شكري زيارة بلا مبادرات , وبري يكرر التحذير لبنان على مفترق مصيري خطير

 

السفير :

بينما يكثر التحليل و «التبصير» في بيروت حول الطريقة التي سيتعاطى بها الرئيس سعد الحريري مع العرض الذي قدمه له الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله للعبور «الآمن» الى السرايا الحكومية عبر «الاوتوستراد السريع» المتمثل في انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.. فإن رئيس «تيار المستقبل» لا يزال يأخذ وقته في الدرس والتمحيص، محاولا الاستفادة من فرصة الاجازة الصيفية البحرية للتأمل بهدوء، وإنضاج قراره تحت حرارة شمس آب.
أما في لبنان، فإن «المستقبل» يبدو موزعا في الوقت الضائع الى اتجاهين:
الاول، يضم الاكثرية الساحقة من أعضاء الكتلة النيابية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، وهو يرفض مبادرة نصرالله ويعارض انتخاب عون بالكامل.
والثاني، يضم النواب «المغاوير» في الكتلة الى جانب نادر الحريري وغطاس خوري وهؤلاء يميلون ـ ولو بنسب متفاوتة ـ الى خيار التعاطي بإيجابية «مدروسة» مع طرح نصرالله وترشيح عون، بعد «تصفيح» هذا الخيار بضمانات كافية للحريري من حزب الله.
ويروى انه خلال الاجتماع الشهير لكتلة «المستقبل»، قبل أكثر من أسبوعين، أوحى الحريري في معرض شرحه للاحتمالات بان مبادرته لترشيح النائب سليمان فرنجية قد استهلكت واستنزفت بعد قرابة تسعة أشهر من طرحها، قائلا: لو بدا تشتي كانت غيّمت..
أما سيناريو مجابهة «حزب الله» عبر الاستقالة من الحكومة وهيئة الحوار، فلا يبدو الحريري مقتنعا به، بسبب استحالته السياسية راهنا، «حيث لا يوجد دعم محلي او اقليمي» لمثل هذه الاندفاعة الهجومية، كما يُنسب الى رئيس «المستقبل».
وإذا كان البعض في «التيار الازرق» بات يحبذ الخروج من مأزق ثنائية عون ـ فرنجية بطرح اسم توافقي او تسووي يخلط اوراق المعركة الرئاسية مجددا، فان المعلومات تفيد بان الحريري يشعر بصعوبة مثل هذا الامر، «لان المسيحيين لن يقبلوا برئيس إلا من الصف الاول»، وفق ما ينقل عنه العارفون.
ولعل ابلغ تعبير عن ضيق هامش الحركة لدى «المستقبل»، بعدما اصبح مخيرا بين فرنجية وعون، هو قول أحد «النواب الزرق» بمرارة: يبدو ان كل ما علينا فعله هو ان نختار ما إذا كنا سننتحر بالقفز من الطابق الثامن او من الطابق العاشر..
وماذا عن موقع فرضية انتخاب عون في حسابات الحريري؟ وهل يمكن ان يتدفق في عروقها «الدم الازرق» بعد عرض نصرالله؟
كان واضحا من التسريب المتعمد لخبر اجتماع كتلة «المستقبل» برئاسة الحريري بعد ايام من انعقاده، وبالمضمون الذي جرى تسويقه في ذلك الحين، ان هناك من أراد ان يحرق دفعة واحدة فرصة عون ومراكب الحريري إضافة الى صورة نهاد المشنوق، باعتباره النائب السني الوحيد في الكتلة الذي دعا الى البحث في امكان انتخاب عون.
وتعليقا على واقعة التسريب المتأخر، يشير مصدر في «المستقبل» الى «ان هناك قولا شائعا مفاده ان الانكليز لا يروون النكات الاثنين حتى لا يضحكوا خلال القداس في الكنيسة الاحد، (ما معناه انهم يحتاجون الى وقت لفهمها)، والذي حصل هو ان الكتلة اجتمعت الاثنين وشاع فحوى النقاش الأحد».
ولئن كان صحيحا، ان الحريري تجنب حتى الآن إعطاء موقف واضح وصريح باستعداده لدعم ترشيح الجنرال، وان مزاج «أغلبية الثلثين» في كتلته هو ضد هذه الانعطافة (تردد ان بعض النواب استخدم خلال اجتماع «العصف الذهني» تعابير قاسية في معرض الاعتراض على تأييد ترشيح الجنرال، كقول أحدهم: يا أرض انشقي وابلعيني قبل ان أصوّت لعون..)، إلا ان الاشارات المنبعثة من الحلقة الضيقة المحيطة بالحريري توحي - على الرغم من المظاهر السلبية - بان كل شيء لا يزال واردا.
ويعتبر المؤيدون لانتخاب عون من «الاستشهاديين السياسيين» في صفوف «المستقبل»، انه يوجد العديد من الاسباب الموجبة التي من شأنها ان تبرر الدفع في اتجاه الاتفاق مع الجنرال، وأبرزها:
- الافق المسدود امام ترشيح فرنجية.
- إنقاذ اتفاق الطائف الذي ستنتفي موجبات الحملة المسيحية عليه بعد وصول عون الى قصر بعبدا، في حين ان ابقاء الوضع على حاله من الشغور والترهل قد يقود الى مؤتمر تأسيسي، سيدخله المسيحيون والشيعة متحدين.
- إعادة وصل ما انقطع بين «المستقبل» والشارع المسيحي بعدما ظهر التيار في موقف المتصدي لإرادة الاكثرية المسيحية المتمثلة في تفاهم ميشال عون - سمير جعجع.
واستكمالا للطرح ذاته، ترى هذه «القلة» في «التيار الازرق» والمقتنعة بالجدوى السياسية لانتخاب عون، ان كلام نصرالله في خطاب 14 آب انطوى على أهمية لافتة للانتباه، كونه يؤشر الى انتفاء الفيتو الايراني والاعتراض الداخلي من الحزب على الاتيان بالحريري، حليف السعودية، رئيسا للحكومة في مرحلة تزدحم بالحرائق الاقليمية، «وهذا تطور نوعي لا يجب التقليل من شأنه، بل ينبغي التجاوب معه والبناء عليه، كما ان موقف نصرالله الداعي الى فصل الاستحقاق الرئاسي عن الخارج والصراع السعودي - الايراني يجب التقاطه ومقاربته بشكل إيجابي».
في المقابل، تدعو «جبهة الرفض» لمبادرة نصرالله، في داخل «المستقبل»، الى وقف الانزلاق نحو تقديم تنازلات إضافية عن الاصول الدستورية والثوابت السياسية، «إذ ان الحريري الذي يمثل الكتلة النيابية الاكبر والمزاج السني الأوسع يحق له تولي رئاسة الحكومة من دون إذعان لأحد أو منّة من أحد، وتسميته او عدمها مناطان بالاستشارات الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية المفترض ان يكون انتخابه أولوية قصوى»، كما يؤكد صقور التيار الذين يحذرون من ان الحريري سيخسر الجزء الصامد من شعبيته إذا قرر التصويت للجنرال.
.. وماذا عن الفيتو السعودي «المزمن» على عون؟ هل مفعوله مستمر ام سلك عدّه العكسي؟
تبرز إجابتان متباينتان ردا على هذا السؤال:
الاولى، تجزم بان الرياض لا يمكنها تغطية الحريري في التحول نحو انتخاب حليف «حزب الله» وتاليا طهران رئيسا للجمهورية، فيما هي تخوض حاليا مواجهة مفتوحة مع ايران والحزب في ساحات المنطقة، خصوصا وان أي تنازل مجاني يمكن ان تقدمه في هذا المجال - خارج سلة المقايضات الشاملة - سيوحي بانها تلقت هزيمة من محور المقاومة والممانعة على الساحة اللبنانية.
أما الإجابة الثانية، فتنفي ان يكون رفض المملكة للجنرال مستمرا او اقله نهائيا، لاسيما ان من وضع الفيتو عليه لم يعد موجودا في دائرة القرار (وزير الخارجية الراحل الامير سعود الفيصل)، ثم ان انتخاب عون لن يشكل بالضرورة خسارة للرياض، لان وصوله الى قصر بعبدا سيترافق مع عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، الامر الذي يحقق توازنا في السلطة، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بل لعل هذه التركيبة تفيد الحريري وحاضنته الاقليمية أكثر من الآخرين باعتبار انها لا تترجم بدقة حقيقة موازين القوى في المنطقة ولبنان، في هذه اللحظة.
ويحذر بعض اصحاب الأصوات «المتمايزة» في «المستقبل» من خطورة استمرار انكفاء السعودية عن دعم الحريري جديا، لافتين الانتباه الى ان موافقتها على انتخاب عون سيسمح لها بان تعود الى لبنان من بوابة شراكة الحريري مع الجنرال، في حين ان اصرارها على السلبية سيقطع الطريق امام رجوع الحريري الى الحكم وسيكرس انحسار دورها، في وقت تملأ الفراغ - او تحاول - دول اقليمية وازنة، ولعل زيارة وزير الخارجية المصري الى لبنان تحمل العديد من الدلالات على هذا الصعيد.
والمفارقة، ان القوى الاساسية في فريق 8 آذار تبدو أحرص على الحريري من المملكة نفسها، فها هو نصرالله ينفتح عليه ويفتح امامه بابا للتسوية، فيما نُقل عن مرجع كبير في هذا الفريق قوله: إذا كان الحريري ضعيفا في هذ المرحلة فان علينا ان نساهم في تقويته.

النهار :

شكلت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري للبنان في اليومين الاخيرين فسحة واسعة لفتح ملف الاستحقاق الرئاسي العالق عند التعقيدات الداخلية والاقليمية المعروفة من منطلق مهمة الاستطلاع والتقصي التي ميّزت الزيارة التي لم ترق الى مستوى مبادرة، لكنها اتاحت للديبلوماسية المصرية ان تقلب صفحات الازمة السياسية في لبنان من مختلف جوانبها. واذا كان الوزير المصري لمح نتيجة لقاءاته الماراتونية مع الزعماء السياسيين الى وجود "عناصر توافق عدة وتفهم للمرحلة التي وصلنا اليها "الامر الذي عده" مؤشراً ايجابياً يفرض تكثيف الجهود للوصول الى ما نصبو اليه"، أكد "اننا سنستمر في تواصلنا على المستوى الاقليمي مع ما لدينا من علاقات مع قوى دولية مؤثرة لاستكشاف ما يمكن ان يتم".
وبدا لافتاً في هذا السياق ان الوزير شكري الذي كان جمع الى عشاء عمل مساء الثلثاء عددا من الاقطاب السياسيين، قام امس بجولة عليهم بدا معها انه اراد الوقوف بعمق على توجهات الزعماء ولا سيما منهم الاقطاب المسيحيين في شأن الازمة الرئاسية وما يمكن مصر القيام به من دور مسهل للتوافق الداخلي ومن ثم الاضطلاع بجهود على المستوى الاقليمي للدفع نحو انهاء الازمة الرئاسية، علماً انه شدد مراراً على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة وسيلة ضرورية لانهاء الازمة الرئاسية.
وقالت أوساط اطلعت على أجواء الجولة التي قام بها الوزير المصري لـ"النهار" إن هاجس تمادي الازمة الرئاسية الى السنة المقبلة ظلل الكثير مما سمعه من الافرقاء اللبنانيين وكان أبرز من عبر عن هذا الهاجس رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي شدد طوال اللقاء مع شكري على خطورة تجاوز الازمة الرئاسية الى استحقاقات اخرى قبل حلها. واعتبر ان القفز عن هذه الازمة سيشكل تشويشاً على الازمة الاساسية واذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة الجارية سيصبح لبنان في مواجهة ثلاث ازمات دفعة واحدة اذ ستبدأ مع السنة الجديدة الاستعدادات للانتخابات النيابية وفي حال اجراء انتخابات نيابية بلا رئيس للجمهورية ستصبح الحكومة في حكم المستقيلة كما سيكون مجلس النواب المنتخب معطلاً. ولذا أبرز جعجع ضرورة تركيز كل الجهود على انتخاب رئيس للجمهورية كأولوية اساسية.
ولم يكن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائه والنواب بعيداً من هذا السياق اذ عاد الى التحذير من ان "عامل الوقت ليس لمصلحة الجميع" ورأى أن الوضع في البلاد في نهاية السنة "سيكون على مفترق طرق اذا لم نتفق على الحلول المناسبة للملفات العالقة".

 

قبل اجتماع نيويورك
واتخذ التحرك المصري دلالة مهمة من حيث تفرد مصر تقريباً دون الدول العربية الاخرى في الاطلالة على الازمة الرئاسية في لبنان ولو من دون أوهام مضخمة حيال امكانات نجاحها حيث لم تنجح مثلا المبادرة الفرنسية. لكن هذا التحرك جاء متناغما مع تحركات ديبلوماسية أخرى منها ما كشفته مصادر ديبلوماسية في باريس لمراسل "النهار" في العاصمة الفرنسية من ان المحادثات التي اجراها أمس في الفاتيكان الرئيس الفرنسي مع البابا فرنسيس تطرقت الى الوضع السياسي في لبنان واهمية المساعدة على سد الفراغ الرئاسي فرنسوا هولاند وانتخاب رئيس من منطلق مخاوف لدى الطرفين من تأثير الفراغ الرئاسي والخلافات الداخلية على الوضع الاقتصادي من جهة والامني من جهة اخرى.
وتسعى دول صديقة للبنان منها فرنسا والفاتيكان ومصر الى القيام بمساع لدى الاطراف الدوليين والإقليميين لحشد الجهود قبل اجتماع مجموعة الدعم الدولية في نيويورك على هامش دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة أواخر شهر ايلول لاخراج الرئاسة من عنق الزجاجة. وتشير هذه المصادرالى ان عدم توصل القوى الدولية والإقليمية الى توافق على الاستحقاق الرئاسي اللبناني سيؤدي الى وضعه في الثلاجة الى حين تسلم رئيس أميركي جديد مهماته مطلع السنة ٢٠١٧ ورسمه سياسة اميركية جديدة للمنطقة. وتضيف انه يتعين على الاطراف اللبنانيين والإقليميين الافادة من الأسابيع المقبلة للتوصل الى تفاهم لان التأخير لن يكون في مصلحة الاطراف الداخليين.

مجلس الوزراء
الى ذلك، أبلغت مصادر وزارية "النهار" ان موضوع التعيينات العسكرية سيطرح في جلسة مجلس الوزراء العادية قبل ظهر اليوم وسيتولى طرحه نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل من خارج جدول الاعمال بإقتراح أسماء ثلاثة ضباط لإختيار أحدهم اميناً عاماً للمجلس الاعلى للدفاع وإذا لم يحظ أي منهم بثلثيّ أصوات الوزراء يصار الى تمديد ولاية الامين العام الحالي اللواء محمد خير وهو الامر المرجح.
وقالت إن جدول الاعمال الذي يتضمن 59 بنداً وعدداً من المراسيم ينطوي على مواضيع قد تثير جدلا في شؤون عقارية وعقود بالتراضي والطاقة.
وتوقعت المصادر ان يثار موضوع النفايات مجدداً في مجلس الوزراء من زاوية الاصرار على تنفيذ الخطة وعدم المسّ بها.وقالت ان حزب الطاشناق أبلغ حزب الكتائب انه ملتزم تنفيذ الخطة بالتنسيق مع الحكومة إنطلاقا مما وافقت عليه بلدية برج حمود المعنية بالملف.
ويدخل الاعتصام الذي ينفذه محازبون وناشطون في حزب الكتائب عند المدخل المؤدي الى مكان اقامة مطمر في برج حمود يومه الرابع وسط اصرار المعتصمين على منع استكمال الاعمال الجارية في المطمر والذين يحذرون من كارثة بيئية في منطقة المتن الشمالي جراء اقامة المطمر. وأدى هذا التحرك في مرحلته الاولى الى وقف الاعمال في كاسر الموج ولكن لم تتوقف أعمال نقل النفايات الى داخل المكب.

 

المستقبل :

«وضع البلاد في نهاية العام سيكون على مفترق طرق وعامل الوقت ليس لصالح الجميع».. هذا التحذير الواضح والصريح الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، إذا ما اقترن بالتحرك المصري الدافع باتجاه الإسراع في حل الأزمة الرئاسية، يدل على كون اللبنانيين باتوا على شفير هاوية لا مفرّ منها سوى باتخاذ قرار سريع بمغادرة مركب التعطيل واللحاق بركب الحلول الوطنية المرتكزة والمحتكمة أولاً وأخيراً إلى الدستور، سيما وأنّ وزير خارجية مصر سامح شكري نبّه اللبنانيين من تصاعد المخاطر على المنطقة ونصحهم، وفق ما لخّصت مصادر لبنانية لـ«المستقبل» فحوى الرسالة التي نقلها في مجمل لقاءاته، بأن «يستعجلوا الحل الرئاسي لأنه اليوم أفضل وأسهل من الغد في ظل التدهور المتصاعد في المحيط».

وعن زيارة شكري التي اختتمها أمس بسلسلة لقاءات شملت بيت الوسط والرابية ومعراب، رأى السفير المصري محمد بدر الدين زايد أنها «أتت في توقيت بالغ الأهمية في ظل استمرار تعقّد الأوضاع اللبنانية وتصاعد القلق من اشتداد الأزمة من دون وجود أفق واضح للحل حتى الآن»، موضحاً لـ»المستقبل» أنّ حصيلة الزيارة أظهرت «عنصرين إيجابيين الأول يؤكد وجود اتفاق بين كل الأطراف اللبنانيين حول عدم إمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه ولا بد بالتالي من حل الأزمة، والثاني أنّ جميع الأفرقاء الذين التقيناهم أبدوا رغبتهم بأن تلعب مصر دوراً في تسهيل الأمور والمساعدة في الحل ربطاً بالموقف المصري الثابت في عدم التدخل في الشؤون الداخلية»، وأردف: «لا توجد دولة لديها علاقة بكل المكونات اللبنانية كمصر التي تمتلك علاقات مع المكون الإسلامي بكافة تلويناته ومع المكون المسيحي، وكذلك الأمر مع الدروز الذين تجمعنا بهم روابط قديمة وهذا ما يتيح لها هذه المكانة».

ورداً على سؤال، أجاب: «لم تتبلور مبادرة حتى الآن لكن التحرك المصري الراهن هدفه تحديد مسارات للمساعدة وستكون هناك دراسة لنتائج الزيارة وسوف تستمر المشاورات لبلورة أمور محددة»، مضيفاً: «هدف الزيارة استطلاعي للاستماع مباشرة من الأطراف كافة لوجهات نظرهم، ونحن لدينا تصور واضح ورؤيا هي حالياً قيد التبلور ليُبنى على الشيء مقتضاه».

وعن أسباب عدم حصول لقاء بين وزير الخارجية المصري وممثلين عن «حزب الله»، أكد زايد أن «الأمر ليس مستحيلاً»، لافتاً إلى أنّ «مصر لديها علاقات تاريخية مع المكوّن الشيعي وتتحفظ بشدة على الاستقطاب السني الشيعي»، وختم بالقول: «لم يحصل لقاء مع «حزب الله» لكننا لم نغلق الأبواب وهم كذلك لم يغلقوا الأبواب، نحن حريصون على التواصل مع الجميع وعلى بلوغ كل ما يفتح الأبواب».

مجلس الوزراء

واليوم يدخل مجلس الوزراء أولى محطات ملف التعيينات العسكرية مع طرح وزير الدفاع سمير مقبل 3 أسماء مقترحة للتعيين خلفاً لأمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، غير أنّ مصادر وزارية استبعدت حصول أي من هذه الأسماء على نصاب الثلثين (16 صوتاً) اللازم للتعيين، وأكدت في ضوء ذلك لـ«المستقبل» أنّ المخاوف من تمدد الشغور إلى المراكز الأمنية والعسكرية ستدفع مقبل إلى اتخاذ قرار بتأجيل تسريح خير، ما سيفتح الباب تلقائياً أمام خطوة مماثلة لتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي في وقت لاحق من الشهر المقبل ربطاً بتعذر التوافق على مرشح يخلفه في قيادة المؤسسة العسكرية قبل 30 أيلول تاريخ انتهاء ولايته، وهو التاريخ نفسه الذي تنتهي فيه ولاية رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان غير أنّ عدم إمكانية التمديد لسلمان ستحتم على مجلس الوزراء تعيين خلف له في رئاسة الأركان.

الديار :

علناً قال العماد جان قهوجي «اذا عيّن قائد جديد للجيش اؤدي التحية للعلم، واغادر...».
وحين تسأل «الديار» مصدراً عسكرياً عن السبب الذي يحول دون الجيش وتنفيذ انقلاب بعدما بدا ان الدولة مهددة بالاضمحلال اذا ما بقيت الامور على تدهورها الحالي، مع استشراء كارثي للفساد، قال «الجيش اللبناني ديموقراطي ويخضع لاحكام الدستور كما للنصوص القانونية النافذة، مع تشديدنا على اننا لسنا رجال انقلابات ولا هواة سلطة».
الآن، مع اقتراب ساعة الحقيقة في 30 ايلول المقبل، وهو موعد انتهاء خدمات قائد الجيش الذي بات بحكم المؤكد ان يتم التمديد له عاماً آخر، تقول مصادر وزارية «اننا هنا لسنا امام جائزة ترضية، بل اننا امام واقع حاسم، وعلينا ان نستعيد بالذاكرة اي مخاطر مصيرية واجهها لبنان في السنوات الخمس المنصرمة والتي كادت تودي بالدولة واهلها».
وقالت المصادر «لسنا نحن ايضا هواة تمديد» ولكن لا بد من النظرة الاستثنائية الى الدور الاستثنائي الذي اضطلعت به المؤسسة العسكرية، نحن نمر في ظروف لا يمكن وصفها، في حال من الاحوال، بالظروف التقليدية، وكلنا اقتناع بان ما تحقق بالنسبة الى حماية لبنان ومنعه من التفكك، وحتى الحيلولة دون انفجار الحرب الاهلية، اكثر من ان يكون خارقاً».
اضافت المصادر «كلنا ثقة بان العماد ميشال عون الذي كان قائداً للجيش في ظروف صعبة ومعقدة، يعي حتماً ماذا يعني خلو موقع قائد الجيش ولو لدقيقة واحدة، بحسب توصيف الرئيس نبيه بري، واذ يبدو واضحاً ان هناك خلافاً حول البديل، واذ تصرّ قوى مسيحية على عدم تعيين قائد للجيش في ظل الشغور الرئاسي، ومع اعتبار ان رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة، فان التمديد عملية حتمية وضرورية ووطنية».
المصادر اضافت انه ما من مرة حاول العماد قهوجي ان يلامس العمل السياسي، وعلى كل لا وقت لديه لمجرد التفكير بهذا الامر ما دام الجيش موجوداً على جبهتين هما الاكثر حساسية وخطورة في الشرق الاوسط، وما دام موجوداً في الداخل على آلاف الجبهات».
واشارت المصادر الوزارية الى ان القيم الشخصية لدى العماد قهوجي، وكضابط لديه تجربة عسكرية ثرية ومديدة جعلته يركز كل اهتماماته، ومؤسسات الدولة تتخبط داخل ازماتها، على «لبنان اولاً واخيراً»، داخل المؤسسة العسكرية هناك «لبنان اولاً واخيراً».
عودة الى المصدر العسكري الذي التقته «الديار»، اكد على دور الجيش في هذه المرحلة، وفي المرحلة المقبلة التي لا يعرف احد ما اذا كانت عاصفة عسكرية ام عاصفة ديبلوماسياً في سياق التطورات «الهائلة» التي تشهدها المنطقة.
تشديد على تفكيك اي محاولة، وسواء جاءت عبر الحدود ام من داخل الحدود، للانفجار او للتفجير. تطمين بان الاستقرار الامني راسخ وثابت، دون نفي المخاطر ما دمنا نعيش في منطقة لا تتلاطم فيها الامواج بل وتتلاطم فيها النيران ايضاً.
يستعيد بعضاً من السيناريوات التي كانت تتوخى تحويل «الامر الواقع» في بعض المناطق الى «امارات»، واضاءة لتلك الايام الصعبة والقاسية حين كانت هناك من يفعل المستحيل لتسويق الحساسيات الطائفية والمذهبية.
يقول ان قرار العماد قهوجي، ويعاونه في ذلك مدير المخابرات في الجيش العميد كميل ضاهر «لا امارات ولا شبكات ارهابية في لبنان».
اقرار بان الشحنة الاخيرة من الاسلحة الاميركية كانت بالغة الاهمية، وباتت لدى الجيش قوة نارية كاسحة، على ان تصل قريباً 6 طائرات «سوبرتوكانو»  هي من اصل هبة المليار دولار السعودية، وان طوت المملكة صفحة هذه الهبة، فقد ظلت واشنطن على التزامها تقديم هذه الطائرات التي سيكون لها دورها في حماية الاراضي اللبنانية.

ـ ليس لمحاربة «حزب الله» ـ

هل هذا السخاء الاميركي من اجل ان يحارب الجيش «حزب الله»؟ يقول المصدر العسكري «الاكيد لا»، و«الدليل اننا لا نحارب الحزب، ونحن نتقيد كلياً، وحرفياً، بما ورد في البيان الوزاري لجهة المقاومة التي هي جزء حيوي من النسيج اللبناني».
تأكيد على «اننا لا نأخذ سلاحاً مشروطاً، هذا السلاح هو لحماية لبنان من كل معتد، ولو كان المعتدي اسرائيل».
اما لماذا عدم  التنسيق مع الجيش السوري، وهو التنسيق الضروري ميدانياً للاطباق على التنظيمات الارهابية في الجرود، فالجواب لدى المصدر العسكري، «ان اي خطوة من هذا القبيل تقتضي قراراً من السلطة السياسية التي موقفها لا تنسيق».
في الحال هذه، اي استعدادات اذا حاول تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» اختراق الدفاعات اللبناينة؟ في نظر المصدر العسكري فان اي محاولة اختراق ستكون صعبة جدا، ثم ان عدد المقاتلين بات محدوداً نسبياً (800 عنصر للتنظيم و500 للجبهة) الا اذا حدث تطور دراماتيكي على الارض السورية، واقاموا قوة ضاربة في الجرود.
في كل الاحوال، «هذا مرتبط بالسياق الذي تأخذه التطورات الاقليمية، لكن الجيش اللبناني على اهبة الاستعداد للقضاء على اي محاولة للهجوم، دون ان  ننفي، بشكل قطعي، احتمال المخاطر ما دمنا في منطقة تعيش على خط الزلازل، وعلى خط الحرائق ايضاً».
المصدر اكد «ان العمليات الاستباقية حدت من خطورة المسلحين الذين هم الآن في وضع سيء ويقومون بتهريب الطعام عبر المخيم الواقع في منطقة الملاهي، وهي المنطقة التي تقع خارج نطاق انتشار الجيش اللبناني».
واشار الى ان الجرود كلها محاصرة ومطوقة، ليوضح عدم وجود اي تقاطع على الارض بين الجيش اللبناني و«حزب الله».
ماذا عن مخيمات النازحين، وحيث الاقرار المباشر  بانها لا بد ان تحتوي على قنابل موقوتة؟ المصدر العسكري يقول ان عمليات الرصد والمتابعة قائمة على قدم وساق، وهناك اعمال دهم منهجية ومتواصلة، وهذا ما يطمئن حتى النازحين «وما يمكننا تأكيده ان عيوننا موجودة في كل مكان».
دائما هناك هاجس مخيم عين الحلوة، كلام من المصدر العسكري، اننا لم نفكر يوماً في تدمير المخيم والتسبب بنكبة جديدة. اهل المخيم اهلنا، ونحن ندرك عذاباتهم ومعاناتهم، وهم في غالبيتهم الساحقة ضد الفوضى والتسيب لكي يمارسوا حياتهم الطبيعية».

ـ اتصالات مع الرقة ـ

ويشير الى «اننا ضغطنا لمعالجة قضية العناصر الارهابية في المخيم بعدما تبين لنا ان هناك اتصالات مباشرة بين هؤلاء وقيادة «داعش» في الرقة ما يشير بانهم كانوا يعدون العدة لامر ما».
يؤكد ان موقفنا كان حا سماً لهذه الجهة، ممنوع المس بالامن اللبناني، هذا خط احمر، وسألنا هل انتم مستعدون لتحميل مائة الف فلسطيني نتيجة افعالكم».
يضيف «وقلنا لهم اننا واللواء عباس ابراهيم حريصون الى اقصى الحدود عليكم، ويفترض ان تكونوا انتم حريصين على المخيم واهله الذين ندرك في اي ظروف يعيشون، فهل المطلوب رفع مستوى البؤس والقلق ام نؤمن لهم التوازن النفسي والامني والاجتماعي».

ـ فضل شاكر وشروطه ـ

هناك ارتياح لعمليات الاستسلام، وبوساطة يقوم بها الشيخ ماهر حمود وجمال خطاب، و«اليوم سلم نفسه عم بلال بدر وابن شقيق اسامة الشهابي. هذا لا يكفي، على الجميع ان يسلموا انفسهم، وهم يعلمون ان القضاء ينصفهم ولا يظلم اياً منهم».
المصدر العسكري يلاحظ بعض الايجابيات «حل تجمع الشباب المسلم واعلان هلال هلال  انه لا ينتمي الى «داعش» مع انه سبق وبايع التنظيم، كما ان اسامة الشهابي، وفي خطبة عيد الفطر، دعا الى التعايش، لكن المطلوب هو تسليم او استسلام جميع العناصر التي يمكن ان تهدد الامن اللبناني، ومع اعتبار ان امن المخيم هو جزء لا يتجزأ منه».
رفض لشروط فضل شاكر الذي ابدى الاستعداد لتسليم نفسه على ان يطلق في الحال ويسافر الى خارج البلاد «نحن دولة ولسنا ميليشيا. الكلمة الفصل في هذه الامور للقضاء».

ـ التنسيق مع ابراهيم ـ

تشديد من المصدر العسكري على ان التنسيق «شغال» على مدار الساعة مع اللواء ابراهيم حول معالجة اوضاع المخيم «ودون ان يكون هدفنا، في اي حال، المخيم بالذات بل الخارجين على القانون والذين اشاعوا القلق بين السكان حتى ان هؤلاء رفعوا يافطات يطالبون فيها بدخول الجيش».

الجمهورية :

خلاصة زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت، وكما حدَّدها مرجع كبير، أنّها كانت «سياحة استطلاعية» لا أكثر ولا أقلّ. وقد سَقطت زيارة الوزير المصري على مشهد لبنانيّ يتآكله الاهتراء والتعقيد السياسي والانسداد الرئاسي والإرباك الأمني، إنْ جرّاء النزفِ الحاصل من خاصرة عرسال ومحاولات المجموعات الإرهابية العودةَ إلى أسلوب العبوات الناسفة لضرب الاستقرار الداخلي، أو من خلال الاشتباك السياسي على التعيينات العسكرية التي ستكون بنداً رئيساً على طاولة مجلس الوزراء اليوم. يأتي ذلك بالتوازي مع الانهماك العام بالتطوّرات الإقليمية المتسارعة من حول لبنان، في ظلّ التدخّل العسكري الروسي الثقيل في الأزمة السورية وما قد ينتج عنه من تداعيات في الآتي من الأيام، وسط حديث عن ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري على أكثر من جبهة، بما يفتح البابَ على شتّى الاحتمالات.

إذا كان الوزير المصري قد حرصَ على إضفاء الطابع الإيجابي على المحادثات التي أجراها مع الأطراف السياسية اللبنانية، إلّا أنّ هذه الإيجابية، ما كانت إلّا إيجابية من طرف واحد، أسقَطها الجانب المصري على زيارته، أمّا من الجانب اللبناني، فكانت ناقصة من ثلاث نواحٍ:

الأولى، إنّ الحركة المصرية كانت على ضفاف الصحن الرئاسي، وجعبة الوزير شكري كانت خالية من أيّ مبادرات رئاسية. وإنْ كانت بعض الزوايا السياسية اللبنانية قد حاوَلت الإيحاءَ بوجود رغبة مصرية بعقدِ «دوحة مصرية» في شرم الشيخ، وذلك بناءً على نصائح جهات لبنانية، إلّا أنّ ذلك لم يتأكّد لا من الجانب المصري ولا من الجانب اللبناني.

الثانية، مقاطعة الوزير المصري لـ»حزب الله»، واستثناؤه من جدول لقاءاته، مع أنّ الحزب هو أحد أبرز اللاعبين الداخليين على ملعب الاستحقاق الرئاسي.

وإذا كانت هذه المقاطعة قد وصَفها مراقبون بأنّها أفقَدت زيارة شكري زخمَها، لكنّ مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله» عكسَت أجواء تفيد بأنّ الحزب اعتبرَ نفسَه غيرَ معنيّ بهذه الحركة المصرية، وبمعزل عمّا إذا كانت جدّية أو غير ذلك، فإنّ الحزب على قناعة بأنّ كلّ الآخرين في الداخل والخارج يدركون أن لا إمكانية لعبور أيّ حلّ بمعزل عنه.

الثالثة، مقاطعة الوزير المصري لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، وعدمُ إدراجه ضمن جدول لقاءاته، وكذلك عدمُ إدراجه لا هو ولا مَن ينوب عنه في عشاء العمل الذي أقامه في منزل السفير المصري في لبنان محمد بدر الدين زايد في دوحة الحص. وذلك بذريعة مشاركة الإعلامي المصري باسم يوسف في مهرجانات بيت الدين.

وكان لهذه المقاطعة المصرية، الأثرُ السلبي لدى فريق جنبلاط، وقد تمّ التعبير عن ذلك في الاعتذار عن المشاركة في الغداء الذي دعا إليه وزير الخارجية جبران باسيل على شرَف نظيره المصري.

علماً أنّ مراجعَ سياسية استغرَبت هذه الخطوة المصرية وسجّلت علامة سلبية عليها، مقرونةً بالتساؤل: كيف لجهدٍ عربيّ، ومصري بالتحديد، أن يأتي محاولاً السعيَ للتقريب بين اللبنانيين، وفي الوقت ذاته، يتجاهل طرفاً لبنانياً أساسياً، له موقفُه وموقعه في الملف اللبناني؟

وعلمت «الجمهورية» أنّ محادثات شكري، لم تخرج بما يمكن اعتباره نتيجة جوهرية، خصوصاً أنّه في لقاءاته مع الأطراف اللبنانيين، كان مستمِعاً في أغلب الأحيان، مجاملاً إلى الحدّ الأقصى، وطرَح أسئلة متعدّدة، وطلبَ استفسارات حول أمور كثيرة، وكان فريقه يدوّن الإجابات اللبنانية التي التقت في كلّيتِها على الاستعجال في إتمام الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن، إلّا أنّها لم تكن مجمِعة على الجانب الترشيحي.

وبحسب المعلومات، فإنّ شكري أكّد لمَن التقاهم أنّه لا يحمل مبادرةً لحلّ الأزمة الرئاسية في لبنان، بل عبَّر عن رغبة مصر في تفعيل حضورها، واستعدادها للعِب دور مساعد في بلوَرة الحلول الملائمة، والقيام بما يمكن أن يُسهّل على اللبنانيين سلوكَ طريق الانتخابات الرئاسية.

وإذا كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع قد استبَق لقاءَه بالوزير المصري بوصفِ زيارته بأنّها «غير تقليدية»، فإنّ أجواءَ معراب لم تعكس وجودَ خرقٍ، وعلمت «الجمهورية» أنّ اللقاء بين شكري وجعجع كان ودّياً، وقد أكّد الوزير المصري الحرصَ على لبنان والرغبةَ في السعي لإخراجه من أزمته.

وفي المعلومات، أنّ الكلام في غالبيته خلال اللقاء كان للدكتور جعجع، الذي استفاضَ في شرح الوضع الداخلي، مؤكّداً للوزير المصري أنّ أيّة مبادرةٍ، لكي تكون جدّية وذاتَ فعالية ومنتِجة، ينبغي أن تركّز على وجوب إتمام الانتخابات الرئاسية كأولى الخطوات، خصوصاً أنّ رئاسة الجمهورية تشكّل المدخل الإلزامي لحلّ كلّ القضايا الأخرى.

وشدّد جعجع على وجوب أن يتمّ التركيز على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل آخر السنة، لأنّ بعد هذا التاريخ سيَستغرق لبنان في التحضير للانتخابات النيابية. ولفتَ الانتباه إلى أنّ الذهاب إلى انتخابات نيابية قبل الرئاسية معناه أنّه بدل أن تكون لدينا مشكلة واحدة (الفراغ الرئاسي)، تصبح لدينا ثلاث مشاكل، هي: رئاسة جمهورية معطّلة، مجلس نيابي معطّل، وحكومة معطّلة، لذلك المدخل الرئيسي يكون عبر انتخابات رئاسية، وثمّ انتخابات نيابية.

وقال جعجع للوزير المصري: مع الترحيب بكلّ جهدٍ مصري، لكنّ الجهود ينبغي أن تصبّ في الاتجاه الذي يؤدّي إلى إحداث اختراق رئاسي قبل آخِر السنة، تليه انتخابات نيابية طبيعية، ليعود البلد إلى العيش بشكل طبيعي.

في السياق نفسِه، عُلم أنّ لقاء «بيت الوسط» الذي جَمع الوزير المصري بالرئيس فؤاد السنيورة ونوّاب من كتلة «المستقبل»، تناولَ الأوضاع الفلسطينية واللبنانية وكذلك وضعَ المنطقة، والعلاقات مع إيران وتركيا.

وسَمع الوزير المصري تحفّظات حيال الدور الإيراني كسبَبٍ لكلّ المشكلات. وقد شدّد شكري، بحسب المصادر، على سعي مصر الدائم للتهدئة في المنطقة.

ولفَتت المصادر إلى أنّ شكري كان مستمعاً أكثر ممّا كان متحدّثاً، موضحةً أنّه بالوصول إلى الحديث عن أزمة الشغور الرئاسي، كان موقف شكري مشجّعاً على التفتيش عن حلول قبل الدخول في مشكلات كبيرة.

وإذ استبعَدت المصادر أن تكون زيارة الوزير المصري لتأدية دورٍ ما لحلّ هذه الأزمة، اعتبرَت أنّ الهدف منها تكوين فكرة تُمهّد لعودة مصرية إلى الساحة السياسية.

 

اللواء :

عدا عمّا توقعته «اللواء» أمس، بالنسبة للتمديد للأمين العام لمجلس الدفاع اللواء محمّد خير سنة جديدة في مجلس الوزراء اليوم، وما نشرته بخصوص مواضيع جدول الاعمال الذي يتضمن 85 بنداً، فلا جديد يمكن ان يطرأ على الجلسة اليوم غير أزمة النفايات التي بدأت تطل برأسها من خلال أزمة مكب برج حمود الذي يواجه اعتصاماً كتائبياً وقطعاً لطريق عبور شاحنات النفايات إلى المكب، مما تسبب بتكديسها في الشوارع والاحياء السكنية في مناطق كسروان والمتن وبعبدا، على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
ولئن أكّد وزير الزراعة ورئيس اللجنة المكلفة بموضوع النفايات اكرم شهيب لـ«اللواء» ان الأمور لا تزال تسير بشكل طبيعي في بيروت بالنسبة لرفع النفايات من الحاويات في الشوارع والاحياء من قبل شاحنات شركة «سوكلين»، فإنه أعلن انه سيثير موضوع ما يجري في مكب برج حمود امام مجلس الوزراء، بعد التشاور مع الرئيس تمام سلام، مشيراً إلى انه سيلتزم بما يقرره مجلس الوزراء بهذا الخصوص، لافتاً إلى انه إذا كان حزب الكتائب مصراً على موضوع الرقابة على الأعمال في المكب، فهذا حقه اما التعطيل من أجل التعطيل فهذا يضر بالبلد، وستعود النفايات مع الأسف إلى بعض المناطق.
ولفت شهيب إلى ان لمجلس الوزراء وحده الحق في النظر إلى موضوع التحركات الاعتراضية، مشيراً إلى انه إذا جرى تعطيل لخطة النفايات، فقد تنتفي الخيارات الأخرى.
وعلمت «اللواء» انه في مراحل سابقة من الاعتراض الكتائبي، اجريت اتصالات للتحذير من مغبة هذه التحركات والعودة عنها.
ولاحظت مصادر وزارية في هذا السياق ان تفاقم أزمة النفايات في كسروان والمتن، في حال تمّ اقفال مطمر برج حمود، سيدفع الأمور باتجاه تحركات شعبية واسعة، لا أحد يعلم إلى أين ستؤدي، علماً ان رئيس الكتائب النائب سامي الجميل سيكون له موقف ضاغط من هذا الموضوع باتجاه اقفال المطمر نهائياً.
التعيينات العسكرية
اما بالنسبة للتعيينات العسكرية، فقد أعلن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل بعد زيارته الرئيس نبيه برّي في عين التينة، انه سيطرح، ومن خارج جدول أعمال مجلس الوزراء ثلاثة أسماء لتعيين واحد منهم خلفاً للأمين العام الحالي للمجلس الأعلى للدفاع، وانه في حال لم يحصل اتفاق أو قرار باغلبية ثلثي الوزراء، فإنه سيمارس واجباته الدستورية والقانونية وسنداً للمادة 55 من قانون الدفاع الذي يعطي وزير الدفاع صلاحية إصدار قرار تمديد مهلة تسريح الضباط.
وبالنسبة لقائد الجيش، أوضح مقبل انه ما يزال هناك وقت حتى 30 أيلول المقبل، موعد انتهاء الولاية الممددة للعماد جان قهوجي، لكنه لفت إلى ان ما سيطبق على مركز الأمانة العامة لمجلس الدفاع سيطبق على قيادة الجيش لاحقاً، مؤكداً ان الفراغ في الجيش وفي المجلس العسكري غير وارد.
غير ان مصادر معنية بالملف، شددت لـ«اللواء» على ضرورة وأهمية طرح موضوع قيادة الجيش في الجلسة اليوم، باعتبار انه لا يجوز تأجيله حتى نهاية فترة خدمة قائد الجيش، أي نهاية أيلول، مشيرة إلى انه من الأفضل بت الموضوع اليوم قبل الغد، وانه لا موجب لتأجيله حتى ربع الساعة الأخيرة، وذلك من أجل مصلحة المؤسسة العسكرية التي تنتظرها الكثير من الاستحقاقات والمهام الأمنية، وهي تكاد تكون - ربما - المؤسسة الوحيدة الفاعلة والعاملة بأكثر من طاقتها في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي تواجه لبنان في هذه المرحلة التي يواجه فيها الإرهاب الشرس على حدوده الشرقية، والتي كان آخرها ضبط عبوة ناسفة على طريق رأس السرج في منطقة عرسال، ومعدة للتفجير من خلال فتيل صاعق، وذلك بعد يومين من انفجار عبوة مماثلة باحدى آليات الجيش، بنفس الطريق، مما أدى إلى إصابة خمسة عسكريين بجروح طفيفة.
ولفتت المصادر إلى ان ما سيسرى على موضوع قائد الجيش، سيسرى بالنسبة لرئاسة الأركان، لناحية تأجيل طرح الملف، باستثناء ان مُـدّة الخدمة العسكرية لرئيس الأركان الحالي اللواء الركن وليد سلمان ستنتهي في نهاية أيلول، ولا يجوز بالتالي قانوناً اللجوء إلى تأجيل التسريح، بل تعيين بديل يرجح ان يكون العميد الركن حاتم ملاك، على الرغم من ان الاتصالات والمشاورات لم تحسم هذا الخيار بعد.
ولم تستبعد مصادر وزارية ان تشهد جلسة اليوم نقاشات ربما تصل إلى شيء من الحدية، في ضوء ما سيطرحه مقبل، لكن المصادر توقعت ان لا تتخطى هذه النقاشات أكثر من تسجيل الاعتراضات على مبدأ التمديد، لا سيما من قبل وزيري «التيار الوطني الحر»، لمعرفة الجميع دقة الظروف الراهنة التي لا تسمح باجراء التعيينات العسكرية، خصوصاً وأن هناك شبه استحالة لتعيين قائد جديد للجيش في هذه المرحلة حيث ان معظم القوى السياسية أصبحت مقتنعة بأن لا بديل عن العماد قهوجي، في هذه المرحلة مما يجعلها تتمسك ببقائه، وفي مقدم هذه القوى حليف التيار العوني «حزب الله».
وفي تقدير المصادر انه لهذا السبب ينظر التيار إلى ملف التعيينات الأمنية بكثير من التروي والتحسب لكل الاحتمالات، وقد أكدت مصادر قيادية فيه ان وزيري التيار لن ينسحبا من الحكومة، لكنهما سيعبران عن رفضهما لأي تمديد استناداً إلى ضرورة احترام الدستور من دون اللجوء إلى التعطيل.
ومهما كان من أمر، فقد دعت مصادر وزارية إلى انتظار ما سيطرحه وزير الدفاع من أسماء للأمانة العامة لمجلس الدفاع، علماً ان الوزراء لم يتسلموا سيراً ذاتية أو معلومات عن المرشحين الثلاثة.
زيارة شكري
سياسياً، وباستثناء ما تأكد لدى الذين التقوا وزير الخارجية المصري سامح شكري، من أنه لا يملك أفكاراً محددة في شأن ما تردّد عن مبادرة مصرية باتجاه إنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية، وأن زيارته هي فقط لاستيضاح ما يجري في لبنان على هذا الصعيد، والإستماع من القيادات اللبنانية، حول ما لديهم من مواقف وأفكار في هذا الشأن، فإنه لم يسجّل أي تطوّر سياسي لافت أمس، غير ما أكده الرئيس نبيه برّي من أن الوضع لم يعد يُحتمل مع استمرار المراوحة والاهتراء في المؤسسات، ولا سيما وأن ذلك ينعكس على المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية، كما ينعكس على الوضع والانتظام العام في البلاد.
ودعا برّي، بحسب ما نقله عنه نواب الأربعاء، إلى الإسراع في الاتفاق على الحل الشامل بدءاً من رئاسة الجمهورية، مؤكداً أن عامل الوقت ليس لصالح الجميع، مجدداً تأكيده أن الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها، ولا عودة للتمديد تحت أي ظرف كان، معتبراً أن ذلك يقتضي الإسراع في الاتفاق على قانون انتخابات يشكّل العمود الفقري للحل.
وحذّر برّي من مخاطر الوضع الاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم، والذي يحتاج إلى عناية خاصة تبدو متعذّرة في ظل عدم إيجاد حلول سياسية للأزمة الراهنة، لافتاً إلى أن الوضع في البلاد سيكون في نهاية العام الحالي على مفترق طرق إذا لم يتم الاتفاق على الحلول المناسبة للملفات العالقة.
ولوحظ أن الوزير المصري غادر بيروت مساء أمس من دون أن يلتقي أحداً من مسؤولي «حزب الله»، وهو أوضح في المطار لدى سؤاله عن هذا الموضوع، أن السفير المصري محمّد بدر الدين زايد وجّه الدعوة لأحد وزراء الحزب لحضور مأدبة العشاء التي أقامها مساء أمس الأول، والتي جمعت معظم القيادات اللبنانية السياسية، إلا أنه لم يحضر، ولا أعرف لماذا؟
وشدّد شكري خلال اللقاءات المنفردة التي عقدها أمس من خلال زيارات لكل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة بمشاركة وفد من نواب كتلة «المستقبل»، والنائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، على أنه لمس لدى هذه القيادات عناصر توافق اعتبرها مؤشراً إيجابياً، مؤكداً أنه سيستمر في التواصل مع هذه القيادات على المستوى الإقليمي وبما لدى مصر من علاقات مع قوى دولية مؤثرة لاستكشاف ما يمكن أن يتم، مشيراً إلى وجود اهتمام دولي وإقليمي بالوضع في لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن السفير المصري الجديد في لبنان نزيه النجاري، رافق الوزير شكري في الزيارة، استعداداً لتسلّم منصبه الجديد أول الشهر المقبل، خلفاً للسفير زايد.
ماذا وراء تسليم المطلوبين؟
في هذا الوقت، وعلى صعيد أمني، كرّت، أمس، سبّحة تسليم المطلوبين الموجودين في مخيم عين الحلوة، لأنفسهم للأجهزة الأمنية، ولا سيما لمخابرات الجيش، ما ترك جملة من التساؤلات عن دوافع وأسباب وتوقيت هذه الخطوة.
وفي معلومات مصادر فلسطينية متابعة للملف، أن توافقاً جرى بين قيادة الجيش والجانب الفلسطيني ممثلاً بالسفير أشرف دبور، لحلحلة قضايا المطلوبين، وبينهم من صدرت بحقهم بلاغات بحث وتحرٍ أو وثائق وتقارير بتهم الانتماء إلى مجموعات إر<