عشية اللقاء الحواري اللبناني , وعلى وقع الكلام التسووي في سوريا , يستعر النقاش الاعلامي بين نصرالله والحريري , والحريري يتهمه بنشر الفتنة

 

السفير :

التسوية السياسية السورية تلوح في الأفق. هذه ليست نبوءة، إنها عبارة لمسؤول سوري كبير، ضنين بالتفاؤل طبعا، حذر وواقعي، وعارف لا مثيل له بمسارات الحرب على سوريا. وللمرة الأولى منذ خمسة أعوام، ساد فيها وهم إسقاط الدولة السورية لدى الكثيرين، لا تبدو العبارة استفزازا لمن آمنوا بذلك بشدة، أو راهنوا عليه فحسب، وإنما حتى لدى من اعتقدوا بقوة في المقلب الآخر أيضا، أن دمشق لن تسقط ، من دون المغامرة في التفاؤل، إلى حد تصور نهاية قريبة للحرب.
لا حسابات معقدة للخروج بمعادلة التسوية السورية التي أصبحت في متناول اليد، بحسب المسؤول السوري. لكنه التقدم في الميدان الحلبي، واستعادة المبادرة العسكرية، ومحاصرة الجيش السوري لـ٤٠ فصيلا جهاديا في قلب سوريا، تنعكس في مرآتها خريطة التدخل الإقليمي برمته. تبدو هزيمة الفصائل وحصارها في شرق حلب، انكسارا جماعيا لخمسة أعوام من الحرب وللدول التي سعرت أوارها، ضد دمشق: الولايات المتحدة والسعودية وقطر وفرنسا وبريطانيا وتركيا.
الحل الأمني هو الحل السياسي كما يبدو. الحل الأمني الذي ضمر تداوله منذ إصدار بيان جنيف في حزيران ٢٠١٢ واحتفاء به، يعود بجرعات كبيرة في طيات صراع تطور تدريجيا، من «ثورة»، إلى «حرب اهلية»، فحرب ضد الإرهاب، حيث لا تفاوض مع «داعش» أو «النصرة»، والمجموعات المسلحة التي تبايع السلفيات الجهادية، وهي أكثر ما نبتت في ميادين القتال السورية. ولا حل في النهاية، إلا الحل العسكري، لمصلحة هذا الطرف أو ذاك. أما لازمة لا حل في سوريا إلا الحل السياسي، فهي لازمة ديبلوماسية لا أكثر، وظيفتها تمرير الوقت، كالمؤتمرات التي عقدت في جنيف، ريثما تنضج معارك حلب، أو تتقدم القوات السورية، و «عاصفة السوخوي» نحو آخر معاقل «النصرة» في إدلب. الحل السياسي بات يختصر بعودة سلطة الدولة السورية، وتطبيع الأوضاع، قبل النظر في أي تعديلات هيكلية في مؤسسات الدولة أو غيرها. وكلما طالت الحرب، تراجعت شروط الحل إلى ما هو أكثر بدائية من أي إصلاح سياسي: السلام.
التفاهم الروسي ـ الأميركي أيضا في حده الأدنى يدفع باتجاه الحل. الأميركيون ليسوا طلاب حل سياسي في سوريا، آلاف الأطنان من الأسلحة التي تنطلق أسبوعيا من موانئ أوروبا الشرقية إلى الأردن وتركيا، تقول عكس ذلك، لكن الأشهر الخمسة الانتخابية الأميركية المقبلة تتيح انكفاء كافيا، ليصعد الدور الروسي في سوريا لضرب «النصرة»، العمود الفقري المسلح للمعارضة. ضرب «النصرة» أميركيا ليس واردا، في حسابات دمشق، ولكن أقصى ما يمكن انتظاره هو أن يغض الأميركيون الطرف عن حملة روسية واسعة على مواقع «النصرة» في سوريا. وهو قرار شديد الأهمية في تصور التسوية المقبلة وشروطها وأجندتها.
ومن دون «النصرة»، أو مع جبهة نصرة ضعيفة، لن تقوم قائمة للمعارضة المسلحة، خصوصا في الشمال السوري، في أرياف حلب وإدلب. ٣٠ في المئة من عديد المجموعات المسلحة يقوده أبو محمد الجولاني. الفرصة للذهاب نحو حل عسكري وتسوية على هذا الحل يتيحها، كما يقول المسؤول السوري، نفاد الوقت أمام الروس لعقد تفاهم مع الأميركيين في سوريا، واتجاههم نحو تصعيد الحرب والغارات من حميميم، واقتناعهم المتزايد، أن هيلاري كلينتون ستخلف باراك أوباما، وأنه من الأفضل تحسين مواقعهم في الميدان السوري، قبل وصولها، وقبل انطباق أضلع المثلث الأميركي المحارب والتدخلي من «البنتاغون» الذي ستديره ميشيل فلورنوي مرشحة كلينتون إلى وزارة الدفاع الداعية إلى توجيه ضربات إلى الجيش السوري، والمخابرات الأميركية، وأخيرا هيلاري كلينتون التي لن تتوانى كما يتوقع الروس عن التوسع عسكريا في الميدان السوري.
من المفارقات أن يتقاسم صقور المعارضة السورية من مجموعة الرياض الرهان نفسه: لا تنازلات سياسية في أي مفاوضات، وصبرا على الهزائم لأن سيدة البيت الأبيض سترد الصاع الروسي السوري صاعين، وسننتصر.
الروس بدأوا بالإعداد لما بعد باراك أوباما في سوريا. الاتفاقيات لإعادة أسراب الطائرات الروسية إلى سوريا، وضعت مجددا على الطاولة، والروس بدأوا بإعادة تأهيل سلاح الجو السوري، وإخراج أسراب «الميغ ٢١» القديمة، التي دخلت الخدمة في نهاية الستينيات، بعد تكاثر تعرضها لخلل تقني، وسقوط ٥ منها في شهر واحد. ولا خوف سوريا على تراجع الدعم الروسي. المسؤول السوري مطمئن: «التحالف مع الروس لا يتوقف على حلب أو معركة أو معركتين. الروس سيذهبون حتى النهاية في الصراع ضد الإرهاب في سوريا، وضد المجموعات المسلحة ليس من أجلنا، ولكن من أجل مصالحهم أيضا. دورهم في سوريا إعادة بناء موقعهم كقطب دولي. الروس استعادوا جزءا كبيرا من هذا الدور بفضل المصداقية التحالفية في سوريا. عادوا من سوريا إلى العراق الذي يجدد شراء أسلحتهم، ويطور علاقته بهم، حتى اللواء خليفة حفتر في ليبيا، يطالبهم بالتدخل والعمل معه في ليبيا، وهو زار موسكو، وفي مصر أيضا يصعد دورهم».
الانشغال الداخلي التركي هو أيضا في عناصر الدفع نحو التسوية. الانقلاب أخرج رجب طيب اردوغان رئيسا قويا. لكن تركيا ضعفت. إعادة هيكلة الجيش التركي وتصفية الأتاتوركية في الدولة التركية العميقة، ستؤديان إلى المزيد من استنزاف الأتراك، وإلى تقليص تدخلهم في سوريا، وإلى انصرافهم سنوات طويلة، لإعادة ترتيب أمورهم الداخلية. انتقال العدوى الداعشية إلى الداخل التركي، سينقل معه براعم الاحتراب الأهلي. ستون في المئة من أعضاء حزب «العدالة والتنمية» يعدون «داعش» فصيلا إسلاميا كغيره، أربعة ملايين تركي يرون في أبو بكر البغدادي زعيما من زعماء العالم الإسلامي. الحليف التركي للمعارضة المسلحة بعد التاسع من آب ولقاء اردوغان ببوتين قد يعيد النظر في تدخله في سوريا، وهو مجبر على ذلك بأي حال.
كما أن قواعد التسوية تصبح أكثر قربا وإمكانا، وأكثر تحديا واستفزازا لمن قدموا الكثير من التضحيات، لأنها لن تقوم على كل ما تم حتى الآن اختباره من قرارات دولية أو مبادرات أو مسارات خاضتها مجموعة دعم سورية في فيينا أو في جولات جنيف العقيمة. ذلك أن المعادلة السياسية لن تبنى إلا على الميدان، التسويات نفسها لا تقوم على الرغبات والتمنيات أو الحقوق؛ الفلسطينيون خبروا ذلك، التسويات لا تقوم إلا على موازين القوى، لا على المواثيق أو القرارات الدولية. بيان جنيف الذي قام على ميزان قوى متقادم، لم يعد صالحا كأساس للحل، خصوصا أن القوى التي تقاتل دمشق لا تملك قرارها السياسي، فضلا عن أن الجيش السوري اصبح الرقم الصعب في كل معادلات الحرب ضد الإرهاب.
إلا أننا، كما يقول المسؤول السوري، سنظل نذهب إلى جنيف مع قناعتنا بأنه لن يعقد في آب، وحتى لو عقد، فإن نتائج هذه الجولة لن تختلف عن سابقاتها.
التسوية أيضا هي المبادئ الإثني عشر التي سلمها بشار الجعفري إلى ستيفان دي ميستورا في جولات جنيف الأخيرة .
الألغام كثيرة لإضعاف السلطة المركزية، الموقع السوري لا يُحكَم إلا من دمشق، وينبغي أن يستمر في دوره كناظم لمصالح البر الشامي، وحاجز أمام التدخلات فيه، كي يبقى هو نفسه قائما، من خليج مرسين في الإسكندرون السليب، شمالا، حتى رمال العريش جنوبا.

النهار :


حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس من إنه إذا ثبت أن العملية الإنسانية الروسية في حلب حيلة، فإن ذلك سيعرض للخطر التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في شأن الحل السياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية، بينما عرضت الامم المتحدة الاشراف على "الممرات الانسانية" التي أقامها النظام السوري الى الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب للسماح لنحو 250 الف مدني بالخروج منها.
وقال كيري إنه إذا ثبت أن العملية الإنسانية الروسية في حلب حيلة، فإن ذلك سيعرض للخطر التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في شأن الحل السياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية.
وأعلنت روسيا وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد الخميس "عملية إنسانية" في قطاع من حلب تحاصره قوات المعارضة تشمل فتح "ممرات آمنة" كي يتسنى للمواطنين الفرار من أهم معاقل المعارضة في سوريا.
بيد أن الولايات المتحدة تخوفت من الخطة، وأشار مسؤولون أميركيون إلى أنها قد تكون محاولة لإفراغ المدينة من سكانها ولحمل المقاتلين على الاستسلام. ووصفت المعارضة الخطة بأنها تشبه التهجير القسري.
وأجاب كيري عن سؤال لأحد الصحافيين في مستهل اجتماع مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان: "إذا كانت حيلة فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون تماماً". وأضاف: "من ناحية أخرى إذا تمكنا من حل الأمر اليوم والتوصل إلى تفهم كامل لما يحصل ثم التوصل إلى اتفاق في شأن سبل المضي قدما فإن ذلك يمكن أن يفتح فعلاً بعض الاحتمالات".
وسئل هل يعتقد أن العملية خدعة، فأجاب: "يساورنا قلق عميق من التعريف وقد تحدثت مع موسكو مرتين خلال الساعات الـ24 الأخيرة".
ولاحظ أنه "من المحتمل جداً أن تكون تحدياً، ولكن لدينا فريق يجتمع اليوم يعمل على ذلك وسوف نتبين ما إذا كانت حقيقية أم لا. نحن ببساطة لا نعرف ... ولن نعرف ذلك تمام المعرفة إلا بعد أن ننتهي من المحادثات اليوم".
ولم يوضح كيري ما إذا كانت المحادثات جارية، كما لم يحدد مع من تحدث في موسكو. ومحاوره عادة محاوره نظيره الروسي سيرغي لافروف.

الامم المتحدة
في غضون ذلك، صرّح المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا خلال مؤتمر صحافي في جنيف :"نرحب باي مبادرة تهدف الى مساعدة السكان المدنيين في النزاعات ... وخصوصا في سوريا... ونؤيد مبدئياً وعملياً الممرات الانسانية في الظروف التي تسمح بحماية المدنيين". واضاف: "نقترح ان تترك لنا روسيا الممرات التي فتحت بمبادرة منها. الامم المتحدة وشركاؤها الانسانيون يعرفون ما ينبغي القيام به، لديهم الخبرة".
وكرر طلبا قدمه رئيس العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفن اوبراين الخميس في نيويورك، داعيا الى "هدنات انسانية 48 ساعة لاتاحة العمليات عبر الحدود وعبر خطوط الجبهة" في حلب.
وأفاد دو ميستورا أن روسيا وضعت فقط خطوطاً عريضة لخطة الإغاثة، و"ثمة حاجة ماسة الى إدخال تحسينات... ما أفهمه هو أن الروس مستعدون (لإدخال) تحسينات رئيسية". وأكد أن الخطة في حاجة الى ان تشمل توقفات منتظمة في القتال تمكن الناس من الخروج والمساعدات من الدخول.
وجاء فتح هذه المعابر بعد اعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بدء "عملية انسانية واسعة النطاق" في المدينة.
وقال وزير الدفاع الروسي إن رابع هذه الممرات سيفتح في الشمال، على طريق الكاستيلو ليسمح "بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن"، مؤكدا أن الامر لا يتعلق إلا "بضمان أمن سكان حلب".
وفي باريس، صرّح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال بأن "الممرات الانسانية" التي أقامها النظام السوري لا تقدم "حلا مجديا" للوضع.

الوضع الميداني


ميدانياً، كشفت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" ان دارة للتوليد تدعمها تعرضت للقصف في محافظة ادلب بشمال غرب سوريا، مشيرة الى وقوع ضحايا واضرار كبيرة، كما كتبت في موقع "تويتر".
وقالت المنظمة: "مستشفى للتوليد تدعمها سايف ذي تشيلدرن في ادلب تعرضت للقصف" من أسفر عن سقوط "ضحايا" لم تذكر عددهم.
وأعدم "داعش" 24 مدنياً على الاقل اثر اقتحامه الخميس قرية البوير التي كانت خاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" قرب مدينة منبج في محافظة حلب.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ لندن مقراً له رامي عبد الرحمن: "اعدم تنظيم الدولة الاسلامية 24 مدنياً على الاقل خلال الساعات الـ24 الاخيرة اثر اقتحامه قرية البوير الخميس وخوضه اشتباكات ضد "قوات سوريا الديموقراطية" التي انسحبت من البلدة" الواقعة على مسافة عشرة كيلومترات شمال غرب مدينة منبج.
وارتفعت حصيلة غارات الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على بلدة الغندورة الخاضعة لسيطرة الجهاديين في شمال سوريا، الى 41 قتيلاً، بينهم 28 مدنياً، فيما لم يتم التعرف على هويات الاخرين.
واعلن المرصد مقتل عشرة مدنيين على الاقل بينهم خمسة أطفال وثلاث نساء في ثلاث غارات جوية على مدينة الاتارب الواقعة غرب مدينة حلب بشمال سوريا والتي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.

 

الديار :

هذا كلام من عاصمة خليجية تتمتع بديناميكية ديبلوماسية خاصة وتتقاطع فيها الكثير من المعلومات ومن التوقعات: لا تنتظروا مفاجآت بل انتظروا العجائب (او الاعاجيب) في المرحلة ما بعد الزلزال التركي...
وسؤال ما اذا كان السيناريو التركي قد اعد (استخباراتيا استراتيجيا) بدقة متناهية لأن هذا كان السبيل الوحيد لتغيير قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك في المنطقة...
«الديار» سألت «وماذا لبنانيا؟» الجواب ايضا ستحدث عجائب (واعاجيب) الى اشعار اخر الرئىس السوري بشار الاسد باق في منصبه هناك في واشنطن من يرى ان اطاحته في الظروف الراهنة «يخرّب كل شيء» ما دامت المعارضة وبعد كل السنوات لم تنتج سوى تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» فيما تلاشى او سقط او اندثر الاخرون...
استطرادا لن يكون مستغربا ان يشاهد الرئيس سعد الحريري ثانية في قصر الشعب في دمشق.
ان يشاهد ايضا تيمور وليد جنبلاط، لا مشكلة بالنسبة الى الدكتور سمير جعجع لأن هناك في دمشق من يشير الى اسماء معينة ويعتبرها مسؤولة عن الكثير من التجاوزات التي حصلت في لبنان.
وفي كلام العاصمة الخليجية ان الحدث التركي اضعف السعودية استراتيجيا لأن انقرة كانت الرهان الكبير كما انه اخاف ايران.
اهل النظام هناك وبالرغم من البنية الايديولوجية الحديدية، يشعرون بأن شيئا ما يعدّ لهم دون استبعاد اختراقات دراماتيكية في بعض المؤسسات الحساسة.
حديث عن ان ما حدث في حلب مؤشر الى ما عليه الامور وما يمكن ان تكون عليه. كان الرئىس حافظ الاسد يراهن على «الجنرال زمن» وها ان ابنه بشار الاسد يراهن ايضا على «الجنرال زمن» لكن الثمن باهظ سوريا لم تعد سوريا والشعب السوري تمزق على نحو كبير...
وفي العاصمة الخليجية ان الكلام عن الديموقراطية (على الطريقة الغربية) في المنطقة نكتة سمجة، حتى تركيا، الدولة الراسخة، لم تستطع ان تتحمل الديموقراطية انقلاب عام 1960 وانقلاب عام 1980 وانقلاب عام 1997 وشنق عدنان مندريس، وصولا الى محاولة 2016 التي جعلت كل المؤسسات بيد رجل واحد...
المثير ان يقال ان التطورات التركية انقذت الجميع السعودية في مأزق وايران في مأزق وبعدما بدا ان واشنطن وموسكو رسمتا حدودا لكل شيء. لا احد مسموح له ان ينتصر ومسموح للجميع ان يخسروا... غير ان الكلام الذي يثير الانتباه هو ان «تفاعلات داخلية عميقة» تحدث في اكثر من دولة الاستخبارات الاميركية والروسية تعرف ذلك وتعرف اين هي نقاط الضعف في كل دولة وتلعبان عليها...
وفي العاصمة الخليجية ان العلاقات بين الرياض وواشنطن اهتزت كثيرا ودون ان يكون هناك البديل تركيا دخلت في ازمة طويلة اما الرهان على اسرائيل فهو انتحار بالنسبة الى دولة توجد الكعبة على اراضيها، او هي وجدت لأن الكعبة هناك.
صحيح ان التعبئة المذهبية بلغت حدوداً كارثية وان هناك من يدعو علنا الى التعاون مع اسرائىل لمواجهة «الاخطبوط الايراني» لكن هذا الخيار صعب جدا وصادم جدا ولا بد ان تترتب عليه نتائج خطيرة للغاية...
وتأكيد على ان التفاهم السعودي - الايراني آت لا محالة «قد تستغربون ان يكون رجب طيب اردوغان الوسيط بين الدولتين الساحة السورية وما تشهده في الاشهر القليلة المقبلة ستحدد مسار الازمات ومسار التسويات ومسار العلاقات...
ان تستضيف اسطنبول لقاء يجمع الملك سلمان والرئيس روحاني بات من الامور المطروحة. وهناك من يحث على الاسراع في ذلك وعدم الرهان على الادارة الاميركية الجديدة لان ما حدث بين واشنطن وموسكو من تفاهم لم يكن تفاهما بين رجلين، باراك اوباما وفلاديمير بوتين وانما تفاهم دفع اليه البنتاغون كما دفعت اليه اجهزة الاستخبارات الاميركية.
المؤسسات الاميركية باتت على قناعة بأن الارهاب هو العدو رقم واحد. اي فوضى في الشرق الاوسط ستجعل من الصعب على اي باخرة او بارجة اميركية الرسو في اي من موانىء المنطقة. هذا مجرد مثال كما يقول المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ولوكالة الامن القومي الجنرال مايكل هايدن الذي لا يكن الحد الادنى من الود لا لايران ولا لـ «حزب الله» لكنه يعتبر ان «الفوضى الخلاقة » وهو المصطلح الشهير لهنري كيسنجر لم تعد لمصلحة اميركا.
اما السبب وكما تقول معلومات العاصمة الخليجية فهو ان واشنطن هي التي «اخترعت» التيارات الاسلامية المتشددة ولاغراض تكتيكية واستراتيجية لكنها لم تكن تتوقع ظهور الايديولوجيات المجنونة التي لم يعد بالامكان برمجتها في اي حال بعدما بدا جليا كيفية اجتياحها للحدود بين الدول وللمجتمعات في هذه الدول.
وهناك قناعة لدى الادارة الاميركية بأن ابا بكر البغدادي الاكثر استقطابا من اي حاكم عربي لـ «الجماهير» ودون ان يبقى تأثيره محصورا في حيز جغرافي معين بل انه موجود في اورلاندو وفي باريس وفي بروكسل، وفي نيس، وفي روان، وفي الاتحاد الالماني ايضا.
وما يقال ان حلب كانت الرهان الكبير حتى اذا ما سقطت سقطت دمشق حتى ان احمد داود اوغلو كان يعتبر انه اذا ما خرجت حلب من قبضة النظام «حدث طوفان بشري في الشام» ولاذ اركان السلطة بالفرار.
اما وقد سقط الرهان وبحسب المعلومات اياها فإن الامور ستأخذ مسارا اخر. والطريف ان يقال ان واشنطن اكتشفت ان التفاهم مع موسكو اسهل بالنسبة اليها من التفاهم مع حلفائها الذين لم يكونوا يتفقون سوى على تقويض النظام السوري دون ان تكون لديهم اي رؤية مشتركة حول النظام البديل لا بل كانت هناك خلافات عميقة حول الوحدة الجغرافية لسوريا وحول الهيكلية الفلسفية والايديولوجية والاستراتيجية للدولة البديلة... وحتى اذا ما تبدلت الادارة في الولايات المتحدة فثمة ثوابت روسية لا مجال لزحزحتها وهي عدم تسليم سوريا لأي دولة (او دول) اقليمية وعدم السماح في حال من الاحوال بقيام نظام اسلامي فيما لو اقتضى ذلك حرب عالمية ثالثة...
واعتراف بأن السيناريو (الكاريكاتوري) الذي تم طبخه اقليميا لاعلان انفصال «جبهة النصرة» عن تنظيم القاعدة قد انهار ايضا اذ سارع قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جو فونل الى القول ان الجبهة وايا كان الاسم الذي تتخذه هي منظمة ارهابية وانها «لا تزال تنظيم القاعدة».
داخليا هل بات الوزير نهاد المشنوق هو الرجل الثاني في بيت الوسط؟ اين الرئيس فؤاد السنيورة في هذه الحال؟ وزير سابق في تيار المستقبل قال لـ «الديار» ان من السخافة ما رددته بعض المواقع من ان السنيورة وراء ذلك البيان الغامض الذي يدعو الى حركة تصحيحية داخل التيار لكن الثابت ان ثمة فجوة بينه وبين الحريري الذي باتت له مآخذ كثيرة على رئىس كتلته النيابية اذ كان يفترض خلال غياب «الشيخ سعد» في الخارج ان يضبط الوضع داخل التيار وهو البارع في ذلك لا ان تتفلت الامور بتلك الطريقة لا بل بدا وكأن السنيورة يتعمد ذلك لتكون له جماعته الضاغطة داخل التيار.
المشنوق هو الذي اوصل الرسالة الى من يعنيهم الامر حول انتخاب رئىس للجمهورية قبل اخر العام. لوحظ انه حتى نواب التيار ابتعدوا عن «قنبلة المشنوق» هؤلاء النواب اخر من يعلم وفي رأس الحريري تبديل ثلثهم على الاقل.

ـ السلطانة هيام ـ

وقبل ان يقول وزير الداخلية ما قاله كان الحريري وهو يتابع خطوات السلطانة هيام في مسلسل «حريم السلطان» على السجادة الحمراء في شوارع بيروت يأمل ان يكون اخر السنة «خيرا وبركة على اللبنانيين» يأمل ايضا ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية...
الحريري بات خبيرا في الاخراج المسرحي هكذا تسريب خبر لقاء باريس وطرح ترشيح النائب فرنجية لرئاسة الجمهورية والان اترك لنهاد المشنوق ان يعلن ان الرئاسة وراء الباب.
هل طعن فرنجية في الظهر وهو الذي عرفت عنه الفروسية والشهامة؟ ولماذا لم يتم ابلاغه بما صرح به المشنوق الى الـ LBCI؟
الذي يجعل هذا السؤال ضروريا هو ان رئىس تيار المرده قصد عين التينة ولم يقصد بيت الوسط. زيارة للاستفسار؟ المقربون من رئيس المجلس يقولون الا علم له لا بخلفيات ولا بحثيات ما ادلى به المشنوق...
وقد يكون الذي اثار فرنجية اكثر ان وزير الداخلية الذي هو قناة الاتصال والتواصل بين بيت الوسط والرابية هو من ادلى بالتصريح اياه وان كان هناك من يقول ان المشنوق من وزن وسائر وزراء ونواب تيار المستقبل من وزن اخر...
استطرادا لو ادلى اي اخر بما ادلى به المشنوق لما اخذ على محمل الجد في حين راحت جهات سياسية تحلل التصريح الذي ادلى به فرنجية اثر لقاء بري. هل هو موجه الى الحريري ام الى مرجعيات اخرى او من هي هذه المرجعيات؟
نفى صحة اي كلام حول انسحابه مشيرا الى ان مبادرة الحريري لترشيحه «ما زالت بالنسبة الينا قائمة» ولكن اذا حدث اجماع على شخص اخر اكان عون او غيره  فنحن لا نقف في وجه الاجماع ليضيف «ان احدا لا يمون علينا سوى الاجماع الوطني والمصلحة الوطنية اما اي مناورة هنا او اي لعبة من هناك فلا احد يمون علينا».
واوضح ان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لن يطلب منه الانسحاب وكذلك الرئيس بشار الاسد و«انا موجود في المعركة حتى اخر دقيقة».
حتى اهل السياسة يسألون عن الحقيقة، غداة كلام المشنوق حول قرار دولي كبير وجدي وغير منظور بانتخاب رئىس للجمهورية اخر السنة، بدا الرجل وكأنه يغرد خارج السرب مع انه لا يمكن ان يقول ما قاله الا اذا كان واثقا من هذا الكلام الى اقصى الحدود، والا اذا كان الحريري موافقا عليه.
وبالرغم من ذلك فإن الدكتور سمير جعجع الذي اكد انه على تواصل مع رئىس تيار المستقبل في صدد ترشيح عون وصف الملف الرئاسي بـ «الصعب والمعقد». واعتبر ان «حزب الله» غير جدي في ترشيح العماد عون للرئاسة فهو لا يحتمل خسارته والتيار الوطني الحر على صعيد التحالف السياسي ولكن في الوقت نفسه لا يريده رئىسا، ليضيف ان الحزب «يفضل رئىسا على قياسه صغير ويتحكم به».

ـ السيد نصرالله والسعودية ـ

من جهة ثانية شن السيد نصرالله حملة عاصفة على السعودية معتبرا ان ما حدث في حلب اسقط المشاريع الاقليمية والاحلام الامبراطورية ولم يبق امام السعودية سوى فرصة لمراجعة حساباتها والقبول بالتفاوض والا الهزيمة».
وسأل «اين السعودية كرقم اساسي في معادلة الصراع القائم الان في المنطقة؟ لافتا الى انها «تفتح بابا فقط مع الاسرائىليين وبلا اثمان او مكاسب لحقوق الفلسطينيين ومقدساتهم ومطالبهم داعيا الجميع الى «ان يتخذوا موقفا من اي تطبيع مع العدو». وتحدث عن «تطبيع سعودي مع اسرائيل وبالمجان، وهذا سيفتح الباب كليا ونهائىا فعندما تأتي السعودية التي تقدم نفسها في العالم العربي والاسلامي انها دولة الاسلام او انها دولة الشريعة المحمدية المقدسة وانها دولة القرآن وانها حكومة الحرمين الشريفين وتتصل وتقيم العلاقات وغدا تعترف وضمنا تنسق مع اسرائيل ستقول اي دولة عربية اذا السعودية عقدت علاقات او اتصلت وهي تنسق فلماذا تحملوننا ما لا يطاق؟»
وتطرق السيد نصرالله الى المسائل الداخلية قائلا لا يمكن في هذا البلد ان يزاد قرش واحد على ضريبة قبل فتح ملفات الفساد ويستعاد المال العام المنهوب لأن هذا يعني تأمين مال بسرقات جديدة». ولوحظ ان السيد لم يتناول موضوع الرئاسة ولا جدول اعمال طاولة الحوار التي تبدأ الثلثاء.
وسارع الحريري الى الرد على كلام السيد نصرالله واصفا المملكة بأنها تاج مرصع بالخير والمكرمات في التاريخ العربي وعنوان لن ينكسر للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين».
اضاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي «ان من يسمح لحزبه ومسلحيه ان يكونوا اداة ايرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية لن يحصل على براءة ذمة مهما ابدع في التزوير السياسي».

 

الجمهورية :

عشيّة جلسات الحوار المقرّرة مطلع آب، بدا أنّ المناخ السياسي العام في البلاد ذاهب نحو التشنج أكثر فأكثر، فيما لفتت مساء امس زيارة رئيس مؤسسة «الانتربول» نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر الى «بيت الوسط» حيث عرض مع الرئيس سعد الحريري للأوضاع العامة والتطورات. وشهد أمس موقفاً لافتاً لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أكّد فيه أنه لن ينسحب من السباق الرئاسي لمصلحة أحد، واضعاً حدّاً لكلّ ما أثير في الفترة الأخيرة عن إمكان انسحابه لمصلحة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.

فقد أكّد فرنجية أنّ الكلام عن أنّه سينسحب، وأنه أبلغ وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت بذلك، هو كلام «عار من الصحة وليس موجوداً أو مطروحاً».

واعتبر، بعد زيارته أمس رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، أنّ المبادرة التي أطلقها الحريري «ما زالت قائمة»، لافتاً الى أنه إذا حصل توافق على أيّ شخص للرئاسة حوله إجماع وطني «فإننا لن نقف أمام الاجماع الوطني».

وأكّد بقاءه في معركة الاستحقاق الرئاسي حتى النهاية طالما هناك من يدعم ترشّحه. وأضاف فرنجية: «لا أحد يمون علينا لننسحب إلّا الاجماع الوطني والتوافق الوطني الكامل، امّا أيّ مناورة من هنا او لعبة من هناك فلا احد يمون عليّ».

«المردة»

وقالت مصادر»المردة» لـ«الجمهورية»: «إنّ مواقف رئيسه جاءت في الوقت المناسب ومن المنصّة المناسبة، بغية وَقف مسلسل الروايات التي تطلق من وقت لآخر من مصادر يتيمة لم نفهم يوماً ماهية مصادرها، وهي حافلة بالأحلام والتمنيات».

الراعي

وفي أول تعليق له على الحوار، أمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال استقباله عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت في الديمان أمس، أن «يتوصّل المتحاورون الى إقرار قانون للانتخابات النيابية يرضي جميع اللبنانيين، والى تفاهم ينهي الفراغ الرئاسي ويعيد الحياة الطبيعية الى المؤسسات».

صيّاح

في غضون ذلك، أكّد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ»الجمهورية» أن «لا شيء ملموساً بالنسبة الى قرب انتخاب الرئيس أقلّه في المدى المنظور»، معتبراً أنّ «كل ما يُحكى كلام ليس له ترجمة عملية على الارض».

وأكد صيّاح انّ «البطريركية تشجّع كل حراك يحصل، فزيارة النائب سليمان فرنجية الى الديمان ولقاؤه البطريرك الراعي طبيعية. كذلك فإننا نرحّب بحركة الدكتور سمير جعجع بالاتفاق مع العماد ميشال عون واتصاله بالقوى السياسية من أجل تسهيل انتخاب رئيس. وقال: في الحركة بركة.

وشدّد صيّاح على أنّ بكركي «ما زالت تدعم التوافق المسيحي الذي حصل في معراب وتؤيّده وتدعو الجميع الى عدم تخطّي القوى المسيحية الأساسية، مؤكداً «انّ موقف بكركي ثابت في هذا المجال ولا شيء تغيّر».

الجميّل

وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل لـ»الجمهورية» إنّ جلسات الحوار في 2 و3 و4 آب يمكن أن تخرج بتوصية لكنها غير ملزمة. وأوضح أنّ حزب الكتائب يصرّ على أن يكون أيّ بحث إصلاحي تحت سقف الدستور، أي بعد انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس جديد للنواب.

واستبعد الجميّل انتخاب رئيس للجمهورية على المدى المنظور، مُبدياً شكوكه في حصول انتخابات نيابية أيضاً، «لأنّ «حزب الله»، المُمسِك بالمؤسسات الدستورية، يلائمه الوضع الحالي في لبنان، وقد يكون في حساباته أنّ قيام دولة في لبنان بدءاً بانتخاب رئيس ومجلس نواب يمكن أن يعرقل قرارات وتوجهات سيتخذها وإيران لاحقاً في ضوء ما ستَرسو عليه الأوضاع في سوريا».

وشدّد رئيس الكتائب على أنّ هيئة الحوار الوطني هي مجرّد إطار للتشاور والمناقشة من أجل محاولة التوصّل إلى حلول، والبديل هو التقوقع والتصعيد في المواقف. لكنه ذكّر بأنه هو الذي اقترح عقد خلوات تنتهي بعدها جلسات الحوار في موعد محدّد، فإمّا تخرج بنتائج ايجابية أو لا ضرورة لاستمرارها.

واستبعد الجميّل التوصّل الى اتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، ما يعني أنّ الانتخابات المقبلة اذا حصلت فستكون وفقاً لقانون 1960، ملاحظاً أنّ مشروع القانون المختلط لا يؤمّن التمثيل الصحيح والمطلوب كما أنه يتطلب آليات معقدة لتطبيقه، لم يعد الوقت المتبقّي قبل الربيع المقبل يسمح باعتمادها.

جعجع

وسط هذا المشهد، توقف المراقبون عند الكلام الذي أطلقه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وأكّد فيه وجود قرار دولي جدي وكبير وغير منظور يقول بإنتخاب رئيس للجمهورية قبل رأس السنة، فيما وصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الملف الرئاسي بالصعب والمعقّد، مؤكداً «انّ حزب الله غير جدّي في ترشيح عون الى الرئاسة، فالحزب لا يحتمل خسارة عون و»التيار الوطني الحر» على صعيد التحالف السياسي، ولكن في الوقت نفسه لا يريده رئيساً».

 

اللواء :

ما الصلة بين «الرسائل الرئاسية» وطاولة الحوار التي تنعقد الثلاثاء وتستمر الأربعاء والخميس؟
وبصورة استطرادية: هل الوضع الإقليمي الذي ينتقل من تشنج إلى تشنج، على خلفية الإصرار الإيراني على التدخل في الشؤون العربية على نحو ضعضع القوة العربية وبات يُهدّد الأمن القومي العربي، سيترك انعكاسات سلبية على طاولة الحوار، أم أن الاستقرار اللبناني ما زال مطلوباً إقليمياً ودولياً، ولو لم يحدث أي خرق على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وسائر ملفات السلة السياسية العالقة؟
المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» توحي بأن مرحلة «الستاتيكو» مستمرة، وأن لا خرق متوقعاً لا من طاولة الحوار ولا من غيرها، أقلّه خلال شهر آب، وربما في الأشهر التالية.
وتعزو المصادر معلوماتها إلى أن المطابخ الدولية ما تزال منشغلة بترتيبات الوضع السوري، وأن الاتصالات التي أجرتها فرنسا، لا سيما مع الجانب الإيراني، لم تكن مشجعة، إذ أن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت سمع كلاماً لم يرق له من نظيره الإيراني محمّد جواد ظريف، بأن بلاده لا تتدخل بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.
وعلى جبهة هذا الاستحقاق، حفلت الساحة السياسية أمس، بسلسلة من التطورات أبرزها، ما أعلنه المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، من أن الرئيس سعد الحريري ليس هو من يؤخّر إنتخابات الرئاسة أو يعطّلها، وأنه (أي فرنجية) ما يزال مرشحاً ما دام أن هناك نائباً واحداً من خارج كتلته يدعمه، وأن الرئيس الحريري «ليس من الذين يغيّرون رأيهم من دون استشارة من تفاهم معهم» (في إشارة إليه).
وإذ أكد أن لا السيّد حسن نصر الله، ولا الرئيس بشار الأسد يمكن أن يطلبا منه أن ينسحب من المعركة، لكنه استدرك قائلاً: «إذا حصل توافق وإجماع وطني على أي مرشّح، عون أو غيره، فنحن لن نقف في وجه هذا التوافق»، معتبراً أن الحل هو في الديموقراطية من خلال التصويت في المجلس النيابي.
ومن هذه التطورات تجنّب السيّد نصر الله في مهرجان تأبيني، أمس، التطرّق إلى الاستحقاق الرئاسي، في حين غرق في بعض التفاصيل الداخلية كتلوّث الليطاني وملفات الفساد والإنترنت غير الشرعي ورفض زيادة أي ضريبة جديدة في معرض تعزيز مالية الدولة، الأمر الذي ترك تساؤلات عن خلفية هذا الموقف، وسط خشية من أن يُحدث كلامه عن تحميل الحكومة المسؤولية عن عدد من الملفات، أزمة لجهة أن وزراء الحزب وحلفائه يمارسون داخل مجلس الوزراء أجندات خاصة بهم تعيق التوصّل إلى أي قرار حتى في أبسط المسائل، ومنها تجديد عقود الهاتف الخليوي.
على أن الأخطر في كلام نصر الله هو تخصيص القسم الأكبر من كلمته في شن حملة منظمة على المملكة العربية السعودية مبنية على فرضيات تطبيع العلاقة مع إسرائيل، أو الصلح معها، متبنياً وجهة النظر الإيرانية من أن «المملكة لا تستجيب للحوار مع إيران»، مخاطباً قيادة المملكة بأن لا مستقبل لها؟
وهذه الحملة التي شكّلت نهجاً في خطابات السيّد نصر الله منذ حرب اليمن، استدعت رداً مباشراً من رئيس تيّار «المستقبل» سعد الحريري متهماً نصر الله بقلب الحقائق، والتحامل على المملكة.
وقال الرئيس الحريري: «من تتلطخ يداه بدماء العرب في سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت ولبنان لا يحق أن يعتلي منابر الإساءة للسعودية وقيادتها وشعبها، ومن يسمح لحزبه ومسلحيه أن يكونوا أداة إيرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية لن يحصل على براءة ذمة مهما أبدع في التزوير السياسي».
برّي والحوار
وفي ظل هذه الضغوطات، استبق الرئيس نبيه برّي جلسات الحوار بعقد اجتماع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لبحث الوضع المالي ومراجعة ما تمّ على صعيد قانون العقوبات الأميركي في ما خصّ الأصول المالية لحزب الله في المصارف اللبنانية.
ونقل زاور عين التينة عن الرئيس برّي استغرابه في رمي العصي أمام طاولة الحوار، متسائلاً عن البديل، ومعرباً عن قلقه من تداعيات الوضع، مؤكداً أن هدفه كان ولا يزال من عقد جلسات الحوار للحؤول دون انهيار أكبر في الوضع، وهو يُشدّد على أهمية الحضور، وعدم عرقلة جدول الأعمال، والسعي للخروج بنتائج تريح الأوضاع المضطربة في البلاد.
ووفقاً لمصادر عين التينة، فإن الرئيس بري يراهن على دعم الرئيسين تمام سلام وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الذي أبلغ بعض من التقاهم أن لا بديل عن الحوار، وأن على كل الكتل المشاركة أن تدرك ذلك، في حين تعتقد مصادر سياسية أن حلفاء الرئيس برّي هم الذين يحاصرون طاولة الحوار بمواقفهم المعروفة من تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
وأكدت مصادر سياسية أن لا ضمانات بعد بحصول انتخابات رئاسية قريبة، كما يشاع، حيث أن العماد عون ما يزال يشعر أن لا أكثرية كافية لانتخابه، وإن كانت لديه ثقة بأن الرئيس الحريري في النهاية سيؤيّده، وأن المملكة العربية السعودية ليست ضده، وأنه ينتظر ما سيحصل على طاولة الحوار، لأن نتائج الأيام الثلاثة، في تقدير عون، ستبلور حتماً إلى ما سيؤول إليه الاستحقاق الرئاسي.
انتخابات التيار العوني
في مجال آخر، ما تزال أجواء الارتباك الذي تسود «التيار الوطني الحر» قبل 24 ساعة من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي التيار للانتخابات النيابية 2017، تشغل الأوساط السياسية، في ضوء المعلومات التي كشفتها «اللواء» عن محاولة لابعاد عدد من النواب، على خلفيات الانتخابات البلدية، أو الإخفاق في التواصل مع الأوساط الشعبية أو العجز عن توفير الخدمات، فضلاً عن الفشل في مهمات تسويق النائب عون في محافل دبلوماسية خارجية.
وما ساهم في أجواء الارتباك إصدار المجلس التحكيمي في التيار قراراً بفصل الناشطين الثلاثة: زياد عبس وانطوان نصر الله ونعيم عون، بالإضافة إلى ناشط رابع هو جورج كجاجيان، في حين لم يتبلغ النائب في كتلة الإصلاح والتغيير نبيل نقولا أي قرار بفصله، ونقل عنه انه «اذا اتخذ القرار فهو سيرتاح بعد 28 سنة، لكنه سيبقى إلى جانب النائب عون».
وعندما حاولت «اللواء» استيضاحه عن حقيقة ما حصل ردّ أحد مرافقيه معتذراً عن عدم تمكنه من الرد على الاتصال، مؤكداً انه سيُشارك في مهرجان التيار الوطني الحر.
ومن جهته، كشف المحامي انطوان نصر الله، أحد المفصولين الثلاثة ان المحكمة سقطت، متسائلاً كيف سيتم التحضير لاحتفال 7 آب من دون الرفاق الذين لهم تاريخ طويل.
وفي المقابل، اعتبرت مصادر في التيار الحر ان الكلام عن استبعاد نواب في انتخابات الأحد يقع في إطار التضليل الإعلامي، واصفة هذه الانتخابات بأنها «معركة تسودها عملية تنافسية»، وأن هناك ناشطين قد يحصلون على أصوات أكثر من النواب المرشحين.

الاخبار :

«أفيقوا لتبقوا». بهاتين الكلمتين، يمكن تلخيص حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي توجّه به إلى النظام السعودي أمس. فبرأي الأمين العام لحزب الله، إن آل سعود أمام فرصة للتفاوض ليكونوا شركاء في صياغة أوضاع المنطقة، أما إذا «أصروا على عنجهيتهم فإن مشروعهم سيسقط، هذا في حال بقي هناك ما يُسمّى بنظام آل سعود».

كلام نصرالله أتى في حفل تأبين القائد الجهادي الحاج إسماعيل زهري (أبو خليل)، وخصّص الجزء الأكبر منه للحديث عن تطوّر خطير تمثّل بانتقال بعض الدول العربية، على رأسها السعودية، في علاقاتها مع إسرائيل من السر إلى العلانية.
استهلّ السيد كلمته أمس بنبذة عن زهري ودوره وجهاده، مشيراً إلى أن أبو خليل «عنوان لجيل من الإخوة المقاومين الذين التحقوا بالحزب منذ عام 1982. وهو من القيادات الميدانية الأساسية في حرب تموز، والذين كان لهم شرف صنع الانتصار عام 2006، إلى أن تولّى مسؤولية إحدى الوحدات الصاروخية لحين وفاته، وهذه الوحدة تؤمن مستوى عالياً من الجهوزية والردع والمساهمة في حماية لبنان وحماية الجنوب». وتحدّث السيد عن مزايا القائد، قائلاً إنه كان «إنساناً طيباً نقياً متواضعاً، معتنياً بأيتام الشهداء، جاداً في عمله، ولم يهمل وظيفته الجهادية، وصاحب علم ومعرفة حتى في مرضه الشديد، كان القائد المسؤول حتى آخر ساعات دخوله في الغيبوبة». وانتقل في ما بعد ليتحّدث عن الوضع العربي في المنطقة، معتبراً أن «إسرائيل لم تعد عدوّاً للوضع العربي الرسمي، وفلسطين أصبحت قضية رفع عتب، وهذا ما عبّرت عنه القمم العربية». 

وأشار إلى أن أسوأ ما نحن فيه هو «التطوّر في الموقف السعودي الذي بدأ ينتقل من العلاقة خلف الستار أو التواصل مع الإسرائيليين في السر إلى العلن. وبطبيعة الحال، عندما يقوم الأمير تركي الفيصل بلقاءات علنية مع الإسرائيليين، ويزور مسؤول سابق في المخابرات السعودية الكيان، فذلك لا يحصل بمعزل عن موافقة الحكومة السعودية»، واعتبر أن هذا الأمر «جس نبض». وأشار نصرالله إلى أن المملكة التي «شاركت في تشتيت الوضع العربي تستغلّ ال<