اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل إعلامية عديدة بمشاهد إعدام الطفل عبد الله عيسى في سوريا على يد أنصار حركة نور الدين الزنكي المعارضة للنظام السوري، وحمل التسجيل الذي انتشر مشاهد مروعة عن عملية الإعدام حيث تخطى فاعلوها حدود الدين والعقل والأخلاق والإنسانية والقانون، وأثبتت هذه المشاهد غوغائية بعض الجماعات التي بات بعضها  يفتك بالمجتمعات أكثر من النظام نفسه الذي تستهدفه هذه الثورة، وقد عرّت هذه المشاهد أكثر فأكثر همجية بعض المسلحين الذين اتخذوا من الثورة إسما لمماسة أعمالهم الإرهابية فشوهوا سمعة الثورة وأساءوا إليها باعتمادهم أساليب القتل والموت والدم، حيث يعد لتعاليم الإسلام وقوانين الحرب وآدابها أي صلة بهذه الجماعات وباتت تسمية الإسلام مجرد شعارات فارغة لا تمت إلى الاسلام بصلة .
لقد أكدت القوانين الإسلامية والدولية على آداب وحدود عديدة خلال الحرب، وأفردت معاملة خاصة بالأطفال وإن كانوا من المقاتلين، وأوصى رسول الله محمد (ص) بجملة وصايا خلال الحرب، حيث لم تكن حالات الحرب والقتال لتُخرِجَه (ص) عن أخلاقه السامية، وعن رحمته التي يَتَحَلَّى بها حَالَ السَّلْم؛ لذا فقد كان يرحم الغِلمان وصغار السن الذين لا يملكون أمرهم، ويأتون للحرب ضد المسلمين، أو لمعاونة سادتهم رغم أن تلك المساعدة هي من صميم أعمال الحرب، لكنه (ص) كان يرحم طفولتهم، ونهى (ص) عَنْ قَتْلِ النّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
فإذا تأمّلْنا وصية رسول الله لأصحابه المجاهدين الذين خرجوا لرد العدوان نجد في جنباتها كمال الأخلاق ونُبل المقصد فها هو ذا رسولُ الله يوصي عبد الرحمن بن عوف عندما أرسله في شعبان سنة (6ه) إلى قبيلة كلب النصرانية الواقعة بدومة الجندل؛ قائلاً: "اغْزُوا جمِيعًا فِي سبِيلِ اللهِ، فقاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، لا تغُلُّوا، ولا تغْدِرُوا، ولا تُمثِّلُوا، ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، فهذا عهْدُ اللهِ وسِيرةُ نبِيِّهِ فِيكُمْ".
وكذلك كانت وصية رسول الله للجيش المتّجه إلى معركة مؤتة؛ فقد أوصاهم قائلاً: "اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سبِيلِ اللّهِ، قاتِلُوا منْ كفر بِاللهِ، اغْزُوا ولا تغُلُّوا، ولا تغْدِرُوا، ولا تمْثُلُوا، ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، أوِ امْرأةً، ولا كبِيرًا فانِيًا، ولا مُنْعزِلاً بِصوْمعةٍ".
ولعلّ من أبرز أخلاق النبي في حروبه خُلق الرحمة؛ فلقد كان رسول الله رحيمًا بالطفل الصغير، والشيخ الكبير، والنساء والمرضى والعواجز، وكان رسول الله يوصي قادة الجند بالتقوى ومراقبة الله ؛ ليدفعه إلى الالتزام بأخلاق الحروب، وبالرحمة في المعاملات حتى في غياب الرقابة البشرية عليه، ولم يكن يكتفي بذلك بل كان يأمر أوامر مباشرة بتجنُّب قتل الولدان.
وفي القانون الدولي فإن الأطفال يستفيدون في الحرب من الحماية العامة المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني على غرار المدنيين أو المقاتلين، وينص القانون أيضا على أحكام خاصة تقر بحالة الاستضعاف والاحتياجات الخاصة للأطفال في النزاعات المسلحة.
ويشكل تجنيد الأطفال على يد الجماعات المسلحة مشكلة إنسانية خطيرة خلال الفترة الأخيرة فكانت الإنتهاكات الأخيرة لحقوق الأطفال في المنطقة تشكل عبئا كبيرا على المنظمات الإنسانية والدولة، فكان الرجوع إلى القانون الدولي أهم الخطوات الضرورية التي لجأت إليها هذه المنظمات لما يشكل هذا القانون من حماية حقيقية للأطفال .
فقد نص القانون الدولي على حظر تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة وإشراكهم في الأعمال العدائية، واشترط البروتوكول الأول في حالة التجنيد العسكري للأطفال الذين بلغوا سن الخامسة عشرة ولم يبلغوا بعد الثامنة عشرة في النزاعات الدولية المسلحة، إعطاء الأولوية لمن هم أكبر سناً.
وتضمنت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 التي كاد أن يكون التصديق عليها عالمياً، سن الخامسة عشرة كحد أدنى. وأُضيف بروتوكول اختياري إلى هذه الاتفاقية في أيار/مايو 2000، رفع سن التجنيد الإجباري إلى الثامنة عشرة ودعا الدول إلى رفع الحد الأدنى للتجنيد الطوعي إلى ما يزيد على 15 سنة. وشدد على أن الجماعات المسلحة لا ينبغي لها أن تستخدم الأطفال دون سن الثامنة عشرة في أي حال من الأحوال ودعا الدول إلى معاقبة هذه الممارسات جنائياً.
غير أن المجتمع الدولي لم يعترف بعد بسن الثامنة عشرة كحد أدنى عالمي. وتمارس اللجنة الدولية وشركاؤها في حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر الضغوط اللازمة لاعتماد هذا الحد من خلال تطوير كلا من القانون الدولي والقانون الوطني.
وتساعد اللجنة الدولية في الميدان على تسريح الأطفال الجنود وتمدهم بالدعم النفسي وغيره من السبل التي تمكنهم من العيش حياة طبيعية من جديد كأي طفل آخر.
ويمنح القانون الدولي الإنساني والمعاهدات المناسبة المتعلقة بحقوق الطفل حماية خاصة للأطفال الذين لا يشاركون في النزاعات المسلحة ويواجهون جملة من المخاطر. ويحظى هؤلاء بالحماية العامة التي يتمتع بها المدنيون غير المقاتلين، إلا أن احتياجاتهم الخاصة للمساعدة الطبية والغذاء والمأوى والملبس معترف بها في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليهما لعام 1977.
ويجب التعرف على الأطفال الذين تيتّموا أو انفصلوا عن عائلاتهم وحمايتهم بالإضافة إلى توفير المرافق الخاصة التي تضمن سلامتهم البدنية. كما يجب تلبية احتياجاتهم في مجال التعليم. ومن الضروري، في الوقت ذاته، اتخاذ كل التدابير الملائمة لتسهيل لمّ شمل العائلات التي انفصلت مؤقتاً. 
وبحسب القانون أيضا يجب معاملة الأطفال المحتجزين بسبب نزاعات مسلحة معاملة إنسانية. كما ينبغي عدم تفرقتهم عن أفراد أسرتهم. وفي حال تعذر ذلك، ينبغي عزلهم عن كبار السن من الأسرى أو المحتجزين.
ويهدف القانون الدولي الإنساني إلى الحد من أثر الحرب على الأطفال. ومن المؤسف أن تكون طبيعة نزاعات اليوم نفسها تعني ضرورة إقدام اللجنة الدولية وغيرها على بذل المزيد من الجهود الحثيثة في الميدان من أجل إنقاذ الأطفال من براثن الحرب ومساعدتهم على بدء حياة جديدة بعد انتهاء النزاع.