عرف عن الرئيس بري، ومنذ اندلاع الأزمة السورية، عزوفه الكامل عن الإدلاء بأي موقف تجاه هذه الأزمة، وبقي على مدى خمس سنوات ملتزما موقف الصمت تجاه ما يجري، ليس ضعفا من الرئيس بري عن الإدلاء بأي موقف ولا هروبا من أي حدث، إنما حافظ بري على مسافة واحدة تجاه النظام السوري والمعارضة السورية، وترك سوريا لأهلها، في موقف أثنى عليه القريب والبعيد، وفي موقف ينم عن بصر وبصيرة في الحياة السياسة عموما وفي الأزمة السورية خصوصا، لم يجار أحدا ولم يتملق إلى أحد حتى في صراع الدول الذي نشأ هو أيضا بسبب الأزمة السورية أعني به الصراع الإيراني السعودي.
أخذ الرئيس بري موقف الإعتدال أو الحياد مراهنا على ضرورة الحل السياسي، وأبعد الطائفة الشيعية ما استطاع عن الدم السوري والوحل السوري، فيما انغمس حزب الله في الوحول السورية وغاص في المستنقع السوري إلى أبعد الحدود ليورط لبنان والطائفة الشيعية بحرب لا طائل منها سوى الموت والقتل والإنتحار .
في خطابه الأخير دعى الرئيس بري الى الحل السياسي في سوريا كأول موقف ربما حول الأزمة السورية، واعتبر خلال كلمتة في ذكرى تغييب الإمام الصدر أن الحرب في سوريا لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي، في موقف جديد وجريء أراد من خلاله الرئيس بري الإيحاء إلى الخطأ الإستراتيجي لحزب الله في التورط في الحرب السورية وهو بعد 5 سنوات لم يحقق شيئا على الأرض لا في صالحه ولا في صالح النظام الذي يقاتل من أجله .
لقد أراد الرئيس بري أن يعبُر بموقفه هذا إلى مساحة لمراجعة الحسابات وإعادة النظر من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله في أن الإقتتال في سوريا هو خدمة مجانية لإسرائيل، إسرائيل التي أرادت الإقتصاص من سوريا بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة ولبنان في مواجهة اسرائيل، وها هي اليوم تدفع الثمن بمساهمة مباشرة من إيران وحزب الله الذين أخطآ في تقدير الموقف من الأزمة السورية منذ بدايتها .
لأن الرئيس بري حريص على لبنان والمقاومة وإيران يضع موقفه من هذه الأزمة في دائرة الدعوة الى إعادة النظر في القرارات السياسية لكل من حزب الله وإيران في المسألة السورية لأن ما يحصل وما يجري الآن المستفيد الوحيد منه في المنطقة هو العدو الاسرائيلي وحده .