ليسوا طرشان بل يسمعون ولكن لا يملكون القرار , طاولة الحوار تجمع  العبيد

 

السفير :

لا حراك دولياً أو إقليمياً في سبيل أن «يفوز» لبنان برئيس للجمهورية. قد تبدي بعض العواصم استعدادها لـ «التسهيل»، لكن لا أحد منها يملك لا الرغبة ولا القدرة على المبادرة، حتى إيران نفسها التي يحمّلها فريق «14 آذار» مسؤولية التعطيل، بدت واضحة بلسان رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي بأنها «جاهزة للاستماع إلى المبادرات».. لا الى تقديمها، معتبرة أن القضية الرئاسية في لبنان «استحقاق داخلي يُحلّ من خلال توافق اللبنانيين».
بهذا المعنى، قطع بروجردي الطريق على كل التأويلات والتفسيرات التي أعطيت لزيارته اللبنانية على مدى يومين، قبل أن يتوجه إلى دمشق، على جاري عادة معظم المسؤولين الإيرانيين الذين صاروا يتعمّدون جعل بيروت واجتماعهم بالأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، ممراً إلزامياً الى دمشق.
وقد كان لافتاً للانتباه تعمّد الضيف الإيراني، توجيه إدانة شديدة للتطبيع السعودي مع اسرائيل، من على منبر السرايا الكبيرة، بعد اجتماعه برئيس الحكومة تمام سلام، وهو أمر ترك صدى سلبياً لدى السفارة السعودية في بيروت.
هذه المشهدية لم تحجب الأنظار عن الحوارية الثلاثية في عين التينة، لا من زاوية عدم مراهنة أي من المشاركين فيها على تحقيق انجاز، بل من زاوية محاولة مديرها الرئيس نبيه بري، نبش كل القضايا والإشكاليات بعنوان «السلّة المتكاملة»، بحيث راح كل مشارك يطرح هواجسه، ليخلص بري الى النتيجة التي يبدو أنها ستوفر له وللجميع «المخرج الآمن»: تشكيل لجنة مصغّرة تمثل جميع أطراف الحوار تكون مهمتها شبيهة باللجنة التي أنقذت حوار مؤتمر الدوحة في ساعاته ودقائقه الأخيرة.
ما هي مهمة اللجنة المذكورة؟
على الأرجح ستأخذ اللجنة على عاتقها نبش كل محاضر الحوار الوطني ووضع خلاصات تتضمن القواسم المشتركة في العناوين المطروحة: اتفاق الطائف، قانون الانتخاب، رئاسة الجمهورية، اللامركزية الإدارية، تفعيل المؤسسات الدستورية، مجلس الشيوخ، تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وغيرها من العناوين التي أثيرت في الجلسات السابقة أو تلك التي ستستمر اليوم وغداً في عين التينة.
ومن يطلع على محضر جلسة الحوار، يتأكد أنه «لم يحن بعد موسم القطاف». أما كل الحديث عن إيجابيات وجلسة هادئة واتفاق على مرجعية الطائف، فكان عبارة عن محاولة لاستثمار الوقت الضائع بعد 26 شهراً من الفراغ الرئاسي.
هل على اللبنانيين أن يفرحوا لأن جلسة الحوار التي تأخرت شهراً ونصف كانت هادئة، أم عليهم أن يصدّقوا أن السلّة الموعودة ستأتيهم بالمنّ والسلوى في اليوم الثالث؟
المؤسف أن «العصفورية اللبنانية» باقية وتتوسع، وكل ما عدا ذلك لا يبدو أكثر من ذرٍّ للرماد في العيون. كل «الأمم» و»الدول» لا تهتم لأمر اللبنانيين. القيادات اللبنانية نفسها لا تبدو مستعدة لأي اتفاق أو سلّة أو تسوية. كل فريق يقف خلف متراسه رافضاً الخروج منه، في انتظار أن يرفع خصمه الراية البيضاء. أما التقارير التي تشير إلى حالة الترهّل التي بلغتها المؤسسات والاقتصاد بكل قطاعاته، مهدِّدة الكيان برمته، فلا يضعها أحد على جدول أعماله، بل نجد كل سياسي يغنّي على ليلاه، وكل يعتبر نفسه أقرب إلى النصر في خياراته.
لو اجتمع كل الحكماء في الأرض، لن يستطيعوا إقناع العماد ميشال عون بأنه لا يزال مرشحاً ولم يصبح رئيساً بعد. لذلك، يضرب «الجنرال» مواعيد لانتقاله إلى قصر بعبدا، وهو يثبت يوماً بعد يوم أنه صاحب حق بأن لا يتنازل عن ترشيحه، طالما أن عنصر الوقت، يضيف الى رصيده عناصر جديدة، بعكس باقي خصومه الرئاسيين.
أما النائب سليمان فرنجية، فيتصرف بوصفه «رجل المرحلة»، ولن يستطيع أحد سلبه «غنيمة» فرضتها ظروف داخلية وخارجية متعددة.. ومفاجئة، جعلت الرئيس سعد الحريري، ومن خلفه «المزاج الغربي»، يتبنى ترشيحه، بدعم كامل من الرئيس نبيه بري الذي يلحّ على الإيرانيين بألا يوفروا فرصة للفوز بمكسب رئاسي في لبنان مخافة أن تؤدي المقايضات الإقليمية لاحقاً الى خسارة كل من عون وفرنجية معاً!
وإذا كان هذان المرشحان هما الأوفر حظاً، نظرياً، في الوصول إلى سدة الرئاسة، فإن ذلك لا يعني أن الآخرين قد فقدوا الأمل. من يلتقي بعض المرشحين التقليديين يشعر أيضاً أنهم ليسوا بعيدين من بعبدا، وهم يفسّرون المعطيات الداخلية والخارجية، بما يناسب هواهم الرئاسي أولاً وأخيراً، لا الوقائع التي تشي بعكس ذلك!
على المقلب الآخر، أي مقلب الناخبين الأساسيين، ليس الوضع أفضل. الكل في مأزق. الرئيس سعد الحريري لم يعد يستطيع الانتظار كثيراً قبل العودة إلى كرسي الرئاسة الثالثة. في البداية، قرّر الرجل أن «يتنازل» بتبنّيه ترشيح فرنجية، قبل أن يكتشف أن «خطوته الكبيرة» التي لم يبلعها جمهوره بعد، لم تكن كافية لإنهاء الفراغ الرئاسي. وها هو يخضع حالياً، لضغط من بعض فريقه، لتبنّي ترشيح عون، الأمر الذي يحرجه، وهو المدرك أن هوامشه الرئاسية أبعد من فرنجية ضيقة جداً، بدليل تلك المسافة التي تفصله عن الموعد الذي ينتظره منذ شهور للقاء ولي العهد الثاني محمد بن سلمان الذي يمضي عطلة صيفية الى جانب والده الملك سلمان في ربوع المغرب العربي المطلّ على المحيط الأطلسي!
سمير جعجع ليس أقل ارتباكاً. رمى رميته بترشيح غريمه السياسي الماروني، معتبراً أن الطبخة قد نضجت وأن «حزب الله» سيسبقه إلى مجلس النواب، قبل ان يكتشف أن الرمال المتحركة التي أغرق نفسه فيها لم توصله إلى برّ الأمان بعد. وإذا كان حينها قد ظنَّ أن الخلاف لن يطول مع الحريري، أدت المراوحة التي نتجت عن خلطه للأوراق السياسية، إلى ازدياد الشرخ بين معراب و»بيت الوسط»، من دون أن تؤدي إلى فتح خطوط بينه وبين حلفاء عون وتحديدا «حزب الله»، ناهيك عن تعبيره في حلقته الضيقة عن إحباطه مما آل إليه الموقف خصوصاً أن ثمة حديثاً عن تلقّيه وعداً عونياً، غداة تفاهم معراب، بحسم الموقف الرئاسي لمصلحة «الجنرال» سريعاً.
الرئيس نبيه بري واضح منذ البداية: مع فرنجية «على رأس السطح»، وضد عون «على رأس السطح». يرتاح لعلاقته مع الأول، ولم يستطع على مدى 10 سنوات أن يبني منسوب الحد الأدنى من الثقة مع الثاني. آخر تجليات الأزمة أن بري لم «يبلع» بعد تشكيك عون بشرعيته وبشرعية المجلس النيابي ودستوريته. أخذت الأمور منحى شخصياً ولم يستطع الاتفاق النفطي المفترض من تغيير مسارها، وقبل هذا وذاك، قرر «حزب الله» أن يقف في موقف المتفرج بينهما.
ولـ «حزب الله»، وهو حليف بري وحليف المرشَّحين الرئاسيين حسابات مختلفة. ليس الحزب مضطراً للدخول في أية معادلات داخلية تؤدي إلى اهتزاز «الستاتيكو» الحالي، وهو المدرك، على الأرجح، أن أوان الرئاسة لم يحن بعد. أولويته المطلقة الآن هي سوريا. ولا صوت يعلو على صوت البندقية في الجغرافيا السورية.. ولا سيما في «أم المعارك» حلب، حيث يقدم الغالي والرخيص في معركة يعتبرها «وجودية» بكل معنى الكلمة.
أما وليد جنبلاط المتعاطف روحياً مع فرنجية، فيقيم «حسابات جبل لبنانية» تجعله يخشى أكثر من غيره ما يمثله تفاهم ميشال عون وسمير جعجع. لذلك، قرر تحريك محركاته في أكثر من اتجاه خارجياً، ليكتشف، وهو العائد من باريس، «عدم نضوج الظروف الدولية والإقليمية لملء الفراغ الرئاسي».
ولقد بدا جنبلاط بالأمس مهتماً بعدم تحميل «حليفه المركزي والإستراتيجي» نبيه بري وحده مسؤولية فشل الحوار، الأمر الذي لاقاه الأخير بالتأكيد «لن اترك هنا حتى نصل إلى شيء ايجابي». وهذه الإيجابية، عبّر عنها بري من خلال طرحه لأكثر من اقتراح، يُتوقع بلورتها على شكل مبادرات اليوم أو غداً، وأبرزها ما يتعلق باستنساخ تجربة «الدوحة»، حيث اتُفق في اللحظة الأخيرة وقتذاك على تشكيل لجنة مصغرة لصياغة اتفاق ونجحت، فهل تتكرر التجربة.. ويكون الحوار الوطني مجدياً؟
مجريات الجلسة الأولى لا تبشّر بالخير. مراوحة مستمرة وصلت إلى حد إعادة استدعاء «مواصفات الرئيس» كإنجاز يسجل للجلسة، ويضاف إلى إنجاز الاتفاق على مرجعية «اتفاق الطائف»، وأهمية مجلس شيوخه ولامركزيته الإدارية..
وحده النائب محمد رعد خلط الأوراق من دون أن يعيد ترتيبها. واجه من يتحدث عن احترام الدستور وهو «يرفسه ساعة يشاء». وأكد أنه «لا يحق لأحد أن يقول إننا في موقفنا من موضوع الرئيس قد خرجنا على الدستور»، ليضيف: هل تريدون بلداً.. تعالوا لنتفاهم أم تريدون رئيساً بجيبكم؟».
التقط السنيورة هذه الإشارة، مستنتجاً من كلام رعد أن «علينا أن نتفق، تعني انه ليس المطلوب أن تفرض عليّ شخصا». فأعاد ممثل «حزب الله» التأكيد «نعم تعالوا نتفق، لكن لا يحق لك القول إننا نعطل الدستور»

النهار :

خرج رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية من اليوم الاول من ثلاثية الحوار مختصراً المشهد: "ليس هناك جديد نتحدث عنه. غدا نتحدث". وعبارة أمس يمكن تكرارها اليوم، فالمكتوب يقرأ من عنوانه، اذ لا اتفاق على الاولويات، ولا على بنود السلة التي ضربت من باب الاولويات بين انتخاب رئيس ثم الانطلاق الى بنود أخرى، أو الاتفاق على البنود كلها دفعة واحدة. واذا كانت عملية انقاذ الحوار من السقوط يمكن ان تلجأ الى الاتفاق على قانون الانتخابات النيابية لحفظ ماء وجه المتحاورين، فان المؤكّد ان النسبية باتت خياراً صعباً في ظل تضارب الحسابات الانتخابية والعودة الى طرح مشاريع جديدة منها الدائرة الفردية التي أكد الوزير جبران باسيل اهميتها في حين عارضها آخرون باستثناء الوزير بطرس حرب الذي اعتبر الاقتراح مشروعه. أما المخرج فيمكن ان يختصر بتوصية انتخابية يعود الى اللجان النيابية توليفها، قبل عرضها على الهيئة العامة لمجلس النواب ذات صلاحية الاقرار.
والظاهر للعيان ان الأجواء التفاؤلية بإمكان الاتفاق على رئيس تبدّدت، والرهان على الاتفاق على قانون انتخاب تضاءل، لأن القوى نفسها الموجودة الى طاولة الحوار تمثّلت في كل اللجان النيابية على أنواعها، ومواقفها باتت معروفة. واسترعى الانتباه تصريح النائب وليد جنبلاط "لا أرى افقاً لحلّ رئاسي، وهناك تعقيدات وعراقيل يبدو أنها لم تنضج لا داخلياً ولا خارجياً".
وقد تجّسدت حال الاحتقان السياسي بين "حزب الله" و"المستقبل" بجدل بين رئيسي كتلتي "المستقبل" و"الوفاء للمقاومة" فؤاد السنيورة ومحمد رعد، توقف عند هذا الحد.
وكان الرئيس بري افتتح الثلاثية بكلمة انطلق فيها من الحديث عن "السلة المتكاملة"، مستغرباً الضجة التي أثيرت حولها، ولافتاً الى أن "بنود هذه السلة هي بنود الحوار نفسه، منذ انطلاقه، فلمَ الاستغراب؟ إن السلة هي أساساً في جدول أعمال الحوار"، داعيا الى الاتفاق "على دوحة لبنانية تبدأ بالرئاسة".
وقال الرئيس بري، كما نقل عنه زواره ليلاً، إن خلوة الحوار حملت ايجابيات عدة "ولمست أن الافرقاء على رغم الخلافات بينهم كانوا جيدين ومتهيبين. وتأكدت من هذا الأمر أكثر من الجولات السابقة".
وأفاد أنه تم التشديد على مسألتين لا رجوع عنهما ولاقتا إجماع الكل:
"-
ترسيخ التمسك باتفاق الطائف والتوقف عن الجدل الدائر حول الموضوع وعدم العودة إلى كل ما تردد عن مؤتمر تأسيسي.
-
سيكون البند التنفيذي الأول هو انتخاب رئيس الجمهورية".
وأوضح أن جلسة اليوم ستركز على مناقشة قانون الانتخاب، وطلب توزيع كل الاقتراحات ومشاريع اللامركزية الإدارية على المشاركين. وأشار الى أن اللجان النيابية المتابعة لقانون الانتخاب مجمدة. ويتولى المشاركون في الحوار متابعة هذه المسألة "والأمور على الطاولة في عين التينة أسهل بسبب وجود رؤساء الكتل النيابية واذا اتفقوا على قانون الانتخاب سيتم ذلك بأسرع وقت قياساً بعمل اللجان المشتركة". وأضاف: "اذا صدقت النيات وكانت المناقشات إيجابية ففي الإمكان إنجاز القانون المنتظر والاتفاق عليه في خمسة أيام".

 

14 آذار
وفي مقابل تفاؤل بري، علمت "النهار" من مصادر في قوى 14 آذار شاركت في الحوار ان هذا الحوار يتجه الى الدوران في الحلقة المفرغة بعد موقف وزير الخارجية جبران باسيل الذي نسف المشروع المختلط.

 

بروجردي
من جهة أخرى، توقفت مصادر وزارية عند تعمد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علاء الدين بروجردي انتقاد المملكة العربية السعودية من بوابة السرايا الحكومية في ما اعتبر احراجاً لرئيس الوزراء تمّام سلام. وقالت المصادر لـ"النهار" إن زيارة بروجردي للبنان لم تأت مصادفة وإن لقاءاته المسؤولين هدفت لتغطية المحادثات غير الرسمية التي أراد منها تحقيق الأهداف الآتية:
-
التنسيق مع "حزب الله" في موضوع بلدة الغجر في ضوء المعطيات المتصلة بسعي إسرائيل الى ضم البلدة اليها.
-
إجراء محادثات مع الفصائل الفلسطينية للبحث في مواجهة المساعي لاجراء مفاوضات فلسطينية - إسرائيلية.
-
إستنفار القوى الفلسطينية ضد السعودية على خلفية الحوار غير الرسمي بين السعودية وإسرائيل

 

المستقبل :

طوت ثلاثية حوار عين التينة أولى خلواتها مخلّفة وراءها معطيات وانطباعات تؤكد بقاء الفريق المعطّل للانتخابات الرئاسية على موقفه الاستئثاري الممانع لإنجاز الاستحقاق والرافض للاحتكام لقواعد اللعبة الديموقراطية البرلمانية، مغرقاً الجمهورية في «طبخة بحص» رئاسية فرضت حالها مراوحة على مائدة الحوار وقوّضت الأمل في إنضاج أي تسوية وطنية وشيكة ترتكز إلى الدستور ونصوصه الناظمة لعملية انتخاب الرئيس. وأمام حالة العقم المستحكمة بالملف الرئاسي، برز تكوّن ملامح مبادرة ما يتم العمل على «تلقيحها» سياسياً بين المتحاورين بشكل يزخّم مخاض استيلاد قانون جديد للانتخابات النيابية المقبلة تفادياً لخوضها مجدداً على أساس «قانون الدوحة» ساري المفعول وهو ما نبّه إليه صراحةً رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جولة حوار الأمس، في ظل ما تبيّن من انسداد في الأفق الرئاسي وفق ما عبّر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بقوله: «الرئاسة غير ناضجة فلنبحث إذاً عن خرق في مكان آخر» مع تشديده على أنها ربما تكون «الفرصة الأخيرة» التي يمكن أن يقدّمها بري لحل الأزمة السياسية القائمة.

وبحسب مصادر المتحاورين لـ»المستقبل»، فإنّ الجولة الحوارية الأولى استهلها رئيس المجلس النيابي بالإعراب عن استشعار وطني بالخطر الكبير المحدق بالبلد داخلياً وخارجياً وبالتشديد على كونها «إحدى الفرص الأخيرة النادرة» أمام الدولة برمتها، داعياً إلى التعامل مع جلسات الحوار الراهنة بوصفها «دوحة لبنانية» للخروج منها باتفاق «مهما كان سيئاً إلا أنه يبقى أفضل من الحال التي وصلنا إليها في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة». 

وإذ خرج المتحاورون بموقف جامع يؤكد على الالتزام بالطائف ومرتكزاته الدستورية، برز في سياق البحث الرئاسي على طاولة الحوار نقاش لافت للانتباه بين رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد تطرق إلى نهج الاستنسابية الذي يعتمده «حزب الله» إزاء الحلفاء في الملف الرئاسي. وفي التفاصيل أنه حين حاول رعد تبرير سياسة تعطيل النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس الجمهورية باعتبارها «حقاً دستورياً»، ذكّره رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة بأنّ المرشحين الحاليين للرئاسة (النائبين ميشال عون وفرنجية) هما من 8 آذار وبأنّ الكتلة كانت تدعم بدايةً مرشح 14 آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لكنها عندما تيقنت من استحالة انتخابه أقدمت على دعم مرشح من 8 آذار وهو النائب فرنجية «من قلبنا وربنا» بحسب تعبير السنيورة الذي دعا إزاء ذلك «حزب الله» إلى النزول إلى مجلس النواب وانتخاب أي من المرشحين وليفز من يفوز منهما. فرد رعد قائلاً: «ونحن مع سليمان بيك «من قلبنا وربنا» لكننا ملتزمون بالوفاء للجنرال عون». عندها علّق فرنجية بالقول لرعد: «يا حاج محمد السيد حسن نصرالله سبق أن قال نحن أوفياء لحلفائنا «في الدنيا والآخرة» لكن على ما يبدو أنّ «الدنيا« هي من نصيب غيرنا أما «الآخرة» فهي من نصيبنا!» فما كان من رعد إلا أن أجاب: «لا تستخف بالآخرة يا بيك». أما الوزير بطرس حرب فتوجّه إلى رئيس كتلة «حزب الله» بالقول: «نحن لا نقول إما أن تأتوا بفلان رئيساً أو لا نقبل بانتخاب رئيس، سليمان فرنجية ليس «زلمة حدا« وليس «زلمتنا« هو من فريقكم أما أنتم فتقولون إما ميشال عون أو لا أحد وهذا كلام نرفضه».

قانون الانتخاب

وأمام المراوحة الحاصلة في المواقف الرئاسية، طغى على ساحة النقاش بين المتحاورين ملف قانون الانتخابات النيابية. إذ وفي مقابل التزام ممثل عون على طاولة الحوار الوزير جبران باسيل الصمت الرئاسي التام برز تشديده على أن القانون النيابي الجديد «يجب أن يكون له معيار واحد أو لا يكون». في حين لفت السنيورة إلى أنه لا يرى «مكاناً للاختراق (في ملف قانون الانتخاب) إلا بمجلس الشيوخ الذي يحل مشكلة وجود الطوائف ودورها ومسألة الحرب والسلم»، وكذلك أشار رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان إلى أنه «إذا كان هناك توافق على تشكيل مجلس الشيوخ والعمل على البحث في قانون الانتخاب نكون حققنا خرقاً في جدار السلبية»، بينما ذكّر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل بمشروع اللامركزية الإدارية منوهاً بأنه خلال عهد الرئيس ميشال سليمان تم تشكيل لجنة لدراسة المشروع وأنجزت الدراسة لكن الحكومة لم تتبنها بسبب ضيق الوقت، معتبراً أنّ هذا الاقتراح هو الأقرب إلى المنطق

وبعد نقاش مستفيض في القانون الانتخابي العتيد وماهيته لا سيما وسط بروز توافق عدد من المتحاورين على أهمية نظام «one man one vote»، لفت بري الانتباه إلى الحاجة الماسة لاغتنام المتحاورين فرصة التوافق طالما أنها سانحة قائلاً: «لدينا 3 أشهر وبعدها لا يعود من حاجة إلى الحوار لأننا نقترب من الانتخابات النيابية، وإذا لم نتفق على قانون جديد سنذهب إلى الانتخابات على أساس «قانون الدوحة» ولا مجال للتمديد»، وأضاف في معرض تشديده على الأولوية الرئاسية: «أي اتفاق يجب أن يبدأ بانتخاب رئيس، ولكن إذا لم نتفق فلنذهب إلى الانتخابات النيابية الآن ويلتزم كل الأفرقاء بالنزول إلى المجلس لانتخاب رئيس« فور انتهاء الاستحقاق النيابي. وفي ختام جلسة الأمس اختصر النائب علي فياض نتائج الجولة الحوارية الأولى بالإشارة إلى أنّ «النقطة الأساس هي الدفع باتجاه إحداث خرق في ما يتعلق بقانون الانتخابات«، ملمّحاً إلى إمكانية أن يطرح بري خلال جلستي الحوار اليوم وغداً «أفكاراً جديدة» في هذا الاتجاه.

الديار :

لم يشاهد الرئيس نبيه بري بعصا الساحر، أو بقبعة الساحر، وهو يدخل الى قاعة الحوار، لكنه كان يحمل، حتماً، جرس الانذار «هذه هي فرصتنا جميعاً، إن لم نتفق فهذا يعني اننا ذاهبون الى المجهول». لا يقول بري... اننا ذاهبون الى الجحيم!
كان يتمنى لو شاهد الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية حول الطاولة المستديرة، كانت هذه مناسبة لكسر الجليد بين الفرسان الثلاثة...
رئيس تيار المستقبل اشترط ان يحضر السيد حسن نصرالله. من اطلعوا على هذا الشرط تساءلوا ما اذا كان الحريري لا يسمع ببيانات قيادة الجيش حول طائرات الاستطلاع والمقاتلات الاسرائيلية التي تجوب الاجواء اللبنانية، وهي تتحين مثل تلك الفرصة...
اوساط تيار المستقبل ترد بأن الأمين العام لـ«حزب الله» «ابلغنا المرة تلو المرة بأن صواريخه، وسواء كانت ارض - ارض أم أرض - جو أم أرض - بحر كرست ميزان الرعب مع تل أبيب، هكذا لن تحاول القاذفات  او الصواريخ الاسرائيلية التعرض له، لأن هذا يعني اندلاع الحرب».
بري كان يأمل حضور الحريري، ويتردد أنه عندما يرى الرئيس فؤاد السنيورة داخل الردهة، يدرك ان الأزمة المستديرة ستظل، دون حل، حول الطاولة المستديرة.
قيادات داخل تيار المستقبل وتجاهر بأن السنيورة لا يجد أن هذا هو الوقت المناسب لعقد اي تسوية او أي صفقة في لبنان. الوضع ضبابي الآن، وفي حين ان الحضور الايراني كثيف على الخارطة اللبنانية، فإن الغياب العربي الذي له أسبابه الكثيرة يجعل الساحة الداخلية تعاني من الاختلال الذي قد يستغله الفريق الاخر من اجل تمرير تسوية غير متوازنة...
وحتى بالنسبة الى رئاسة الجمهورية فإن لدى رئيس كتلة المستقبل مواصفات محددة للشخصية التي يفترض ان تشغل هذا المنصب، وان كان يدرك ان اللعبة الداخلية محدودة جداً في هذا المجال، كما ضبطت على ايقاع معين.
بين بري والسنيورة هوة كبيرة، وفي الكواليس يقال ان الاول يفكر استراتيجياً والثاني يفكر تكتيكياً، رئيس المجلس النيابي يعرف اي مفترق تقف عنده المنطقة، كما يعرف ان الاسرائيليين لا يمكن ان يتقمصوا شخصية الملائكة في هذه المرحلة التي قد يعاد فيها رسم الخرائط أو بناء الأنظمة.
هو متوجس جداً من النوايا، كما من الخطط الاسرائيلية. يضحك كثيراً حين يقرأ التحليلات البهلوانية لبعض الأقطاب السياسيين، ولطالما قال ان اللبنانيين أذكى بكثير من الكثيرين من أهل السياسة، ويستغرب كيف ان البعض يفضّل ان يغمض عينيه بدل ان يرى ما يحدث حول لبنان وما يمكن ان يحدث.
المقربون (جداً) منه يقولون انه يعمل لتسوية كاملة ومتكاملة كي لا يذهب لبنان ضحية الصفقات الخطيرة التي تلوح ملامحها في الأفق. هكذا دخل أمس الى ردهة الحوار. لا بد ان المايسترو فكّر كثيراً في كيفية جمع اعضاء هذه الاوركسترا التي تعزف في كل الاتجاهات...
في جلسة الأمس لم يطرح بري كل افكاره. هل كانت الجلسة للقنابل الدخانية او للقنابل الصوتية؟ الربط بين قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، وبين رئاسة الجمهورية التي يبدو انها وضعت على الرف في الظروف الراهنة والأشياء الأخرى في السلة، وان قيل ان السبب الحقيقي لعدم مشاركة الحريري ان هذا الوقت ليس وقت «الطبخة» ولا وقت «الطباخين».
رئيس المجلس لاحظ ان اي اتفاق افضل من لا اتفاق (مراسلنا محمد بلوط)، مشيراً الى «اننا وصلنا الى مرحلة اقليمية خطيرة للغاية». ومع اقتناعه بأن اي كلام لا يوقف التشكيك المبرمج بنواياه، أكد ان العمل لدوحة لبنانية لا يعني أبداً المؤتمر التأسيسي أو غيره.

ـ السنيورة ورعد ـ

وتكلم السنيورة داعياً الى تطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية الذي هو «كخيط السبحة فإذا لم يكن فرطت كل السبحة أما الحكومة فهناك اصول دستورية لتشكيلها».
ورد النائب محمد رعد بمداخلة شديدة اللهجة انتقد فيها التطبيق الانتقائي للدستور، وقال «نحن مستعدون للتفاهم على رئيس الجمهورية فتفضلوا لنتفاهم».
وسأل «هل تريدون بلداً أم تريدون رئيساً في جيبتكم؟»
ورد السنيورة بالقول لقد طرحنا مرشحنا وهو النائب فرنجية، وما زال مرشحنا، فاذا كانت لديكم أفكار جديدة اطرحوها، واذا لم يكن هناك اتفاق على المرشحين (الاثنين) فلنتفق على مرشح ثالث اذا كان هذا ينقذ البلد».
النقاش المشتت انتقل الى موضوع مجلس الشيوخ، وكان هناك تبادل لوجهات النظر حول كيفية ازالة المخاوف لدى بعض الطوائف من اقصائها عن اللعبة السياسية، وبالتالي عن السلطة، من خلال مجلس الشيوخ يمكن ان يسهل الاتفاق على قانون انتخاب».

ـ جنبلاط: مش ظابطة ـ

وكانت مداخلة للنائب وليد جنبلاط «اود ان اقول ان دولة الرئيس بري يسعى الى دوحة لبنانية، ولكن مع الاسف «مش ظابطة» حتى الآن لان هناك ظروفاً اقليمية غير مساعدة، ولكن يمكننا من خلال الحوار الحد من الاضرار بالاتفاق على امور منها مثلاً اعادة فتح مجلس النواب، والانصراف الى معالجة العديد من القضايا والملفات التي يحتاجها البلد والناس».
وتدخل بري سائلا «اين نذهب، والحال هذه، بالبلد ونحن امام هذا الوضع الخطير؟»، مشدداً «على اننا نحتاج الى اتفاق اكان سلة او غير سلة، واقول دائماً انه يبدأ برئيس الجمهورية».
وسأل «هل انتم مستعدون للذهاب الى الانتخابات من دون قانون جديد، فاذا اتفقنا على قانون انتخابات تجري الامور؟ بصراحة البحر من امامكم والعدو من ورائكم، والفشل هو فشل الجميع وليس فشل طرف دون اخر». وأشار الى «ان كل واحد لديه وجهة نظر ويرى انه على حق، حتى اذا ما بقينا على هذا المنوال فان البلد مهدد بمزيد من الانحدار والانهيار والفراغ».

ـ الجميل والجريمة الكبرى ـ

واكد النائب سامي الجميل على وجوب «ان نحدد نهاية لأي شيء لا ان نبقى ندور في حلقة مفرغة»، معتبراً «ان الذهاب الى الانتخابات النيابية بالقانون الحالي (قانون 1960 معدلاً بقانون 2008) جريمة كبرى.
وكان لافتاً ان رئىس حزب الكتائب الى انه اذا ما تأمن النصاب يمكن ان تكون الاكثرية لعون، في حين ان الأخير يشدد على التوافق المسبق، ولطالما ابدى حذره من سيناريوات تعد في الغرف المقفلة.
وأعلن بري انه سيسعى الى ضخ المزيد من الافكار، وانه سيحاول اجتراح الحلول والمخارج، لافتاً الى «انه عندما يكون هناك قانون للانتخاب عموده الفقري النسبية تأتي الانتخابات بنواب جدد وبمجلس جديد ونذهب فوراً لانتخاب رئيس للجمهورية».
مع الاشارة هنا الى ان اقتراح القانون الذي تقدم به العضو في كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي يلحظ انتخاب نصف اعضاء المجلس النيابي على اساس النظام الاكثري والنصف الآخر على اساس النظام النسبي، اي من دون وجود عمود فقري للقانون.ودعا رئىس المجلس الى «ان نتحمل مسؤولياتنا، فالظروف خطيرة ودقيقة»

ـ ميقاتي: موعد الحصاد ـ

وابدى الرئىس نجيب ميقاتي اعتقاده بأن موعد الحصــاد لـم يحن بعد.
واذ شدد الجميل على النزول الى ساحة النجمة لحضور الجلسة 44 لانتخاب رئيس الجمهورية في 8 آب الجاري. قال بري «هذه الام اربعة واربعين سامة، واود ان اقول ان علينا جميعاً التعاون للتفاهم والحل».
وفي مداخلة وزير الخارجية جبران باسيل ان التيار الوطني الحر لن يقبل بقانون انتخاب الا بمعيار واحد.
خلاصة جلسة الامس قد تكون كيفية حفظ ماء الوجه بأي اختراق، ولو كان اتفاق ـ اطار حول قانون الانتخاب بعدما بدا ان عبارة رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي «مش ظابطة» تختزل المشهد برمته وهو الذي قنواته مفتوحة مع الحريري كما عون، ومع السيد حسن نصرالله والدكتور سمير جعجع.
الاهم جنبلاطياً، القنوات المفتوحة على الرياض، وعلى فرنسا، وربما على واشنطن ايضاً. الظروف لم تنضج، وما على القوى السياسية سوى التفاهم، ولو بالحد الأدنى، من أجل ادارة الأزمة والاهتمام بالشؤون الداخلية وباحتياجات الناس...
رئاسة الجمهورية في عالم الغيب، ربما قانون الانتخاب أيضاً، طرح مجلس الشيوخ لصرف الانظار عن المشكلة الحقيقية، اما اللامركزية الادارية فتطرح الكثير من الاسئلة في الوقت الحاضر، هل هي المدخل الى الفديرالية او الكونفديرالية.
نتاج اليوم الاول صفر. بري يكافح لكي لا يكون تتابع الأيام الثلاثة ثلاثة اصفار!

الجمهورية :

سارت «ثلاثية الحوار» في السياق المتوقّع لها، وأثبتت جولتها الأولى أنّ الرهان على إمكان اختراق متاريس التناقضات السياسية وبلوَرة مخارج وحلول رئاسية وحكومية وعلى مستوى القانون الانتخابي، هو رهان خاسر سلفاً. خلاصة الجولة: لا جديد.. المشهد نفسه، الوقائع تستنسخ نفسها، الجلسات الحوارية السابقة تتكرر بلا زيادة أو نقصان؛ أطراف الحوار متحصّنون خلف لاءاتهم، متسلحون بكلام «مستعمل»؛ عن الرئاسة، ومواصفات الرئيس، والدستور، والطائف، والطائفية، ومجلس الشيوخ، وتبادل مسؤولية التعطيل. كلام ممِلّ لا يقرّب المسافات بل يبعّدها أكثر فأكثر، ونتيجته الحتمية دوران في المتاهة، يبدأ الحوار من نقطة، ثمّ يدور .. ويدور .. ويدور .. ويستهلك الوقت والأعصاب، ومن ثم يعود إليها. وهكذا.. في هذا الجو، ليس صعباً رسم مصير الجلستين المتبقّيتين، وليس مبالغاً القول بأنّ التوافق يتطلب معجزة أو عصا سحرية، فلقد ثبتَ باليقين انّ مِن دونها، ستزيد سماكة التناقضات، وسيبقى رئيس مجلس النواب نبيه بري عازفاً منفرداً على وتر طرح الافكار ومحاولة جذب القوى السياسية الى مساحات مشتركة لعلّها تخرج من ذاتها ومن مصالحها، وتبلغ الحلّ الذي يبدو حتى الآن .. صعباً جداً .. إن لم يكن مستحيلا.

إنعقدت الجولة الأولى من «ثلاثية الحوار» في عين التينة، في حضور أطراف الحوار، باستثناء رئيس تكتّل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون، وسارت وقائعها بـ«جدّية» على ما وصَفها بعض المشاركين، وتلخّصت أجواؤها كما يلي:

-
بري: فرصة أخيرة نادرة للاتفاق الشامل، الاتفاق السيّئ أفضل من لا اتّفاق. لا يعني ذلك تراجعاً عمّا طرحته سابقاً ووصَلنا الى مرحلة خطيرة حتى من حيث الثقافة الوطنية.

أتطلّع الى دوحة جديدة تتضمن كلّ النقاط بما فيها اللامركزية الادارية. وانطلاقاً من انتخاب رئيس جمهورية، الجميع ينتظر الى ماذا سنصل.
لا يقولنّ أحد إنّه مع الطائف والآخر ضد الطائف، إتفاق دوحة لا يعني مؤتمراً تأسيسياً بل مناقشة لجدول الاعمال.

وعدتُ أن اتحدّث عن اللامركزية الادارية، هناك مشروع قانون حول الموضوع استردَّته الحكومة ولم تقُم بإرساله مجدداً. هنا في هذه الاثناء تقدّمَ بعض الزملاء باقتراح قانون يناقش في اللجان المتخصّصة. أستطيع التعجيل بالموضوع حتى يكون جاهزاً في القريب العاجل.

-
النائب أسعد حردان: أيّ دوائر نتحدّث عنها نحتاج الى اللامركزية، لكن ثمّة حاجة الى قانون انتخاب يعيّن الدوائر حتى لا نقع في المحظور. آمل ان تربط بقانون الانتخاب.

-
بري: نعم هناك ربط بالجدول، هي بعد قانون الانتخاب.

-
الرئيس فؤاد السنيورة: ما يقوله الزميل حردان ضروري، علينا ان ننظر بالاقتراح كي نقول بالجلسة المقبلة رأيَنا، لأن ما درسته الحكومة يفترض انّه درس بعناية حتى لو عليه ملاحظات.

-
سامي الجميّل: الرئيس ميشال سليمان شكّل لجنة ضمّت اختصاصيين وأعدّت قانون وطبعَ كتيّب، وربّما هو الافضل، ونحن درسناه لأننا مهتمّون به، وإنّه على استعداد لوضعه كاقتراح قانون.

-
بري: سأوزّع المشاريع الثلاثة عليكم. لتقولوا رأيَكم، وبَعدها نحيله الى اللجان.

-
الجميّل: أخشى ان تأخذوا دور مجلس النواب.

-
بري: الامر ليس هكذا.

-
بطرس حرب: الدوائر الادارية ليس بالضرورة ان تكون ذاتها الدوائر الانتخابية.

-
بري: نعود الى جدول اعمالنا الاساسي.

-
صمت....

-
بري: السكوت في معرض الحاجة بيان.

-
حرب: ندور ونعود الى موضوعنا الاساسي بحسب الدستور ننزل الى مجلس النواب وننتخب رئيساً.

-
السنيورة جلستُنا هي الرقم عشرون، وبالتالي دخلنا في ابحاث كثيرة وتقدَّمنا بعضَ الشيء وبقي موضوعان.

إنتخاب الرئيس وهو الرئيسي، وهنا الدستور هو الضابط الحقيقي، وهناك مناسبة أنّ هناك مرشّحين من 8 آذار وتراضى جماعة 14 آذار أن يسيروا بمرشّح من 8 آذار، نحن راضون بالنتيجة، فلينزل النواب ويمارسوا أكثريتهم. إمّا أن تؤيّدوا هذا الشخص أو لا انتخاب، فأيّ ديموقراطية هذه؟

ونسحب الأمر حول كيفية تشكيل حكومة، هذه صلاحية رئيس الحكومة ولا يجوز سحب الاستشارات الملزمة من يد رئيس الجمهورية.
تتحدّثون عن دوحة، فليلتزموا بما تقول الدوحة، هناك قسم أساسي لم يتمّ الالتزام به.

الشرع هو الدستور، أمورنا شديدة الوضوح، تعالوا نطبّق الدستور، لا نستطيع ان نذهب الى قواعد جديدة، لأنه عندها كلّ واحد لديه طلب. الدستور ممكن تعديله لكن ما نفعله هو فتحٌ لصندوق البندورة، الدستور هو المسبحة التي تجمعنا، رئيس الجمهورية هو الذي يجمع حبّات المسبحة الى بعضها البعض.

-
النائب محمد رعد: دولة الرئيس، نحن نستطيع ان نطرح وجهة نظرنا. البعض يعتبر الدستور مقدّساً والخروج عنه يوجِد المشاكل.

لو التزَمنا بالدستور، كان علينا بعد أوّل انتخابات نيابية في العام 1992 أن نلتزم به كاملاً. لكن هذا لم يحصل ولم نستمع لدولة الرئيس نبيه بري في ذلك الوقت (عندما طرَح تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية).

نحن نلتزم بالدستور عندما نكون على استعداد لتطبيق الدستور كاملاً والطائف كاملاً. لا أحياناً ألتزم بالدستور وأحياناً أرفس الدستور. عندما اتّفَقنا
على الرئيس ميشال سليمان، هل كنّا نلتزم بالطائف؟

إذا لم نتفق على اسم رئيس، سنعود الى كلّ ما نختلف عليه. نحن جاهزون للاتفاق على اسم. لا يحق لأحد ان يقول إننا في موقفنا من موضوع الرئيس قد خرَحنا على الدستور، هل تريدون بلداً، تعالوا لنتفاهم، أم تريدون رئيساً «يجيبكم».. لا تؤاخِذوني على لهجتي «الفانوس السحري» سوف ينفجر، ولن يخرج منه شيء.

-
بري : لا داعي للانفعال. طالما نحن متمسّكون بالطائف والدستور، إذا لم نتفق على مسألة، سنقع في مشاكل أخرى، الرئيس هو واسطة العقد..إذا اتّفقنا على رئيس، فثمَّة حاجة للاتفاق على رئيس حكومة، قد يقال إنّ هذا غير دستوري، ولكن لا مهرب من ذلك.

-
السنيورة: أفهم من كلام الحاج محمد رعد أنّ علينا ان نتّفق، تعني أنّه ليس المطلوب أن تفرض عليّ شخصاً.

-
رعد: نعَم، تعالوا نتّفق، ولكن لا يحق لك القول إنّنا نعطّل الدستور.

-
السنيورة: لغاية الآن مرشّحنا هو سليمان فرنجية «بقلبِنا وربِّنا»، ولكن إذا كان لا هذا ولا ذاك «ماشي الحال، خلّينا نتّفِق على شخص توافقي».

-
رعد: ..»ونِحنا مرشّْحين الجنرال ميشال عون بقَلبنا وربّنا».

-
سليمان فرنجية (ممازحاً): سماحة السيّد (حسن نصر الله) يقول إنّه وفيّ لحلفائه في الدنيا والآخرة، يبدو أنّ الدنيا لغيرنا.. والآخرة لنا.

-
رعد (ممازحاً): لا تقلّل من قيمة الآخرة يا سليمان بك.

-
السنيورة: طُرحَت فكرة الرئيس القوي، الرئيس عليه أن يلمَّنا جميعاً، نحن تخلّينا عن مرشّحينا، واخترنا واحداً من 8 آذار.

-
فرنجية: عندما بدأنا بالحوار، اتّفقنا على أمور لم يتمّ الاتفاق عليها، بما فيها مواصفات الرئيس، هل نستطيع التأكيد على الالتزام بما تمّ الاتفاق عليه. نتّفق ولكن هناك من يَصمت، ثم نعود فنَصمت، لأنّ المطلوب الالتزام بالخارج. لقد اتّهمت، وكأنّ أرييل شارون ترشّح،، أمور تسيير البلد مهمّة ايضاً، والرئيس السنيورة يقول إنه إذا تمّ التوافق على شخص ثالث، أنا «ما عندي مانع». المهم أن يكون الرئيس مارونياً.

وأكمل ممازحاً .. لكن يبدو أنه لن نتوحّد إلّا إذا اخذتموها (الرئاسة) أنتم يا فريد (مكاري).

-
حرب: أريد أن أتعامل إيجاباً مع ما قاله الحاج محمد رعد، نعم الجميع تجاوَز الطائف، مثل تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. تعالوا لنتفاهم على الدستور، هذا هو موقفنا، البكاء على الماضي لا يحلّ المشاكل.

علينا ان نلتزم على الراهن والمستقبل، لكن على قاعدة الالتزام بالدستور. كلمة تعالوا نتفاهم على رئيس، وتعالوا نؤكّد على الالتزام بالدستور. البداية في انتخاب رئيس الجمهورية، وكلا المرشّحَين قريبان منكم (متوجّهاً الى
رعد) لا نقبل تعديلاً بالطائف ولا تعديلاً بالدستور.

-
أرسلان: إمّا تفاهُم، أو رفع الجلسات بهدف التشاور بين الكتَل.

-
حردان: أذكّر بموضوع مجلس الشيوخ عندما نسمع الكلام عن الدستور والالتزام به، إذن علينا ان نلتزم بالآليات الدستورية، ولماذا لم نلتزم بها سابقاً، بما فيها إلغاء الطائفية واللامركزية الادارية ومجلس الشيوخ. لقد اتّفقنا على مواصفات الرئاسة، والمبادرات يجب ان تأتي من الجميع، ونحن معنيون بطرح هذه المسائل ليس على قاعدة البحث بالمعايير مجدداً.

أريد أن أنتهز الفرصة لكي نعرض وجهة نظرنا في مجلس الشيوخ، لأنّ هذا قد يساعد على إحداث خرق ويُطمئن الطوائف.

ما ورد في الدستور لا يحدّد صلاحيات لمجلس الشيوخ، لكن هدفه فقط تطمين الطوائف، إذا أنتم تريدون. أعرض وجهة نظرنا في مجلس الشيوخ.

-
السنيورة: أنا لا أرى طريقاً لطمأنةِ الناس واستعادة حقوقِهم سوى مجلس الشيوخ.

- (
هنا قدَّم حردان ورقةً مكتوبة حول تأسيس مجلس الشيوخ).

-
الرئيس نجيب ميقاتي: أهمّية جلسات الحوار الراهنة، أنّها توفّر الأرضية الصالحة لطرح الحلول عندما يحين موعدها. حتى الآن الحوار أشبَه بمياه تروي المسار لتبقى الارض خصبة حتى موعد الحصاد الذي لم يحِن موعده بعد، حسب اعتقادي. وفي سبيل ان نخرج بنتائج عملية فإنني أرى انّ الحوار يجب ان يتركّز على شقّين متوازيَين:

الأوّل: يتعلق بتعهّد جميع الاطراف الموجودة هنا بالالتزام باتفاق الطائف، ولا مانع من ان يقدّم كلّ طرف مطالبه في شأن مضامين هذا الاتفاق، والالتزام باتفاق الطائف يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية ليستقيمَ عمل المؤسسات.

الموضوع الثاني، الذي أشدّد عليه هو موضوع قانون الانتخاب الجديد، وأرى أن يُصارَ الى بحث كلّ الاقتراحات هنا وأن يقدّم كلّ طرف رؤيتَه، وبعد ذلك ينتقل البحث التفصيلي الى اللجان النيابية، ولا أرى أنّ الاتفاق على هذا الأمر مستحيل، خصوصاً مع استحالة إقراره أوّلاً في اللجان النيابية المشتركة كما أعلن سابقاً نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري مؤكّداً أنّه لن يدعو الى جلسات إضافية لأنّ البحث يراوح مكانه.

أضاف: دولة الرئيس بري، بعد عشرين جلسة من النقاش تقريباً لا نزال نراوح مكاننا، وهذا أمر غير مقبول ويقتضي البحث برأيي وفق الآلية التي تحدّثت عنها

- النائب وليد جنبلاط: إذا خرجنا دون نتائج ستكون ضربةً، وخاصة لدولة الرئيس، مع التذكير بأهمّية ما أنجز في الحوار 2006. الآن أنجَزنا أهمّية التأكيد على الطائف، والاتفاق على مواصفات الرئيس.آمل ان يبقى ما نقوله بيننا، دولة الرئيس، حينما أتطلّع الى دوحة جديدة، أجد الظروفَ غير ناضجة إقليمياً ودولياً. ولا يصحّ تحميل طرف المسؤولية في ذلك.

وفي ما يتعلق بمجلس الشيوخ، الأولوية الآن لانتخاب رئيس جمهورية.

-
حرب (تلا المادة 95 من الدستور) وأكد انّ تشكيل مجلس شيوخ يكون بعد اوّل مجلس نيابي لا طائفي، ممّا يعني أنّ ما يدعو إليه حردان هو في المادة 95 والعودة