ترقّب معركة حلب الحاسمة , ولبنان يتخبط أكثر في الفساد والحراك إلى الشارع من جديد

 

السفير :

وفي الأسبوع السابع انتصر، واستراح. وخلال الساعات الماضية تجاوز الجيش السوري والحرب في سوريا، من بوابة حي بني زيد شمال المدينة، الخطوط الحمراء الأميركية والتركية. وليس مبالغة أن استعادة الحي وتطويق آلاف المسلحين شرق حلب، وقطع خطوط إمدادهم مع حاضنتهم التركية والأميركية، يعني الانتصار في قطع البؤرة السورية المشتعلة عن وقودها الخارجي الأساسي للمرة الأولى منذ خمسة أعوام.
وهي المرة الأولى التي يتقدم فيها الجيش في مدينة كبيرة وأساسية كحلب، تمثل بوابة الحرب السورية بأكملها. وغامر مسؤول سوري كبير بالقول لـ «السفير» إن اقتحام حي بني زيد يفتح جديا بوابة الحل السياسي في سوريا، بشروط سورية طبعا.
وتمثل مسارعة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إصدار عفو عن كل من حمل سلاحا، بغض النظر عن الأسباب، والدعوة إلى مصالحة وطنية، فور الإعلان عن الانتصار الحلبي، محاولة للالتفاف على دعوات الحلول الغربية، وإرساء معالم حل داخلي بشروط سورية، وتقوية عناصر الحل السوري الداخلي، واغتنام فرصة انتصار حلب لتقليص قدرة الأميركيين والأتراك على المناورة، في لحظة انشغالهم الداخلي، والإمساك بمبادرة تتجاوز إملاءات جنيف، لكن الشراكة الداخلية لا تزال تنقصها حتى الآن.
وجلي أن الفرصة لتطوير المعركة نحو انتصار أكبر وأوسع في أم المعارك السورية حلب، تقترب أكثر فأكثر، مع تطابق الموقف الروسي ـ السوري، واستخلاص الروس لعبر هدنة شباط الماضي الفاشلة. ولن يتكرر خطأ إيقاف العملية العسكرية الحالية، قبل استكمال هدف القضاء على المجموعات المسلحة شرق حلب، إذ لم تصل هدنة شباط، التي أوقفت «عاصفة السوخوي» عند مشارف التحول الميداني، لا إلى تحريك العملية السياسية في جنيف، ولا إلى إقناع المعارضة أو الدول الإقليمية بتقديم أي تنازلات سياسية، تاركة الروس أمام خيار الهزيمة في سوريا والانسحاب، أو الاندفاع نحو دفع تكاليف الانتصار. وكان واضحا ما قاله وزير الدفاع الروسي في انعدام التوجه نحو أي هدنة في حلب، أو الرضوخ لأي ضغوط أميركية أو غربية، إذ قال سيرغي شويغو: «دعونا مرات عدة المجموعات المسلحة لوقف إطلاق النار، لكن المقاتلين انتهكوا الهدنة في كل مرة، وقصفوا مناطق مأهولة، وهاجموا مواقع القوات الحكومية».
وباقتحامه حي بني زيد الحلبي، تَوَّجَ الجيشُ السوري اليوم التاسع والأربعين لمعارك حلب، في هجوم خاطف استغرق ثماني ساعات، لم يواجه فيه مقاومة عنيفة، لا من «جبهة النصرة» ولا من «جيش المجاهدين»، التي تلقت أوامر عند الفجر بالانسحاب من الحي، بعد أن كانت «الفرقة ١٦» قد أخلت مواقعها على عجل أيضا، وانسحبت لتفاوض مندوبي غرف العمليات في الجيش على تسليم أسلحتها، وممر آمن.
ولا يعود الانتصار إلى معركة الساعات الثماني الأخيرة، بل إلى عملية مديدة بدأت في الثلاثين من أيار الماضي . فخلال الأسبوعين الأولين من حزيران، نفذ الروس أكثر من ثلاثة آلاف غارة في شمال حلب ومن بينها ألف غارة على مناطق حندرات والبريج. ولم تتحرك قوات العقيد النمر نحو أهدافها إلا في العاشر من حزيران، بعد أن تلقت خطوط الإمداد مع تركيا ومستودعات الأسلحة، والبنى التحتية للمسلحين ضربات جوية كثيفة، أدت إلى شلها. وتحولت مزارع الملاح إلى مصيدة للتعزيزات من آلاف المقاتلين من جماعة «نور الدين الزنكي» و «جبهة النصرة» ، و «جيش المجاهدين» ، و «الجبهة الشامية» التي فقدت مجتمعة بحسب مصادر في غرفة العمليات السورية، ما يقارب الخمسة آلاف مقاتل بين جريح وقتيل. وتعرضت «نورالدين الزنكي» إلى خسارة ثلثي قدراتها العسكرية التي مثلها ٨ آلاف مقاتل قبل بدء عمليات اقتحام مزارع الملاح.
أحدث الجيش السوري في عمليات مزارع الملاح وحي بني زيد، تغييرا تكتيكيا كبيرا في عملياته الهجومية، إذ قاد العقيد النمر سهيل الحسن، عمليات خاطفة ومنسقة، اتسمت بالسرعة في الهجوم المباشر بعد التمهيد الناري الجوي والصاروخي، من دون أن يترك للخصوم فرصة إعادة ترميم خطوطه او إرسال تعزيزات، وهي ثغرة كبيرة في بعض عمليات وحدات الجيش التي كانت تنتظر ساعات للهجوم بعد التمهيد الناري. واعتمد الحسن بكثافة على طائرات الاستطلاع لتحديث استخباراته، وتكييف العمليات مع التغييرات الميدانية بسرعة فائقة في مواجهة قوات تعتمد أساليب حرب العصابات بالانسحاب أمام أي هجوم واسع وإعادة التجمع لضرب العدو، بعد انخفاض وتيرة القصف، وهي مرونة سمحت له بالتقدم بسرعة، والاعتماد على سلاح المشاة للاقتحام، في منطقة لم يتوقعها المسلحون، خصوصا أن عمليات الخريف الماضي ما قبل الهدنة لم تشملها، وانتظرت نهاية أيلول لكي تتلقى الضربات الجدية، وبشكل تصاعدي من الجيش السوري و «السوخوي» الروسية.

النهار :

بعد ساعات من اعلان الجيش السوري سيطرته على حي بني زيد في حلب، تحدث وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو بدء "عملية انسانية واسعة النطاق" في حلب اعتباراً من يوم أمس، موضحاً ان ثلاثة ممرات انسانية ستفتح بالتنسيق مع القوات السورية "من أجل المدنيين المحتجزين رهائن لدى الارهابيين وكذلك المقاتلين الراغبين في الاستسلام".
وأوضح أن ممراً رابعاً سيفتح في الشمال، على طريق الكاستيلو، ليسمح "بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن"، مؤكداً ان الامر لا يتعلق إلاّ "بضمان أمن سكان حلب".
وباتت الاحياء الشرقية للمدينة حيث يعيش نحو 250 ألف شخص استناداً الى الأمم المتحدة، محاصرة تماماً منذ تمكنت قوات النظام من قطع طريق الكاستيلو آخر منفذ اليها في 17 تموز الجاري.
وتزامنت المبادرة الروسية مع اصدار الرئيس السوري بشار الاسد مرسوماً تشريعياً ينص على ان "كل من حمل السلاح أو حازه لاي سبب من الاسباب، وكان فاراً من وجه العدالة، أو متوارياً عن الأنظار، يُعفى نن كامل العقوبة متى بادر إلى تسليم نفسه وسلاحه للسلطات القضائية المختصة" في مهلة ثلاثة أشهر.
وفي اطار تطبيق المبادرة الروسية، قال محافظ حلب محمد مروان علبي ان ثلاثة معابر افتتحت لخروج المواطنين من الاحياء الشرقية.
والقت طائرات سورية مناشير عدة على الاحياء الشرقية بتوقيع قيادة الجيش التي ارفقت منشوراً موجهاً الى اهالي المدينة، برسم توضيحي يظهر أماكن وجود المعابر الاربعة في المدينة.
كما القت الطائرات أكياس بلاستيك تضم مواد غذائية بينها الخبز والمربى والسكر ومستلزمات نظافة منها حفاضات للاطفال ومناديل معطرة.
وفي أول ردود المعارضة السورية، رأى رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أنس العبدة أن ما يجري في مدينة حلب هو "جريمة حرب وإبادة وتهجير قسري"، محملاً روسيا "المسؤولية القانونية والسياسية والإنسانية والأخلاقية عما ينجم عن أفعالها الأخيرة بحق الشعب السوري".

تشكيك غربي
وشككت الامم المتحدة في المبادرة الروسية. وقال رئيس مكتب العمليات الانسانية ستيفن اوبراين: "من الضروري ان تحصل هذه الممرات على ضمانات جميع اطراف" النزاع وان تستخدم "طوعاً يجب الا يجبر أحد على الفرار، عبر طريق محددة أو الى وجهة معينة".
وقال المندوب البريطاني الدائم لدى الامم المتحدة السفير ماثيو رايكروفت: "اذا اجازت هذه الممرات نقل المساعدات الى حلب، فهي موضع ترحيب"، رافضاً فكرة استخدامها "لافراغ حلب" تمهيداً للهجوم على المدينة.
وأكد المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا أن الامم المتحدة "لم تستشر" في شأن اقامة هذه الممرات، محذراً من ان "الوضع دقيق للغاية... وعلى الارجح هناك امدادات لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع".
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت ونظيره البريطاني بوريس جونسون النظام السوري وحلفاءه الى وقف فوري للحصار "الكارثي" لمدينة حلب.
وحذّرت وزارة الخارجية الأميركية من ان أي عمل هجومي من جانب روسيا في حلب سيكون غير متفق وقرار الأمم المتحدة.

"جبهة النصرة"
على صعيد آخر، بثت قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية شريطاً أعلن الجولاني فيه تغيير اسم "جبهة النصرة" الى "جبهة فتح الشام". وقال: "نزولاً عند رغبة أهل الشام في دفع الذرائع التي يتذرع بها المجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا وروسيا في قصفهم وتشريدهم عامة المسلمين في الشام بحجة استهداف جبهة النصرة التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد، فقد قررنا الغاء العمل باسم جبهة النصرة واعادة تشكيل جماعة جديدة ضمن جبهة عمل تحمل اسم جبهة فتح الشام".
واضاف ان "هذا التشكيل الجديد ليس له علاقة بأي جهة خارجية"، متوجها بالشكر الى قادة تنظيم "القاعدة" وعلى راسهم زعيمها ايمن الظواهري على "تقديم مصلحة أهل الشام وجهادهم وثورتهم المباركة وتقديرهم لمصالح الجهاد عامة".
وبدا الجولاني في الشريط شاباً مبتسماً بلحيته السوداء الكثة وعمامته البيضاء.
لكن قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جو فوتل سرعان ما صرح بان "جبهة النصرة" لا تزال تشكل في الواقع تهديداً وانها على علاقة بتنظيم "القاعدة" على رغم اعلانها فك ارتباطها به. وقال خلال منتدى امني في اسبن بولاية كولورادو: "ان هذه المنظمات ماكرة للغاية، وتتمتع بمرونة بشكل غير عادي. ينبغي ان نتوقع قيامها بأشياء". وأضاف فوتل الذي يشرف على القوات الأميركية في سوريا والعراق وأفغانستان: "يمكنهم اضافة فرع الى شجرة، وجعله مختلفاً قليلاً، لكن هذا الفرع يجد جذوره في ايديولوجية ومفهوم أصوليين. ووسط كل هذا، فإنها لا تزال تنظيم القاعدة".
وقال الباحث في معهد الشرق الاوسط في واشنطن تشارلز لستر انه "في نهاية المطاف سينعكس هذا التغيير بشكل طفيف على النصرة كتنظيم، وعلى كيفية تصرفها وعلى أهدافها. لقد تدفق العشرات من كوادر القاعدة القدامى الى سوريا خلال السنتين الماضيتين لتعزيز صورة النصرة وبينهم أحمد سلامة مبروك الذي ظهر بجانب الجولاني في شريط الفيديو".
وصدر اعلان الجولاني بعد ساعات من تسجيل صوتي نشره تنظيم "القاعدة"، توجه فيه أحمد حسن ابو الخير، "نائب" الظواهري وفق التسجيل الى "جبهة النصرة" قائلاً: "نوجه قيادة جبهة النصرة الى المضي قدماً بما يحفظ 

 

المستقبل :

المشروع الإيراني لتشكيل «دولة موازية» في العراق تحت مسمى «حرس ثوري عراقي»، بات أمراً واقعاً بعد قرار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحويل «الحشد الشعبي» الذي يضم فصائل شيعية مسلحة مدعومة من طهران، إلى جهاز مواز لجهاز مكافحة الإرهاب من حيث التدريب والتجهيز والقوانين.

وينظر العرب السنّة في العراق الى «الحشد الشعبي» بعين الريبة بعد ارتكابه جرائم حرب في المناطق السنّية ويعدونه قوة «احتلال إيرانية« خصوصاً مع تشابه «الحشد» مع الحرس الثوري الإيراني عقائدياً لكونهما تشكلا بفتوى دينية: فالأول جاء بفتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني والثاني بفتوى من الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية.

وسيكرس «الحرس الثوري العراقي« «الكيان الموازي» في العراق لكون اغلب الفصائل الشيعية المسلحة المنخرطة فيه ممثلة سياسياً في البرلمان العراقي ولها انصار في كافة مؤسسات الدولة العراقية، وبالتالي سيكون حاكماً فعلياً للدولة عبر فرض قبضته على كافة المؤسسات السياسية والقضائية وحتى الاقتصادية، فيما سيعمل هذا الكيان على إضعاف الجيش العراقي الذي كان رئيس الحكومة السابق نوري المالكي قوّضه من خلال عدم تجهيزه لمواجهة «داعش» وإصدار أوامر بالانسحاب من أمام التنظيم المتشدّد في الأنبار وفي الموصل التي لا يزال «داعش» يحكم سيطرته عليها.

ومن الممكن ان يؤدي تشريع عمل «الحشد الشعبي« الذي تبناه العبادي وكان أسس نواته المالكي، الى تلاشي هوية العراق العربية والاخلال بالاستقرار السياسي في البلاد، خصوصاً ان الحشد يضم اكثر من 100 فصيل شيعي مسلح يترأسهم رسمياً مستشار الامن الوطني فالح الفياض ومعاوناه كل من هادي العامري وابو مهدي المهندس، فيما سيكون عدم الاستقرار طابعاً مميزا للعراق، بسبب الصراعات داخل الحشد، إذ إن الفياض يسعى ليكون صاحب الرأي الاول والاخير باعتباره مكلفاً من الحكومة، لكن دور المهندس اقوى بكثير فهو وهادي العامري يمثلان قاسم سليماني قائد قوة القدس الايرانية ويأتمران بأوامره، وهكذا فإن الحشد لا يخضع لرئيس الوزراء الا شكلياً لكون رئاسة الوزراء مسؤولة عن الرواتب وتقديم الامتيازات، فيما لا يمتثل للأوامر التي تخالف الرؤية الايرانية، وهذا ما تعارضه «سرايا السلام« التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والفصائل التابعة للمرجعية الشيعية غير المنضوية في الحشد، ولا تلتزم بتعليماته ولها تنسيق مباشر مع الحكومة العراقية في تنفيذ الواجبات العسكرية.

وينقسم الحشد الى ثلاثة اقسام: الاول موال لإيران وللحرس الثوري وقائد قوة القدس سليماني ويخضع لاشرافه المباشر ويضم كتائب كبيرة ابرزها منظمة بدر (بزعامة هادي العامري) وتضم بدورها فصائل صغيرة من بينها كتائب تركمانية شيعية في منطقة الطوز التابعة لمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد)، وكتائب حزب الله (بزعامة ابو مهدي المهندس) وتضم فصائل مسلحة عدة من بينها كتائب الامام علي وكتائب حشد عشيرة الجبور (السني) في مناطق العلم غرب تكريت وشمالها بالإضافة الى عصائب اهل الحق (بزعامة قيس الخزعلي) وكتائب النجباء (بزعامة اكرم الكعبي) وكتائب سرايا الخراساني (بزعامة علي الياسري) وكتائب جند الامام (بزعامة احمد الاسدي) وكتائب سيد الشهداء (بزعامة ابو الاء الولائي) ولواء ابو الفضل العباس (بزعامة اوس الخفاجي)، فضلا عن فصائل مسلحة صغيرة تتلقى تمويلاً ودعماً تسليحياً مباشراً من ايران وتتهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية وتنتشر في مناطق بيجي (شمال تكريت) ومناطق جنوب بغداد وتلال حمرين (جنوب كركوك) ومناطق غرب الفلوجة في الكرمة والصقلاوية.

اما القسم الاخر في الحشد فهو «سرايا السلام» (يشرف عليها كاظم العيساوي المعروف بأبو دعاء العيساوي) وهي الجناح المسلح للتيار الصدري (بزعامة مقتدى الصدر) وتنتشر في سامراء وبلد والمناطق المحيطة بهما (شمال بغداد) والتابعة لمحافظة صلاح الدين وتتمتع بقبول في الوسط السني.

اما القسم الثالث فهو الحشد التابع للمرجعية الشيعية في النجف وكربلاء ويضم قوات العباس القتالية وقوات الامام علي القتالية وتنتشر في مناطق غرب كركوك وفي الحدود بين كربلاء والانبار وتضم في صفوفها مقاتلين من جنسيات عربية من البحرين والكويت والسعودية ولبنان، لكن لم يسجل عليها اي مؤشر سلبي حتى الان.

ومكامن ضعف الجيش العراقي كانت معلومة لدى الحكومة العراقية قبل اشهر من سقوط الموصل وكان القرار انذاك هو تأسيس قوات رديفة ناقشها اجتماع التحالف الشيعي في حينه، وفيه كشف المالكي كل هذه التفاصيل وكان اول من عرض الفكرة وعمل على تطبيقها الجنرال سليماني، كما ان مكامن ضعف الجيش العراقي كانت معلومة لدى ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما حيث كان هناك اكثر من 40 ضابطاً عسكرياً اميركياً موزعين على مراكز قيادة القوات الخاصة العراقية بحلول نيسان 2014 بصفة ضباط ارتباط مع السفارة الأميركية في بغداد، وفي منتصف الشهر نفسه كانت مساعي سليماني لإنشاء القوة الرديفة في طور اختيار العلامة التجارية وكانت التسمية المبدئية لهذه القوات هي «سرايا الدفاع الشعبي«، وكان شعارها مشابهاً لشعار «حزب الله« اللبناني لتتحول بعد فتوى السيستاني الى «الحشد الشعبي«.

وتفيد المعلومات أن «السيستاني وحسب المعلومات الحالية يتجه لإصدار فتوى لحل الحشد الشعبي بعد استعادة الموصل والتوجه لعزل الفصائل المسلحة الموالية لإيران عن الفصائل الاخرى مع محاولة جذب منظمة بدر الى العمل السياسي فقط والغاء الجناح العسكري، وكل هذه المؤشرات تتم بدراية الولايات المتحدة وفي حال اصرار الفصائل الموالية لإيران على رفض القاء السلاح فسيتم التعامل معها على انها خارج اطار القانون«.

ويبدو ان التوجه الاميركي لمواجهة «الخارجين عن القانون» مستقبلاً دفع برئيس الحكومة العراقية الى اصدار اوامر لإعادة تشكيل وتنظيم «هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة لها» من خلال جعل الحشد «تشكيلاً عسكرياً مستقلاً وجزءاً من القوات المسلحة مرتبطاً بالقائد العام للقوات المسلحة، إضافة لعمله بنموذج يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط، فضلاً عن تألفه من قيادة وهيئة أركان وصنوف وألوية مقاتلة«.

كما تضمنت الوثيقة الصادرة من مكتب رئيس الوزراء العراقي أن «يخضع هذا التشكيل ومنتسبوه للقوانين العسكرية النافذة من جميع النواحي وتكييف منتسبي ومسؤولي وآمري هذا التشكيل وفق السياقات من رواتب ومخصصات وعموم الحقوق والواجبات، إضافة لفك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينتمون لهذا التشكيل من كافة الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية وعدم السماح بالعمل السياسي في صفوفه ويتم تنظيم التشكيل العسكري من هيئة الحشد الشعبي بأركانه وألويته ومنتسبيه ممن يلتزمون بما ورد من توصيف لهذا التشكيل وخلال مدة ثلاثة أشهر وأن تتولى الجهات ذات العلاقة تنفيذ أحكامه«.

ويبدو ان بعض الفصائل المنضوية في الحشد لا تريد استباق الاحداث وتمرير مواقفها حتى انجلاء الموقف اذ جاء تأكيد «عصائب أهل الحق» وعلى لسان المتحدث باسمها نعيم العبودي أن «جناحها العسكري جزء من الحشد الشعبي، ويأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة» لكنها لجأت الى الضبابية في تحديد السقف الزمني للانخراط في المؤسسة «التابعة» لرئيس الحكومة عندما اشارت الى ان مقاتليها «سيلقون السلاح حال زوال الخطر عن البلاد وحال التأكد من أن العراق أصبح بمأمن من أي تهديد خارجي»، مع اشتراط ان يحافظ القانون على «العقيدة الجهادية» التي تأسس عليها هذا الحشد وهو موقف يحمل مغزى معيناً بجعل الحشد الشعبي ذا صبغة مذهبية قد تهدف لحماية المصالح الايرانية وتوسيع نفوذ النظام الايراني في العراق.

الديار :

المعلومات الواردة من باريس الى مرجع غير زمني تفيد بان الديبلوماسية الفرنسية، وبدفع مكثف من الفاتيكان، تعمل الآن على خط مختلف، وفي اختبار جديد، للنظر في امكانية انجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان عبر محطات اخرى غير التي تم التواصل معها في السابق.
وتبعاً لهذه المعلومات فان العاصمة الفرنسية وصلت الى حد اليأس الكامل من امكانية التوصل الى حل للازمة اللبنانية عبر الرياض وطهران اللتين اذ يتصاعد الصراع في ما بينهما، فان الازمات  المرتبطة بهما تزداد حدة، بل وقابلية للانفجار...
واذ يبدو واضحاً ان الملف السوري، بكل التضاريس الجيوسياسية والجيوستراتيجية التي في داخله، وبكل العقد التاريخية والعقائدية، بات بيد رجلين هما جون كيري وسيرغي لافروف، لماذا لا تكون الضربات الديبلوماسية على البابين الاميركي والروسي، وبعدما اظهرت واشنطن وموسكو اهتمامهما بالامن اللبناني الذي لا يمكن ان يكون معزولاً عن الاستقرار السياسي.
اللذان يحددان مصير الرئاسة في سوريا، بكل تشعباتها المحلية والاقليمية والداخلية، بامكانهما تحديد مصير الشغور الرئاسي في لبنان.
المحاولة على وشك ان تبدأ، باريس تقول ان التفاهم مع كيري ولافروف اسهل بكثير من التفاهم مع السعوديين والايرانيين الذين اذ يظهران بمظهر من يدعم اي مسعى للحد من الفراغ الرئاسي، مع تقديم «احلى الكلام واعذبه»، فان الواقع ان في الكواليس او على الساحة السياسية يبدو مختلفاً تماماً، حتى ان الفرنسيين يتساءلون ما اذا كان احد الطرفين يريد رئيساً للجمهورية في لبنان ام انه يحتفظ بهذه الورقة لاستعمالها في تسوية او تسويات تتعدى الحدود اللبنانية.
واذا كانت موسكو قد قالت كلمتها في الاروقة الخلفية، وتحديداً في اتجاه النائب سليمان فرنجية لاسباب وخلفيات تتعلق بها، فان واشنطن تركز على مرشح ثالث لا هو رئيس تيار المردة ولا هو العماد ميشال عون...
غير ان الاوساط السياسية والديبلوماسية على السواء تعتبر ان التوصل الى اسم شخصية «ثالثة» ليس بالمسألة المستحيلة او حتى الصعبة، والمهم هو امكانية تسويق هذه الشخصية بين الافرقاء اللبنانيين الذين يختلفون حول كل شيء، فكيف لا يختلفون على من يشغل الموقع الرئاسي الذي يفترض ان يكون باهتاً ومثل «الخاتم» في يد عرابي المافيات...
الاميركيون والروس يعتبرون ان الجنرال مرهق، لكونه يعتبر ان وصوله الى بعبدا انما تم بواسطة الدبابات لا بواسطة اوراق الاقتراع، واذ يحتاج لبنان الى يد قوية لاعادة ترميم ما يمكن ترميمه، فان السفير الاميركي السابق ريتشارد جونز كان يعتبر ان لبنان بحاجة  الى رئيس هو نصف ديكتاتور ونصف ليبرالي، لا بل انه كان يردد ضاحكاً امام رئيس احدى الجامعات وهو صديقه ان على الرئيس ان يكون بحذاء عسكري في احدى القدمين وبالكعب العالي في القدم الاخرى...
حتى الآن، الكي دوريسه يحاول جس النبض. اذا لاقى تجاوباً لا بد لجان - مارك ايرولت ان يتوجه الى واشنطن وموسكو، او يتم التوصل عبر ديبلوماسيين رفيعي المستوى.
العائق الوحيد ان الازمة السورية تستنفد كل جهود الوزيرين الاميركي والروسي  وفي فترة زمنية محدودة جداً ولا تتعدى المائة يوم. غير ان هذا هو السبيل الوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية لان انتظار التفاهم بين الرياض وطهران هو اشبه ما يكون بانتظار «غودو» في المسرحية الشهيرة لصمويل بيكيت...
ويقال في بيروت ان الرئيس نبيه بري غائب في مكان ما في اوروبا، لكن «ملائكته حاضرة في بيروت». ماذا تقول هذه «الملائكة»؟ حتى الآن هناك اشباح وتعطل اي محاولة إن لاقرار قانون  الانتخاب او لانجاز الاستحقاق الرئاسي...
التراشق التلفزيوني على اشده، دائماً التراشق بالتهم، والطريف ان يقول احد المراجع ان كل فريق يتهم الآخر بالتعطيل، في حين ان الذي يعطل هو «الطابور الخامس» الموجود خارج البلاد، فثمة ساسة لبنانيون ويدارون بالريموت كونترول مهما ادّعوا الاستقلالية، ومهما حاولوا، بالاجتماعات وما شاكلها، الظهور بمظهر اصحاب القرار...
المقربون من عين التينة يقولون ان هناك جهات احترفت «التخريب السياسي» هي التي تدفع باتجاه تحويل الازمة الى كرة النار دون اي اعتبار للواقع الهش في البلاد.
هؤلاء يضيفون بان بري اعطى الافرقاء، او بعضهم على الاقل، الوقت الكافي للتواصل مع مراجعهم الخارجية لعلهم يقنعون هذه المراجع بان الدولة اللبنانية في اسوأ احوالها، ولم تعد تستطيع ان تتحمل الشلل السياسي ولا الشلل الدستوري، وهذا ما ينعكس بصورة مأساوية على الوضع الاقتصادي، ولكن يبدو ان هناك شخصيات سياسية لا تستطيع ان ترفع صوتها او ان تدلي بحجمها امام اولياء الامر.
المقربون يعتبرون ان قمة نواكشوط (ولا تنسوا انها عقدت داخل خيمة) كشفت ان الواقع العربي في اسوأ احواله. الآن ليس وقت القرارات والتوصيات، اما بانتظار ما سيؤول اليه الاتفاق بين واشنطن وموسكو حول سوريا، وحيث التسوية على مراحل، او ما ستؤول اليه الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة باعتبار ان هناك اطرافاً عربية وتعتقد ان باراك اوباما هو صديق طهران ودمشق، او انه في احسن الاحوال، شخصية  مطاطية وعاجزة عن اتخاذ القرارات الحاسمة.
سفير اوروبي في بيروت قال ان تطور الاحداث في المنطقة احدث تغيراً دراماتيكياً في المشهد العام، صحيح ان تركيا لا تزال ممر المقاتلين الى سوريا، لكن ما ظهر في الايام الاخيرة  عند الابواب الشرقية لمدينة حلب اثبت ان تركيا، وتحت ضغط الاحداث الداخلية وفي ظل التوتر الذي يسود علاقاتها مع الولايات المتحدة. لم تتدخل لا بالمستشارين ولا بمدفعية الدبابات في المعارك الاخيرة.
هذا ساهم الى حد بعيد في توصل كيري ولافروف الى لغة مشتركة حول برمجة التطورات الميدانية في سوريا ودون ان يكون معلوما ما اذا كان مسموحا للجيش السوري بالسيطرة على كامل مدينة حلب لان هذا يجعل الخارطة العسكرية والسياسية تتغير على نحو دراماتيكي.
ماذا عندما يمسك النظام بدمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية. المعارضة موجودة في اجزاء من دير الزور ودرعا، وحديث عن ان الساحة السورية مرشحة لمرحلة من الهدوء تمهد سيكولوجيا لمفاوضات ناجحة بعدما كانت المفاوضات المستحيلة.
عمليا وعملانياً كان هناك ثنائي سعودي - تركي وبامكانات مالية وعسكرية واستخباراتية هائلة. لم تعد انقرة هناك فكان لا بد ان يتغير المنظر وان تتغير النظرة.
جهات سياسية لبنانية وترى انه عندما تتفلت الساحة السورية من الرياض وطهران،  لا بد ان ينعكس ذلك على لبنان.

الجمهورية :

في العادة، يُتّهم شهر آب بأنّه شهرٌ «لهّاب» حرارياً، فهل سيَلفح المناخ الدافئ الزمنَ اللبناني المعقّد سياسياً ورئاسياً وحكومياً ومالياً واقتصادياً وعلى مستوى القانون الانتخابي، فيصبح شهر آب «لهّاباً»حوارياً ؟

ما يقود إلى هذا السؤال، هو الأجواء السائدة عشيّة انعقاد الجولات الحوارية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي مطلع الشهر المقبل، لعلّها تؤسّس لحلول ومخارج لهذه الأزمة.

برّي الذي عاد إلى بيروت في الساعات الماضية، يُحضّر أوراقه على باب «ثلاثية حوار آب»، التي يُنتظر أن تحتلّ حيّزاً مِن الكلمة المتلفزة التي سيلقيها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله» عصر اليوم في حفل تأبين الحاج اسماعيل زهري «أبو خليل».

وفي السياق، نُقل عن بري أنّه ما زال يأمل في أن ينجح المتحاورون في تجاوز العقَد الموجودة في المسار السياسي، إلّا أنّه يستغرب المقاربات التي تتناول جلسات آب من قبَل البعض، تارةً بمحاولة وضعِ كمين لها قبل انعقادها، وتارةً أخرى باعتبارها تجاوزاً للدستور أو مصادرةً للمؤسسات، وتارةً ثالثة بالتشويش عليها.

وبحسب الزوّار، فإنّ برّي يضع برسمِ هؤلاء سؤالاً: «لماذا تُثار هذه الأجواء السلبية؟ ولماذا يتعمّد البعض وضعَ الجلسات الحوارية في غير موقعها ويقاربُها بوضع أهداف لها مغايرة تماماً لِما ترمي إليه، وما هي الجدوى من محاولة تعطيلها قبل انعقادها»؟

ورفض برّي»استباق الأمور والحديث عن نتائج مسبَقة للحوار، فالوصول إلى نتائج وإيجابيات رهنٌ بالمتحاورين الذين آملُ أن يأتوا إلى الحوار بقلوب مفتوحة».

وأكّد «أنّ الحكم المسبَق على الجلسات الحوارية ينطوي على مغالطات كبرى»، مذكّراً «أنّ الأجواء السلبية التي يعيشها البلد، هي التي دفعَت إلى الحوار، ولو كانت الأمور جيّدة ، لَانتفَت ضرورتُه والحاجةُ إليه. وهذه الأجواء السلبية ذاتها هي التي دفعَت لتكثيف الحوار، لأنّ الأمور ليست على ما يرام، طلبنا خلوةً في البداية، فرَفضوا، ووافَقوا على تكثيف الحوار، فكان تحديد موعد الجلسات».

وردّاً على سؤال، قالت أوساط بري لـ»الجمهورية»: قرارُه منذ البداية الاستمرار بالحفر في الجبل حتى يطلع الماء.

المشنوق

وبَرز موقف لوزير الداخلية نهاد المشنوق، بحديثه عن «قرار دولي جدّي وكبير وغير منظور لانتخاب رئيس قبل نهاية السَنة». معارضاً إصدار مراسيم النفط قبل انتخاب الرئيس، وهو ما اعتبرَته عين التينة إشارةً واضحة إلى الجهة التي تعطّل الملف النفطي.

مكاري لــ«الجمهورية»

إلى ذلك، أكّد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لـ«الجمهورية» أنّ التحاور أمرٌ جيّد. في الحوار كانت لدينا أجندة، ولم نتوصّل إلى حلول للبنود الأساسية فيها، وهي انتخاب رئيس وقانون الانتخاب، بينما تمّ حلُّ أمور أخرى، كمعاودة الحكومة اجتماعاتها. وبالتالي لم نتّفق على الأساسيات، ولا أرى وجود معطيات جديدة تتيح الاتفاق عليها».

وأضاف: «أنا لا أستبق أيّ اجتماع بالتشاؤم، بل أذهب بتفاؤل، ولكن إن لم نستطِع حتى الآن، أن نحلّ مشكلة أساسية، فكيف سنحلّ أربعاً أو خمساً دفعةً واحدة؟

وعن مخاطر عدم التوصّل إلى حلول، قال مكاري: «حدِّث ولا حرج، فهي كبيرة ومتعدّدة، هناك مخاطر اقتصادية ومعيشية وأمنية، إنحلال الدولة والمؤسسات والفساد المستشري .. دولة بلا راس وبرُبع وزارة».

وقال مكاري: «إذا كان الوضعان الاقتصادي والأمني ممسوكين بجهد القيّمين عليهما، فلا يكفي أن نشكر الأجهزة العسكرية والأمنية، وعلى رأسها الجيش، بل يجب المساهمة في حماية الأمن بإيجاد الحلول السياسية التي تُحصّنه».

يُذكر، أنّ وزير الدفاع سمير مقبل أكّد أن لا مجالَ للتمديد لرئيس الأركان في الجيش، أمّا قائد الجيش فمِن المعقول أن يمدَّد له سنةً كاملة».

«الوفاء للمقاومة»

وفي إطار الحوار أيضاً، أملت كتلة «الوفاء للمقاومة» في أن تسفر مداولات هيئة الحوار «عن توافقات إيجابية تدفَع باتّجاه إعادة الحياة المنتظمة للمؤسسات الدستورية كافّة، وتحدّد المعالجات الصحيحة والمطلوبة لكلّ البنود الواردة على جدول أعمالها».

قزّي

وقال الوزير سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «الحوار لا يجب أن ننعاه قبل أن يبدأ، ولا يجب أن ننتظر منه المنَّ والسلوى قبل أن يبدأ أيضاً». أضاف :«هناك رغبة لدى أطراف معيّنة بالوصول إلى حلّ للأزمة الدستورية المتجسّدة خصوصاً بالشغور الرئاسي، لكنْ هناك أطرافٌ أخرى لا تزال تعانِد في تسهيل انتخاب رئيس، وبالتالي ستُعرّض مصيرَ الحوار لانتكاسة، لأنّ فشله سيصعّب على الرئيس بري أن يدعو إلى جلسة جديدة، وبالتالي ستبقى الحكومة وحدها في مواجهة الأزمات، من هنا ضرورة تحصين الوضع الحكومي وعدم إغراقه بملفات تعرّض ما بقيَ من دولة إلى الخطر».

فتفت

وقال النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: «الحوار في الوقت الحاضر نوع من كسبٍ للوقت، في انتظار أن تتبلور الصورة والقرار الإقليمي للسماح للبنان باستعادة مؤسساته. وواضحٌ أن لا نيّة لأيّ شيء جدّي، ورأينا ذلك في اجتماع اللجان المشتركة، حيث انعدمَ وجود أيّة محاولة جدّية من الطرفين الأساسيَين للذهاب إلى التوافق. أنا لا أنتظر شيئاً من الحوار. أمّا ماذا بعد؟ فمرحلة انتظارية جديدة، لا أكثر ولا أقلّ».

 

اللواء :

كأن امراً ما يحضر في ما خص انتخابات الرئاسة الاولى: فالرئيس سعد الحريري، وفي افتتاح مهرجان «بياف 2016» في منطقة «زيتونة باي» مساء أمس اعرب عن أمله ان يكون آخر هذه السنة خير وبركة على اللبنانيين، مضيفاً: «نأمل انتخاب رئيس للجمهورية وكل ما نقوم به من أجل ذلك».
ووزير الداخلية نهاد المشنوق يتحدث عن رئيس قبل نهاية هذه السنة، في ظل تأكيد لمصدر نيابي مطلع في كتلة «المستقبل» ان تصريحات المشنوق قد «تكون من قبيل التحليل السياسي وعلى خلفية كونه صحافياً».
والوزير العوني السابق ماريو عون يذهب بتفاؤله في تصريح لـ«اللواء» إلى مدى أبعد، فيشير إلى تفاؤل كبير باحتمال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، قبل ان يحين موعد التمديد أو التعيين في قيادة الجيش، أي قبل نهاية شهر آب.
ويوحي ما قاله نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في حفل تخريج طلاب المرحلة الثانوية أمس، بأن أمر انتخاب النائب ميشال عون يحتاج فقط لخطوة واحدة، «فإذا جرى حل سياسي في لبنان بانتخاب الرئيس، سيكون هو الحل الذي سيكون منذ سنتين ونصف»، مشيراً إلى ان الرئاسة تحتاج إلى موافقة «المستقبل».
والمتفق عليه، ان طاولة الحوار بأيامها الثلاثة، سواء كان على جدول أعمالها سلّة، أو خلاف ذلك، فإن المدخل الذي يتفق عليه أركان الطاولة بدعم أوروبي وتشجيع أميركي - روسي، هو ان البداية تكون بانتخاب رئيس للجمهورية، ويكون ذلك بمثابة نقطة البدء في إعادة تشكيل حكومة جديدة، والتفاهم على قانون جديد للانتخابات يجري على أساسه إعادة تكوين السلطة التشريعية، وتقر الموازنات، وتجري التعيينات في مراكز الدولة بانتظام.
مشاورات تسبق الحوار
ولعل الأيام الأربعة الفاصلة عن الثلاثاء المقبل، ستكون بمثابة مساحة زمنية للمشاورات مع عودة الرئيس نبيه برّي أمس من رحلته إلى الخارج حيث أمضى إجازة خاصة مع عائلته، وعودة الرئيس تمام سلام المتوقعة في مطلع الأسبوع.
وكشفت مصادر معنية بطاولة الحوار ان الاتصالات تهدف إلى مجموعة خطوات منها:
1- تأمين حضور الأقطاب هذه الجلسات التي وصفت بالحاسمة، أو على الأقل، تفويض المساعدين حيث يتعذر حضور الأقطاب، بنقل أجوبة قاطعة حول الأسئلة الماثلة امام الطاولة، سواء في ما خص انتخاب الرئيس أو هوية قانون الانتخاب، أو الموقف القاطع من عدم السير بقانون الـ60 أو التمديد للمجلس النيابي.
2- ضرورة الخروج بقرارات تُبقي أبواب الفرج مفتوحة امام اللبنانيين، سواء ما خص عمل الحكومة أو الوضع المالي، أو سائر الملفات الأخرى ذات الصلة بالاستقرار العام في البلاد.
3- الاتفاق على الأقل، على خارطة طريق تربط بين الرئاسة وسائر الاستحاقات الراهنة على خلفية التفاهم الوطني، والابتعاد عن كل ما من شأنه ان يوتر الأجواء بين اللبنانيين.
وكشف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» ان الكتلة ستجتمع استثنائياً الاثنين قبل موعد جلسات الحوار، لمناقشة المواضيع المطروحة على هذه الجلسات واتخاذ الموقف المناسب منها.
وبدوره يعقد اللقاء التشاوري  اليوم اجتماعاً سيقتصر على الوزراء فقط، وهم وزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة: سمير مقبل، أليس شبطيني وعبد المطلب حناوي، والوزراء: سجعان قزي، رمزي جريج وميشال فرعون وبطرس حرب، في حين أن الوزير الكتائبي الثالث آلان حكيم سيغيب عن الاجتماع نظراً لاستقالته من الحكومة.
وإذ رفض المصدر الكشف عن طبيعة الأسباب التي حتمت العودة إلى اجتماعات «اللقاء التشاوري» بعد انقطاع لفترة طويلة، إلا أنه قال أن مثل هذا اللقاء سيكون عندما تدعو الحاجة، وهو سيكون بمثابة قوة وازنة داخل الحكومة عندما تكون مدعوة لاتخاذ قرارات، من دون أن يكون «لوبي وزاري» بحسب ما تردّد مؤخراً من قبل بعض الوزراء.
وكان الرئيس سليمان الذي رأس اجتماعاً «للقاء الجمهورية» قد طلب من المتحاورين أن يعودوا إلى المؤسسات، وأن يتفقوا على انتخاب رئيس من دون أن يختاروا هم الرئيس من ضمن سلّة، وأن يتفقوا على وجوب إصدار قانون انتخاب من القوانين المطروحة من دون الدخول في تفاصيل القوانين (راجع ص2).
أما نائب كتلة الكتائب إيلي ماروني فقد استبعد في تصريح لـ«اللواء» أن تتمكن جلسات الحوار المفتوحة من الوصول إلى حل، لا سيما أن المواقف السياسية لا تزال على حالها، مؤكداً أن المعطيات لم تتبدّل وأن أحد المرشحين للرئاسة لم يتنازل للآخر و«حزب الله» لم يفك أسر الرئاسة، متوقفاً عند تعذّر التوافق داخل اللجان المشتركة التي تعدّ صورة مكبرة عن الحوار.
ورفض النائب ماروني الرهان على ثلاثية الحوار في إضفائها الأمل بأي حل، داعياً السياسيين إلى التحلي بالوعي والعمل على معالجة المشاكل التي يتخبّط بها المواطنون إقتصادياً واجتماعياً.
ومن جهته رأى النائب أحمد كرامي الذي يرافق الرئيس نجيب ميقاتي في الحوار أن ما يسمعه ويقرأه من مواقف سياسية لا يشجّع على جلسات الحوار، مؤكداً في الوقت نفسه أن ما قاله الرئيس ميقاتي في الجلسة الأخيرة للحوار بالنسبة إلى الإتفاق على سلّة متكاملة صحيح وصائب.
وأعلن أن الحوار لا يزال بصيص الأمل الوحيد في هذا البلد، مبدياً أسفه لعدم استغلال الفرصة التي سنحت بانتخاب رئيس للبلاد من دون تدخل خارجي