بين حربين ضروسين يستعيد حزب الله مناسبة العدوان الاسرائيلي على لبنان  بحفاوة خطابية ويحي بدماء مقاوميه حرب حلب . في الأولى ربح الحزب ما خسره في الثانية رغم  محاولة الاصرار التي باءت بفشل ذريع عندما اعتبر الحرب الأولى الجهاد الأصغر ومنح الثانية لقب الجهاد الأكبر لا بالمفهوم النبوي ولكن بمفهوم الاهتمام بالحرب السورية اكثر من اهتمامه بمقاومة الاحتلال لأنه لا يفصل بين الاثنين ويعتبر السورية  دائرة احتلال أوسع من دائرة الاعتداء على لبنان .
دفع حزب الله ثمن انخراطه الطوعي في الحرب السورية أثمان باهظة ومازال يؤمن بعقيدة الحرب في سورية كونها كتلة حسابات سياسية متصلة بمستقبل المنطقة على ضوء النخب السلطوية الجديدة . في حين أن خصومه  اندفعوا بقوّة وراء الادانة الكبرى لمشاركة الحزب في الحرب السورية وتحميل لبنان عبء الخصومة المسبقة مع السوريين الجُدد لاستحالة بقاء النظام القديم في السلطة .
في كل يوم تتسع دائرة الاعتراض على المشاركة في الحرب وثمّة دعوات ملحة ومكررة للخروج من دائرة الحرب الضروس افساحا ً في المجال لتحرير لبنان من الورطة السورية وتحيده عن خصومة مع شعب سيحكم سورية دون محال. 
طبعاً لا يسمع الحزب هذه الأصوات وان سمعها فيجدها نكرة وشاذه وهي تعكس مصالح وأطماع خارجية ولا تلبي طموحات دور يتجاوز حدود المصلحة الوطنية و ما يراه اللبنانيون من صح يفيد حياتهم ويجعلهم على مسافة قريبة من ساحات الجهات التي تلبي وتعكس مصالح كبرى وغير عادية .
لم تعد هذه الدعوات ذات فائدة تذكر ما دام الحزب مقتنعاً بدوره الريادي والطليعي في منطقة متصدعة وثمّة محاولات كبرى لإعادة تركيب بنية المنطقة وفق مستويات تقليدية وهي تعتمل لصالح سلطويات عربية تتوخى تغييراَ ما في الأدوار الاقليمية .
اليوم وبعد سنوات ضالة من حروب المنطقة يشيع الحزب دور المقاومة المتفق والمتفاهم عليها لبنانياً لصالح دور مقاوم خارج الحدود ايماناً بشرعية القتال لصالح الدفاع عن منطقة قسمها وتقاسم نفوذها البريطانيون والفرنسيون وزرعوا فيها اليهود كرأس حربة لمشروع التقسيم في محاولة منه لصدّ مشروع تقسيم المنطقة من قبل هاتين الدولتين ولكن بأهداف ورؤية أميركية وضمن شروط اسرائيلية .
هذه الملاحة الحزبية الجديدة قد قضت على التفاهمات اللبنانية لتشظي اللبنانيين في الموضوعات الخارجية وأسهمت في استبعاد تحسين شروط السلم الأهلي عوضاً عن تحسين شروط عودة الدولة كما هي عليه لا كما حددتها الطوائف في الطائف ولا كما أرادتها أحزاب الطوائف في الواقع .
اذاً نحن أمام مزيد من الدمار ومن جنون الحروب لعدم ايمان أحد من المتقاتلين بجدوى انتقال السلطة وعدم حصرها بمستبدين أهلكوا الحرث والنسل لذا لن تنفع دعوات العودة للحزب من حيث يجب أن لا يكونوا الى حيث يجب أن يكونوا .