لعلّ أكثر المقولات جرأةً، والماثورة عن صاحب الماركسية، هي: "الدين أفيون الشعوب"، وقد انتُقد ماركس نقداً شديداً بسبب هذه المقولة، واعتُبر معادياً للأديان، أكثر ممّا هو مُعادٍ للرأسمالية، والتي هي مفتاح منظومته الفلسفية والاقتصادية والسياسية. وقد ظلّت هذه المقولة فجّة ومُستهجنة حتى وقتٍ قريب، ومع أفول المنظومة الاشتراكية من عالم اليوم: عالم المال والنفط والغاز والأنترنت والأسلحة الذكية وغزو الفضاء وتخريب الكرة الأرضية وتلويثها، تطفو على السطح مقولة ماركس هذه، وإلاّ كيف نُفسّر استمرار اللطميّات وجرح الرؤوس وقرع الظهور بالسلاسل بعد مضيّ قرنٍ من الزمان على وقوف المصلح الإسلامي الجليل السيد محسن الأمين ضدّ هذه البدع والمُنكرات، وضدّ الضّجيج والصّخب الذي يرافق ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي، حتى وُصف العلاّمة الأمين، مع عُلوّ مقامه وعلمه وأدبه، بأخسّ النعوت وأقبح الأوصاف؟ أو كيف يمكن لمجموعة"إسلامية جهادية" أن تدفع بأسراها إلى الذبح والحرق والتّفجير بأبشع الأساليب، وبالتصوير الإعلاني وإخراجه الملأ؟ أو كيف نُفسّر قدوم فتياتٍ من بلاد الفرنجة،بلاد الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة، يقدُمن من بلاد الإباحة للبحث عن مُتعٍ افتراضية مُتاحة تحت البرقع والحجاب؟! أو كيف يمكن لفنّانٍ موهوبٍ ومحبوب كفضل شاكر، والذي طالما زرع البسمة والفرحة على وجوه مُحبّيه، أن يلتحق بمجموعة "جهادية" تنشد العنف سبيلاً لتحقيق مطامحها؟ويمنعنا من الاسترسال الخوف من حزّ الرقبة. تُرى، يا ماركس، يا نصير العمّال والمقهورين والمستضعفين والبؤساء والمهمّشين والعاطلين عن العمل، والمُشرّدين في بلاد الله الواسعة: ماهو سرُّ المادة المُخدِّرة التي تسرّبت إلى أديان الله السماوية؟ ومن أوحى لك بهذه الفكرة؟ إن لم يكن ملاكاً سماوياً، ملاكُ رحمةٍ وهدايةٍ وتُقًى، فمن يكون؟ من يكون؟!