؤاد السنيورة إلى التدخل واعتبار أن ما يجري هو ضمن سياسة الأمر الواقع، فيما اعتبر النائب أحمد فتفت أنه لا يجوز التعاطي مع أعضاء الكتلة بهذا الشكل، لأن الظروف التي يمر بها التيار ولبنان دقيقة. وهذا ما دفع بعضو المكتب السياسي جورج بكاسيني إلى الرد عليهما، بوجوب فسح المجال أمام جميع الأعضاء للتعبير عن آرائهم وإن لم تكن تتوافق مع آراء أعضاء الكتلة.
وقد بدت تجربة المستقبل هذه تجربة جديدة على صعيد الأحزاب اللبنانية، وقد وضعت التيار  من جديد أمام تجربة ومسؤولية لمواكبة الحياة السياسية في لبنان بتشعباتها وتناقضاتها فهل سيكون المستقبل الجديد على مستوى التحدي .