على وقع هذا الحديث فإن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يحاول التماهي مع التباينات الاخذة في التراكم بين الموقفين التركي والأميركي والتي بدأت تطفو على سطح العلاقة بين الدولتين جراء المواقف التي تصل إلى حد التناقض بينهما من الأزمة السورية وفق المصالح الخاصة لكل منهما ليبدي مرونة في العلاقة مع الدب الروسي تصل إلى حد قيامه بزيارة إلى روسيا منذ ايام قليلة ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سان بطرسبورغ التاريخية والعزيزة على قلب بوتين لما تختزن من أمجاد لروسيا القيصرية تحرك المشاعر وتحرك حوافز إضافية ترسم في مخيلة قيصر الكرملين ملامح إستعادة عهد الإمبراطورية الروسية وإن كان على يقين بأن هذه الرغبة لا تعدو في الواقع أكثر من حلم بعيد المنال في ظل الهيمنة الأميركية على قضايا العالم وازماته. وكذلك فإن الأحلام الاردوغانية بالعودة إلى العصور الذهبية للسلطنة العثمانية ورغبة الرئيس التركي بفرض هيبة الإمبراطورية وإصدار الفرمانات الهمايونية لا تقل جموحا عن نظيره الروسي. 
وتفيد بعض المصادر إلى أن المخابرات الروسية هي التي سربت المعلومات عن المحاولة الانقلابية الأخيرة منتصف شهر تموز الماضي والتي قام بها مجموعة من الضباط الأتراك إلى المخابرات التركية مما أدى إلى افشالها وأعطت فرصة لأردوغان للتخلص من خصومه حيث قام بحملة تطهير واسعة وغير مسبوقة أثارت انتقادات شديدة في الدول الغربية. 
ومن الطبيعي أن يرد الرئيس التركي التحية الروسية بمثلها او بأحسن منها. فجاءت هذه الزيارة كتتويج للمصالحة التي تحققت قبل شهر بين روسيا وتركيا بعد أن أعرب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن أسفه لأسقاط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية فوق المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا في شهر تشرين الثاني من العام الماضي. وأتت هذه الزيارة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الرئيسين بعد أشهر من الفتور الدبلوماسي بين البلدين وفي وقت يواجه فيه اردوغان خلافا مع الغرب. 
وفي الأجواء المحيطة بالزيارة ما يشير إلى أنه من المستبعد إثارة كل المسائل الخلافية بين الدولتين. 
وحسب بعض المراقبين فإنهم يؤكدون على أن أجندة اردوغان عند توجهه إلى روسيا تحتوي على النقاط التي لا تحمل خلافا بين الطرفين التركي والروسي. وتقتصر فقط على النقاط الاقتصادية التي تهم صفقات رجال الأعمال بين البلدين والملف السياحي وخطط تأمين السياح الروس إلى تركيا. 
أما الملفات الأهم وهي الملف السوري والملف الكردي فقد يتم تأجيل البحث فيها. ومن المتوقع إعادة احياء مشروع مد أنبوب الغاز /تركستريم/ الذي يفترض أن ينقل  31. 5 مليار متر مكعب سنويا إلى تركيا عبر البحر الأسود ومحطة اكويو النووية التي ستبنيها روسيا. وأكد اردوغان استعداده لاتخاذ تدابير فورية لتحريك هذا المشروع. 
وفي جانب متصل فإن الرئيس التركي وإن كان لا يزال مصرا على رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة وهو ما تعارضه موسكو بشدة إلا أنه أقر بالدور الأساسي الذي تلعبه روسيا في تسوية النزاع. وجاء ذلك في اطار مقابلة مع وسائل إعلام روسية. وقال اردوغان أن روسيا لاعب أساسي وشديد الأهمية من أجل إحلال السلام في سوريا مشيرا إلى أن هذه المشكلة ينبغي تسويتها من خلال تدابير مشتركة تتخذها روسيا وتركيا. 
وإذا كان لموسكو مصلحة في استمالة تركيا كعضو في الناتو. فإن الولايات المتحدة الأميركية تراقب الزيارة عن كثب وبالتفاصيل للوقوف عند الاتفاقات التي أبرمت. إلا أن هذه الانعطافة التركية باتجاه الشرق لا تصل إلى حدود إثارة الهواجس الأميركية واغضاب الراعي الأميركي الذي لن تجد أنقرة وموسكو أي مصلحة في اثارته في ظل هذا الهيجان الإقليمي والدولي في المنطقة. ما يعني أنها ليست انعطافة كاملة بل هي أقل من نصف انعطافة.