إسارئيل تستغل لبنان الغارق في مشاكله الداخلية وتتقدم برا  , وروسيا تستعمل  أرض إيران لضرب سوريا

 

السفير :

بينما يحترف لبنان المتخبّط في أزماته فنّ إضاعة الوقت، تسعى اسرائيل الى أن تملأه على طريقتها التوسّعية والعدوانية. فقد صعّد العدو الموقف في منطقة مزارع شبعا ومحيطها، وأمعن في خرق السيادة الوطنية، بمحاولته شقّ طريق عسكرية في داخل الأراضي اللبنانية في خراج مزارع شبعا المحتلة، وتحديداً في منطقة الشحل مروراً بمحاذاة بركة النقار، الأمر الذي أدى الى استنفار ميداني، على ضفتي الحدود.
أما بحراً، فإن اسرائيل أعطت إشارة الى خضوعها لقواعد اللعبة التي رسمتها المقاومة، مع قرارها بعدم التنقيب عن النفط والغاز في نقاط بحرية متنازع عليها مع لبنان، تجنّباً لأي مواجهة إقليمية محتملة.
وقد أثار الخرق الإسرائيلي البرّي الفاضح، في منطقة «المزارع»، توتراً حدودياً كبيراً، دفع الجانب اللبناني الى تسجيل اعتراض شديد لدى قيادة القوات الدولية («اليونيفيل»)، فيما عُلم أن مهلة 24 ساعة أعطيت لـ «اليونيفيل» من أجل معالجة الوضع ووقف الأشغال الإسرائيلية المتمادية، وإلا فان تحركاً شعبياً سيحصل في اتجاه قوات الاحتلال، على الأرض، لمنعها من مواصلة أعمال شق الطريق.
والمفارقة، أن السحر انقلب على الساحر أثناء انتهاك العدو للسيادة اللبنانية، حين انزلقت جرّافة إسرائيلية خلال عملية التجريف واصطدمت بناقلة جند عسكرية معادية، ما أدى الى سقوط إصابات عدة في صفوف جنود الاحتلال، سارعت سيارات الإسعاف وإحدى الطوافات الى إجلائهم من المكان، تحت مراقبة العيون اللبنانية.
وفي المعلومات، أن العدو يحاول استحداث الطريق، خارج الشريط الشائك، بمسافة تمتد قرابة كيلومترين طولاً وتتراوح بين 50 و100متر عرضاً، في داخل الأراضي اللبنانية، مع الإشارة الى أنه سبق للبنان أن تحفّظ على الخط الأزرق الذي يمرّ خلف السياج الشائك بعمق 50 الى 60 متراً في الأراضي المحرّرة، ما يعني أن هذه المنطقة هي في الحد الأدنى، متنازع عليها، ولا يحق للعدو بأي شكل من الأشكال اختراقها أو التصرف بها.
ويبدو أن العدو الإسرائيلي كان قد أبلغ قيادة القوات الدولية، قبل فترة، بنيّته استحداث الطريق، فرفضت، لكنه أصرّ على المضي في «ورشة التوسّع».
وقد حذّرت جهات لبنانية قائد «اليونيفيل» أمس من التداعيات التي يمكن أن تترتب على الخرق الإسرائيلي الذي يشكّل قضماً لجزء من التراب اللبناني، مؤكدة أن القوات الدولية تتحمل مسؤولية معالجة الواقع المستجد، وإلا فإن الموقف قد يتطور نحو الأسوأ، ما لم يتم تداركه سريعاً.
وعُلم، ان «رسالة التنبيه» أخذت على محمل الجد في الناقورة، وسط خشية لدى قيادة القوات الدولية من ردود الفعل التي يمكن ان يتسبب بها التمدد الاسرائيلي خارج نطاق السياج الشائك، في منطقة شبعا المعروفة بحساسيتها الحدودية والعسكرية.
وتفقّد المنطقة قائد اللواء التاسع في الجيش اللبناني العميد الركن جوزف عون، وقائد القطاع الشرقي في «اليونيفيل» الجنرال الفريدو بيريث دي اغوادو، وقائد الكتيبة الهندية العقيد ديرندرا سينغ، للاطلاع ميدانياً على الأشغال الإسرائيلية تمهيداً لوضع تقرير مفصّل ورفعه الى السلطات المعنية.
مكابح اسرائيلية في البحر
الى ذلك، وبعد أيام قليلة من الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في بنت جبيل، لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لانتصار تموز 2006، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن الحكومة الإسرائيلية، وتجنّباً لتفجير الموقف مع لبنان، عمدت إلى منع التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها.
وكان نصرالله قد ضمّن خطابه رسالة تحذير «نفطية» الى العدو الاسراِئيلي، بقوله: اليوم نحن لدينا فرصة، وبسبب نتائج حرب تموز، وبسبب الردع المتبادل، كل الناس تعرف انه يوجد هنا نفط ويوجد هناك نفط، واضح؟ وهنا يوجد غاز وهناك يوجد غاز، وهنا ستعمل منشأة بالأراضي اللبنانية، وهناك توجد منشأة بالأراضي الفلسطينية، وفهمكم كفاية. وأضاف: لبنان اليوم في وضع قادر على أن يحمي نفطه وغازه، وكل ما عليه هو أن يأخذ قراراً ليستخرجهما، ويحل مشكلاته الاقتصادية والمعيشية والمالية.
ومن الواضح، أن عبارة «فهمكم كفاية» أدّت غرضها، وبالتالي، نجحت المقاومة في تحقيق توازن ردع مع إسرائيل، دفعها الى لجم اندفاعتها النفطية الاستثمارية، عند الحدود البحرية مع لبنان، خصوصاً في النقاط المتداخلة.
وأفادت «يديعوت أحرونوت» أن هذه المنطقة (المتنازع عليها) تنطوي على احتمالات عالية بوجود مخزون غاز يدخل إلى داخل المنطقة اللبنانية، مشيرة إلى أن الفحوصات التي أجريت على أرضية البحر بيّنت أن قسماً كبيراً من الخزان القائم قبالة رأس الناقورة يمتد خلف الحدود إلى داخل لبنان، وإسرائيل تفضّل عدم الدخول في مغامرة متفجّرة كهذه.
وأوضحت الصحيفة أن وزارة الطاقة الإسرائيلية صادقت مؤخراً على خريطة جديدة تقرر المناطق المستقبلية المسموح التنقيب عن الغاز والنفط فيها داخل المياه الاقتصادية الحصرية في البحر المتوسط. وقد شطبت هذه الخريطة معظم التصاريح القديمة، عدا المناطق التي يوجد فيها غاز بشكل مؤكد.
ويمكن في الخريطة الجديدة العثور على ترخيص مثير للاهتمام ما زال قائماً، وهو يقع على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. وهذا الترخيص يسمى «ألون د» وتملكه شركتا «ديلك و «نوبل إنرجي». سبق أن أعلن في الماضي عن أن إسرائيل تمنع تنفيذ عمليات تنقيب في نطاق هذا الترخيص بسبب قربه من الحدود البحرية، ليتبين حالياً السبب الحقيقي وراء ذلك وهو الخشية من تفجير الموقف مع لبنان و «حزب الله».
وخلافاً لـ «ألون د»، فإن هذه المشكلة لا تشمل حقلي «تمار» و «لفيتان» الواقعين في عمق المياه البحرية الإسرائيلية.
وقد أظهرت الفحوصات السسمولوجية أن البنية الجيولوجية تحت الأرض في هذا الموقع يمكنها أن تحوي مخزوناً كبيراً من الغاز، وهو يقع بالضبط على ذات الأرضية التي اكتشف فيها حقلا «تمار» و «لفيتان».
وأوضحت «يديعوت» أن فحص الخرائط السسمولوجية يظهر أن قسماً كبيراً جداً من بنية المخزون تقع داخل الأراضي اللبنانية. وعندما طلبت الشركات صاحبة الترخيص بدء التنقيب، تم التوضيح لها أن هذا لن يحدث قريباً، برغم احتمالات أن يقرر اللبنانيون البدء منفردين بالتنقيب في منطقتهم واعتبار الحقل كله ملكهم.
وأشارت الصحيفة إلى وجود نزاع على الحدود مع اللبنانيين في البحر. لذلك فإن رسم الخريطة الجديدة أشار إلى ثلاثة «بلوكات» تنقيب، حيث تظهر المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وترخيص «ألون د» لا يدخل ضمن هذه المنطقة، لكن هناك خشية من أن العثور على الغاز فيه سيفجّر صراعاً مع اللبنانيين هو ما يمنع التنقيب حالياً.

النهار :

وسعت موسكو أمس حملتها الهادفة الى دعم الرئيس السوري بشار الاسد، متخذة ايران منصة جديدة لانطلاق مقاتلاتها لقصف أهداف لها داخل سوريا، وذلك للمرة الأولى منذ بدء تدخلها العسكري في النزاع في أيلول من العام الماضي، في تطور أثار تساؤلات عما اذا كانت هذه الخطوة مجرد حاجة استراتيجية أم أنها تنطوي على رسالة سياسية من الكرملين الى البيت الابيض.

 

ووصفت واشنطن الخطوة الروسية بأنها "مؤسفة لكنها غير مفاجئة"، مضيفة أنها لا تزال تقوّم مدى التعاون الروسي - الإيراني.
ويعتقد أنها المرة الأولى تسمح إيران لقوة أجنبية باستخدام أراضيها في عمليات عسكرية منذ الثورة الإسلامية عام 1979. ومن شأن نشر قوات روسية في إيران تعزيز صورة موسكو لاعباً محورياً في الشرق الأوسط ، كما أنه يساعد القوات الجوية الروسية على خفض مدة الطيران وزيادة حمولة الطائرات.
إلا أن مسؤولاً أميركياً طلب عدم ذكر اسمه أعلن أن المقاتلات الروسية التي استخدمت القاعدة الايرانية عادت الى روسيا وأن لا قوات روسية في ايران. وأوضح ان روسيا تحدثت عن احتمال اقلاع طائرات من ايران منذ العام الماضي، الا أن قرارها القيام بذلك الثلثاء شكل مفاجأة.
ويبدو أن موسكو أخطرت التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بالغارات قبيل شنها، إذ صرح الناطق باسم التحالف الكولونيل كريس غارفر: "لقد ابلغونا انهم سيعبرون (منطقة يسيطر عليها التحالف) وسعينا الى التأكد من أمن الطلعات حين عبرت قاذفاتهم المنطقة متجهة الى اهدافها وحين عادت". وعندما سئل عن الفترة الزمنية الفاصلة بين الاشعار الروسي والتنفيذ، أجاب: "لم يكن لدينا الكثير من الوقت إلا أنه كان كافياً لضمان سلامة المجال الجوي" فوق سوريا والعراق. وأشار الى ان "هذا الامر لم يؤثر على عمليات للتحالف جرت في الوقت نفسه في العراق وسوريا".
وأكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن العراق منح روسيا إذنا باستخدام مجاله الجوي شرط أن تستخدم الطائرات ممرات على الحدود العراقية وألا تحلق فوق المدن العراقية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أصدرت بياناً دجاء فيه أن قاذفات "تي يو-22 ام3" و"اس يو-34" مسلحة أقلعت أمس من مطار همدان في ايران و"قصفت أهدافاً للجماعتين الارهابيتين الدولة الاسلامية وجبهة النصرة في مناطق حلب ودير الزور وادلب"، مما أتاح تدمير "خمسة مخازن كبرى للاسلحة والذخائر" ومعسكرات تدريب في دير الزور وسراقب في ريف ادلب والباب، المدينة التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الاسلامية" في منطقة حلب.
واستهدفت الطائرات الروسية أيضاً ثلاثة مراكز قيادة في مناطق الجفرة ودير الزور ما أدى الى مقتل "عدد كبير من المقاتلين".
وحتى الثلثاء، كانت المقاتلات الروسية البعيدة المدى تنطلق من روسيا نظراً الى عدم قدرتها على استخدام المدرجات القصيرة في قاعدة حميميم قرب اللاذقية والتي تستخدمها المقاتلات الروسية الأخرى منذ أيلول.
ولا يمثل استخدام القواعد الايرانية تغييراً في ميدان المعركة، إلا أنه يوفر ميزات استراتيجية، ذك إنه يقصر للمقاتلات الروسية الوقت الذي يلزمها للوصول الى سوريا، كما يتيح لها نقل مزيداً من القذائف.
ولا تزال تفاصيل المفاوضات على الاتفاق الذي يعكس تطور العلاقات بين موسكو وطهران غير واضحة، علماً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى نظيره الايراني حسن روحاني في قمم عدة أخيراً.
وأفاد الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي شمخاني ان موسكو وطهران "تتبادلان الامكانات والبنى التحتية في اطار مكافحة الارهاب".
ويأتي هذا التطور وقت سجل فيه تحسن العلاقات التركية - الروسية والروسية - الايرانية.

موسكو - واشنطن
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر بأن استخدام روسيا قواعد إيرانية لن يمنع الولايات المتحدة بالضرورة من التوصل إلى اتفاق مع موسكو للتعاون في القتال ضد "داعش"، وقال: "أننا لم نتوصّل بعد" إلى اتفاق على التعاون، مشيراً إلى أن موسكو تواصل ضرب فصائل المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة.
وكان بيان لوزارة الخارجية الروسية أعلن مساء أمس ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف بحثا خلال اتصال هاتفي في الاوضاع في حلب و"تنسيق الخطوات في التصدي للجماعات الارهابية في سوريا".
وقال البيان أن الاتصال الهاتفي تمّ بمبادرة من واشنطن وتركز على الوضع في حلب وعلى أفضل السبل لتنفيذ الاتفاق الذي قالت موسكو إنه تمَّ التوصل إليه خلال زيارة كيري لموسكو في تموز.
وكان كيري صرح بعد تلك المحادثات الطويلة الشهر الماضي أن واشنطن وموسكو توصلتا إلى تفاهم مشترك على الخطوات المطلوبة حاليا لإعادة عملية السلام السورية المتعثرة إلى مسارها.
وقتل 19 شخصاً على الاقل بينهم ثلاثة اطفال الثلثاء جراء غارات مكثفة على حيين تسيطر عليهما الفصائل المقاتلة في حلب، استناداً إلى "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له.
كما قتل 12 رجلاً من الفصائل المقاتلة في غارات شنتها طائرات روسية على موكب على طريق الراموسة في جنوب غرب المدينة.

 

المستقبل :

انشغلت الساحة المحلية خلال الساعات الأخيرة بتتبع خيوط محاولة «أم الدنيا» انتشال «ست الدنيا» من أزمتها المؤسساتية المستفحلة، بحيث أدارت آلة الرصد والتعقب محركاتها الصحافية والسياسية لاستكشاف ما يحمله وزير خارجية مصر سامح شكري إلى بيروت من مساعٍ للمساعدة على حلحلة العقدة الرئاسية فكان التقاطع سياسياً وديبلوماسياً حول رسم عنوان عريض للمبادرة المصرية يضعها في سياق الدفع باتجاه تحقيق التوافق بين اللبنانيين أنفسهم باعتبارهم أهل الحل والربط في أزمة بلادهم. في وقت أشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري وفق مصادر عين التينة لـ«المستقبل» بأهمية زيارة شكري بوصفه وزير خارجية دولة هي «ركن من أركان العرب»، منوّهاً في هذا المجال بكون «مصر تعمل على استعادة فضائها الإقليمي ودورها العربي المحوري وهذا بحد ذاته يمثل إيجابية كبيرة»، ومن هذا المنطلق أتى وزير خارجيتها ليكرّر «بلسان العرب التمنيات والتوصيات الغربية والدولية بحل الأزمة اللبنانية».

وزير الخارجية المصري، الذي يقام غداء تكريمي اليوم على شرفه في بيت الوسط بدعوة من الرئيس سعد الحريري وبحضور رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة وعدد من النواب، كان قد أولم مساء أمس على شرف عدد من الشخصيات السياسية الممثلة لأطراف لبنانية متعددة في مقر السفارة المصرية بعدما جال في يوم زيارته الأول على عين التينة وقصر بسترس ودار الإفتاء. 

وحضر العشاء الرؤساء ميشال سليمان وأمين الجميل وفؤاد السنيورة وميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس التيار «الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والوزيران روني عريجي وعلي حسن خليل، وغاب عن العشاء أي ممثل لـ«حزب الله». وأفادت مصادر المشاركين «المستقبل» أن الوزير المصري كان مستمعاً واكتفى بسؤال الحاضرين عمّا يمكن لمصر أن تلعبه من دور لتحريك الملف الرئاسي، فيما أكد عون أنه يمثل الأكثرية المسيحية داعياً إلى استفتاء شعبي في حال رفض انتخابه، فيما تمسك سليمان والجميل والسنيورة وعريجي بوجوب العودة إلى الدستور، أما جعجع فاعتبر أن الأزمة معقّدة مقترحاً دعم عون للخروج منها. وأضافت المصادر أن عون وباسيل شددا على وجوب أن يكون القرار في الخيار الرئاسي «مسيحياً»، فيما أكد السنيورة من جهته ما سبق وأعلنه على طاولة الحوار لجهة أن يكون الرئيس مقبولاً في طائفته ولدى الطوائف الأخرى.

وكان شكري قد أوضح من عين التينة أنّ «مصر تتطلع إلى أن تلعب دوراً إيجابياً في معاونة الأطراف كافة للتوصل إلى تسوية للاستحقاق الرئاسي والخروج من هذه الأزمة من خلال التواصل والتفاهم بين كل العناصر والأطياف السياسية«، مشدداً على أنّ «الشأن اللبناني يحظى باهتمام من كل الدول، وما تقوم به مصر هو تأكيد للحرص الذي توليه للأشقاء في لبنان« مع الإشارة إلى أنّ المساعي المصرية الراهنة تندرج في إطار محاولة «توفير قاعدة مناسبة تيسّر التفاعل والتفاهم بين كل هذه العناصر«.

ورداً على أسئلة الصحافيين بعد لقائه وزير الخارجية جبران باسيل عما إذا كانت القاهرة تؤيد «المرشح الأكثر ميثاقية وشعبية» لتولي سدة الرئاسة، أكد شكري أنّ بلاده ليس لديها «أي نوع من التفضيل أو التوجيه أو التزكية لطرف على حساب آخر، إنما تفضيلها هو أن ينعم لبنان بالاستقرار وأن يتجاوز هذه العقبة وأن يؤدي استكمال مؤسسات الدولة إلى ترسيخها والمحافظة على سلامة الأراضي اللبنانية واستقرارها، سيما وأننا نعيش في أجواء تُستهدف فيها قدرة الدولة ومؤسساتها بحيث يتم العمل على شرذمة الدول العربية وتفتيتها ومن هنا تأتي أهمية قيام الدولة المركزية القادرة وتثبيت كل مؤسساتها».

وبينما كانت لباسيل رسالة «رئاسية» غير مباشرة من خلال تشديده أمام الضيف المصري على أنّ «الشرعية الشعبية هي ممر وحيد للبنان للخروج من أزماته»، لفت الانتباه تأكيد شكري في كلمته على ضرورة «الحفاظ على الأمن القومي والهوية العربية التي يتم الضغط عليها من خارجها سواءً على المستوى الإقليمي أو الدولي«، وأردف مضيفاً: «يجب أن نتنبه جيداً إلى أننا نحن من يحدد إطار مصلحتنا ومسارنا وهذا هو الضمان لتحقيق الإرادة الشعبية».

تحرير مستشفى شبعا

في الغضون، برز على شريط الأحداث الوطنية أمس تحرير مستشفى «الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» في شبعا من القيود السياسية التي كانت مفروضة عليها من قبل «حزب الله» تحت ذرائع أمنية لمنع تشغيلها كما سبق وأضاءت «المستقبل» مطلع الشهر. 

إذ عقد وزير الصحة وائل أبو فاعور أمس مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع السفير الإماراتي في لبنان حمد سعيد الشامسي للإعلان رسمياً عن «التوصل إلى تذليل الهواجس الأمنية التي كانت قائمة لدى بعض الأطراف»، مؤكداً أن «المستشفى وبعد الاتفاق على كل التفاصيل الإدارية، بات في أيدٍ أمينة، هي أيدي جمعية المقاصد الجديرة والمحترمة والتي تحظى بصدقية عالية جداً وهي من أعمدة الاعتدال في لبنان»، متوجهاً بالشكر إلى السفير الإماراتي وكذلك إلى الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط على المساعدة في تذليل العقبات التي كانت تحول دون تشغيل المستشفى ودون استفادة أهالي العرقوب من خدماتها الطبية. 

وقبل توقيع العقود الخاصة بالمستشفى في حضور رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية أمين الداعوق، كانت كلمة للشامسي أكد فيها أنّ «دولة الإمارات دائماً مع لبنان وحكومته، ولو أن هناك عتباً في السياسة إنما الدعم مستمر للبنان وللمشاريع الإنسانية والتنموية»، وأوضح أنه اتفق مع أعيان شبعا خلال زيارته للمستشفى أمس الأول على أن يكون الأول من أيلول المقبل موعد الإعلان عن تشغيل المستشفى، شاكراً «القيادات السياسية اللبنانية ومن أسهم في تذليل العقبات لتشغيل المستشفى».

الديار :

صقور تيار المستقبل: التوافق على رئاسة الحكومة (وبشروطنا) قبل التوافق على رئاسة الجمهورية.
الذين استبشروا خيراً بالرسالة التي وجهها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الى الرئيس سعد الحريري في خطاب بنت جبيل، عادوا على وجه السرعة الى المربع الاول.
التيار يريد ضمانات. هناك من أثار، ومن قبيل الفانتازيا السياسية، تطويب الحريري رئيساً للحكومة لمدة 6 سنوات، اي طوال ولاية رئيس الجمهورية، وعلى أساس ان رئيس المجلس النيابي يتربع على عرشه لأربع سنوات جرى تمديدها 4 مرات...
رئيس الحكومة يجلس على كرسي هزاز، وربما على الكرسي الكهربائي، باعتبار انه الوحيد بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان الذي يخضع بقاؤه او رحيله للتقلبات الزئبقية للأمزجة السياسية والطائفية.
جهات سياسية وترى ان شرطاً من هذا القبيل بمثابة تقويض لما تبقى من العملية السياسية، ومن العملية الدستورية، ماذا اذا اشترط «حزب الله»، في هذه الحال، الاعتراف بدوره الاقليمي وبشرعية السلاح الذي في حوزته؟
المسرح السياسي ما زال مقفلاً، واللافت ان بعض الصقور داخل تيار المستقبل اعتبر ان كلام السيد نصرالله هو كلام تكتيكي، باعتبار ان هذا الاخير يشعر بأن اي تسوية للأزمة السورية، ومهما كان نوعها، ستكون لغير مصلحته، وعلى هذا الاساس، هو يناور أو يساوم من اجل ضمان التغطية الداخلية لأي مشكلات قد يواجهها ما دامت الرياح الدولية والاقليمية تهب في اتجاه يؤشر الى ان تطورات هامة هي في الطريق الى سوريا كما هي في الطريق الى لبنان.
بطبيعة الحال، هناك مَن يرى ان التنسيق الاستراتيجي بين روسيا وايران أخذ منحى بالغ الحساسية عندما تنطلق القاذفات الروسية من قاعدة همدان في ايران لتضرب أهدافاً في سوريا. بالتالي لم يعد المعطف الاستراتيجي لـ«حزب الله» محصوراً في النطاق الاقليمي بل تعداه الى النطاق الدولي...
استطراداً، وتبعاً لما تراه أوساط 8 آذار فان مؤشرات كثيرة تدل على ان الحزب سيضطلع بدور هام للغاية في المرحلة المقبلة، واذا ما اراد فريق 14 آذار التوافق، فالابواب مفتوحة.
وهذه الاوساط تسأل «على ماذا يعوّل بعض الاطراف الداخلية والخارجية في ما يتعلق بحل الأزمة في لبنان ما دامت الأمور تأخذ ذلك المنحى ديبلوماسياً وعسكرياً، وحيث موسكو تنسق عسكرياً مع واشنطن ومع طهران ومع انقرة في ما يتعلق بالمسرح السوري...
أكثر من جهة سياسية تعتبر ان الحريري كان ينتظر مثل ذلك الكلام من السيد نصرالله من أجل شق الطريق الى السرايا الحكومية، وبالتالي التعاطي بطريقة أخرى مع المأزق السياسي والمالي الذي يواجهه.
الثابت ان هناك جهة ما ضغطت، ويتردد ان مفاعيل هذا الضغط طاولت حتى النائب وليد جنبلاط الذي لوحظ صمته في هذه الآونة. ومَن مارسوا الضغط يرون ان الوقت الحالي ليس بالوقت المناسب لعقد اي صفقة بين تيار المستقبل و«حزب الله» لأنها ستكون الصفقة العرجاء اذا لم تتطرق الى سلاح «حزب الله» والى دور الحزب في سوريا.
على الضفة الأخرى، كلام عن «العين العرجاء» لدى الذين يقولون بـ«الصفقة العرجاء»، اذ أن ثمة مسائل استراتيجية تجاوزت الاطار السياسي والدستوري للاستحقاق الرئاسي، وعلى هذا الاساس فان اي سلة تظل محصورة في  نطاق الاستحقاق الرئاسي، وقانون الانتخاب، وتشكيل الحكومة والبيان الوزاري.
وهنا يقول مصدر مقرب من جنبلاط انه كان يتوقع ان يكون الرد هكذا على كلام السيد نصرالله، ولا مجال لتجزئة الأزمة في لبنان، بل ان على الأفرقاء انتظار ما سيحدث على الأرض السورية، باعتبار ان المرحلة الراهنة هي الأكثر دقة منذ انفجار الأزمة السورية في آذار 2011.
الى اشعار آخر، التسوية ممنوعة، لكن موعد جلسة الحوار في 5 أيلول يقترب، ودون ان يكون هناك من كلام يطمئن الى ان الجلسة المقبلة ستكون أفضل من ثلاثية الحوار في الأسبوع الأول من شهر آب.
وفي هذا الصدد، لوحظت حدة الرد الذي ادلى به النائب مروان حمادة بقنواته الاقليمية المعروفة، وأشار فيه الى ان كلام السيد نصرالله الغاء للدستور والبرلمان وضرباً لاتفاق الطائف، معتبراً ان الأمين العام لـ«حزب الله» «يريد منذ الآن ان يعرف ما هي الحكومة، وما هو بيانها، وما موقفها من السلاح، ومن بيان بعبدا، ومن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، ومن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
اضاف «ان نصرالله يريد ان يأتي برئيس حكومة تحت سيطرته. واذا كان هو مَن يأتي برئيس جمهورية بالقوة، وقابل برئيس المجلس النيابي، يريد أن يفرض على رئيس الحكومة حجراً (الحَجْر) على توليه منصبه».
وأكد حمادة «ان هذا مرفوض من قبلنا، ولن يمر، ولن يكون هناك ميشال عون (رئيساً للجمهورية) بهذه الشروط».
وفي هذا المجال، تقول مصادر 8 آذار «ان الجماعة حيرونا، السيد حسن قال سنكون منفتحين وايجابيين، ولا تصعيد، فأين هي الشروط في حديثه الا اذا كان هناك من يقرأ ما في الصدور».
حتى ان مصادر عين التينة تقول انها ارتاحت كثيراً لموقف السيد نصرالله، واعتبرت انه يمكن ان يشكل مدخلاً لحلول للأزمات التي تحملها سلة بري، لتستهجن ان تكون الردود هكذا، لتشير الى ان الكلام الذي يعوّل عليه هو كلام الرئيس الحريري الذي لم يعلّق حتى الآن.
والمصادر إياها تتمنى على «الشيخ سعد» الموجود في سردينيا بعيداً عن كل مشاكله ان يفكر كما كان يفكر والده الراحل رفيق الحريري حين كان يمضي ساعات من التأمل في منتجعه في الجزيرة الايطالية.
غير ان بيان كتلة المستقبل أظهر «ان الرقص داخل الفراغ متواصل»، بحسب تعبير رئيس حكومة سابق، لكن جهات سياسية قرأت البيان بصورة مختلفة حين قالت «ان الكتلة كما الشعب اللبناني تستذكر بسالة وتضحيات ودماء شهداء المقاومة الذين تصدوا لاسرائيل ومنعوها من تحقيق ما كانت تطمح اليه من انتصار او افشلوا مخططاتها الخطيرة تجاه لبنان وشعبه البطل».
ولم تستثنِ الكتلة ايران من الدول التي دعمت لبنان «والتي سمحت مساهماتها في تأمين التمويل اللازم او الاسهام في البناء المباشر لانجاز اعادة الاعمار للمناطق اللبنانية التي دمرت او تضررت بسبب الاجتياح».
هذا لم يمنع الكتلة من انتقاد «حزب الله» لاطلاقه «اتهامات التخوين» ما أسهم في زيادة الانقسامات في لبنان وخدم اسرائيل من دون ان يدري».
وجددت «الدعوة الصادقة» للحزب «لاعادة النظر في سياسته الحالية لجهة وضع حد سريع لتورطه في الحروب العربية، من سوريا الى العراق وصولاً الى اليمن، فالحزب مدعو للعودة الى اعادة الاعتبار للمصلحة اللبنانية الوطنية وللدولة اللبنانية وللتخلي عن سلاحه غير الشرعي لمصلحة السيادة الوطنية، وتمكين الدولة من بسط سلطتها الكاملة على جميع الاراضي اللبنانية بما يسمح باخراج لبنان من مأزقه».

ـ الهجوم على نصرالله ـ

ولوحظ ان الهجوم على كلام السيد نصرالله لم يأت في مقدمة بيان الكتلة لتتهمه بـ«العودة مجدداً في كلامه السياسي الداخلي لتجاوز الدستور»، رافضة «تجاهل الدستور او اهمال اتفاق الطائف».
واشات الى «ان مسألة انتخاب رئيس للجمهورية او انتخاب رئيس لمجلس النواب او اختيار رئيس مجلس الوزراء هي امور وطنية بامتياز وليست مسائل لتثبت كل مجموعة طائفية او مذهبية بما تظن انه منصب يتعلق بحصتها».
ورأت الكتلة ان اختيار رئيس الجمهورية في لبنان قد حددت مواصفاته هيئة الحوار، وهو غير الشخصية التي تحظى بتأييد ودعم من بيئتها، وكذلك الدعم والتأييد من البيئات الأخرى».
اضافت «ان الكلام الذي صدر عن السيد نصرالله في ما يتعلق باعادة التمسك بالعماد عون مرشحاً من قبله هو من حقه، لكن هذا الحق لا يفرض مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية». وقد تفاوتت التعليقات على بيان الكتلة، فيما قال قطب بارز في 8 آذار لـ«الديار» ان الثناء الاستثنائي للكتلة على «بسالة وتضحيات ودماء شهداء المقاومة» يكفي بالنسبة الى السيد نصرالله لأن هذا الاساس، ولا بد أن يلقى ذلك صدى ايجابياً للغاية.
اضاف «ان المنطقي ان يتلقف الحريري كلام السيد نصرالله بايجابية، لكنه لم يفعل لأسباب بعضها معلوم وبعضها مجهول»، لكن رئاسة الحكومة، وفي هذا الوقت بالذات، هي فرصة استراتيجية أمام الحريري والا فإن الامور يمكن ان تمضي في اتجاه آخر».
وقال القطب في 8 آذار، «اذا جرت الانتخابات النيابية، والحريري خارج السرايا الحكومية، فالنتائج ستكون كارثية بالنسبة اليه إن في الشمال ذي الغالبية السنية (8 نواب في طرابلس، و3 في الضنية - المنية و7 في عكار)، وكذلك في اقليم الخروب.
كما ان تعامل الاجنحة السعودية معه سيكون مختلفاً حين يشغل منصب رئيس حكومة لبنان، ويمكن لذلك ان يؤدي الى اخراجه تدريجاً من مأزقه المالي.
وبحسب القطب فإن الحريري بتبنيه ترشيح عون «لا يتنازل لأنه سبق وتنازل حين رشح النائب سليمان فرنجية، وحين يصبح رئيساً للحكومة فإن الصقور في تيار المستقبل لا بد أن يتحولوا الى ببغاءات».
وأشار الى ان رئيس تيار المستقبل في سباق مع الوقت. رئاسة الحكومة الآن وليس غداً.
والسؤال الآن: اين هي الحلقة المفقودة في الانتقال من ترشيح عون الى ترشيح فرنجية؟
الى ذلك، وبعدما كان منتظراً ان يعلن تكتل التغيير والاصلاح في اجتماع أمس عن الخطوات التي يزمع اتخاذها في حال التمديد للعماد جان قهوجي، لم يصدر بيان، واكتفى امين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان بالقول «نحن مع التعيين في اي لحظة، وهو المبدأ الدستوري والاداري السليم».
اضاف «أما ما يمكن ان نقوم به في حال حصول العكس فهذا متروك لحينه للتكتل».

الجمهورية :

فيما كانت الأنظار شاخصة إلى سوريا عموماً ومدينة حلب خصوصاً، لمتابعة تطوّرات الميدان العسكري فيها، بعد إعلان موسكو أنّ قاذفات روسيّة طويلة المدى متمركزة في إيران قصَفت للمرّة الأولى أهدافاً لـ»داعش» و»جبهة النصرة» في مناطق حلب ودير الزور وإدلب، تقدَّم الخطر الإرهابي في لبنان إلى الواجهة مجدّداً من بوّابة البقاع، بعد تحريك جبهة عرسال أمس الأوّل، عبر استهداف الإرهابيين آليّةً للجيش اللبناني في منطقة رأس السرج، بعبوةٍ ناسفة مزروعة إلى جانب الطريق، أصابت خمسة عسكريين بجروح طفيفة.

بعد المواقف ـ المبادرات التي أطلقَها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، والقائمة على المعادلة الثلاثية «عون ـ بري ـ الحريري»، والتي أعقبَها ترشيح رئيس مجلس النواب نبيه بري للرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، يُنتظر أن تتلاحق المواقف وربّما المبادرات في قابل الأيام على مختلف الجبهات الداخلية، لتبلغ ذروتَها في 31 آب، حيث يُنتظر أن يطلق بري مبادرةً ربّما تكون جوجلة لكلّ هذه المبادرات، وذلك على مسافة خمسة أيام من جلسة الحوار الوطني في 5 أيلول المقبل.

في هذا الوقت، استمرّ الانشغال السياسي في تحليل أسباب المناخ التفاؤلي بقرب حسمِ ملفّ الانتخابات الرئاسية والذي أشاعته مواقف بري ونصرالله، والذي استُتبع بتأكيد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أنّ الطريق أصبحت ناضجة لانتخاب رئيس، آملاً في أن تُحلّ هذه المسألة في القريب العاجل، مشيراً إلى ما قاله بري من أنّه متفائل بانتخاب رئيس من الآن إلى رأس السنة الجديدة.

وفيما ينتظر «حزب الله» أن يتلقّف الحريري إيجاباََ ما اعتبَره مبادرة أطلقها نصرالله، رأت كتلة «المستقبل» أنّ من حقّ الأمين العام لـ«حزب الله» التمسّك مجدّداً بترشيح عون و«لكنّ هذا الحق لا يخوِّله أن يفرضَه مرشّحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية، ويدّعي بالتالي لنفسه الحقّ الدستوريَّ بتعطيل جلسات مجلس النواب إنْ لم تُستجب رغبته».

ورأت أنّه بذلك «يؤكّد على تسبّبه باستمرار أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، الضاربة بالوطن ومؤسساته والمهدِّدة بضياعه». وأكّدت أنّ انتخاب رئيس الجمهورية «يظلّ هو الأولوية الوطنية الكبرى، والذين يعطِّلون عملية الانتخاب معروفون، وهم «حزب الله» و«التيار الوطني الحرّ» وحلفاؤهما، أمّا إلقاء التُهم جزافاً ضد تيار «المستقبل» والمملكة العربية السعودية، والاعتقاد أنّ هناك في الداخل الوطني أو الخارج، من يصدّق هذا الاتّهام أو ذاك التبرير فيشكّل سخريةً بعقول الناس، واستهتاراً بالمصلحة الوطنية العليا».

الحوار الثنائي

وعلى وقعِ هذه المواقف، انعقدَت مساء أمس الجلسة الـ 33 من الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة، في حضور المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضَر الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صَدر البيان الآتي: «ناقشَ المجتمعون التطوّرات السياسية، والاستحقاقات الدستورية وقانون الانتخابات النيابية، وأكّدوا الحاجة للإسراع في إقراره».

يوم مصري طويل

وفي غمرة هذه التطورات، برز اهتمام مصري بالشأن اللبناني عموماً والاستحقاق الرئاسي خصوصاً، تجلّى يزيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري الذي أجرى محادثات مع المسؤولين الكبار تناولت ما يمكن مصر أن تقوم به للمساعدة على حلّ الأزمة.

وقد عبّر شكري لبرّي عن تطلّع بلاده «لأداء دور إيجابي في معاونة الأطراف كافّة على التوصّل إلى تسوية للاستحقاق الرئاسي والخروج من هذه الأزمة». لافتاً إلى أنّ «أيّ دور تقوم به هو بالتعاون والمشاركة لكافّة العناصر السياسية الفاعلة».

وأوضَح شكري بعد زيارته رئيس الحكومة تمام سلام أنّ هدف زيارته «هو تأكيد اهتمام مصر بالشأن اللبناني وتوثيق العلاقة بين البلدين»، وقال إنّ بلاده «تعمل دائماً لتحقيق مصلحة مشتركة، بعيداً من ممارسة أيّ نوع من الضغوط أو النفوذ، لأنّها متصلة بوضع ومكوّنات سياسية لا بدّ أن تصل إلى نقطة تفاهم فيما بينها لتحقيق المصلحة».

وبعد لقائه وزيرَ الخارجية جبران باسيل، سُئل شكري هل يؤيّد المرشّح الأكثر ميثاقية وشعبية أم لديه مرشّح جديد، فأكّد أن ليس لدى مصر «أيّ نوع من التفضيل أو التوجيه أو التزكية لطرف على حساب آخر».

لقاء الدوحة

وليلاً أقام شكري في منزل السفير المصري محمد بدر الدين زايد في دوحة الحص عشاءَ عمل، شاركَ فيه الرئيس ميشال سليمان، الرئيس أمين الجميّل، وزير المال علي حسن خليل ممثّلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الوزير ريمون عريجي ممثّلاً النائب سليمان فرنجيه ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

ودام العشاء ثلاث ساعات، وعلمت «الجمهورية» من مصادرالمجتمعين أنّهم تطرّقوا إلى كلّ القضايا الداخلية المطروحة وأنّ شكري كان مستمعاً، ووجّه أسئلة كثيرة إلى الحاضرين حول ما هو مطروح على طاولة الحوار الوطني والمخارج التي يرونها لإنهاء الأزمة من دون أن يدخل في أسماء المرشّحين لرئاسة الجمهورية، وفي المختصر استطلعَ شكري آراء الحاضرين ورؤيتهم للحلول المطلوبة للأزمة.

وأوضح بيان للسفارة المصرية في لبنان أنه «تأكيداً لمواقف مصر الثابتة في شأن الأوضاع اللبنانية والتي عبَّر عنها السيّد الرئيس عبد الفتّاح السيسي في أكثر من مناسبة استقبل فيها سيادتُه مسؤولين لبنانيين، فقد احتلّت مسألة إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان المحورَ الأهم في حديث أطراف الطاولة، حيث أكّد الوزير سامح شكري اهتمامَ مصر البالغ بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يتّفق عليه اللبنانيون في أسرع وقت، رابطاً بين هذا الأمر وبين تفعيل عمل كافة مؤسسات الدولة اللبنانية وتجنيب لبنان مخاطرَ النزاعات والتجاذبات الإقليمية بغية ضمان استقراره وحفاظاً على مصلحة شعبه الشقيق».

وأضاف البيان: «ثمَّن الوزير شكري خلال حديثه الحوارَ القائم بين مختلف القوى السياسية اللبنانية، مؤكداً أهمّية استمراره واستعدادَ مصر لتقديم كافة أشكال الدعم لضمان نجاحه ووصوله لأهدافه المبتغاة، مشيراً إلى أنّ مصر ستواصل مشاوراتها حول سُبل دعم لبنان، ومعرباً عن سعادته بالأجواء الإيجابية التي سادت طاولة الحوار المصرية - اللبنانية وتطلّعِه لإنهاء الفراغ الرئاسي في وقتٍ قريب، ومؤكّداً أنّ مصر لن تألوَ جهداً في العمل على تحقيق كلّ ما فيه الخير لدولة لبنان ولشعبها الشقيق».

وأكّد البيان «أنّ هذا اللقاء جاء انطلاقاً من العلاقات الوثيقة التي طالما جَمعت بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية الشقيقة على المستويين الرسمي والشعبي، وتأكيداً لحِرص مصر الدائم على التواصل والتشاور مع كافة المكوّنات اللبنانية التي ترتبط مصر بكلّ منها على حدة بعلاقات تاريخية خاصة تمثّل مصدر اعتزاز وتقارب بين الطرفين».

 

اللواء :

خلافاً للتوقعات والاجتهادات بأن الطريق أصبحت ناضجة للحلول الرئاسية، فإن مصادر وزارية وأخرى نيابية في ما يمكن وصفهم بالمستقلين أو المرتبطين بفريق 14 آذار، ترى ان لا شيء في المدى المنظور، لا على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية، ولا على صعيد قانون الانتخاب، مشيرة إلى ان كل ما هنالك ان الرئيس نبيه برّي يحاول ضخ أجواء إيجابية، فيما الحقيقة وواقع الأمور يجانبانه.
وإذا كانت السياسة تعني ان لا شيء مستحيلاً، فإن الكلام عن إمكان انتخاب الرئيس من الآن إلى رأس السنة الجديدة، يبقى مجرّد تمنيات، باعتبار انه غير مبني على وقائع سياسية ثابتة، طالما ان التطورات الجارية، سواء في الإقليم أو في الداخل لا تنبئ بحدوث تطوّر إيجابي يمكن ان ينعكس إيجاباً على صعيد إنهاء الفراغ الرئاسي، اللهم الا إذا كان التفاؤل الذي عبر عنه الرئيس برّي قبل أيام، ومن بعده رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد يستند إلى ما يضخه الحلف الروسي - الإيراني والتركي الجديد، عن إمكانية حدوث تطوّر على صعيد معركة حلب وسوريا بشكل عام خلال الشهور الستة المقبلة، وهو تطوّر لا تبدو معالمه حتى الآن واضحة، بل بالعكس، فإن هناك مؤشرات تدل على ان معركة حلب طويلة وقد تتحوّل إلى خطوط تماس إقليمية - دولية، إلى ان تصبح الحلول ممكنة على صعيد المنطقة ككل من اليمن إلى العراق، وسوريا وصولاً الى ليبيا.
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان الجهود المصرية لكسر حلقة الجمود في الاستحقاق الرئاسي، لا تبدو أكثر من محاولة محكومة «بالستاتيكو الاقليمي»، مشيرة إلى ان زيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري الحالية للبنان، والتي تستمر ثلاثة أيام، لا تحمل أية مبادرة بالنسبة لرئاسة الجمهورية بقدر ما هي تأكيد على استعادة دور مصر بالنسبة للأشقاء العرب، وتأكيد على التزام مصر بدعم وحدة واستقرار الدول العربية، بحسب ما صرّح المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد لمندوب «اللواء» في القاهرة، والذي أشار إلى ان لبنان يقع في صلب اهتمام صانع القرار المصري، استناداً إلى ان أمن واستقرار لبنان هو أمر حيوي وهام لاستقرار الأمة العربية.
وأوضح أبو زيد ان برنامج زيارة شكري إلى لبنان، والتي وصلها مساء الاثنين يتضمن لقاءات مع أهم وأبرز القيادات السياسية في مقدمهم رئيس الوزراء تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ووزير الخارجية جبران باسيل، وهو التقى هؤلاء أمس الثلاثاء بالإضافة إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، فيما التقى مساءً على عشاء اقامته السفارة المصرية كلاً من الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة، وكلاً من رئيس «تكتل الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، من دون استبعاد احتمال لقاء مع قيادات في «حزب الله».
ولئن عبر الوزير المصري عن قلقه لما يعانيه لبنان نتيجة أزمة الفراغ الرئاسي، مبدياً استعداده للعب دور للتوصل إلى تسوية لهذا الاستحقاق، فإنه بحسب معلومات «اللواء» وخلال لقائه الرئيس سلام في السراي، أبدى خشيته من ان يتم الاعتياد على استمرار الشغور الرئاسي، وأن يصبح الوضع الشاذ وضعاً طبيعياً، مما يؤدي إلى مخاطر الانزلاق إلى حالة عدم الاستقرار، مؤكداً ان لا أطماع لمصر مباشرة ولا اجندات لديها، وكل ما تسعى إليه هو ان يبقى لبنان مستقراً وموحداً.
ومن جانبه، عرض الرئيس سلام وبشكل مفصل، الأوضاع الداخلية اللبنانية والمشاكل التي يتعرّض لها لبنان من تعثر في عمل الحكومة إلى شلل في عمل مجلس النواب، بسبب استمرار الشغور الرئاسي، كما شرح لرئيس الدبلوماسية المصرية الوضع الأمني وأهمية بقائه ممسوكاً، لكنه حذر في المقابل من ان لا شيء يمنع من انهيار البلد، إذا استمر الوضع على ما هو عليه من تعطيل لانتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً إلى حاجة لبنان لرئيس يُعيد انتظام الحياة السياسية.
وفي معلومات «اللواء» ان الرئيس سلام كرّر امام الضيف المصري انه في حال لم يتم التوافق على أحد الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية علينا ان نبحث عن رئيس توافقي ينقذ البلد من ما تعانيه من مشاكل وأزمات (التفاصيل ص 2).
كتلة «المستقبل»
في غضون ذلك, بدا واضحاً أن كتلة «المستقبل» تلقفت الكلام الأخير للأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله، بغير ما كانت تأمله أوساط الحزب بصفقة المقايضة بين القبول بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، مقابل مجيء الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، إذ ردّت الكتلة بعد اجتماعها الأسبوعي أمس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، على هذا الكلام، معتبرة أنه «تجاوز للدستور وما ينص عليه من أحكام في أصول تكوين المؤسسات الدستورية إن لجهة انتخاب رئيس الجمهورية أو انتخاب رئيس المجلس النيابي أو اختيار رئيس مجلس الوزراء»، مشيرة إلى أنه «لا يمكن أن تقبل بتجاهل الدستور أو إهمال اتفاق الطائف»، «خاصة وأن انتخاب رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس أو اختيار رئيس الحكومة هي أمور وطنية بامتياز، وليست مسائل لتبتّ كل مجموعة طائفية أو مذهبية بما تظن أنه

 
  |   عدد القراء: 2473
 

مقالات ذات صلة

 
 
ارسل تعليقك على هذا المقال
 
الإسم الكامل *
 
 
البريد الإلكتروني*
 
 
التعليق*
 
 
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع