لا ينتظر اللبنانيون من عهد الرئيس ميشال عون ان يدوّن في سجله أنه أنجز جسر جل الديب. والجسر تحت امتحان النجاح في تخفيف زحمة السير في المحلة. في نهاية الاسبوع، بدا لنا كأن البلد أنجز جسراً عظيماً يربط لبنان بقبرص. وأكد المتبارون في الاطلالات الاعلامية ان “فخامة الرئيس كان يتابع الاعمال لحظة بلحظة”. لا ذكر لوزارة الاشغال، أو مجلس الانماء والاعمار، في تناس متعمد لمؤسسات الدولة. لا نريد ان نقلل أهمية الجسر الذي يحقق رغبة كثيرين من أبناء المتن، لكننا لا نريد في الوقت عينه، ان ننظر الى العهد من زاوية جسر أو طريق.

ما شاهده اللبنانيون وما سمعوه في الايام الاخيرة من فريق العهد، يوضح بما لا لبس فيه، ان العهد ضائع في ما يطمح الى تحقيقه، فبدل أن يوفّر لـ”حكومة العهد الاولى” كل مقومات النجاح، تراه يحاصرها، وهي بعد جنين، ويغرقها في كم من المطالب والشروط التي جعلت ولادتها متعثرة وتحتاج الى حاضنة غير متوافرة كما يبدو.

الحكومة بتركيبتها الهشة، تخضع للتهديد، “إما كهرباء أو لا حكومة”. شرط واضح، لا يحتاج إلى تفسير. البواخر أو لا كهرباء، والكهرباء أو لا حكومة. المعادلة واضحة، إما ان تنصاع الحكومة للفريق الرئاسي، وإمّا ألا تكون. وزير يهدد الحكومة بأكملها لانه يملك اكثرية وزارية. والاكثرية معروفة المصدر والتركيبة، فيها الاصلي، وفيها استعارات كثيرة انضمت بفعل الواقع الرئاسي، لكنها لن تكون إلّا عصية في حال تضارب مصالح “تكتل لبنان القوي” و”حزب الله”.

الرئاسة لا ترد ولا توضح، الا في ما خص صحة الرئيس. أما موضوع التهديد الحكومي، وتبادل الرسائل المتشنجة بين محطتي “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” التلفزيونيتين، فلا موقف رسمياً منها. ولا حماية لرئيس الوزراء من التطاول عليه من وزراء ونواب، وخصوصاً فريق العهد والمتلطين فيه.

هذا الواقع الاليم، يجعل اللبنانيين يتساءلون عما يريده سيد العهد، وهل يتمنع عن ضبط الايقاع، أو لا يرغب في ذلك، ام انه خارج عن سيطرته؟ الخائفون على العهد، بل على الوطن الذي لا يحتمل المزيد من الفشل، يناشدون رئيس البلاد ان يضع حداً لهذه المسخرة الجارية، والتي تسيء اليه أولاً وأخيراً، لانها تضعه في موضع “الأسير” في عائلته وفي تياره والكتلة النيابية الداعمة له، فيما المتوقع منه ان يكون ضابط الايقاع في مجموعته الصغيرة وضابط انتظام المؤسسات كرئيس أقسم اليمين الدستورية فصار المؤتمن على البلد وما فيه ومن فيه.