لم يَعُد لِأعصابي من المتانة ما يكفي لأصيغَ بيانًا أو أكتب مقالًا أو أوجّه نداءً. لقد انهارت الأعصاب كما انهار الأمن وضاعت كما ضاع الأمان والاستقرار في تلك المنطقة التي أُقيمُ فيها وتقع في الشمال الشرقي لمدينة الشمس بعلبك وتحمل اسم، وكما جاء في الأسطورة، "الشر و انة".
يُطلَق عليها اصطلاحًا الشراونة ويقطنها مجموعة من العشائر والعائلات التي هاجرت إليها من بعض قرى وبلدات منطقة بعلبك الهرمل ك " زعيتر وجعفر والحاج حسن ونون و وهبي ومدلج وغيرها واستوطنت فيها منذ عشرات السنوات إضافةً إلى العائلات البعلبكية المقيمة فيها أساسًا منذ مئات السنين. "
تخضع هذه المنطقة ومنذ ما يقارب العقد من الزمن لنظام الأمن الذاتي، بحيث تضطر كل عائلة من العائلات المقيمة فيها، وربما كل فرد في بعض الأحيان، لحماية نفسه وبيته وأفراد أسرته وأرزاقه ومصالحه بوسائله الخاصة عند حدوث أي مشكلة أو اعتداء قد يهدد أمنه، فيضطر إلى اقتناء السلاح الفردي والخفيف والمتوسط والقذائف لاستخدامها عندما تقتضي الضرورة الناتجة وفي غالب الأحيان عن إشكال فردي تافه بين مراهقين من عائلتين مختلفتين سرعان ما يتحول إلى معركة حقيقية بين العائلتين قد تستمر لساعات، فيُستخدم فيها ما يتوفر من أسلحة وذخائر وقذائف صاروخية بعد أن تدقّ كل عائلة النفير العام وإطلاق صيحات التهليل ونداءات التكبير: هيا إلى الجهاد وهيا إلى الكفاح. فيما القوى الأمنية الشرعية والتي من المفترض أن تكون مولجة لحفظ الأمن تقتصر مهمتها على الفصل بين الجيوش المتحاربة بعد انتهاء المعركة ووقف إطلاق النار دون أن تمتلك صلاحية إلقاء القبض على المخلّين بالأمن والمعتدين والمسبّبين لهذه التجاوزات الأمنية، والتي قد تتسبّب غالبًا بوقوع ضحايا من خارج العائلات المتنازعة نتيجة الرصاص الطائش المتطاير فوق رؤوس الناس القاطنة في أماكن بعيدة نسبيًا عن ميدان المعركة. 
مع الإشارة إلى أن حواجز الجيش تتواجد بكثافة في المنطقة إضافة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية التي يستخدمها الجيش ضمن مساحة جغرافية، وهي لا تتعدى بضع كيلومترات مربعة، ما يعني أن القيادات الأمنية والعسكرية ليست مخوّلة من التدخل الفوري لمنع أي إشكال قد يحصل للحد من تطوراته وملاحقة المتسببين به ودون أن تتحرك الضابطة العدلية والنيابة العامة لإلقاء القبض على المخلّين. 
وواقعيا فإنّ الجيش ليس عاجزًا عن تطبيق القانون وفرض الأمن والاستقرار، ولكنه بحاجة إلى قرار سياسي تحتكره السلطة السياسية الممسوكة من قوى الأمر الواقع التي يأتي في مقدمتها الثنائية الشيعية حزب الله وحركة أمل؛ التنظيمين اللذين يجدان في المنطقة المذكورة خير حاضنة لهما. 
والناس فيها أكثر مطواعية لقراراتهما السياسية وأكثر دعمًا ووقوفًا وتأييدًا للمقاومة. وبالتالي فإن الجيش ليس قاصرًا عن الإمساك بالأمن وإلقاء القبض على هذه الثلّة الخارجة عن الانتظام العام والمسببة لزعزعة الاستقرار والأمن، وما ينتج عن ذلك من هلع وخوف لدى السكان يؤدي في كثير من الحالات إلى انهيارات عصبية تستدعي نقل الكثيرين إلى المستشفيات والمصحات. 
هذا غير المدمنين على أدوية الأعصاب والذين وقعوا أسرى أمراض القنوط واليأس من تردّي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية دون أن يلوح في الأفق ما يبشّر بحلولٍ لهذه المعضلات. 
لذا أتوجه، وأنا نموذج للناس المقيمين في هذه المنطقة المنكوبة، إلى الدولة بكافة أجهزتها الأمنية والعسكرية والقضائية المعنية وإلى أصحاب الباع الطويل والقرار الفاعل والمؤثّر من فاعليات وقوى سياسية وحزبية؛ رحمةً بسكّان هذه المنطقة من أطفال ونساء وشيوخ ومسنين ورجال ممن يعيشون حياتهم لحظة بلحظة ويتملّكهم خوفٌ دائم من مجهولٍ ينتظرهم، وهلع على مستقبل أجيالهم الصاعدة من الانحراف والوقوع ضحايا الإدمان على المخدرات، ورعب من القادم من الأيام والساعات. إكرامًا لدموع الأمهات والأطفال ومراعاةً لمشاعر الناس وتخفيفًا لآلامهم ومعاناتهم، أتوجه إلى الدولة والقائمين عليها طالبًا المبادرة للتحرك بما يمكن من السرعة لمعالجة مشكلة الفلتان الأمني بشكل ملحوظ وغير مسبوق. وذلك بتوفير الغطاء السياسي للأجهزة الأمنية والعسكرية وإعطائها الصلاحيات الكاملة التي تخوّلها القيام بوظيفتها وإنجاز مهمة إشاعة الأمان بملاحقة المخلِّين وإلقاء القبض عليهم وإعطاء الناس جرعة أمل للعيش باطمئنان وكرامة.