لا يمكن فهم العرض العسكري الاخير لـحزب الله الا من باب التحدي. تحدي الدولة ومؤسساتها. تحدي النظام العام.
 

وتحدي الأجهزة الامنية. قد يكون مشكوراً على مكافحته المخدرات، وحماية الشباب من هذه الآفة، لكنه لا يشكر على تقصد ضرب هيبة الدولة بعد اجتماع أمني موسع رأسه الرئيس ميشال عون وحضره رئيس الوزراء سعد الحريري في اليوم نفسه. وهو يشكر على مؤازرة القوى الامنية في هذه المهمة، لكنه لا يشكر على الاساءة اليها بتغييب دورها واظهارها مظهر العجز، العجز عن الضبط، والعجز عن مواجهة حركته.
ولا يبدو الامر غريباً على الحزب، ان في الامن، أو في السياسة. فتدخله العسكري في سوريا الى جانب النظام الاسدي، مهما وجد له من مبررات، يبقى تجاوزاً للسلطتين السياسية والامنية اللبنانيتين، اذ لم يتشاور الحزب مع أحد لدى تلبيته النداء الايراني، فأحرج حلفاءه قبل خصومه، والتقط هؤلاء الانفاس متأخرين للدفاع عن الخطوة بعد دفع من وراء الحدود.
أما خروج الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ليرسم معالم قانون الانتخاب الجديد، بعد اصراره الرئاسي، ودفتر شروطه الحكومي، فلا يفسر الا من باب "الامر لي"، وكلنا نذكر قول الشيخ نعيم قاسم "سننتظر الف عام لانتخاب العماد عون". ويتهم الشيخ نبيل قاووق الاخرين بما يفعله حزبه فيطالب بعدم جواز تعطيل صدور قانون للانتخاب، وفي الوقت عينه يرفض حزبه المشاريع المقدمة ويحدد دفتر شروطه للقانون الجديد وفق ما يراه الثنائي الشيعي دونما تقدير الحساسيات الطائفية والمذهبية والمناطقية، معتبرا ان لبنان دائرة واحدة هو الخيار الافضل ليفيد من التناقضات والانقسامات والتوزع الحغرافي لناخبي المذاهب الاخرى. كلها أمور تصب في مصلحة الحزب وهو يحاول ان يفرضها على الاخرين.
ربما لا تكمن المشكلة في الحزب، بل في الاخرين الذين ارتضوا ان يطيعوا ويرضخوا وينفذوا أوامر الوالي والباب العالي. العرض العسكري الاخير لا يخرج عن السياق ورسالته واضحة وقد بلغت من يعنيهم الامر، وخصوصاً المسؤولين الامنيين الجدد الذين ربما لم ينسقوا كفاية بعد مع مسؤولي الحزب.