مفاجيء كان تصعيد حزب الله وارتفاع سقف تمسكه بملف إيصال المرشح ميشال عون إلى قصر بعبدا، هذا ما بدا للوهلة الاولى من تصريحات نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم: " أن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ميشال عون هو الحلّ وأنّ الطريق نحو الرئاسة يمرّ عبر انتخابه" 
وبعده مباشرة جاءت تأكيدات رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وشرحه للبنانيين ضرورة انتخاب عون كونه الأفضل والأمثل لهذه المرحلة ، هذا الوضوح يأتي بعد فترة طويلة من الإكتفاء بالتلميح والإشارة من بعيد تحت مبرر عدم إحراج الجنرال ووضعه كمرشح صريح للحزب، باعتبار أن هذا يضر ولا يخدم وصوله إلى بعبدا. 
وفي هذا السياق نفسه كان واضحا أيضا، دخول الرئيس نبيه بري على خط الرئاسة وتحديد شروطها ورسم خارطة الطريق من أجل الوصول بها إلى نهايات سعيدة بغض النظر عن الأسماء، وخرج في الأيام الأخيرة عن تحفظاته ومراعاة حليفه بالإمتناع عن الإفصاح عن موقفه الحقيقي الرافض لرئاسة جنرال الرابية وصهره جملة وتفصيلا، وبدا هذا جليا بما نقله عنه نواب الاربعاء : " الطريق إلى الرئاسة يمر بتفاهمات وطنية وسياسية، ويجب عدم الدخول في متاهات للحفاظ على البلد " 
للوهلة الأولى قد يبدو أن هنالك تباينا كبيرا بين "طريق" نبيه بري و"طريق" نعيم قاسم، هذا إن لم نقل أن تصريحات الأول قد تبدو وكأنها جاءت كرد على الثاني، 
صحيح أن الجنرال ميشال عون ومعه التيار الوطني الحر لم يرتق إلى درجة الحليف مع نبيه بري وحركة أمل واستمر إلى اللحظة بمرتبة حليف الحليف فقط، إلا أن الصحيح أيضا بأن الرئيس بري كان على الدوام يتجرع مرارة هذه العلاقة ويضغط على جروحه المتأتية من الطعنات العونية مراعاة منه لمصالح حليفه الشيعي، على عكس ما نشهده في هذه الأيام .
فإذا ما أضفنا على المواقف الصريحة والمعلنة للرئيس بري، وما تحمله هذه المواقف من إقفال لطريق بعبدا أمام جنرال الرابية، ما شهدناه من تحركات نقابية لاتحادات النقل العام برئاسة بسام طليس المحسوب على الرئيس بري وإقفالهم كل الطرقات، وتأكيدهم على النزول إلى الشارع في نفس التوقيت الذي هيئ التيار العوني جمهوره للنزول بحيث يمكن اعتبار حركة طليس كخطوة استباقية للإلتفاف على برنامج التيار وتشليحه ورقة الشارع التي يلوح بها منذ فترة .
هذا المستجد في تصدي الرئيس بري لمواجهة التيار العوني، والعمل على إجهاض مقامراته التي لم تجلب على لبنان واللبنانين إلا المزيد من التأزم السياسي في هذه المرحلة والحروب العبثية في المراحل السابقة، يترافق ذلك مع سكوت ورضى ضمني من حزب الله فلا يمكن فهمه حينئذ إلا أنه يأتي بالتنسيق بين بري وحزب الله، وعليه فما تصريحات الشيخ قاسم ومحمد رعد إلا بمثابة قنابل دخانية تمهد لهجوم بري ليس إلا ، 
هجوم بري الذي يهدف بالدرجة الأولى لإخراج الحزب من أي إحراج عند الشارع العوني، فبعد أن نفذ صبر الجنرال أخيرا من مماطلة حزب الله كما ينقل عنه مقربون،والعمل من أجل زرك الحزب ومطالبته بمواقف عملية وعدم الإكتفاء بالدعم الكلامي، وقبيل الوصول إلى هذه المرحلة التي يتجنبها الحزب، لم يجد بدا إلا الإلتجاء إلى أهل الخبرة والقول للرئيس بري : خلّصنا من ورطة عون .