في الأساس لم يكن هناك من داع لا لعقد اجتماع لوزان يوم السبت، والذي كان مجرد ضحك على الذقون بين جون كيري وسيرغي لافروف، ولا لعقد اجتماع لندن يوم الأحد والذي عمّق الفشل الذريع الذي انتهى اليه لقاء لوزان.
لماذا؟
لأن القراءة في النتائج البائسة التي تمخض عنها اجتماع البيت الأبيض، بين باراك أوباما وفريقه للأمن القومي يوم الجمعة، كانت كافية للتأكيد ان الموقف الاميركي من التطورات في حلب لا يزال يراوح مكانه داخل دائرة ذرف الدموع على القتلى، الذين تقول واشنطن انهم من المدنيين والأطفال، وتكرر موسكو انهم من الإرهابيين والدواعش!
البيت الابيض نشر عرضاً لنتائج الاجتماع اكتفى بتكرار الإشارة الى ان الولايات المتحدة أوقفت المحادثات الثنائية مع روسيا في شأن التوصل الى اتفاق لوقف النار في سوريا، وان الرئيس الاميركي أصدر تعليمات الى فريقه بمواصلة المحادثات المتعددة الطرف مع الدول الرئيسة سعياً للتوصل الى حل ديبلوماسي للحرب الاهلية في سوريا.
عندما يصدر هذا البيان عن البيت الابيض بعد تهديدات كلامية سابقة من اوباما ووزير خارجيته كيري، عن اتجاه واشنطن الى التفكير في بدائل من الديبلوماسية، بما أوحى قبل اسبوعين بإمكان توجيه ضربات الى مواقع للنظام السوري، وهو ما استدعى تحذيراً روسياً فورياً من أن مثل هذا يمكن ان يزلزل المنطقة، فذلك يعني ان أوباما لحس كل ما يوحي بأي تغيير في الموقف الاميركي من التطورات العنيفة في سوريا.
لا تغيير قط وخصوصاً في حلب، التي من الواضح ان موسكو والنظام السوري يريدان حسم الوضع فيها تحديداً قبل وصول ادارة جديدة الى البيت الابيض، قد تكون أكثر ميلاً الى التدخل في مسار الأزمة السورية، التي يكرر كيري دائماً انها مأساة القرن، بينما يجدّد العالم انتقاده لسياسة التغاضي الأميركي التي ساهمت في إيصال الوضع الى هذا المستوى الكارثي.
استدعاء الدول الإقليمية الست [ السعودية ومصر وتركيا والعراق وإيران وقطر] لحضور اجتماع لوزان لم يغيّر شيئاً في الموقف الروسي، الذي يراوح عند عقدة دعوة أميركا الى الفصل بين "جبهة النصرة" والمعارضة المعتدلة، وهو أمر بات مستحيلاً في حين تدفع المذابح التي تنزل بالمدنيين والمقاتلين المعتدلين الى صفوف التطرف. ولهذا انتهى اجتماع لوزان الى كلام إنشائي فارغ عن "أفكار جديدة" تحتاج الى وقت لتوضيحها والتعمّق فيها. ثم جاء اجتماع لندن مباشرة الأحد ليبدأ بكلام إنشائي جاء على لسان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عندما دعا موسكو الى "إظهار الرأفة" في سوريا، في حين كرر كيري إتهام موسكو والنظام السوري بارتكاب جرائم ضد الانسانية في حلب، وانتهى الاجتماع بالتلويح بعقوبات اقتصادية على موسكو ودمشق، وهذا لن يوقف النار قطعاً.