مقاطعة عون للحكومة تحرج الحلفاء , وبري يدعمها , والمشنوق لإلغاء ترخيص حماة الديار

 

السفير :

برغم كل محاولات «ترقيع» رداء الحكومة المليء بالثقوب، إلا أن التناقض الصارخ، والمتعدد الأبعاد، بين مصالح القوى السياسية وصل الى حد تهديد «الستاتيكو الحكومي» الهشّ.
لم تعد «اسفنجة» مجلس الرؤساء، المسمّى مجازاً مجلس الوزراء، قادرة على امتصاص مفاعيل الفراغ الممتد من قصر بعبدا الى مجلس النواب مروراً بمعظم العروق المتيبّسة للدولة. صارت الأزمة أكبر من محاولات التشاطر أو التحايل عليها، وأصعب من أن تخدّرها المسكّنات أو المساكنة مع الأمر الواقع.
والأرجح أن قرار التيار الوطني الحر بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء غداً احتجاجاً على التمديد للقيادات العسكرية، إنما يعبّر في مضمونه عن الأزمة الأوسع، المتمثلة في الأفق الرئاسي المسدود وضيق فرص التسوية الداخلية، فيما الوقت يمر ثقيلا على الرابية التي ضاقت ذرعاً بالانتظار العبثي.
يبدو واضحاً أن العماد ميشال عون قرر في مرحلة أولى ان «يهزّ» الطاولة، ملوّحاً بإمكانية ان يقلبها لاحقاً على رؤوس الجميع ما لم يلتقطوا رسالة الغياب عن جلسة الخميس، واضعاً الحلفاء والخصوم امام اختبار الميثاقية، من الحكومة الى.. رئاسة الجمهورية.
ولكن، الى أي مدى يستطيع الجنرال أن يذهب في «حركته التصحيحية»، وسط مناخ اقليمي حار لا يسمح بترف «الانقلابات»؟ وهل يمكنه ان يذهب شبه وحيد الى هذه المغامرة، من دون الاستئناس برفقة «حزب الله» الذي يدعم التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وسيشارك في جلسة مجلس الوزراء في تمايز واضح عن خيار الجنرال؟
بات واضحاً أن سباق عون مع الزمن بلغ أمتاره الأخيرة، وأن الجنرال يتصرف على قاعدة أن 5 أيلول (موعد جلسة الحوار الوطني) و7 أيلول (موعد جلسة انتخاب الرئيس) هما تاريخان مفصليان، لجهة تحديد وجهة السير في اتجاه خوض المواجهة المفتوحة او سلوك طريق التسوية إما من بوابة انتخاب الرئيس وإما عبر وضع قانون انتخاب جديد.
وحتى ذلك الحين، تبدو الحكومة امام مفترق طرق، إذ ليس سهلا ان تخضع الى «أمر اليوم» البرتقالي وتعلّق جلساتها، وليس سهلاً كذلك ان تتجاهل غياب قوى اساسية تمثل الجزء الأوسع من المسيحيين وهي التيار الوطني الحر وحزب الكتائب والقوات اللبنانية، مع ما يمكن ان يرتبه ذلك من تبعات ألمح اليها الوزير جبران باسيل بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح بتحذيره من أزمة نظام.. وانتفاضة شارع.
وقد فتحت المقاطعة البرتقالية لمجلس الوزراء الباب على نقاش قديم ـ جديد حول مفهوم الميثاقية وتفسيره، في ظل تعدد الاجتهادات التي غالباً ما تتحكم بها الاصطفافات السياسية والطائفية على حساب المعايير الدستورية المجرّدة من الأهواء والهويات.
وفور اعلان باسيل، عن عدم حضور جلسة مجلس الوزراء المقبلة كرسالة تحذيرية اعتراضية حتى توقف الحكومة مخالفة القانون، اتصل وزير السياحة ميشال فرعون بالرئيس تمام سلام متمنياً ارجاء جلسة مجلس الوزراء الخميس، كما ناشده مكاري تأجيلها.
وبالتزامن مع تفاقم الوضع الحكومي تحت وطأة الخلاف حول التمديد للقيادات العسكرية، التقى قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل، أمس، العماد جان قهوجي، في زيارة لا تخلو من الدلالات، خصوصاً أن نشاط فوتيل اقتصر على لقاء اليرزة.
بري
وقال الرئيس نبيه بري امام زواره امس انه وبمعزل عن كل شيء يدعم استمرار الحكومة في الانعقاد، ويرفض تعطيلها تحت أي عنوان ولأي مبرر، موضحا انه أبلغ هذا الموقف لوزير التربية الياس بوصعب خلال زيارته أمس الى عين التينة. وتابع: يكفي الحكومة ما فيها، وبالتأكيد لا ينقصها في هذا التوقيت المزيد من الشلل وهي التي بالكاد تعمل.
وشدّد بري على ضرورة بقاء الحكومة حتى لو أصبحت مجرّد هيكل عظمي، منبّها الى ان البلد يمر في أسوأ مرحلة، والتعطيل الحكومي من شأنه ان يزيده سوءا. وتساءل: إذا تعطل مجلس الوزراء كيف سيتم الانفاق على الامور الحيوية والملحّة، وأنا أخشى من انه بعد فترة قصيرة من الشلل ستتوقف وزارة المال عن الدفع، حتى على الضررويات، فمن يستطيع ان يتحمل هذه المسؤولية.
ولفت بري الانتباه الى ان الهجوم على الحكومة بذريعة رفض التمديد للقيادات العسكرية هو أمر غير مفهوم وغير مبرر، لان قرار التمديد يعود حصرا بموجب القانون الى وزير الدفاع ولا علاقة لمجلس الوزراء به.
«حزب الله»
وأبلغت أوساط سياسية مطلعة على موقف «حزب الله» «السفير» أن الحزب يتجه الى المشاركة في جلسة الخميس، ما لم يتم تأجيلها، لأنه يخشى من تداعيات تعميم الفراغ. وأشارت الاوساط الى ان الحزب لا يجد مصلحة في شلّ الحكومة في هذا التوقيت، بالترافق مع الشغور الرئاسي والجمود التشريعي، ووسط ظرف اقليمي دقيق، لاسيما ان تعطيل الحكومة سيكون من دون أفق، ولا يساهم في تسريع الحلول.
بوصعب
أما وزير التربية الياس بوصعب، فأكد لـ «السفير» ان الاصرار على عقد مجلس الوزراء الخميس في ظل الشغور الرئاسي ومقاطعة التيار الحر واستقالة الكتائب وغياب القوات اللبنانية إنما يندرج في إطار ارتكاب المحظور الميثاقي والوطني، محذرا من تبعات التعاطي باستخفاف مع المكوّن المسيحي التمثيلي.
وأضاف: بكل صراحة، إذا انعقد مجلس الوزراء الخميس بمن حضر، فهذا سيعني ان المسلمين اجتمعوا وقرروا ان يحكموا في غياب رئيس الجمهورية الماروني والقوى المسيحية الأساسية، وكأنهم يقولون لنا «معكم ومن دونكم سنحكم»، وهذا سيكون بمثابة تطور شديد الخطورة، وستصبح المسألة أبعد بكثير من حدود التعيينات العسكرية، لتهدد جوهر النظام.
وحذّر من انه في حال اعتبروا ان وجودنا او عدمه في مجلس الوزراء هو سيّان، فانهم يكونون بذلك قد وجهوا الينا رسالة واضحة في الدلالات والاستهدافات، سنرد عليها بالشكل المناسب.
وأوضح ان الخيارات المضادة مفتوحة وواسعة، مستبعدا ان تكون الاستقالة هي الحد الاقصى المتوقع، لانه إذا واصلت الحكومة اجتماعاتها برغم مقاطعتنا، فهذا سيكون مؤشراً الى أن استقالتنا لا تقدم ولا تؤخر في حساباتهم، ولذلك فإن رد الفعل سيأتي من مكان آخر، ونحن نأمل في ان تستطيع بعض أطراف الحكومة المتحسسة بالمسؤولية الوطنية والحريصة على الشراكة الوطنية، منع الانزلاق الى الهاوية.
ورأى بوصعب، ان الرئيس تمام سلام سيكون امام امتحان ميثاقي الخميس، فإما ان يؤجل جلسة مجلس الوزراء تفهما لغياب الحضور الحزبي المسيحي الاوسع تمثيلا، وإما ان يصرّ على انعقادها فينسف بذلك التفاهم الذي كان قد تمّ حول عدم جواز اتخاذ أي قرار حكومي إذا اعترض او غاب مكوّنان.
مصادر حكومية
في المقابل، أبلغت مصادر حكومية «السفير» ان جلسة مجلس الوزراء لا تزال قائمة في موعدها غدا الخميس، وهي ستنعقد بحضور حلفاء «التيار الحر» وستدرس جدول الاعمال المقرر، إلا إذا طرأ خلال الاتصالات المتوقع ان تتم اليوم ما يستوجب تأجيلها.
واعتبرت المصادر ان شرط الميثاقية يبقى متوافرا في الحكومة حتى لو غاب «التيار الحر» عنها، لأن المقصود بالميثاقية هو وجوب تمثيل كل الطوائف في مؤسسات الحكم، وليس جميع القوى السياسية، وبالتالي فان مقاطعة الوزيرين جبران باسيل والياس بوصعب تعني ان مكوناً سياسياً يغيب، لا المكوّن المسيحي، متسائلة عما إذا كان الوزراء سجعان قزي ورمزي جريج وبطرس حرب وميشال فرعون وريمون عريجي وسمير مقبل وأليس شبطيني ونبيل دوفريج هم غير مسيحيين.
وأشارت المصادر الحكومية الى ان خطاب التيار ينطوي على «كلام كبير»، لا يتناسب مع حساسية هذه المرحلة.
ونفت المصادر ان يكون قد جرى تفاهم في داخل الحكومة على ان غياب مكوّنين يحول دون انعقاد مجلس الوزراء، علما ان الوزراء الذين شاركوا في الحكومة باسم المكوّن الكتائبي لا يزالون حاضرين من خلال قزي وجريج اللذين رفضا الاستقالة، وحتى الوزير المستقيل آلان حكيم يواصل تصريف الاعمال.
جنبلاط
وسألت «السفير» النائب وليد جنبلاط عن تعليقه على قرار «التيار الحر» بمقاطعة جلسة الخميس، فأجاب: دخيلك.. أفضّل عدم التعليق عملا بالمثل القائل «لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة..»
فرعون
وقال الوزير ميشال فرعون لـ «السفير» إنه اقترح ارجاء جلسة الغد حتى لا نقع في ازمة جديدة ومفتوحة تعطل الحكومة، وأن سلام ابلغه ان الجلسة قائمة مبدئيا، وان العدد الاكبر من الوزراء والمكونات الحكومية سيحضرها، لاسيما «حزب الله»، لكن سلام يواصل اتصالاته ولننتظر نتائجها اليوم، علما ان الكل بات محشورا ويتمنى ارجاء الجلسة.

 

النهار :

اذا كانت خطوة "التيار الوطني الحر" التحذيرية بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء غداً جاءت مطابقة للتوقعات التي سبقتها، فان الخطوة المفاجئة لحزب الطاشناق في ما يتصل بوقف عمليات نقل النفايات الى موقع مطمر برج حمود جاءت لتشكل انتكاسة لخطة النفايات من شأنها ان تزيد الارباك الحكومي.
وبدا واضحاً ان "التيار الوطني الحر" الذي سيغيب وزيراه جبران باسيل والياس ابو صعب عن جلسة مجلس الوزراء "كرسالة اعتراضية تحذيرية" رداً على الاتجاه الى التمديد للقيادات العسكرية اراد من خطوته اختبار حلفائه قبل خصومه في منحى تصعيدي متدرج لا يزال يفتقر الى مظلة هؤلاء الحلفاء بدليل ان حزب الطاشناق وحده قرر دعم التيار في خطوته بانضمام الوزير ارتور نظاريان الى وزيري التيار، فيما اكدت مصادر وزارية في فريق 8 آذار لـ"النهار" ان وزيري "حزب الله" لن يقاطعا الجلسة. أما الوزراء المسيحيون الآخرون، فيرجح ان يحضروا الجلسة الا اذا قرر وزراء "اللقاء التشاوري" الذين سيجتمعون اليوم لتقرير موقفهم التمني على رئيس الوزراء تمام سلام ارجاء الجلسة اسوة باقتراح لوزير السياحة ميشال فرعون. ورجحت المعطيات التي توافرت مساء أمس ان يدرس الوزراء المسيحيون خيار تأجيل الجلسة، علماً ان الوزير باسيل حذر عقب اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح" من فقدان الطابع الميثاقي في حال غياب القوى المسيحية الاساسية عن الجلسة. وذهب الى القول إنه "بعد جلسة الخميس سنكون أمام أزمة نظام ونحن اليوم ندافع عن هذا النظام".
وأبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري زواره أمس أنه مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء في موعدها وان "أمور البلد لا تحتمل التأجيل". وقال: "اذا استمرت الاوضاع على هذا المنوال والتراخي اسألوا وزير المال علي حسن خليل كيف ستوفر رواتب الموظفين".
وردا على التلويح بالطابع الميثاقي مع مقاطعة وزيري "التيار الوطني الحر" الجلسة، لاحظت مصادر متحفظة عن خطوة "التيار" انه اذا غاب فريق فان ذلك لا يعني ان طائفته غير ممثلة وتساءلت: ألا يوفر الوزراء المسيحيون الذين سيحضرون الجلسة الطابع الميثاقي، أم ان هناك وزراء درجة أولى ووزراء درجة ثانية؟

 

"المستقبل"
في غضون ذلك، أضفى تصاعد السجالات بين "كتلة المستقبل" و"حزب الله" مزيداً من السخونة على المناخ السياسي والحكومي. وردت الكتلة بحدة على المواقف التي أطلقها أخيراً الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله واتهمته "باستعادة لغة التخوين واختلاق الاتهامات يميناً ويساراً وممارسة سياسة الهروب الى الامام في محاولة لتحويل الانظار عن المشكلات التي يتسبب بها وكذلك لحرف الأنظار عن حجم الخسائر البشرية التي يتعرض لها الحزب في تورطه في الحرب السورية".
كما ان وزير الداخلية نهاد المشنوق عاود الهجوم الحاد على "سرايا المقاومة" ووصفها بأنها "سرايا الفتنة والاحتلال" في إطلالة سياسية هي الثانية له خلال أيام من طرابلس. وقال: "أننا فريق لا يبحث عن مرشح بل عن رئيس للجمهورية نصون به ومعه سلامة الدولة وهيكلها، ونحن لا ننتظر الخارج ولا الخارج يفتقدنا وخيارنا كما طرابلس هو الدولة". وأكد على الوقوف "مع الحوار ومع التسوية، ولكن شرط ألا يكون الحوار مجرد وقت مستقطع بين اشتباكين أو أن تكون التسوية اسماً آخر للاستسلام". وصرح في مؤتمر صحافي عقده في دار الفتوى، بدعوة من مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار في مناسبة الذكرى الثالثة لتفجير مسجدي السلام والتقوى، أنه "في صدد تحضير ملف أمني وقانوني لنتقدم في مجلس الوزراء بطلب لإلغاء الترخيص المعطى لـ(جمعية) حماة الديار"، لافتاً ان "الديار لا تحمى بمزيد من الميليشيات، ولا بمزيد من القوى المسلحة غير الشرعية، بل بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة".
غير ان مصادر معنية بموضوع جمعية "حماة الديار" أوضحت ليلاً ان هذه الجمعية هي جمعية اهلية مستقلة تؤيد الجيش اللبناني ككثير من الجمعيات ولا تملك أي صفة رسمية أو أي ارتباط رسمي بالمؤسسة العسكرية.

 

انتكاسة خطة النفايات
في سياق آخر، سجل تطور بارز في ملف النفايات تمثل في موقف اعلنه حزب الطاشناق مساء أمس وضمّنه قراره وبلدية برج حمود عدم السماح باستقبال النفايات المفرزة في الموقف الموقت على شاطئ برج حمود ابتداء من صباح اليوم الاربعاء الى حين البدء بتنفيذ المشروع الذي أقرته الحكومة في تاريخ 17 آذار 2016. ويأتي موقف الطاشناق بعد أكثر من اسبوع من التحرك الاحتجاجي لحزب الكتائب الذي يقيم انصاره اعتصاماً متواصلاً عند مدخل مطمر برج حمود مما يعني شل الخطة الجارية في المطمر تماماً والضغط على الحكومة لاعادة تقويم الجزء المختص بمطمر برج حمود. وعزا الطاشناق خطوته الى التأخير الحاصل في تنفيذ انشاء خلية صحية في المطمر لاستيعاب النفايات المفرزة.
لكن وزير الزراعة اكرم شهيب المعني بالخطة أمل بعد زيارته لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أمس في التوصل الى حل جذري "لئلا تعود النفايات الى الشارع"، ودعا الى عدم تعقيد الامور "تحت شعارات قد لا تكون دقيقة"، وتحدث عن وجوب التوصل الى حل نهائي "باعتبار ان مناطق كسروان والمتن وبعبدا لا تحتمل عودة النفايات الى شوارعها". وأكد عدم وجود حلول في الافق سوى الحل الذي أقر في مجلس الوزراء

 

 

المستقبل :

في سياق متقاطع مع المعلومات التي أوردتها «المستقبل» صباح أمس، أتى قرار «الرابية» مساءً بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل مقروناً بمحاولة الضغط على وتر «ميثاقية» الحكومة لمنع انعقادها تحت وطأة غياب «القوى المسيحية الأساسية» وفق ما عبّر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أثناء تلاوته القرار العوني بالمقاطعة، واضعاً إياها في خانة «الرسالة التحذيرية» مع التلويح بخطوات تصعيدية لاحقة تصل إلى حد «النزول إلى الشارع». وفي حين سرت أنباء مساءً عن احتمال تأجيل انعقاد مجلس الوزراء هذا الخميس في ضوء مقاطعة وزيري «التيار الوطني»، استوضحت «المستقبل» مصادر السرايا الحكومية عن مصير الجلسة فاكتفت بالتأكيد على كونها لا تزال قائمة في موعدها، بينما نقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام لـ»المستقبل» أنه بدا «مستاء» جداً من محاولة اللعب على الوتر الطائفي في تركيبة الحكومة ومن محاولة التصويب عليه بسهام «الميثاقية» التي لطالما كانت المرتكز الأساس في سياسته الوطنية عموماً والحكومية خصوصاً.

على صعيد منفصل، طغى على المشهد الوطني العام أمس حال التململ الطرابلسي المتعاظم جراء التباطؤ الحاصل في مسار التحقيقات القضائية في قضية تفجيري مسجدي «التقوى» و«السلام» رغم مرور 3 سنوات على الجريمة، ورغم أنّ «خارطة المسؤولية الأمنية واضحة 100%» كما أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في دار الفتوى في طرابلس بدعوة من المفتي مالك الشعار. 

وإذ وعد المشنوق الشعار بتسليمه ملف التحقيقات في هذه القضية «خلال يومين وفيه كل أسماء المرتكبين الموجودين والهاربين والمخططين والمنفذين»، أوضح أنّ التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي «سمّت كل المسؤولين عن الجريمة فرداً فرداً، في لبنان وفي سوريا، وأسماء المخططين والمتدخلين والمفجرين وكل الذين ساعدوا وسهلوا»، مشيراً إلى أنّ الملف كان قد أحيل بكامله إلى القضاء بحيث باتت «الأسماء كلها معروفة والمسؤوليات محددة والمحقق العدلي يقوم بواجباته لإظهار الحقيقة القضائية».

أما المفتي الشعار فلفت في كلمته إلى أنّ طرابلس بعد مرور «1095 يوماً» على ارتكاب هذه الجريمة الإرهابية «لا ترضى أن يكون لها إلا مشروع واحد وهو مشروع الدولة مهما بلغ الثمن»، ومن هذا المنطلق شدد على أنّ «كل قطرة دم سقطت (في تفجيري التقوى والسلام) تنادي الدولة وتستصرخ العدالة فيها أن تنصفها من الجاني الغادر اللئيم وما اقترفت يداه الخبيثة»، داعياً «الدولة بكل مؤسساتها المعنية إلى إعلان الحقائق والكشف عن المتورطين والمحرضين والمخططين والمسهلين والممولين والمنفذين والمتسترين في هذه الجريمة (...) وتسمية الأمور بمسمياتها».

وتزامناً، برزت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامنية مع طرابلس طالبت القضاء بضرورة تحمل مسؤولياته وتسريع صدور الأحكام بحق مرتكبي جريمة تفجيري مسجدي التقوى والسلام. وفي هذا الإطار تفاعل المغردون مع هاشتاغ «#لطرابلس_سلام_وتقوى» الذي كان قد افتتحه الرئيس سعد الحريري أول من أمس بتغريدة جزم فيها بالقول: «لن يفلت من العقاب كل من شارك في تفجير المسجدين ودماء الشهداء أمانة لن نفرّط بها مهما غلت التضحيات»، وسرعان ما توالت التغريدات التضامنية (ص 2) لتشدد في معظمها على ضرورة توقيف كل المرتكبين والمحرضين المعروفين بالأسماء إنصافاً للعدالة ولدماء 35 شهيداً سقطوا في الجريمة، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنه «من سخرية القدر أنّ من يتهم طرابلس بالإرهاب هو نفسه الذي أرهبها»، في حين توجّه بعض المغردين إلى من يدافع عن نظام الأسد الذي ثبت ضلوعه في التفجيرين بالسؤال: «لمن يقف إلى جانب الظالم بحجة محاربة التكفير هل يرون أن تفجيرهم مسجدي التقوى والسلام في يوم الجمعة وسطية واعتدال؟».

الديار :

يوم زار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون معراب لتوقيع ورقة إعلان النيات مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وقعت صورة الزعيميْن كارثة في بكفيا.
في 18 أيلول عام 1988، يوم كان الرئيس أمين الجميّل في دمشق يحاول طرح التمديد لنفسه كحلٍ وحيد لعدم شغور الرئاسة الأولى، اجتمع الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون في وزارة الدفاع في اليرزة ورفضا أي تمديد وأي مسعى قد يقوم به الرئيس الجميّل في سوريا.
كان الرئيس أمين الجميّل مجتمعاً بالرئيس السوري حافظ الأسد حين دخل أحد الموظفين مسلّماً الرئيس الأسد ورقة صغيرة كُتب عليها «جعجع يجتمع بعون في وزارة الدفاع باليرزة».
بدا الرئيس الجميّل عندها غير ممسك بزمام الأمور في المنطقة الشرقية، انتهى الإجتماع عند هذا الحد، عاد الرئيس الجميّل أدراجه ولم يجد غير حكومة عسكرية يسلّمها صلاحيات الرئاسة.
وفي الثالث من شهر تشرين الأول، أي بعد عشرة أيام، نفّذت القوى العسكرية في القوات اللبنانية بمباركة من العماد عون - رئيس الحكومة يومها - عملية عسكرية في منطقة المتن الشمالي، رافقها تهديد للرئيس أمين الجميّل أدّى إلى نفيه اثنتيْ عشرة سنة خارج لبنان وخسارته حزبه وأنصاره الذين التحق جُلّهم بزعامة ميشال المر في المتن.
تذكّر رئيس الحزب الحالي النائب سامي الجميّل يوم شاهد صورة الزعيميْن أيام النفي، يوم اضطرّ إلى البقاء في باريس إلى جانب والده، تذكّر كل الملفات التي فُتحت أو تحدّث الإعلام عنها مثل ملف الـpuma، تذكّر كيف انتُزع «حزب الكتائب» من العائلة ليتبوأ رئاسته أشخاص من عائلات «متواضعة نسبياً» مثل جورج سعادة، منير الحاج وكريم بقرادوني.
قرّر أنه لن يجعل التاريخ يعيد نفسه ولو استعان بـ«الشيطان».

ـ سامي يعود إلى سياسة بقرادوني ـ

في مكان غير بعيد عن بكفيا وفي عين التينة تحديداً، عُقد لقاء برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري بين دولة الرئيس ميشال المر ورئيس «الحزب السوري القومي الإجتماعي» أسعد حردان، وفي رأس الرجليْن أي المر وحردان نفس الهاجس: الخوف على المصير في ظل التحالف العوني القواتي.
ذُلّلت بعض الإختلافات بين المر وحردان وبدأت الإتصالات بينهما خصوصاً مع اقتراب الإنتخابات البلدية.
هنا، همس المر في أذن حردان عن فكرة الإتصال بسامي، وافق حردان على الفور وهو الذي لا عُقد عنده في السياسة.
كان الهاجس الأهم هل سيوافق سامي الجميّل على الإتصال والتواصل مع «الحزب السوري القومي الإجتماعي»؟
الرئيس سامي الجميّل لا يترك مناسبة إلا ويهاجم الحزب القومي متّهماً إياه بقتل الرئيس بشير الجميّل، بشير ذاك الرمز الذي يطيب للمحيطين بسامي تشبيهه به. بشير، ذاك العنوان الذي ما يزال بعد أربعة وثلاثين عاماً يجتذب الشارع المسيحي، وسامي يعتبر نفسه الوريث الشرعي لبشير، والمستحق بنظره لهذه الوراثة أكثر من ابن بشير نديم الذي احتفل بكل براءة بذكرى انتخاب والده رئيساً للجمهورية.
لكن بالطبع، تهديد ورقة النوايا أكبر بكثير من كل عبارات الوفاء لبشير!
وبالفعل، جرت الإتصالات وفُتح التواصل بين سامي الجميّل وأسعد حردان على قاعدة التحالف التدريجي
أعطى رئيس حزب الكتائب أوامره بالتحالف مع القومي الإجتماعي حيث يمكن ذلك دون أضرار بليغة، وهو يهيّئ نفسه لخوض معركة المتن متحالفاً مع المر والقومي وربما الطشناق، فالأولوية عنده هي انتخابات المتن الشمالي.
لم يلتقِ الحزب «السوري القومي الإجتماعي» مع حزب «الكتائب اللبنانية» إلا لفترة محدودة في العام 1958 إبان الثورة أواخر عهد الرئيس كميل شمعون، ولم يكن القومي يومها متّهماً بقتل الرئيس الشهيد بشير الجميّل.
المفاجأة الكبرى أنهما يلتقيان اليوم ويتحالفان في وجه التحالف العوني القواتي ولكن هل سيتقبّل الكتائبيّون تحالفهم مع الحزب القومي؟ هل سيتناسون المطالبة بمحاكمة قتلة بشير؟ هل سيتراجعون عن عقيدتهم اللبنانية الصرفة المعادية لعقيدة الحزب القومي السوري الإجتماعي؟ هل سيعتذر رئيس الحزب سامي ممّن نسب إليه تُهم التقارب مع أحزاب يعتبرها معادية وفصله من الحزب لهذا السبب؟ والسؤال الأبرز والأهم: هل سيتذرّع سامي مرّة جديدة بحجّة مفادها أنّ التحالفات الإنتخابية لا علاقة لها بالتحالفات السياسية؟
يبدو أن سياسة الرئيسيْن السابقيْن لـ«حزب الكتائب» جورج سعادة وكريم بقرادوني في الزمن السوري هي الأنجح للرئيس الحالي.

 

الجمهورية :

حوَّلت وقائع الساعات الماضية المشهد الداخلي، ملعباً لتقاذفِ الكرة السياسية. «التيار الوطني الحر» بدأ أولى خطوات التصعيد السياسي، بإعلانه مقاطعة جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً الخميس، وهي خطوة ترَكت تساؤلات حول توقيتها ومغزاها والجدوى منها، وكذلك حول ماهيّة الخطوات التالية والمدى الذي ستبلغه «العاصفة السياسية» لضربِ الواقع السياسي وما ستخلّفه من مكاسب، وأيضاً ما يترتّب عليها من أضرار.

يترقّب «التيار» موقفَ حليفه «حزب الله» الذي ما يزال يعتصم بالصمت، علماً أنّ مطّلعين يجزمون بأنّ الحزب قد لا يماشي حليفَه في موضوع مقاطعة الحكومة، مع احتمال أن يبادر الحزب إلى اتّصالات «لتبريد النفوس».

والواضح أنّ «التيار» ألقى الكرة بشكل أساسي في ملعب رئيس الحكومة تمام سلام، مقرونةً بدعوة غير مباشرة إلى عدم عقدِ جلسة الخميس، وبإشهار سلاح «الميثاقية»، قطعاً للطريق أمام أيّ محاولة لعقدِ الجلسة واتّخاذ قرارات وتعيينات أمنية أو إدارية في غياب المكوّن المسيحي.

سلام

إلّا أنّ اللافت أنّ سلام تلقّى الرسالة العونية، وجرى تشاور بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وكذلك مع فريقه السياسي.

وأكّدت مصادر سلام لـ«الجمهورية» أنّ الجلسة ستُعقد في موعدها، والحكومة لن تتعطّل كلّما قرّر فريق مقاطعتَها احتجاجاً على ملفّ لا يُعجبه».
ورفضَت المصادر الحديث عن غياب «الميثاقية» في جلسة الغد، مؤكّدةً أنّ كلّ الطوائف ستكون حاضرة وممثلة»، وسألت: «هل الوزراء المسيحيون العشرة هم غير مسيحيين؟

واعتبرَت أنّ «التذرّع بأنّ التيار الوطني الحر إلى جانب الكتائب يشكّلان مكوّنين مسيحيين غائبين عن الحكومة هي مقاربة غير دقيقة، لأنّ الوزير آلان حكيم يمارس مهامّه بشكل اعتيادي في وزارته، وحلفاء التيار الوطني الحر سيحضرون الجلسة، كما أنّ وزيرَي «التيار» لم يعلِنا استقالتهما، ولم يُبلغا رئاسة الحكومة لا بالمقاطعة ولا بالاستقالة، بل تمّ الإبلاغ عن الغياب عن جلسة الغد عبر الإعلام، وهذا ليس سبباً لتعليق جلسات الحكومة».

برّي: لا للتعطيل

على أنّ الصورة كانت أكثرَ وضوحاً في عين التينة، حيث أكّد بري على رفض تعطيل الحكومة، كما على رفض تعطيل أيّ مؤسسة دستورية، وفي مقدّمها مجلس النواب. وقال أمام زوّاره إنّه يتابع كلّ الأمور وكلّ المجريات، وبمعزل عن أيّ شيء، فهو مع انعقاد الحكومة وليس مع تعطيلها تحت أيّ عنوان أو أي مبرّر، ومثل هذا الكلام أبلغَه أمس إلى وزير التربية الياس بو صعب.

وعمّا إذا كان البلد يتحمّل تعطيلَ الحكومة، قال بري: أبداً، البلد في أسوأ مرحلة، والتعطيل حتماً سيزيده سوءاً، ثمّ لنفرض أن تعطّلت الحكومة وتوقّف المجلس عن الانعقاد، فكيف سيكون وضعُ البلد بعد فترة، دلّونا كيف سيتمّ الصرف على الأمور الملِحّة، والكلّ يَعلم أنّنا بعد فترة قصيرة، شهر أو شهرين، إنْ تعطّلَ مجلس الوزراء، قد يتوقّف الصرف حتى على الضرورات، فهل يَستطيع البلد أن يتحمّل هذا الأمر، ومن يتحمّل مسؤولية ذلك؟

مرجع سياسي

وفي السياق ذاته، قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» إنّ «تعطيل الحكومة وصولاً إلى تطييرها، أمر شديد الخطورة، وبالتأكيد الحكومة لا تحسَد عليه، ولكنّها على شللِها الحالي لا بل هرَيانها وعدم إنتاجيتها تبقى أفضل مِن لا شيء، فذهاب الحكومة يعني الدخول في المجهول، وهذا يفرض على الجميع الحفاظ عليها حتى ولو كانت مجرّد هيكل عظمي».

ورفضَ المرجع ظهور الطرف الحكومي في موقع الضعيف أمام «العاصفة العونية»، وسأل «إنْ تمَّت الاستجابة، وتقرَّر تأجيل الجلسة أو إلغاؤها، فمعنى ذلك إعطاء «التيار» ما يريده، وساعتئذٍ سيَذهب إلى تصعيد موقفِه أكثر فأكثر، والسؤال الذي نطرحه على الجميع إنْ تعطّلت الحكومة الخميس، كيف ستنعقِد بعد ذلك وبأيّ ثمن»؟

وخالفَ المرجع «المنطق القائل بانعدام الميثاقية على الحكومة إذا ما غادرَها وزراء «التيار الوطني الحر»، وقال: الميثاقية موجودة، وهناك وزراء من كلّ المذاهب المسيحية موجودون في الحكومة إلى جانب المكوّن المسلم السنّي والشيعي والدرزي، ولذلك الميثاقية متوفّرة».

وأضاف: «تحت عنوان الميثاقية تمّ تعطيل المجلس النيابي، والآن يُراد تعطيل الحكومة تحت عناوين وأسباب هم وَضعوها، ثمّ إذا كان الأمر متّصلاً بموضوع التمديد لقائد الجيش، فما دخلُ الحكومة؟ الحكومة ليست معنيّة، هذا الأمر مرتبط بالوزير المعني الذي هو يتّخذ القرار في هذا الشأن.

في أيّ حال، إن استمرّوا على هذا النحو، فليس هناك ما يَمنع الرئيس بري من أن يدعو إلى جلسة تشريعية وبمَن حضَر إذا ما حتّمت انعقادَها الضرورات الملحّة، لأنّ مصلحة البلاد فوق كلّ اعتبار، علماً أنّ برّي ما زال يؤكد أنّه راعى وما يزال، الحدّ الأدنى والأعلى من الميثاقية على انعقاد جلسات المجلس النيابي».

بكركي تحذّر.. وتنصَح

وفي المقابل، حذّرت بكركي من تجاوُز «الميثاقية» وتغييبِ المكوّن المسيحي. وقال النائب البطريركي العام المطران بولس صياح لـ»الجمهورية» إنّ «الرهان هو على حسِّ الرئيس سلام الميثاقي، إذ إنّه يَعرف التركيبة اللبنانية جيّداً ولا يمكنه أن يستمرّ بلا المكوّن المسيحي، لذلك يُفترض أن يتحرّك وفقَ ما تقتضيه المصلحة الوطنية».

ولفتَ صياح الى خطورة أن «تستمرّ الحكومة من دون وزراء «التيار الوطني الحرّ» والكتائب، فيما «القوات» غير مشاركة أصلاً، وبذلك يصبح المسيحيون خارجَ القرار»، سائلاً: ألم يتعلّم اللبنانيون أنّ هذا الوطن لا يُحكم إلّا بالشراكة، فالمسيحيون موجودون، ولا يستطيع أحد تغييبَهم، ولا عودة إلى منطق التهميش، ولن نرضى بمنطق «ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم».

وحذّرَ صيّاح من «خطورة استمرار عمل الحكومة من دون الممثلين الحقيقيين للمسيحيين، لأنّ ذلك سيؤدي إلى الخراب، فاليوم يتابعون العمل من دوننا وغداً يأتي دور بقيّة المكوّنات، لذلك تغييب المكوّن المسيحي ممنوع، ولتتمّ المعالجات الميثاقية، ولن نرضى بخرقِ الميثاق وضربِ الدستور».

 

اللواء :

«لعب على حافة الهاوية».
بهذه العبارة علّق قيادي مسيحي مخضرم على قرار تكتل الإصلاح والتغيير «بمقاطعة أو عدم حضور جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس كرسالة تحذيرية إعتراضية».
والقرار الذي اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس، واعلنه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل رمي الكرة إلى القوى السياسية، المشكلة للحكومة، في محاولة لإخراجها، أو نقل الأزمة إلى الكتل النيابية الإسلامية والمسيحية الحريصة على تجنيب البلاد والعباد حلقة جديدة من حلقات التعطيل، التي تهدد بتفاقم الأزمات والعودة بالنفايات إلى الشارع، وبقطع الكهرباء، وفقدان المياه، والضغط بكل أساليب التعطيل والابتعاد عن المعالجات المفيدة، والتي يمكن ان تؤدي إلى نقل البلد من أجواء التوتر إلى أجواء التهدئة والاستقرار.
ومن المؤكد ان الموقف الناجم عن قرار تكتل الإصلاح والتغيير أحدث ارباكاً اضافياً، ليس للوزراء المسيحيين وحسب، بل لسائر الوزراء والكتل التي تقف وراءهم وباتت الأسئلة تتدحرج ضمن سياق لا معقول:
1- تعقد جلسة مجلس الوزراء غداً أو لا تعقد؟
2- هل التأجيل يساهم في معالجة المطالب العونية؟ أم انه رضوخ لابتزاز يزيد الطين بلة؟
3- وهل الميثاقية الحكومية لا تتحقق الا عبر وزراء التيار العوني، وماذا عن سائر الوزراء الممثلين في الحكومة؟
معلومات «اللواء» تفيد ان الرئيس تمام سلام، وانطلاقاً من مسؤولياته الوطنية حريص على مشاركة جميع الوزراء في الجلسة، وتفيد اوساطه ان موعد الجلسة قائم في موعده المحدد اساساً، وهو ينأى بنفسه عن المتاهات والسجالات.
وأفادت هذه المعلومات ان الرئيس نبيه برّي يدعم عزم الرئيس سلام والتوجه الذي يعمل بموجبه بتسيير مصالح المواطنين وعدم فرض أمر واقع جديد بتعطيل الحكومة بعد تعطيل انتخاب الرئيس وعمل مجلس النواب.
وأبلغ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس «اللواء» اننا لم نتبلغ بأي تأجيل لموعد الجلسة واننا سنذهب إلى السراي للمشاركة فيها ومناقشة جدول أعمالها وإقرار ما يلزم من اعتمادات وتعيينات وفقاً للبنود 127 المدرجة على جدول الأعمال.
وعلق درباس على ما قاله الوزير باسيل من ان الميثاقية في خطر وأن النظام في خطر بالقول ان وجودنا ككل بات مهدداً.
بدورها، قالت مصادر وزارية واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان لا شيء سيتغير بمقاطعة باسيل وبو صعب للحكومة داعية «الى التمسك بالدستور الذي يحفظ الدولة ومعربة عن رفضها لأي منطق طائفي أو مذهبي».
وأعادت التأكيد على ان خلفية تأليف الحكومة انطلقت من الحاجة إلى الحؤول دون الوصول إلى فراغ في البلد في حال وقع الفراغ الرئاسي.
ودعت إلى العمل من منطلق وطني لأن جميع الوزراء يمثلون الشعب اللبناني بجميع طوائفه ومذاهبه.
وشددت هذه المصادر الوزارية على ان الدستور هو كتاب السياسة وله الأولوية في مجلس الوزراء، متهمة من يمارس السياسة من منطلق طائفي ضيق يُهدّد بخراب البلد وأن مقاطعة الحكومة لا تعني مساعدة المسيحيين، وأن عدم مشاركة وزراء التكتل أو وزراء الكتائب وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد لا يعني ان الحكومة فقدت ميثاقيتها، فالوزراء المسيحيون الآخرون لا يقلون شأناً عنهم.
وتساءلت المصادر إلى أين يريد التيار العوني الذهبا بالبلد «هل إلى الهاوية؟» وختمت: «يكفي ابتزازاً».
وشبّهت المصادر التيار العوني بمن يقود سيّارة في طريق ضباب ولا يعلم إلى أين يمكن ان تصل في ظل عدم وضوح الرؤية.
ودافعت المصادر عن التمديد لقائد الجيش جان قهوجي نظراً لصعوبة تعيين بديل له في ظل الفراغ الرئاسي وأن المجتمع الدولي يدعم المؤسسة العسكرية التي يرأسها قهوجي وتحارب الإرهاب وتحظى بمساعدات وهبات مجانية تقتضي المصلحة الوطنية الحفاظ عليها.
وكررت المصادر التأكيد بأن الحكومة باقية ولن يتأثر عملها بمقاطعة تيّار من هنا وانسحاب حزب من هناك لأن الجميع متأكد أن استمرارها أولوية في ظل الشغور الرئاسي وأي تشويش على عملها لن يفيد بشيء.
ويرعى الرئيس سلام في السراي الكبير اليوم، الحفل السنوي لمتفوّقي الثانوية العامة الدفعة رقم 14 في حضور وزير التربية الياس بوصعب، وسيلقي كلمة إرتجالية استبعدت مصادره أن تتطرّق إلى الأزمة الناشئة.
إتصالات
وغداة إعلان الموقف العوني بمقاطعة مجلس الوزراء نشطت الاتصالات بين القوى المشكّلة للحكومة لتجنّب تعميق الأزمة والبحث عن مخارج.
وقالت المصادر أن الاتصالات لم تصل إلى أية نتيجة لأن الرئيس سلام يرفض الابتزاز، موضحة أن «حزب الله» دخل على خط التواصل مع الرئيس سلام في محاولة لتأجيل الجلسة وتجنّب الإحراج مع الحليف العوني، من دون أن تكشف المصادر عمّا آلت إليه الاتصالات على هذا الصعيد.
فيما أكدت مصادر عين التينة أن الرئيس برّي يدعم توجّه الرئيس سلام وأن وزراءه سيشاركون في الجلسة، علمت «اللواء» أن اللقاء التشاوري سيعقد اجتماعاً يضم وزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة: سمير مقبل وأليس شبطيني وعبد المطلب الحناوي، والذي ينضم إليه الوزراء بطرس حرب، سجعان قزي ورمزي جريج، لتقييم الموقف واتخاذ القرار الذي يُؤكّد على حضور الجلسة باعتبار أن المقاطعة في الظرف الراهن لا تفيد أحداً باعتبار أن الحكومة هي المربع الشرعي الأخير في البلاد.
ورأى الوزير قزي أن مصلحة النائب عون في خلق حالة إرباك للحكومة، كما أنه لا يجوز للوزير الذي يلتقي رؤساء ووزراء خارجية أن يكون وزير ناقص صلاحيات، محذراً من الوصول إلى أزمة سياسية مع مطلع أيلول حيث يتعيّن على لبنان أن يُشارك في اجتماعات الأمم المتحدة لطرح قضاياه، سواء فيما يتعلق بالإحتلال الإسرائيلي والنزوح السوري.
في المقابل، طالب نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري بتأجيل جلسة مجلس الوزراء، وفي الإطار نفسه كان موقف لوزير السياحة ميشال فرعون الذي رأى بتأجيل الجلسة فرصة لتجنّب المزيد من التشنج.
تجدر الإشارة إلى أن النائب إبراهيم كنعان زار معراب أمس، واجتمع بالدكتور سمير جعجع طالبا دعم موقف التكتل في ما خصّ قراره بمقاطعة مجلس الوزراء.
مواقف
وكانت صدرت أمس، سلسلة من المواقف عكست التباعد الحاصل في البلاد بين القوى السياسية.
1- التيار العوني: تحدث ليس عن أزمة حكم إنما عن أزمة نظام وقال هناك رئيس ميثاقي واحد أوحد في الديمقراطية ممنوع وصوله إلى رئاسة الجمهورية (في إشارة إلى النائب ميشال عون)، ملوّحاً بثورة وبالنزول إلى الشارع، معتبراً أن الكرة هي في ملعب «شركائنا في الوطن جميعاً ومن دون استثناء»، متسائلاً «هل يقبلون بغياب رئيس جمهورية أن تحكم حكومة بغياب الوزراء المسيحيين فيها؟».
2- كتلة المستقبل: رفضت عودة أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصر الله إلى استحضار لغة التخوين، والعودة إلى التعمية على خلفية التورّط في الحرب التي يشنّها النظام السوري ضد الشعب السوري.
ووصفت الكلام من أن «تيار المستقبل» يريد التمديد للمجلس النيابي بأنه محض اختلاق لا أساس له، مذكّرة باقتراح قانون الانتخاب المختلط بين الأكثري والنسبي الذي تقدّمت به الكتلة مع «الحزب الاشتراكي» و«القوات اللبنانية».
3- الموقف الذي أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق من طرابلس التي زارها في الذكرى السنوية الثالثة لتفجير مسجدي «التقوى» و«السلام» في طرابلس، في حضور مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار وممثّلي الرؤساء سعد الحريري، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، ونواب المدينة، وممثّلي الطوائف المسيحية والأحزاب والفاعليات، من أنه بصدد تحضير ملف أمني وقانوني يقدّم إلى مجلس الوزراء بطلب إلغاء الترخيص المعطى «لحماة الديار»، مؤكداً أن لبنان لا يُحكم بمزيد من الميليشيات والقوى المسلحة غير الشرعية بل بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة والسعي لتثبيت نظامنا السياسي بملء فراغاته.
وشدّد على اننا لا نبحث عن مرشّح بل رئيس للجمهورية نصون معه الدولة وهيكلها وأن من يريد ان يبحث في الرئاسة يعرف العنوان الجاد للبحث في هذا الملف وفق قواعد الدستور والشرعية.
وعلمت «اللواء» ان الوزير المشنوق سيثير موضوع «سرايا المقاومة» التي يصفها «بسرايا الفتنة والاحتلال» خلال الحوار مع «حزب الله» في 20 أيلول المقبل، الذي رأى فيه فضيلة لمنع تمدد الفتنة السنية الشيعية إلى لبنان.
على صعيد نيابي آخر، تابعت لجنة الاعلام والاتصالات النيابية ملف الانترنت غير الشرعي واطلعت على حجم الهدر المالي في هذه القضية الذي بلغ سنويا قرابة الـ250 مليون دولار وذلك في حضور وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير المالية علي حسن خليل، وبعد الجلسة عقد النائب فضل الله مؤتمرا صحافيا حضره الوزيران حرب وخليل والنائب عون. 
وقال فضل الله: «خصصنا جلسة اليوم للاطلاع على هدر المال في ملف الانترنت غير الشرعي، واستمعنا الى المدعي العام المالي علي ابراهيم حول مجريات التحقيقات في التخابر الدولي غير الشرعي وفي ما عرف بتفاوت الاسعار، كما استمعنا الى وزيري الاتصالات بطرس حرب والمال علي حسن خليل حول المسار المالي، فهذا المسار هو جزء من مسار اوسع يتعلق بالملف الاساس اي الانترنت غير الشرعي».
وأكد وزير المال أن «هناك سرقة موصوفة للمال العام في ملف الإنترنت وهناك مسؤولون عن هذه السرقة وعن هدر المال العام»، معتبرا أن «كل كلام خارج هذا الموضوع هو تغطية على مشكلة حقيقية تتحمل الدولة مسؤوليتها».
وقال الوزير حرب «في ظل غياب عمل المؤسسات الدستورية، وغياب الرقابة عن عمل الحكومة، أنا سعيد بتحرك اللجان النيابية في ملاحقة الجرائم والقيام بمهامها»

الاخبار :

قبل يومين من جلسة الحكومة المقررة غداً، لم يكذّب التيار الوطني الحرّ خبراً، حول نيّته مقاطعة الجلسة اعتراضاً على إصرار فريق تيار المستقبل ووزراء رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وللأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير.

وقطع الوزير جبران باسيل الشكّ باليقين أمس، معلناً بعد انتهاء اجتماع تكتلّ التغيير والإصلاح عزم التيار الوطني الحر على مقاطعة جلسة الحكومة المقرّرة الخميس، واعتبار المقاطعة بمثابة «رسالة تحذيرية اعتراضية كي توقف الحكومة مخالفة القانون». واعتبر باسيل «القضية أبعد من قانونية ودستورية قرارات الحكومة، بل متعلقة بميثاقية الحكومة»، فاتحاً النقاش حول مفهوم الميثاقية.
كلام باسيل، لاقاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساء أمس بموقف معاكس تماماً، حول الميثاقية تحديداً. إذ أكّد برّي أمام زوّاره أنه لن يؤيّد أي محاولة لتأجيل جلسة الحكومة الخميس بذريعة فقدانها الميثاقية كما يقول التيار الوطني الحر. بل يعتبر بري أن الحكومة مكتملة «المواصفات والأوصاف»، وخصوصاً التمثيل المسيحي. وأشار إلى أن الوزراء المسيحيين الموجودين داخل الحكومة لا ينتقصون من الصفة الميثاقية للحكومة.


بري: غياب وزراء
التيار الوطني الحر لا يفقد الحكومة الميثاقية

 

وأبدى برّي خشيته من أي محاولة للتأجيل، إيذاناً بتعطيل جلسات مجلس الوزراء في ما بعد، مع إشارته إلى أن المجلس نقص وزيراً كتائبياً، وأن القوات غير ممثلة أصلاً في هذه الحكومة، وبالتالي إن غياب وزراء التيار الوطني الحر لا يفقدها الميثاقية.
موقف برّي ردّ عليه أكثر من مصدر نيابي ووزاري في التيار الوطني الحر، في ما يبدو تناقضاً كبيراً في المواقف بين حليفي حزب الله، الذي لا يزال يدرس موقفه وردّ فعله على التطورات الحكومية، من دون أن يخلص إلى موقف حاسم بانتظار الاتصالات السياسية والمشاورات مع الحلفاء، كما قالت مصادر بارزة في قوى 8 آذار لـ«الأخبار». وقالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» إن «عقد جلسة الحكومة يوم الخميس بغياب التيار الوطني الحر هو ضرب لآلية العمل الحكومي التي اتُّفق عليها، وأيضاً ضرب للميثاقية في غياب مكوِّنين مسيحيين عن أعمال الحكومة». من جهتها، أكّدت مصادر نيابية بارزة في التيار الوطني الحرّ لـ«الأخبار» أن «كلام الرئيس برّي معاكس تماماً لموقفنا وللموقف الذي على أساسه تظاهرنا ضد حكومة (الرئيس فؤاد) السن<