تداعيات سياسية تتدحرج بعد الانقلاب ومصادر تركية تتهم النظام السوري  , وفي لبنان ملف النفط يستنفر لصوص السلطة

 

السفير :

لغزان إضافيان برزا أمس ليعززا غموض المشهد التركي المضطرب منذ ليلة انقلاب الهواة الجمعة الماضي. لماذا لم يقتل الانقلابيون الرئيس رجب طيب اردوغان عندما كانت طائرته عائدة من منتجع مرمريس في سماء اسطنبول تحاول عبثا الهبوط؟ وماذا يعني فتح تحقيق يطال قاعدة «انجيرليك» الجوية التي يستخدمها الأميركيون في إطار «الحرب على الإرهاب»؟
ألغاز المشهد التركي لا تُحصى منذ ليل الجمعة، لكنها ازدادت التباسا فيما لا تزال واشنطن تحاول لليوم الثالث على التوالي إبعاد «تهمة» التورط في المحاولة الانقلابية ضد أردوغان. الصوت الأميركي ـ الأوروبي المشترك ضد سياسة «التطهير» التي تنفذها جماعة اردوغان والتلويح بتعليق المشانق لآلاف المعارضين، أعادا طرح تساؤلات حول متانة العلاقات الاميركية ـ التركية، ومستقبل الرهان التركي على الارتباط بالمحيط الاوروبي، وحتى بحلف شمال الاطلسي الذي بدوره ذكّر الحكم التركي بضرورات احترام العملية القانونية والدستور في مواجهة الانقلابيين.
وبينما أطلق المواطنون الأتراك حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تنادي بحماية كرامة الجيش التركي وترفض الإهانات والتنكيل التي يتعرض لها الضباط والجنود، فإن ما نشر من فظائع ارتُكبت في الشوارع بحق الجنود المستسلمين، ستترك ندوباً عميقة في الجسد التركي لمدى طويل، وقد ترتد مفاعيلها كما حذر العديد من المحللين والمراقبين، على حكم اردوغان نفسه في مدى ليس بعيدا.
وتمثلت المفاجأة الاولى في ما نشره معهد «ستراتفور» المعروف بارتباطه بأجهزة الاستخبارات الاميركية، عن إحداثيات انطلاق طائرة اردوغان من «مطار دالامان» بالقرب من منتجع مرمريس، نحو الساعة 22:40 من مساء الجمعة بتوقيت غرينتش، فيما ظلّت الطائرة تدور في مسار تحليق ثابت جنوب اسطنبول، بينما كان يُسمع أزيز زخّات من الرصاص في مطار اتاتورك، قبل أن تهبط قبيل الساعة الثالثة من فجر السبت.
وخلال رحلته من «دالامان» إلى اسطنبول، تحرّشت طائرتا «اف ـ 16» تابعتين للانقلابيين بطائرة اردوغان، لكنّهما سمحتا له بإكمال رحلته. وقال ضابط عسكري سابق مُطّلع على تطورات الأحداث لوكالة «رويترز» إن «طائرتين على الأقل من طراز اف ـ 16 تحرّشتا بطائرة اردوغان وهي في الجو في طريقها إلى اسطنبول. وثبّتت الطائرتان راداريهما على طائرته وعلى طائرتين أخريين من طراز إف ـ 16 كانتا تحرسانه». ولم يستطع الضابط تقديم تفسير لسبب عدم إطلاق الطائرتين نيرانهما، معتبراً أن ذلك «يظلّ لغزاً» (تفاصيل صفحة 6).
أما اللغز الثاني الذي برز امس فتمثل ببدء الشرطة التركية عملية تفتيش في قيادة «إمداد الوقود العاشرة» في قاعدة «أنجيرليك» التي يستخدمها «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن ضدّ تنظيم «داعش» في العراق وسوريا.
وأفادت مصادر في النيابة العامة في أضنة بأن طائرات الإمداد بالوقود، التي زوّدت طائرات «اف 16» التابعة للانقلابيين التي كانت تقصف أنقرة خلال الانقلاب، حلّقت من القاعدة التي يستخدمها الأميركيون.
وكانت السلطات التركية قد اعتقلت الجنرال في سلاح الجو بكير ارجان فان و12 ضابطاً في قاعدة «انجيرليك» امس الاول. كما أوقفت الشرطة التركية، سبعة من العاملين في قيادة القاعدة الجوية الثالثة في ولاية قونية بينهم قائد الطلعات الجوية مصطفى إرتورك.
وأدى غلق القاعدة «انجيرليك» السبت الماضي الى تعليق غارات التحالف، لكن واشنطن أعلنت الاحد استئناف العمل في القاعدة الجوية التي كانت الولايات المتحدة قد حصلت على موافقة أنقرة لاستخدامها في العام 2015.
وقال مسؤولون اتراك إنهم يشتبهون في ان القاعدة القريبة من الحدود مع سوريا استُخدمت في تموين طائرات عسكرية سيطر عليها منفذو محاولة الانقلاب.

«التطهير» وعزلة تركيا
الى ذلك، تواصِل السلطات التركية رفع سقف ردّة فعلها على محاولة الانقلاب الفاشلة الى أعلى درجة ممكنة، موسّعة من مروحة الاعتقالات التي طالت آلاف العسكريين والقضاة، وسط تلميحات الى إمكانية إجراء تعديل دستوري لإعادة العمل بعقوبة الإعدام اقتصاصاً من الانقلاببين. وفيما سمّت الحكومة الانقلابيين رسمياً بـ «الإرهابيين» تمهيداً لشملهم بالتبعات القانونية وإجراءات مكافحة الإرهاب، بدأت ردود الفعل الدولية المعاكسة تتعالى، محذّرة أردوغان من الذهاب بعيداً في «استغلال» الانقلاب عبر تنفيذ إجراءات تثير الشكوك وتطرح أسئلة خطيرة.
وردّ وزير الخارجية الأميركية جون كيري، على مطالبات تركيا المتكررة بتسليم الداعية فتح الله غولن، داعياً إيّاها الى تقديم «أدلة لا ادّعاءات» ضد الزعيم المعارض البالغ من العمر 75 عاماً والذي يعيش في شمال الولايات المتحدة منذ العام 1999.
ودعا كيري، من بروكسل إثر اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الحكومة التركية بـ «حزم الى الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد»، وطالبها بـ «احترام المؤسسات الديموقراطية للأمة واحترام دولة القانون»، مستخدماً مستقبل تركيا في «الناتو» كورقة ضغط، حيث قال إن لحلف الأطلسي متطلبات واضحة بخصوص الديموقراطية، وإن الحلف سيراقب بدقة ما يحصل في تركيا.
ومن جهته، قال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، إن الولايات المتحدة لم تصدر أي تقييم بشأن ما إذا كان لغولن أي دور في محاولة الانقلاب. وإذ قال إن بلاده سترحّب بأي طلب رسمي من تركيا لتسلم غولن إذا كان هناك أي دليل على ضلوعه في الأمر، لفت الى أنه حسب معلومات وزارة الخارجية الأميركية، فإن غولن يعيش في سلام في بنسلفانيا.
وفي ردّ مباشر على تلميحات المسؤولين الأتراك، على رأسهم أردوغان، بإعادة العمل بعقوبة الإعدام للتخلّص من قادة الانقلاب، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إنه «لا يمكن لأي بلد أن ينضم الى الاتحاد الأوروبي إذا كان يطبق عقوبة الإعدام»، وذكّرت القادة الأتراك بأن بلادهم عضو في مجلس أوروبا وإحدى الدول الموقّعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تمنع تطبيق عقوبة الإعدام في أرجاء القارة.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فقالت خلال اتصال هاتفي بالرئيس التركي، إن إعادة عقوبة الإعدام في القانون الجنائي التركي أمر غير مقبول، بالنسبة لألمانيا والاتحاد الأوروبي على وجه العموم، ودعته الى الالتزام بمبدأ سيادة القانون في التعامل مع محاولة الانقلاب العسكري، لافتة الى أن بلادها قلقة جداً بسبب موجة الاعتقالات التي تنفّذها السلطات التركية.
وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، أكثر حزماً حينما أكّد أن إعادة إدراج عقوبة الإعدام من شأنها إنهاء مفاوضات انضمام أنقرة الى الاتحاد الأوروبي. وألقى الضوء على مشاهد العنف في الشوارع التركية، وقال إنه «في الساعات الأولى التي تلت الانقلاب شهدنا مشاهد مقززة من التعسّف والانتقام ضد الجنود في الشوارع.. هذا لا يمكن قبولها»، معتبراً أنه عندما يتم في أحد الأيام بعد محاولة الانقلاب عزل 2500 قاضٍ من مناصبهم، فهو أمر «يطرح أسئلة خطيرة وشكوكاً».
واتّصل الأمين العام لحلف شمال الاطلسي «الناتو» ينس شتولتنبرغ بالرئيس التركي، مذكّراً إياه بـ «ضرورة» أن تحترم تركيا بالكامل دولة القانون والديموقراطية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، فيما ذهب المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان، المُكلّف ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد، إلى حد الإشارة إلى أن الحكومة التركية كانت تملك قبل محاولة الانقلاب لوائح جاهزة بأسماء من تريد توقيفهم.

اردوغان

علّق أردوغان، في حديث لـ «سي ان ان تورك»، على احتمال إعادة العمل بعقوبة الإعدام في البلاد، قائلاً «هناك جريمة خيانة واضحة والطلب (إلحاق عقوبة الإعدام) لا يمكن أبداً أن ترفضه حكومتنا، ولكن بطبيعة الحال سيتطلب الأمر قراراً برلمانياً، وبعد ذلك وكرئيس للبلاد سأوافق على أي قرار يصدر عن البرلمان».
وقال اردوغان: «الآن لدى الناس فكرة بعد العديد من الأحداث الإرهابية بأن الإرهابيين لا بد من قتلهم، ولا يرون أي نتيجة أخرى مثل السجن المؤبد، لماذا ينبغي إبقاؤهم وإطعامهم في السجون على مدى سنوات مقبلة، يريدون (الناس) نهاية سريعة، لأن الناس فقدوا أطفالا، بعمر ثماني سنوات وشبابا بعمر 15 سنة و20 عاما ممن قتلوا للأسف في هذه الأحداث، هناك أمهات وآباء حزينون ويعانون والناس يمرون بأوقات حساسة وعلينا التعامل بطريقة حساسة للغاية».
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، قد مهّد لاحتمال اتخاذ موقف تراجعي في ما يتعلق بعقوبة الإعدام، قائلا إنه «من الخطأ اتخاذ قرار متسرّع» بشأن عقوبة الإعدام.

واشنطن وأنقرة

وفي مؤشر على التوتر مع الاميركيين، لفت يلديريم الى أن بلاده ستلجأ إلى إعادة النظر في صداقتها مع واشنطن في حال عدم تسليم الأخيرة فتح الله غولن، قائلاً «إذا كان أصدقاؤنا يطالبوننا بأدلة وبراهين تثبت ضلوع ذاك القابع في الولايات المتحدة، بمحاولة الانقلاب، (في إشارة إلى غولن) رغم كل هذا التنظيم والإدارة من قبله، فإننا سنصاب بخيبة أمل وربما نلجأ إلى إعادة النظر في صداقتنا معهم».
واستنكر السفير الأميركي في تركيا جون باس، الفرضيات التي أشارت الى دعم أميركي للانقلاب، والتي تروج لها «وسائل إعلام وللأسف بعض الشخصيات»، قائلاً في بيان إن «هذا الأمر خاطئ تماماً ومثل هذه التخمينات تسيء الى عقود من الصداقة».

 

النهار :

أقدمت الحكومة التركية على تطهير جهاز الشرطة أمس، بعدما قبضت على ألوف من الجنود عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ولوحت باعادة النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة ما لم تسلمها واشنطن رجل الدين فتح الله غولن الذي تتهمه انقرة بتدبير هذه المحاولة. لكن الحملة الواسعة النطاق والمطالبة بإعادة عقوبة الإعدام لتطبيقها على الانقلابيين أثارتا مخاوف حلفاء تركيا الغربيين الذين قالوا إنه يتعين على تركيا احترام سيادة القانون في البلد العضو في حلف شمال الأطلسي وأكبر حليف مسلم لواشنطن.
واعتقل نحو 20 ألف مسؤول من الشرطة والإدارات الحكومية والقضاء والجيش أو أوقفوا عن العمل منذ محاولة الانقلاب الجمعة والتي قتل خلالها أكثر من 200 شخص عندما سعت مجموعة من الجيش الى الاستيلاء على السلطة.
وقال مسؤول أمني تركي كبير لـ"رويترز" إن ثمانية آلاف شرطي من مناطق بينها العاصمة أنقرة واسطنبول كبرى مدن البلاد أقيلوا من مناصبهم للاشتباه في صلتهم بمحاولة الانقلاب.
وأفاد مسؤول في وزارة المال أن الوزارة أوقفت نحو 1500 موظف في أنحاء البلاد عن العمل. وبثت قناة "سي إن إن تورك" للتلفزيون أن 30 حاكماً إقليمياً وأكثر من 50 من كبار الموظفين أقيلوا أيضاً. وعلقت العطلة السنوية لثلاثة ملايين موظف حكومي، في حين أوقف قرابة ثلاثة آلاف قاض وممثل ادعاء عن العمل.
وصرح رئيس الوزراء بن علي يلديريم أن 7543 شخصاً اعتقلوا بينهم 6038 عسكرياً. وعرضت صور لبعضهم وهم في ملابسهم الداخلية ومقيدو الأيدي في أوتوبيسات تابعة للشرطة وفي قاعة رياضية.
وكشف مسؤولون في أنقرة أن قائد القوات الجوية السابق الجنرال أكين أوزترك شريك في الانقلاب. وأوردت وكالة "أنباء الأناضول" التركية شبه الرسمية في وقت سابق أن اوزترك أقر بضلوعه في محاولة الانقلاب. لكن قناة "خبر تورك" الخاصة ذهبت إلى عكس ذلك قائلة إنه أبلغ المدعين أنه حاول منع الانقلاب.
وتلقي الحكومة تبعة تدبير محاولة الانقلاب على فتح الله غولن رجل الدين المسلم المقيم في الولايات المتحدة والذي له الكثير من الأتباع في تركيا، لكنه ينفي أي صلة له بالأمر.
وطلبت أنقرة من واشنطن استرداده . وأبدت واشنطن استعدادها لذلك ولكن شرطة تقديم انقرة أدلة على تورطه في جريمة. ورفض يلديريم هذا الشرط. وقال: "سنشعر بخيبة أمل إذا طلب منا أصدقاؤنا أن نقدم دليلاً حتى في الوقت الذي تحاول منظمة القتل تدمير حكومة منتخبة بتوجيهات من هذا الشخص... في هذه المرحلة تثور الشكوك حتى في أصدقائنا".
وقال يلديريم إن 232 شخصاً قتلوا في أعمال العنف الجمعة منهم 208 من المدنيين ورجال الشرطة والجيش و24 من مخططي محاولة الانقلاب. وكان المسؤولون قالوا في وقت سابق إن مجموع القتلى بلغ 290 شخصاً.
وفي مقابلة مع شبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون صرح اردوغان بأي قرار في شأن تطبيق عقوبة الإعدام يجب أن يقره مجلس النواب.
وأضاف :"الناس في الشوارع طلبوا ذلك... الشعب يرى أن هؤلاء الإرهابيين يجب أن يعدموا... لماذا يتعين علي احتجازهم وتوفير الطعام لهم في السجون لسنوات مقبلة... هذا ما يقوله الناس".
ونقلت عنه "السي إن إن" أن أوراقاً رسمية ستقوم خلال أيام لطلب استرداد غولن من الولايات المتحدة.
وأعلن حزب الشعوب الديموقراطي التركي الموالي للأكراد، وهو ثالث أكبر أحزاب مجلس النواب، إنه لن يدعم أي اقتراح تقدمه الحكومة لإعادة عقوبة الإعدام.
وحذر حزب الشعب الجمهوري المعارض من أن الرد على محاولة الانقلاب يجب أن يكون في إطار سيادة القانون وأنه ينبغي تقديم المدبرين الى العدالة.
وبدأت محاولة الانقلاب تتداعى بعدما اتصل إردوغان الذي كان في عطلة على الساحل هاتفياً ببرنامج تلفزيوني وطلب من مؤيديه النزول إلى الشارع. وتمكن بعد ذلك من الطيران إلى اسطنبول في الساعات الأولى من فجر السبت بعدما كانت طائرته على مرأى من الانقلابيين لكنهم لم يطلقوا النار عليها

 

الغرب يحذر
وحذرت الولايات المتحدة تركيا من تجاوز الحد في مسعاها لإحالة المسؤولين عن محاولة الانقلاب الفاشلة على العدالة وقالت إن أنقرة لم تطلب رسمياً استرداد غولن.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر بأن الولايات المتحدة لم تصدر أي تقويم في شأن ما إذا كان لغولن أي دور في محاولة الانقلاب بتركيا. وقال أنه استناداً الى معلومات وزارة الخارجية الأميركية فإن غولن يعيش في سلام ببنسلفانيا.
وأضاف أن الولايات المتحدة سترحب بأي طلب رسمي من تركيا لاسترداد غولن إذا كان هناك أي دليل على ضلوعه في الأمر.

 

 

المستقبل :

أبدى رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم دهشته من أن يقدم جنود أتراك على فتح النار على المدنيين وعلى البرلمان ورئيس الجمهورية، مشبهاً ممارسات الانقلابيين بما تقوم به قوات بشار الأسد، ومشيراً الى أن عدد الموقوفين بلغ (حتى الأمس) 7543 موقوفاً، هم 6038 عسكرياً بينهم 103 جنرالات و755 قاضياً و100 شرطي.

وفيما استمرت الحكومة التركية منشغلة بـ«تنظيف» ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، برزت «شعرتان» بينها وبين أوروبا من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، الأولى «شعرة الإعدام» التي تلوح بها أنقرة ضد المتمردين وتعتبر أوروبا أنها ستقضي على الفرصة التركية لدخول الاتحاد الأوروبي، والثانية «شعرة (فتح الله) غولن» التي تنذر بعواقب وخيمة على العلاقات التركية ـ الأميركية

فقد أكد رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للحكومة، أن عمل الوزراء سيعود الى طبيعته «اعتباراً من الغد، وستستمر الحياة، وسيعود المواطنون لأعمالهم، لكنهم سيستمرون بتظاهراتهم في الشوارع والميادين لتحقيق الديموقراطية«.

ورداً على الادعاءات بأن الحكومة قامت بالانقلاب لتحقيق أهداف خاصة، قال يلدريم إن «هذا غير صحيح كما يعلم الجميع، نحن نملك إثباتات كثيرة، سنوضحها حين يأتي الوقت». وأضاف في إشارة إلى طلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أدلة على تورط غولن بالانقلاب: «إذا كان أصدقاؤنا يطالبوننا بأدلة وبراهين تثبت ضلوع ذاك القابع في الولايات المتحدة بمحاولة الانقلاب (في إشارة الى غولن)، برغم كل هذا التنظيم والإدارة من قبله، فإننا سنصاب بخيبة أمل وربما نلجأ إلى إعادة النظر في صداقتنا معهم». وتساءل يلدريم عن نوعية الأدلة والوثائق التي تطلبها الولايات المتحدة مع وجود كل هذه الأحداث في تركيا.

واعتبر يلدريم أن «الفرق بين هذا الانقلاب وانقلاب 12 أيلول (1980)، أن الجيش لم يقم وقتها بقصف الشعب ولا مجلس البرلمان أو رئيس الجمهورية«، وتابع «هذا العمل لا يقوم به جيشنا، هكذا عمل إرهابي فقط جيش الأسد يقوم به، لا يمكننا أن نقارن جيشنا مع جيش الأسد، جيشنا لا يفعل ذلك، بل هم أشخاص انخرطوا فينا وقاموا بذلك«.

واقتصادياً شدد رئيس الوزراء التركي على أن «نظامنا المالي والبنوك والبورصة يعملون من دون توقف، وكل شيء يعمل من دون نقصان، والجميع يقوم بعمله كما يجب ومستعد لتنفيذ المهام«.

وبشأن حملة تنظيف المؤسسات من المتعاونين مع الانقلابيين، قال إنه «تم البدء بعمليات التصفية لجميع الموظفين الذين تعاونوا مع الانقلابيين في مؤسسات الدولة ووزارة الداخلية، حيث تم عزل نحو 1500 شخص وسنعاقبهم في إطار القانون وبعيداً عن العواطف، لقد أحبطنا آمالهم عندما تصدت الحكومة للانقلاب، وهي الآن تحت التهديدات الخارجية«.

كما تطرق يلدريم إلى نداءات الشارع التركي المطالب بإعادة حكم الإعدام، قائلاً: «تركيا دولة القانون، وفي مثل هذه الدول فإنّ مطالب الشعب تُعدّ بمثابة الأوامر للحكومة«. وتابع في هذا الصدد: «البرلمان التركي سينظر في هذا الطلب بكل تفاصيله، وكما تعلمون فإنّ إقرار حكم الإعدام يحتاج إلى تعديل دستوري، وسنخطو خطواتنا بناء على مطلب الشعب«.

وكان يلدريم أعلن في وقت سابق توقيف 7543 مشتبهاً به: 6038 عسكرياً و755 قاضياً و100 شرطي، وأشار الى سقوط 208 «شهداء»، ما يعني أن الحصيلة الإجمالية لضحايا محاولة الانقلاب هي 308 قتلى مع الذين سقطوا في صفوف الانقلابيين.

وأعلنت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية توقيف 103 جنرالات وأميرالات من سلاح الجو والبر والبحر، ونشرت قائمة مفصلة بأسمائهم. وأبرز الموقوفين الجنرال محمد ديشلي الذي قاد عملية احتجاز رئيس أركان الجيش خلوصي أكار، والقائد السابق لسلاح الجو الجنرال أكين أوزتورك الذي يُشتبه في أنه من قادة الانقلاب.

وانعكس توعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالقضاء على «الفيروس» المتغلغل، من خلال مداهمة عناصر قوة مكافحة الشغب مجمع أكاديمية سلاح الجو المرموقة في اسطنبول، بعد الإعلان عن إصدار نحو 3000 مذكرة توقيف بحق قضاة ومدعين.

كما أوردت الأناضول أن وزارة الداخلية أقالت 8777 شخصاً من موظفيها، بينهم نحو 4500 شرطي و614 دركياً، الى جانب حاكم محافظة و29 حاكم بلدية.

الديار :

لماذا غضب الرئيس نبيه بري والى حد الحديث عن «اياد خبيثة  تعمل لمصلحة اسرائيل»، مبدياً خشيته من «ان يكون هناك لبنانيون يتعاطون مع هذا التطعيل»؟
مقربون من عين التينة يقولون ان بري ماض في ملف النفط والغاز الى  نهايته ولو اقتضى الامر النزول الى الشارع، فهذا هو السبيل الوحيد لتفكيك الدين العام الذي لامس الخطوط الحمراء. التفكيك التدريجي بطبيعة الحال والذي يحول دون لبنان والانهيار المالي، وبالتالي الانهيارالسياسي.
ربما وصلت الى رئيس المجلس تلك المعلومات التي تقول ان جهات لبنانية رفعت شعار «لا نفط ولا غاز قبل رئاسة الجمهورية»، دون ان يفهم احد ما هي العلاقة بين حقول الغاز والقصر الجمهوري.
ودون ان يبقى  سراً ان هناك شخصيات لبنانية اتصلت بعاصمة عربية معنية بالغاز لاستشارتها في الموضوع، فكان نصيحة العاصمة بان يتريث لبنان لحين اقفال الازمة السورية، وباعتبار ان موضوع الغاز سيكون جزءاً من ترتيب استراتيجي عام في المنطقة، ومن الخليج الى المتوسط، ليزيد الوضع في تركيا التي هي المصب الرئيسي او محطة الثقل الاساسية في تعقيد الملف. مصادر موثوقة اكدت ان العاصمة اياها وصلت الى حد التحذير من ان الغاز لعبة خطيرة في الظروف الراهنة.
مصادر رئيس الحكومة تمام سلام قالت لـ«الديار» ان حماسته لاطلاق عملية التنقيب عن الغاز لا تقل، في اي حال، عن حماسة بري، لكن المشكلة هي في سيناريو الاتفاق، اذ بدا كما لو انه اتفاق ثنائي بين بري والعماد ميشال عون (عبر الوزير جبران باسيل)، ودون ان تكون للمراجع الاخرى بما في ذلك رئاسة الحكومة اي دخل في الموضوع.
المصادر تضيف «صحيح ان الخلاف بين بري وعون هو الذي جهز الملف على مدى سنوات ثلاث، لكن اعادة اطلاقه لا تتم هكذا، وبتلك الطريقة الدرامية، مع انتشار تكهنات حول صفقة وراء الستار تربط الاتفاق حول الغاز بالاتفاق حول رئاسة الجمهورية».
سلام لا يعتقد بوجود هذه الصفقة التي ابتدعها  «خيال بيغائي»، وكما ردت مصادر عين التينة في حينه، لكنه لن يدعو الى عقد اجتماع للجنة الوزارية المكلفة ملف النفط والغاز للبحث في المرسومين التطبيقيين «قبل تحقيق بعض الامور».
ما  هي هذه الامور؟ اكثر من جهة تسأل عن سبب الغموض الذي يحيط بالملف، وما اذا كانت هناك قوى لبنانية طلبت التريث في اطلاق المسار بناء على طلب عواصم في المنطقة.
وكان قد نقل عن رئيس حكومة سابق قوله «اننا لسنا في صدد تقديم هدايا بهذا الحجم لـبري وعون»، معتبراً «ان المسألة تتعلق باستخراج الغاز، لا البطيخ، من قاع البحر».
استطراداً، الموضوع ذو ابعاد استراتيجية، وثمة جانب منه مفتوح على الاحتمالات الاسرائيلية، ولا يمكن  تهريبه بتلك الطريقة ما دام يتعلق بالامن الاستراتيجي للبنان بشقيه الاقتصادي والعسكري.
رئيس الحكومة السابق الذي استغرب اتهام المعترضين   بخدمة اسرائيل، سأل «وهل كان لمصلحة لبنان ابقاء الملف في الادراج لمدة تتعدى الثلاث سنوات بسبب الخلاف بين فريقين لبنانيين؟».
كما ينقل عنه انه «في نهاية المطاف يبدو اننا جميعا نعمل لخدمة اسرائيل» التي تستفيد من الوقت لاستنزاف حقول على تداخل جيولوجي مع «المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة».
اللافت في هذا السياق ان قوى تؤكد ان العوائق امام ملف النفط والغاز شكلية وسيتم تذليلها، وربما طرح الموضوع على ثلاثية الحوار في الاسبوع الاول من شهر آب لتكريس الشفافية في مقاربة المسألة من كل وجوهها، وهناك قوى سياسية تشير الى يد خارجية. هل هي اميركية ام اسرائيلية ام عربية تدخلت لوقف العملية التي لا يمكن الا الاقرار باهميتها في ظل الصراع العلني او الخفي على خارطة الغاز.
سفير عربي في بيروت، وبلاده ذات باع طويل في الصناعة النفطية قال لـ«الديار» عجيبون انتم في لبنان، تتعاملون تلفزيونيا مع قضية على هذا المستوى من الاهمية، وببعديها الداخلي والخارجي، كما لو انكم تتعاملون مع انتخاب ملكة جمال لبنان».
في رأيه انه كان يقتضي تشكيل مجلس اعلى للنفط والغاز (هناك في لبنان هيئة النفط) وهذا المجلس الذي يضم خبراء ومستشارين يتمتعون بكفاءات مالية ويعرفون الكثير من خفايا العمليات النفطية من لحظة التلزيم للتنقيب وحتى لحظة التلزيم للاستخراج.

ـ اوقفوا التعامل التلفزيوني ـ

السفير اكد على ان المجلس (او الهيئة) يفترض ان يعطي صلاحيات واسعة، مع ربطه بطبيعة الحال بسلطة اعلى هي سلطة مجلس الوزراء، لكي يتمكن من القيام بتلك الاعباء المتعددة الابعاد والتي الكثير منها يقتضي السرية.
نصيحة السفير الخليجي: اوقفوا التعامل التلفزيوني مع ملف النفط والغاز، دون ان يعني ذلك، بطبيعة الحال، انتفاء الشفافية المطلقة في العملية من الفها الى يائها.
عائدات النفط والغاز، ان وضع الملف على السكة الان، لن تدخل الى خزينة الدولة قبل عقد من الزمان. حتى ذلك الحين، تجمع الاوساط الدولية على «الادارة السيئة  للازمة السياسية»، فهل من مجال لـ«الادارة الحسنة للازمة المالية»؟
احد الوزراء قال لـ «الديار» ان اصحاب المعالي استخدموا ادمغتهم اكثر مما استخدموا السنتهم. الجميع استشعروا دقة المرحلة، ووجوب المعالجة العقلانية والسريعة، بمجرد ما دقت المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني جرس الانذار.
اتفاق في مجلس الوزراء على اعداد موازنة عام 2017، موازنة استثنائية او بالاحرى موازنة طوارئ على ان يوضع جانباً شرط تقارير قطع الحساب التي تظهر بالتفصيل مالية الدولة، بل واين تقف الدولة الآن. لكن وضع هذه التقارير عملية معقدة ان لم تكن مستحيلة. لا بد من وقف اعتماد القاعدة الاثني عشرية من عام الى عام، دون اي اعتبار للقواعد المالية الكلاسيكية، وبالتالي دون اي اعتبار للمخاطر التي يمكن ان يسببها استمرار الحالة الملتبسة للوضع المالي.

ـ كسر الحلقة المفرغة ـ

وزير الداخلية نهاد المشنوق تحدث عن «كسر الحلقة المفرغة» ووزير المال علي حسن خليل همس لاكثر من جهة انه لا يستطيع ان يقدم صورة سوداوية للحالة المالية كي لا ينشر الهلع في صفوف الناس، مع ما لذلك من تداعيات خطيرة.
اختيار الكلمات كان دقيقا للغاية، وخليل واثق من وضع موازنة متكاملة امام مجلس الوزراء، تلحظ بطبيعة الحال اصلاحات هيكلية تلقى صدى جيداً لدى المؤسسات الدولية بعدما ارسلت هذه اشارات تحذيرية على مدى اكثر من عام.
«الديار» استخرجت آراء بعض الوزراء حول ما اذا كان باستطاعة الموازنة ان تمر ضمن المهلة الدستورية اذا ما تضمنت نصوصاً ضريبية، فكان الرد بان الضرائب ستكون «نوعية» ولن تزيد في حدة الازمة المعيشية التي يواجهها معظم اللبنانيين، المثير هنا ان احد الوزراء تساءل عن كيفية اعداد موازنة لاربعة ملايين لبناني فيما عدد النازحين يناهز المليونين، وهؤلاء يستهلكون الكهرباء والماء والبنى التحتية، والى حد اقتراح موازنة ملحقة خاصة بالنازحين واللاجئين...

الجمهورية :

يثبت بالملموس يومياً، أنّ الأزمة المستعصية التي تمنَع بلوغ مفاتيح الحلول للأزمات الأخرى التي يعاني منها البلد، وإعادة إطلاق عجلات الدولة الرئاسية المفقودة، والمجلسية المعطلة والحكومية المشلولة، هي أزمة الثقة التي تَحكم العلاقات بين القوى السياسية. يأتي ذلك في وقتٍ يبقى لبنان في عين الرعاية الدولية، وتجلّى ذلك بدعم أميركي متجدّد لأمن لبنان واستقراره، وباستعداد لدعم الجيش وتعزيز قدراته وإمكاناته في حربه على الإرهاب. فيما أكّد مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية» أنّ الوضع الأمني جيّد عموماً وأفضل بكثير ممّا كان عليه في الأسابيع القليلة الماضية، وكلّ ذلك بفضل الجهوزية العالية لدى الجيش والتشدّد في الإجراءات التي ينفّذها في المناطق اللبنانية وعلى الحدود «التي تتواكب مع مناورات حيّة (في العاقورة على سبيل المثال) حول سُبل جديدة في محاربة الإرهاب.

فتِح الأسبوع على غيوم نفطية كثيفة متراكمة في أجواء عين التينة والمصيطبة، وبدا أنّ الجسم السياسي بشكل عام عاد إلى الانضباط، ومن دون أيّ ضوابط، تحت سقف الاشتباك النفطي بين الرئاستين الثانية والثالثة.

وبالنظر إلى الأجواء المحيطة بملفّ النفط، بات من المؤكّد أنّ هذا الملف دخلَ فعلاً مرحلة التجميد، إلى حين بروز معطيات تنتشِله من «البرّاد السياسي»، فيما كان الهمس يتصاعد في مختلف الأوساط السياسية بحثاً عن الأسباب الحقيقية، أو بالأحرى «القطبة المخفية» التي ظهرَت فجأةً، وتسَبّبت بتعثّر التفاهم النفطي الذي تمّ في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ممثَّلاً بوزير الخارجية جبران باسيل.

ويبدو أنّ منسوب استياء برّي ما زال عالياً، وتبعاً لذلك يكرّر أمام زوّاره «أنّ هناك خطأً كبيراً يُرتكب في حقّ البلد كلّما تأخّرَ في الاستفادة من هذه الثروة، وبالتالي ليس هناك ما يوجب التأخّر في وضع هذا الملف على سكّة الاستفادة من ثروته».

ولا يرى برّي أيّ مبرّر للتوجّه التعطيلي الذي يَسلكه البعض في الجهة الحكومية، ويوحي في الوقت نفسه، بأنّه يعرف تماماً مَن حاكَ تلك القطبة المخفية، لا بل مَن أمرَ بحياكتها، في وقتٍ كان التفاهم النفطي قاب قوسين أو أدنى من أن يوضَع على سكة التنفيذ الذي تأخّرَ لسنوات.

وعكسَ وزير المال علي حسن خليل التوجّه ذاته، برَميِ الكرة في ملعب رئيس الحكومة تمام سلام، حين قال ردّاً على سؤال لـ«الجمهورية» حول أسباب التأخير: «قمنا بما علينا، والباقي بعهدةِ الرئيس سلام». مشدّداً في الوقت عينه على «أنّ إحدى المعالجات الجوهرية للأزمة المالية والتي لها علاقة بتحريك عجَلة الاقتصاد هي الإسراع بإقرار مراسيم النفط حتى يبدأ العمل به».

آخِر من يَعلم؟!

في المقابل، وفيما بدا أنّها رسالة سلبية من عين التينة إلى المصيطبة تجلّت بعزوف خليل عن المشاركة في الوفد الرسمي المرافق لرئيس الحكومة تمّام سلام إلى القمّة العربية المزمع عقدُها في موريتانيا الأسبوع المقبل، كانت الأوساط القريبة من سلام تُبدي استغرابها واستياءَها من إلقاء مسؤولية التعطيل والعرقلة على رئيس الحكومة، موضحةً أنّ سلام «مع الموضوع النفطي ومتحمّس له، إنّما ليس مقبولاً ان يتمّ تجاوزُه، ويبدو وكأنّه آخر مَن يَعلم في أمرٍ مهمّ كهذا، وبالتالي يَعلم به عبر وسائل الإعلام!

المشنوق لـ«الجمهورية»

وفي السياق، رفضَ وزير البيئة محمد المشنوق تحميلَ سلام مسؤولية التعطيل، وقال لـ«الجمهورية»: «ليس صحيحاً أنّ الرئيس سلام يُعرقل ملفّ النفط، والأكيد أن لا أحد ضدّ أيّ اتّفاق يحصل.

كما أن ليس هناك خلاف على إقرار المراسيم التطبيقية داخل مجلس الوزراء، لكنّنا نحتاج إلى تهيئة الأجواء. هناك بعض التفاصيل التي يَعمل رئيس الحكومة على ترتيبها، وهناك فريق يعمل على هذا الأمر، برأيي اللجنة ستُدعى، إلّا أنّ الأمور مرهونة بمواقيتها».

باسيل

وسألت «الجمهورية» باسيل عن هذا التأخير، فأكّد مجدّداً أنّه «فاتحَ الرئيس سلام أكثر مِن مرّة بالمراسيم التطبيقية، والكلّ ينتظر دعوةَ اللجنة الوزارية».

وفي الموضوع ذاته أبلغَت مصادر وزارية «الجمهورية» قولَها إنّ رئيس الحكومة «تبلّغَ من عدد من الوزراء في الآونة الأخيرة أن ليس هناك أيّ اتّفاق بمعنى أنّ هناك نصّاً أو بنوداً أو ما شابَه ذلك، وليس هناك افتئات على صلاحيات مِن أيّ مستوى على أيّ مستوى، ولا يوجد أيّ تجاوُز مِن أيّ سلطة لأيّ سلطة، بل كلام عام حول ملفّ مهمّ صار من الواجب السير به وأخذُه إلى مدار التنفيذ».

فتفت لـ«الجمهورية»

وحول الملف ذاته قال النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: «في الحقيقة، لا أحد يعرف شيئاً أو يَعلم علامَ اتّفقوا وعلامَ اختلفوا؟ هناك فريقان اتّفَقا، ومعنى ذلك أنّ التعطيل كان خلال السنوات الثلاث الماضية عند أحدهما. أن يتّفقوا على موضوع النفط أمرٌ جيّد، لكنّ الإخراج كان سيئاً وأوحى بوجود محاصَصة».

تخوُّف كتائبي

وتخوَّفَ حزب الكتائب من أن يكون ملف النفط والغاز على غرار باقي الملفات، موضعَ صفقات سياسية ثنائية أو متعدّدة الأطراف، ما يؤشّر إلى وجود مصالح مباشرة للأفرقاء السياسيين في لبنان، خصوصاً في مرحلةٍ تغيب فيها الرقابة الدستورية والقضائية، كما في مرحلة الفراغ الرئاسي وتعطيل المجلس النيابي، في ظلّ حكومة «مرِّقلي تمرِّقلك»، العاجزة عن معالجة أبسط الملفات كملفّ النفايات من دون سمسَرة وصفقات.

جنبلاط لـ«الجمهورية»

من جهة ثانية، شكّلت زيارة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى بكركي حدثاً بارزاً انطوى على محاولة لكسر حلقة المراوحة التي تأسر الوضعَ الداخلي على كلّ المستويات.

وفيما أكّد جنبلاط لـ«الجمهورية» على الجوّ الودّي مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وعلى إيجابيات المحادثات بينهما، شدّد على ضرورة الوصول إلى تسوية رئاسية بصرفِ النظر عن اسمِ الرئيس، مع التعويل على جلسات الحوار في آب، التي دعا إليها الرئيس برّي، ذلك أنّ «هذه التسوية برأيي تشكل الباب الرئيسي للخروج من الأزمة الراهنة». واللافت للانتباه أنّ موقف جنبلاط لقيَ صدىً إيجابياً في عين التينة التي ترى ان باب آب مفتوح لولوج «باب التسوية» إن صفت النوايا.

وعلمت «الجمهورية» أنّ جنبلاط أرادَ طوال اللقاء التأكيدَ على ختمِ جرح الجبل، والتشديدَ على العيش المشترك والمصالحة المسيحية - الدرزية، وعدم تكرار تجارب حروب الجبل بين الموارنة والدروز. وفي ما يتعلّق بالشقّ السياسي والرئاسي، أكّد جنبلاط للراعي أنّه ليس خائفاً أبداً من التفاهم المسيحي ـ المسيحي، وخصوصاً في ملفّ رئاسة الجمهورية.

دعم أميركي للجيش

على صعيد آخر، بَرزت في الساعات الماضية زيارةُ قائد القوات البرّية في القيادة الوسطى الأميركية الجنرال مايكل غاريت لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وفيما أعلن أنّ البحث الذي تمّ في حضور السفيرة الأميركية الجديدة اليزابيت ريتشارد تناوَل العلاقات الثنائية بين جيشَي البلدين، وسُبلَ تفعيل برامج المساعدات العسكرية الأميركية المقرّرة للجيش اللبناني، علمت لـ«الجمهورية» أنّ المسؤول العسكري الأميركي جَدّد تأكيدَ الدعم الأميركي للمؤسسة العسكرية والتوجّه نحو زيادة المساعدات المقرّرة لها، والحِرص على استقرار لبنان ومنع تفَلّت الأمن فيه. وأشاد بالجهود التي يبذلها الجيش والإنجازات التي يحقّقها في حربه على الإرهاب».

 

اللواء :

رسمياً، قرّر مجلس الوزراء «الأخذ باقتراح وجوب إقرار الموازنة العامة للعام 2017، وفقاً للأصول وخلال المهل الدستورية»، لكن عملياً لم تنته مشكلات التقرير الذي قدمه وزير المال علي حسن خليل، والذي أخذ مجلس الوزراء بدعوته لإقرار الموازنة، ضمن مخرج دستوري يستند إلى المادة 86 من الدستور التي تفسح المجال امام رئيسي الجمهورية والحكومة لإصدار الموازنة بمرسوم إذا تقاعس المجلس النيابي عن اقرارها ضمن المهلة الاستثنائية التي يمكن أن تمتد إلى عقد استثنائي ينتهي في 31 كانون الثاني.
ومن الثابت أن الرئيس تمام سلام تبنى هذه الوجهة من زاوية مادة دستورية أخرى، هي المادة 62 والتي تنص: «في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء»، فمجلس الوزراء الذي ينوب عن رئيس الجمهورية مع الرئيس سلام، بإمكانه وفق اجتهادات دستورية وقانونية، إصدار الموازنة بمرسوم «يجعل بموجبه المشروع (مشروع الموازنة) بالشكل الذي تقدّم به إلى المجلس مرعياً ومعمولاً به، مع مراعاة المحاذير التي تمنع استعمال هذا الحق».
وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن هناك فصلاً ما بين إنجاز مشروع موازنة 2017 الذي تعهد الوزير خليل بانجازه في وقت ليس ببعيد، على ان يُقرّ في مجلس الوزراء قبل احالته إلى مجلس النواب مع بدء عقد تشرين الاول العادي، لمناقشة الوضع المالي حيث يفترض أن تعود الحكومة في جلسات متتالية إلى معاودة البحث فيه بعدما بات انه لم يعد مرتبطاً باعتبارات مالية فقط، بل بأمور سياسية ومالية واقتصادية.
وفي الآلية المقترحة لإقرار الموازنة، يتعين على المجلس النيابي أن يقرها قبل نهاية السنة الحالية، وإذا لم يقرها المجلس لسبب من الأسباب يتعين على الحكومة كشرط لاصدارها بمرسوم فتح دورة استثنائية تستمر حتى نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة وعليه، فإذا لم يُقرّ المجلس في العقد الاستثنائي المخصص لإقرار الموازنة، يمكن عندئذ للحكومة أن تصدرها بمرسوم، على ان تقدم قبل بداية العقد العادي بـ15 يوماً على الأقل.
وسيتعين على وزير المال إنجاز الموازنة في مهلة أقصاها الأوّل من أيلول، حتى يمكن الاستفادة من الآلية الزمنية الدستورية التي يمكن أن يسلكها مسار إقرار الموازنة.
والسؤال: ماذا يترتب عن إقرار موازنة الـ2017 مع العلم أن سائر الموازنات الأخرى بقيت من دون إقرار، وماذا عن قطع الحساب قضية الـ11 مليار دولار التي يثيرها الوزير خليل بين الفينة والفينة.
ووفقا لمصادر وزارية، فان إقرار الموازنة هل بات يعتبر من تشريع الضرورة؟ وماذا يترتب عن صدورها بمرسوم في حال لم يُصرّ إلى انتخاب رئيس في فترة زمنية لا تتجاوز 22 تشرين الثاني الذي يصادف عيد الاستقلال، وتبذل جهود حثيثة لعدم استمرار الشغور الرئاسي بعد هذا التاريخ.
وتبدي هذه المصادر تشكيكها بأن تساعد الظروف السياسية على إنجاز الموازنة التي باتت مرتبطة بملف النفط، والرهان المالي على مداخيله، لإطفاء الدين المتراكم، وفي ضوء الموقف المنقول عن زوّار عين التينة من انه لم يخف استياءه من فرملة هذا الملف وتسييسه، مشيراً إلى ان أي تأخير في تلزيم بلوكات النفط في الجنوب او في الشمال يشكل خدمة غير مباشرة لإسرائيل.
ويأتي موقف برّي هذا، بعد الموقف المنسوب إلى الرئيس سلام من انه لن يدعو اللجنة الوزارية الخاصة بملف النفط إلى اجتماع قبل إنجاز الملف ومقاربته بشكل واضح وشفاف، داعياً إلى استكمال كل المعطيات، وإبعاد الملف عن المزايدات والمواقف السياسية.
وعلمت «اللواء» من مصادر تعمل على خط تذليل العقبات أو الاعتراضات أن هذا الملف إذا لم يحسم فانه سيطرح على جلسات الحوار في الأيام الثلاثة في 2 و3 و4 آب.
السفير عسيري
في هذا الوقت, جدّدت المملكة العربية السعودية دعمها للبنان واقتصاده، وفصل قطاع الإنتاج عن الأزمات السياسية، والابتعاد عن أياد الشر التي تتربّص بالمنطقة ولبنان.
وأكد سفير المملكة علي عواض عسيري في عشاء تكريمي أقامه على شرفه مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية مساء أمس في فندق «الفورسيزنز» أعلن خلاله المجلس إهداء المملكة مساحة هكتار من أرض محمية أرض الشوف وتخصيصها كواحة تحت إسم «واحة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود» رمزاً للصداقة اللبنانية - السعودية، أكد أن «المملكة التي لطالما فتحت قلبها وذراعيها للأشقاء اللبنانيين ووقفت إلى جانب لبنان كانت وستبقى بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الدولة الأكثر حرصاً على هذا البلد الشقيق وأبنائه الطيّبين