أطلق أمس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي نداء باسم اللبنانيين جميعا، لان اللبناني الحق، الى أي مجموعة سياسية انتمى، لا بد ان ينشد الاصلاح وتفعيل مؤسسات الدولة بما يجنب البلاد الانهيار وسقوط السقف على رؤوس جميع من يقيمون على أرضها، والذين ما زالت تربطهم بها علاقات. قال الراعي: “يجب على المسؤولين في الحكومة ومجلس النواب وضع الاصبع على الجرح بشكل فعلي لا كلامي. فمن غير المقبول إطلاقاً التمادي في عدم البدء بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي الحريص على لبنان أكثر من السلطات السياسية فيه، الغارقة بكل أسف في نزاعاتها حول مصالحها وحساباتها وأرباحها. من غير المقبول عدم بت قضية الكهرباء وإيقاف الهدر المالي اليومي على كهرباء من دون كهرباء. من غير المقبول التلكؤ عن القرار الشجاع في إعادة النظر في القوانين الخاصة بأجور موظفين ومتقاعدين وخدمات تثقل الخزينة وتميل بها إلى الإفلاس. من غير المقبول عدم إنجاز موازنة 2019 وضبط نفقات الوزارات… هذه كلها خطايا ضد الشعب والدولة”.

وقد وضع البطريرك الاصبع على الجرح بدليل اهتمام المجتمع الدولي بتجنيب لبنان أي كارثة، ودفعه اللبنانيين الى خيارات أقل ما يقال فيها إنها صعبة وموجعة، دفعاً للخيارالاصعب بوضع البنك الدولي أو غيره من المنظمات الدولية أيديهم على الادارة اللبنانية الاقتصادية والمالية، والزام البلد كله الخيارات المرة التي تراعي الأرقام أكثر مما تراعي الانسان. ويؤكد هذا الاهتمام الدولي ما أعلنه الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس أمس من أن “تشكيل الحكومة في لبنان يفتح الفرصة أمام خطة الاستقرار”، وتحذيرات موفدي البنك الدولي الى لبنان الاسبوع الماضي.

لكن يبدو ان التشاور مع عدد كبير من المسؤولين لا يعدو كونه حوار طرشان، فالتعامل مع الازمة العميقة لا يقتصر على خطابات ومزايدات كلامية تزيد الطين بلة. لا تقشف في الادارات وعلى مستوى الرئاسات. ويكاد مسؤولون كثر يمضون أيامهم في الطائرات وصالونات الشرف المكلفة للخزينة. أما التراشق الكلامي والصراع على خطط ظاهرها اصلاحي، فلا تعيران اهتماماً لمجلس الوزراء الذي يملك حصرية القرار، وكأن كل فريق يحاول ان يكسب جولة في التغريدات وحشد مناصريه لتحقيق انتصارات وهمية على حساب مصلحة البلد. لا يدرك هؤلاء كم تؤثر تصريحاتهم سلباً على مناخ الاستثمار وعلى الجذب السياحي. مسؤولونا بمعظمهم ليسوا رجالات المرحلة التي تتطلب قدراً أكبر من المسؤولية والوطنية وقدراً أقل من الاستتباع والزبائنية السياسية.