بدأ أفرقاء 8 آذار يهلّلون لقرب الاتفاق الاميركي - الروسي على انهاء الازمة السورية، كأن الاتفاق حصل، والازمة انتهت. علماً اننا نتمنى انتهاء الحرب السورية من أجل الناس المعذبين والذين يقتلون يومياً تحت وابل براميل المتفجرات التي يرميها النظام فوق رؤوسهم.
واذا كنا نعلم ان الحلول غالباً ما تأتي من الخارج، وهي اتفاقات مصالح بين الدول عرفناها وخبرناها بعد 15 سنة من التقاتل في حروب الآخرين على أرضنا، فاننا أدركنا جيداً ان وقف المدافع لا يعني انتهاء الحرب وعودة الامور الى مجاريها واستتباب الامن وعودة المؤسسات الى ممارسة عملها. الا اذا اراد البعض من المهللين نقل نفوذهم الميليشيوي الى الداخل السوري، والاتفاق مع بقايا النظام هناك على الافادة القصوى من كل الموارد، واقتناص الفرص وسرقة خيرات البلد كما هو حاصل عندنا، وكما حصل بعد انتهاء الحرب مع رموز سلطة الوصاية السورية على لبنان.
لكن المدافعين عن النظام السوري، والذين يفاخرون بمواجهة الهيمنة والمقاومة، مقاومة المحتل والمعتدي، لم يعلقوا على القرار الظني الذي صدر الجمعة في جريمة تفجير المسجدين في طرابلس، والذي اتهم صراحة ضابطين في المخابرات السورية بالعمل الاجرامي وبقتل مواطنيهم. وعبثاً يدعو هؤلاء الى محاسبة المرتكبين من دون ادانة النظام الذي يحركهم ويدفع بهم الى تلك الجرائم، لان الضابطين ليسا بمعزل عن مسؤوليهم واسيادهم. واكتفاء قيادات 8 آذار بالتنديد بالمرتكبين انما هو تغطية للحقيقة وتواطؤ ضمني، ويصير معه الاستنكار مجرد ترداد كلمات رفع عتب وبيانات انتخابية لا ترقى الى مستوى المسؤولية الوطنية. ان الحقيقة إما ان تكون واحدة وناصعة وإما ألا تكون، والرؤية اليها تكون واضحة جلية، او لا تكون. اما ممارسة النظر بعين واحدة فهو كمثل دفن النعامة رأسها في الرمال، لان الخطر يبقى قائماً، وهنا الحقيقة واضحة وضوح الشمس.