أولاً: انتفاضة بكركي
هاهو البطريرك الراعي ينتفض إزاء ما وصلت إليه أمور الرئاسة الأولى المعطلة، فيصب جام غضبه على "سلّة" الأستاذ نبيه بري، في حين أنّ غبطة البطريرك بات يعلم علم اليقين أنّ الإصرار على تعطيل الدستور وتعطيل المجلس النيابي، وشلّ عمل الحكومة، هذه الأمور كلها وعلى بعضها، منافية للحياة السياسية السليمة، وانتظام عمل المؤسسات والاحتكام للدستور، فعندما يبقى البلد لأكثر من ثمانية وعشرين شهرا دون انتخاب رئيس، من أجل فرض الرئيس "المفروض" وتنصيبه بعد حذف المرشحين الآخرين وتعطيل العملية الديمقراطية، فمن الطبيعي أن يقف اللاعبون الآخرون مطالبين بحُصصهم، قادمين إلى "كرم السلطة" المباحة حاملين سلالهم الفارغة، صحيح أنّ الرئيس بري يطمع بسلّة ملآنة متكاملة، فهناك من يطمح إلى اختيار ما يحلو له من فاكهة السلطة، كاختيار منصب رئاسة الحكومة مثلاً، ويختار آخر بعض الثّمرات التي كانت محرّمة عليه، كوزارة الداخلية مثلا، وهكذا دواليك، ولعلّ من المفيد نصح الوزير المرشح سليمان فرنجية، إذا ما أُرغم على قبول تنصيب عون رئيسا، أن يطالب بأن توضع في "سلته" ورقة تنصيبه رئيساً عند أقرب الأجلين.
ثانياً: دعوة مُبطّنة لرفض رئاسة عون
يعلم غبطة البطريرك ، ونيافة المطارنة، أنّ وصول رئيس للجمهورية بطرُق غير ديمقراطية لا بدّ أن يرافق ذلك صفقات وترضيات والتزامات ووعود، وأنّ أول من يتوجّب "استمالته" هو الرئيس بري وتالياً الوزير وليد جنبلاط، وإذ يُسارع البطريرك إلى "فرملة" اندفاعة الحريري بتأييد عون رئيساً قادماً، فإنّما يُوجّه سهاماً صائبة وربما قاتلة ضد رئاسة عون، لا سيما بعد أن لاقت ترحيباً من القوات اللبنانية ومجلس المطارنة  وآخراً الوزير أشرف ريفي، وتصريح باسيل برفض وضع شروط على الرئيس قبل انتخابه، مراعاةً لجانب البطريرك والقوات الحليفة . 
وأمام هذه المستجدات لم يبق أمام السياسيين ، سوى التحلّي بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية، فيبادروا جميعاً للاحتكام للدستور، والكفّ عن التعطيل، ذلك أنّ التعطيل هو الذي "يُشرّع" رفع  السلال الفارغة فوق رأس الكرسي الفارغة.