ما زال الوضع في تركيا غامضا , وتداعيات الانقلاب  مستمرة , وخلايا إرهابية في لبنان مستعدة

السفير :

قد لا تتكشف قريبا حقيقة ما جرى منذ مساء الجمعة حتى انكسار «الانقلاب الغامض» بعد ذلك بساعات. شيئان مؤكدان الآن، أن هيبة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اهتزت بقوة، تماما كحال المؤسسة العسكرية التي نُكِّل بأفرادها وضباطها في الشوارع، وطأطأ جنود الجيش رؤوسهم امام مسلحي النظام، وامام عدسات الكاميرات ليشاهدهم كل العالم.
لا اردوغان غدا سيكون مثلما كان قبل ساعة الصفر لمحاولة الانقلاب الغريبة، ولا الجيش الذي ظل يوصف بأنه حامي علمانية الجمهورية التركية، سيكون مهاب الجانب بعد اليوم. سيحتاج اردوغان الى سلسلة من الخطوات القاسية لترميم نفسه، وسلطته. التلويح بعودة المشانق قريبا، يبدو الآن الخيار الامضى للرئيس المتباهي بسنوات حكمه الطويلة، والمتهم بالبطش بكل خصومه، في الميادين الإعلامية والسياسية والبرلمانية والحزبية والعسكرية والامنية والاقتصادية.
انقلاب الهواة يوم الجمعة وسرعة اندحارهم، سيوفران لاردوغان كل الذخيرة التي يحتاجها للتنكيل بمن سيقف امامه بعد اليوم. لم يتعود اردوغان التراجع امام خصومه الداخليين، وكل التقديرات تشير الى انه سيذهب بعيدا في اقتلاع مَن تبقى منهم.
وسيظل العديد من الاسئلة المحيرة بلا اجوبة شافية. لماذا تأخرت واشنطن في التنديد بالمحاولة الانقلابية. لماذا لمَّح وزير العمل التركي سليمان سويلو الى دور اميركي في «المؤامرة»، ما استدعى نفيا من وزير الخارجية الاميركي جون كيري؟ ولماذا تأخرت العواصم الاوروبية الكبرى بالتنديد بالمساس بديموقراطية الحكم في انقرة؟ باريس التي انتقدت امس عمليات التطهير والقمع التي يقوم بها اردوغان، اغلقت يوم الاربعاء الماضي سفارتها في انقرة وقنصليتها في اسطنبول لاسباب امنية لم توضحها! ولماذا انتظر حلف شمال الاطلسي ساعات حتى انجلاء رجحان كفة اردوغان فجر السبت، ليخرج ببيان يؤيد شرعية مواجهة الانقلاب؟
وحتى الآن، تُردِّد السلطة التركية معزوفة تورط الزعيم الاسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وذلك منذ الساعة الاولى لـ«التمرد ـ الانقلاب» ليل الجمعة، لكن الصورة الحقيقة لمنفذي الانقلاب لم تتضح بعد ثلاثة ايام على بدء المسلسل التركي الخاطف. اردوغان يحث انصاره على البقاء في الشوارع حتى يوم الجمعة المقبل لان التهديد لم ينتهِ! لكن كثيرين يتساءلون، مَن خَطَّط للانقلاب؟ ولماذا ظهر للجميع منذ الساعات الاولى ان الانقلابيين لم يُحكِموا الإمساك بزمام الامور؟ وكيف ظلت غالبية وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي شغالة؟ وكيف يُنَظَّم انقلاب في بلد كتركيا من دون ضمان مشاركة قطاعات اساسية في الجيش؟ وكيف تسنى لقوات الشرطة وبمساندة مسلحين موالين للحزب الحاكم، ان تهزم العسكريين في اكثر من موقع؟ وكيف يمكن لعاقل ان يقدم على محاولة انقلابية ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجميع الوزراء يتجولون احرارا؟ الاسئلة المحيرة كثيرة، وهي لا تتوقف هنا، ولا يعتقد انها ستتوقف في الايام والاسابيع المقبلة.
لكن من بين الخلاصات الاولى ان «السلطان» اردوغان، المطعون في هيبته، سيعود اكثر سطوة. وكما اظهرت المشاهد الكثيرة الآتية من تركيا، ان انصار اردوغان من الاسلاميين مارسوا الكثير من عمليات التنكيل والقتل، وان القوة الانقلابية، لم تظهر الحزم الكافي امام مَن يُفترض بها اقتلاعهم في دولة تمدد فيها اردوغان وانصاره في مختلف ميادين البلاد. لكن ليلة الجمعة، ستترك ندوبا كثيرة في الجسم التركي، ولعل المشانق ستفتح المزيد من الجروح في ذاكرة الاتراك، ولن تكون شافية للاحتقان الذي اعتمل في جسد هذه البلاد طويلا.
والى جانب حملة الاعتقالات التي طالت اكثر من ستة آلاف شخص، من الجنود والضباط والقضاة والمدعين العامين، توعد اردوغان بعودة عقوبة الإعدام التي يفترض انه توقف العمل بها في تركيا منذ العام 1984. وكأن احفاد عدنان مندريس يعودون الآن بعد خمسين سنة، للانتقام لإعدامه من قبل الجيش!

اردوغان
مخاطبا انصاره في اسطنبول الذين طالبوا بإعدام الانقلابيين، قال اردوغان «كحكومة وكدولة، نحن نصغي لطلبكم هذا ولا يمكن ان نتجاهله.. في (دولة) ديموقراطية، ما يطلبه الناس سيحصلون عليه.. ولا يمكن ان نؤخر كثيرا هذا القرار، لأنه في هذه البلاد، على من ينفذون انقلابا ان يدفعوا الثمن».
واضاف الرئيس التركي: «اعتقد ان حكومتنا ستبحث الامر مع المعارَضة، وسيتم اتخاذ قرار بلا ادنى شك».
وتعهّد اردوغان بالقضاء على «الفيروس» المُنتشِر داخل الدولة في إشارة إلى «الكيان الموازي» التابع للداعية فتح الله غولن. وأوضح: «سنُواصل تطهير كل مؤسسات الدولة من الفيروس... هذا الفيروس ويا للأسف، مثل السرطان، انتشر في الدولة برمتها». وأكد اردوغان أنه ستتمّ مراسلة الولايات المتّحدة وأوروبا عن طريق وزارتَي العدل والخارجية للمطالبة بغولن وأتباعه، مشيراً إلى أن الدولة التركية والحكومة ستتمكّنان من «الدخول إليهم في جحورهم وأوكارهم كما فعلت مع عناصر حزب العمال الكردستاني».
وطالب اردوغان أنصاره بمواصلة الاحتجاج على محاولة الانقلاب في الشوارع والميادين العامة حتى يوم الجمعة، قائلاً إن التهديد الذي يُواجهه «لم ينتهِ تماماً».
وكان غولن يشكك بـ «صدقية» الانقلاب، مرجِّحاً أن يكون «انقلاباً مُفتعلاً من تخطيط أردوغان لتثبيت حُكمه وتوجيه اتهامات قضائية واستهداف جمعيات». وقال لصحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية امس الاول إن «بعض القادة يُدبِّرون هجمات انتحارية وهمية لتعزيز دعائم حكمهم، وهؤلاء يسري في مخيلتهم مثل هذا النوع من السيناريوهات».
وقال غولن: «بصفتي شخصا عانى في ظلّ انقلابات عسكرية عدّة خلال العقود الخمسة الماضية، فإن من المهين للغاية أن أُتَّهَم بأن يكون لي أي صلة بمثل هذه المحاولة. أنفي مثل هذه الاتهامات بشكل قاطع».
ورداً على اردوغان تسليم غولن، قال كيري إن واشنطن ستُقيّم «الطلب الرسمي المرفق بالأدلة، الذي ستُقدِّمه تركيا بخصوص استعادة غولن»، مشيراً إلى أنّ بلاده «لا تُخفي أحداً، وأنها تنتظر من أنقرة أدلة دامغة تُثبت تورّط غولن في محاولة الانقلاب، كي تقوم بإعداد الأرضية القانونية لعملية الإعادة».
وأضاف كيري أن التلميحات العلنية بوجود دور للولايات المُتّحدة في الأمر «خاطئة تماماً» وتُضرّ بالعلاقات، وذلك بعدما لَمَّح وزير العمل التركي سليمان سويلو إلى أن واشنطن لعبت دوراً في «المؤامرة».

حملة «تطهير»
وحتى الآن، قُتل اكثر من 290 شخصا في محاولة الانقلاب وفق ما اعلنت الخارجية التركية. واوضح البيان انه قتل «اكثر من مئة انقلابي و190 من مواطنينا» على الاقل.
اكثر من ستة آلاف معتقل حتى الآن، بينهم أكثر من 1500 في صفوف الجيش، بينهم عقداء وجنرالات. ومن بين المعتقلين قائد الفيلق الثالث في الجيش إردال أوزتورك، وعضو المحكمة الدستورية ألب أرسلان ألطان. كما تم إيقاف قائد القوات الجوية التركية السابق، الجنرال أكين أوزترك، وقائد عام الجيش الثاني اللواء آدم حدوتي، ورئيس أركانه عوني آنغون، في ولاية ملاطية وسط البلاد.
ومن بين المعتقلين ايضا آلاف القضاة والمدعين العامين. ومن بين المعتقلين كبير المُستشارين العسكريين للرئيس التركي علي يازجي. وتمّ توقيف جنرال رفيع المستوى في سلاح الجو هو بكير ارجان فان و12 ضابطاً في قاعدة «انجرليك» (جنوب) التي يستخدمها «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن في غاراته ضدّ «داعش» في سوريا والعراق. وأوقفت الشرطة التركية، سبعة من العاملين في قيادة القاعدة الجوية الثالثة في ولاية قونية (وسط) بينهم قائد الطلعات الجوية مصطفى إرتورك.
قلق دولي
ومع أن كبريات العواصم العالمية عبّرت عن دعمها لاردوغان «المُنتخب ديموقراطياً»، فإنها أبدت قلقها من طريقة استغلال الانقلاب من قبل أنقرة.
وذكّر الرئيس الأميركي باراك أوباما تركيا «بالحاجة الحيوية» إلى أن يتصرّف جميع الأطراف المعنيين «في إطار دولة القانون» بعد محاولة الانقلاب.
وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت بـ «احترام دولة القانون» في تركيا، معتبراً أن الانقلاب لا يُعطي «شيكاً على بياض» للرئيس التركي من أجل تنفيذ حملة «تطهير»، وهي مخاوف لم يُشاركه إياها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي «امل في العودة إلى النظام الدستوري والاستقرار سريعاً»، طالباً من أنقرة تأمين سلامة السيّاح الروس.
ورأت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني أن «احترام القانون ودولة القانون والديموقراطية يُشكّل أفضل وسيلة لمواجهة الصعوبات التي تعيشها تركيا مع الحرب على حدودها ومأساة الإرهاب وضرورة تعزيز الانسجام الاجتماعي والحوار السياسي».
ودعا وزير خارجية النمسا سيباستيان كورز أنقرة إلى الابتعاد عن «سوء استخدام» الانقلاب الفاشل و «عدم منح التعسّف تفويضاً على بياض».

النهار :

انتهت محاولة الانقلاب العسكري في تركيا لكن مفاعيلها لم تنته. ولم يتأخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الرد، إذ اوقفت السلطات التركية مئات الجنرالات والقضاة والمدعين في انحاء البلاد بتهمة دعم المحاولة، في ما يبدو انه عملية تطهير واسعة أثارت ردود فعل غربية حازمة.

 

وتعهد الرئيس التركي الاسلامي المحافظ القضاء على "الفيروس" المنتشر داخل الدولة، متحدثاً أمام حشد من انصاره في مسجد الفاتح خلال تكريم لضحايا محاولة الانقلاب. وقال: "سنواصل تطهير كل مؤسسات الدولة من الفيروس... هذا الفيروس، ويا للاسف، مثل السرطان، انتشر في الدولة برمتها"، داعياً انصاره الى البقاء في الشارع للتظاهر تأييدا للنظام. وتحدث عن احتمال اعادة العمل بعقوبة الاعدام في تركيا التي الغيت عام 2004 في سياق ترشح تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، وذلك بغرض التصدي لهذا "الفيروس" المتآمر. وأضاف: "في الديموقراطيات القرار هو ما يريده الشعب... ولا يمكن ان نؤخر كثيراً هذا القرار لانه في هذه البلاد على من ينفذون انقلابا ان يدفعوا الثمن".
وشارك اردوغان في جنازة أحد رفاق دربه الذي قتل مع ابنه خلال محاولة الانقلاب الفاشلة. ومع ان المعروف عن اردوغان تحكمه عموماً بمشاعره، لم يتمكن من حبس دموعه عندما كان يرثي داخل مسجد على الضفة الاسيوية لاسطنبول صديقه الذي كان يعمل في مجال الاعلانات والذي قتل مع ابنه البالغ من العمر سنة ليل الجمعة - السبت على ايدي الانقلابيين.
وأفادت وكالة "انباء الاناضول" شبه الرسمية ان مساعد اردوغان الكولونيل علي يازجي اعتقل في اطار التحقيق في محاولة الانقلاب.
وصرح وزير العدل بكير بوزداغ بان "عملية التطهير مستمرة" كما نقلت عن "انباء الاناضول" تعليقاً على حملة التوقيفات الجارية، وقال: "هناك زهاء ستة آلاف موقوف".
وانتهى الانقلاب فجر السبت بعد ليل شهت أعمال عنف أدت الى مقتل أكثر من 290 شخصاً. وأعلنت وزارة الخارجية التركية مقتل "اكثر من مئة انقلابي و190 من مواطنينا" على الاقل.
وأوضح مسؤول تركي ان مواجهات دارت ليلاً بين قوى الامن التركية وجنود انقلابيين في قاعدة قونيا الجوية بوسط البلاد، حيث كانت تجري عملية لقوات الشرطة. وأعلنت "أنباء الاناضول" أن العملية انتهت واعتقل سبعة عسكريين.
وقال مسؤول تركي ان رجال الشرطة اطلقوا رصاصات تحذيرية في مطار صبيحة ثاني اهم مطارات اسطنبول خلال عملية توقيف انقلابيين آخرين استسلموا في آخر المطاف.
ودعا الوزير التركي للشؤون الاوروبية عمر تشيليك الاتراك الذين نجح النظام في تعبئتهم على نطاق واسع خلال محاولة الانقلاب، الى البقاء في الشارع للاحتفال بهذا "النصر للديموقراطية".
وخلال الليل احتشد أنصار إردوغان في الساحات العامة وفي مطار اسطنبول وخارج القصر الرئاسي في نوع من التحدي.
ورحبت وسائل الاعلام على اختلافها بفشل الانقلاب.
وطالب اردوغان واشنطن بتسليم عدوه اللدود الداعية فتح الله غولين، فيما اتهم وزير العمل في حكومته سليمان سويلو الولايات المتحدة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية. وقال: "الولايات المتحدة تقف وراء هذا الانقلاب. بعض المجلات الصادرة هناك تنشر معلومات (في هذا الاتجاه) منذ بضعة أشهر. الولايات المتحدة ملزمة تسليمنا فتح الله غولين".
لكن وزير الخارجية الاميركي جون كيري صرح بأن تركيا في حاجة إلى تقديم دليل وأساس قانوني قوي لترحيل غولن. وقال إن الولايات المتحدة لم تكن تملك معلومات استخبارية سابقة عن محاولة انقلاب.
واكد إن محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا لن تعطل معركة الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وكانت تركيا الحليفة الرئيسية لواشنطن في المنطقة قد سمحت للولايات المتحدة باستخدام قاعدة جوية في إنجيرليك لشن هجمات على التنظيم المتشدد.
وأوقفت الحكومة التركية هذه العمليات الجوية موقتا على الأقل بعد محاولة الانقلاب.
ونقلت قناة "ان تي في" التلفزيونية عن بيان للقوات المسلحة التركية أنه تم تحييد محاولة الانقلاب على الحكومة وأن الجيش رهن إشارة الدولة والشعب. وأضاف أن الشعب التركي اضطلع بالدور الأكبر في إحباط محاولة الانقلاب.

قلق دولي
وأثارت عملية التطهير قلقاً بالغاً في الغرب وردود فعل حازمة. وذكر الرئيس الاميركي باراك اوباما تركيا "بالحاجة الحيوية" الى ان يتصرف جميع الاطراف المعنيين "في اطار دولة القانون" بعد محاولة الانقلاب.
وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت باحترام دولة القانون في تركيا، معتبراً ان الانقلاب لا يعطي الرئيس التركي "شيكاً على بياض" من أجل تنفيذ حملة "تطهير".
وهي مخاوف لم يشاطره اياها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي "أمل في عودة النظام الدستوري والاستقرار سريعاً"، طالباً من انقرة تأمين سلامة السياح الروس.

 

المستقبل :

مع حلول ساعات مساء أمس، كانت قوات الأمن التركية تصفّي آخر جيوب الانقلابيين في وسط البلاد وفي العاصمة الاقتصادية اسطنبول، فيما كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يطالب الشعب بالبقاء في الشارع أسبوعاً دعماً لحكومته. ولفت اتصال قام به العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس التركي مهنئاً بعودة الامور إلى نصابها في البلاد، ومؤكداً «ترحيب المملكة العربية السعودية باستتباب الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق».

فقد شدد الرئيس التركي على ضرورة مواصلة المواطنين مواقفهم الداعمة للشرعية وبقائهم في الميادين خلال الأسبوع الجاري، قائلا: «هذا الأسبوع بالذات يعد مهماً للغاية، لن نغادر الميادين، فأنتم من سيملؤها، وسنواصل طريقنا بشكل حازم».

وأضاف في كلمة له خلال مشاركته في تشييع عدد من ضحايا محاولة الانقلاب العسكري، في جامع الفاتح بإسطنبول، قوله إن «شعبنا بمجرد دعوة ونداء وجهناه له ملأ شوارع وساحات كل المدن، وأخمد محاولة الانقلاب».

وفي معرض تعليقه على هتافات المشيعين للجنازات المطالبة بإعادة عقوبة الإعدام لتنفيذها بحق الانقلابيين الذين خانوا الأمانة، أضاف أردوغان «في الديموقراطيات لا يمكن تجاهل مطالب الشعب، هذا حقكم، وهذا الحق ستتم دراسته دستوريًّا واتخاذ القرار بشأنه لدى الجهات المعنية. تخلينا حتى اليوم عن العواطف، واتخذنا قراراتنا بعد التفكير ملياً. والآن سنقدم على هذه الخطوة بنفس الطريقة وبغاية الإيجابية«.

وتابع في ذات السياق «لسنا انتقاميين، والله هو العزيز المنتقم. لهذا علينا الإقدام على خطواتنا بالتفكير والعقل والعلم والخبرة بعيدًا عن الشعارات«. وقال إن «حركة من لم ترقهم وحدة بلدنا ولحمة شعبنا من أجل السيطرة على دولتنا، تحولت إلى عمل مسلح في 15 تموز بأمر من عقول مدبرة«.

وأشار الرئيس التركي إلى أن عمليات الاعتقال والتوقيف والإبعاد التي طالت أعضاء السلك القضائي في عموم تركيا «ضرورية لكنها غير كافية«.

ولفت أردوغان، إلى استمرار العمليات بجميع مؤسسات الدولة لإزالة ما سماه بالـ«الفيروسات« (منتسبي منظمة فتح الله غولن)، التي تغلغلت في جميع أجهزة الدولة كالسرطان»، مضيفاً «بدأت المنظمة تتساقط وتتهاوى«.

وأكد أردوغان أنهم اقتحموا أوكار المنظمة بشكل فعلي، مضيفا «في الوقت الراهن سنطالب أميركا ودول الغرب، بشكل مكتوب عبر وزارتي العدل والخارجية، بتسليم هؤلاء (غولن ومناصريه)، وسنرى مواقفهم«.

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر من مساء أول من أمس محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة في الجيش، تتبع منظمة «الكيان الموازي» الإرهابية حسبما تؤكد الحكومة التركية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان شطري مدينة إسطنبول، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، وفق تصريحات حكومية وشهود عيان.

وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية، حيث توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان، ومديريات الأمن، ما أجبر آليات عسكرية حولها على الانسحاب، مما ساهم في إفشال المحاولة الانقلابية.

وقال وزير العدل التركي بكر بوزداغ إن عملية تطهير العناصر الإنقلابية بالجيش متواصلة، مشيرًا إلى توقيف نحو 6 آلاف عسكري، ومن المحتمل ارتفاع عددهم، على خلفية تورطهم في محاولة انقلاب فاشلة شهدتها تركيا.

جاء ذلك في حوار أجراه الوزير التركي مع التلفزيون الرسمي للدولة «تي آر تي«، أشار فيه الى أن «تركيا نجت من خطر وتهديد كبيرين«. وبيّن بوزداغ، أن «(فتح الله) غولن يقف وراء المخطط الانقلابي«، مشيدًا بدور الإعلام التركي، بكافة أطيافه الداعم للحكومة والمعارض، في دحر المحاولة الانقلابية، على حد تعبيره.

وأوضح بوزداغ، أن «حماية الولايات المتحدة، لغولن، سيضرّ بموقفها وسمعتها»، معربًا عن اعتقاده أنها «لن تواصل حماية شخص يستهدف تركيا«. وأضاف، «وإن فعلت عكس ذلك، فإنها لن تستطيع تبرير ذلك لمواطنيها الذين يؤمنون بحقوق الإنسان، والمواطنين الأتراك، وهذا يضعف من موقفها واعتبارها«.

وتابع «لقد قمنا بإعداد ملفات بخصوص إعادة غولن إلى تركيا، إلى جانب أدلة بصدد جمعها من إفادات المتورطين في محاولة الانقلاب الأخيرة»، مستدركًا «إلا أن ذلك لا يمنع مطالبتنا بإعادته من الناحية السياسية«.

وبعد انذار الانقلابيين بأنهم «سيدفعون ثمنا باهظا»، نفذت الحكومة تهديدها ببدء حملة توقيفات واسعة النطاق في كل انحاء البلاد واوقف نحو ثلاثة الاف جندي وعشرات الجنرالات والقضاة والمدعين بحسب الاعلام.

واعلن تلفزيون «ان تي في» توقيف 34 جنرالا برتب مختلفة حتى الساعة، غالبيتهم من الشخصيات الشديدة الرمزية في الجيش على غرار قائدي الفيلق الثالث اردال اوزتورك والفيلق الثاني المتمركز في ملاتيا ادم حدودي.

كذلك اعلنت وكالة انباء الاناضول توقيف قائد حامية دنيزلي (غرب) الى جانب 51 جنديا في وقت مبكر صباح الاحد.

وأوقف ايضا الجنرال بكير ارجان فان من سلاح الجو الى جانب نحو 12 ضابطا من رتب ادنى السبت في قاعدة انجرليك (جنوب) التي يستخدمها التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» في سوريا، على ما ذكرت صحيفة «حرييت» مضيفة انهم يخضعون حاليا للاستجواب.

وافاد مسؤول تركي ان انقرة تشتبه باستخدام قاعدة انجرليك لامداد الطائرات المقاتلة التي استخدمها الانقلابيون مساء الجمعة.

وذكرت وكالة انباء الاناضول القريبة من الحكومة ان مساعد الرئيس رجب طيب اردوغان قد اعتقل في اطار التحقيق حول محاولة الانقلاب الفاشلة. واضافت الوكالة ان نيابة انقرة طلبت وضع الكولونيل علي يازجي، مساعد اردوغان منذ 12 آب 2015، والمقرب بصفته هذه من الرئيس، في الحبس على ذمة التحقيق.

وبحسب قناة «سي ان ان تورك» الاخبارية فإن يازجي كان في انقرة عند وقوع محاولة الانقلاب في حين كان اردوغان في اجازة في مرمريس جنوب غربي البلاد ومنها اتجه الى اسطنبول.

وقال بيان لوزارة الخارجية التركية إن عدد القتلى من محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد زاد على 290 مضيفا أن عدد المصابين أكثر من 1400. وتابع أن بين القتلى أكثر من مئة شاركوا في محاولة الانقلاب وأنه ما من شك في أن المحاولة الانقلابية دبرها أتباع رجل الدين فتح الله غولن الموجود في الولايات المتحدة.

واضافت الاناضول ان الحملة لم تقتصر على الجيش، لافتة الى صدور مذكرات توقيف بحق 2745 قاضيا ونائبا عاما في كل انحاء تركيا. واكد تلفزيون «ان تي في» توقيف اكثر من 500 منهم حتى الان.

وفي ظل صعوبة تحديد عدد الموقوفين الاجمالي، تحدثت وكالة دوغان من جانبها عن توقيف 44 قاضيا ومدعيا ليل السبت - الاحد في مدينة قونيا (وسط) و92 في غازي عنتاب (جنوب شرق).

وطالب اردوغان واشنطن بتسليم عدوه اللدود، فيما ذهب وزير العمل في حكومته سليمان سويلو ابعد من ذلك، متهما الولايات المتحدة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية. وقال «الولايات المتحدة تقف وراء هذا الانقلاب. بعض المجلات الصادرة هناك تنشر معلومات (في هذا الاتجاه) منذ بضعة اشهر. الولايات المتحدة ملزمة بتسليمنا فتح الله غولن». 

وأفاد مسؤول تركي ان مواجهات اندلعت مساء بين قوات الامن التركية وجنود انقلابيين في قاعدة قونيا الجوية في وسط البلاد، حيث كانت تجري عملية لقوات الشرطة. وافادت وكالة انباء الاناضول ان العملية انتهت مضيفة انه تم اعتقال سبعة عسكريين.

الديار :

هل خلية الاوزاعي الوحيدة التي زرعها تنظيم الدولة الاسلامية في نقاط محورية وحساسة لتقطيع اوصال بعض المناطق، وفي اوقات متزامنة، لتستتبع ذلك تفجيرات داخلية بعضها مبرمج وبعضها عشوائي، لنشر الفوضى الامنية والمذهبية في لبنان؟
مطران بارز يقول لـ «الديار» ان الاوروبيين، وبينهم الفرنسيون بطبيعة الحال، يحاولون، بقليل من المال، وبالكثير من المواقف التلفزيونية، ان يغسلوا ايديهم من الكارثة التي يمثلها النازحون الذين لا مجال لعودتهم الى بلادهم لأن كل المؤشرات تدل على ان سوريا ربما تكون مقبلة على جراحات ديموغرافية وجغرافية اشد خطورة بكثير من تلك التي حدثت حتى الآن.
المطران يلاحظ انه حتى الفاتيكان «الذي ندرك مدى حساسيته حيال هذه المشكلة الانسانية» لا يرفع صوته ويقول ان المشكلة لا يمكن ان تكون عنصرية او ان تكون طائفية، ولكن ثمة دولة، وتدعى لبنان، تختنق وربما تكون مهددة بزلزال من نوع اخر، فالدولة اللبنانية عاجزة عن ادارة 4 ملايين لبناني، كيف لها ان تتولى ادارة مليوني سوري وفلسطيني اضافيين؟
والمطران يضيف ان الكتلة النازحة لا يمكن ان تكون معزولة عن الخارطة السياسية، والخارطة المذهبية، وحتى الخارطة الايديولوجية في سوريا. والدليل ان الاجهزة الامنية توقف يوميا نازحين متورطين في الارتباط بـ «داعش» او بـ «النصرة» او بفصائل اخرى لا تقل عنها خطورة من حيث التطرف والاتجاهات الايديولوجية المتشددة.
جهات سياسية تلاحظ ان المراجع اللبنانية تعتمد اسلوب النعامة، وهو الاسلوب الذي طالما فجّر الاوضاع في لبنان ويهدد بتفجيرها مرات ومرات، لتلاحظ ان بين المراجع من يتجنب الحديث عن المخاطر كيلا يتهم بالطائفية، ومن يخفف من حدة الاحتمالات حتى لا يزعج جهات اقليمية تراهن على دور بالغ الاهمية للنازحين في الصراع المقبل حول الخارطة السياسية، الخارطة المستقبلية للبنان.
وبالطبع هناك مراجع اعتادت التعاطي مع الازمات برؤوس اصابعها، ودون ان تكون هناك رؤية استراتيجية لواقع النزوح، وكيفية معالجته، وخصوصا ان قيادات «داعش» «والنصرة» هي من الذكاء والدهاء بحيث تستثير التفاعلات النفسية وحتى المذهبية لاستقطاب الشبان وتوظيفهم في خدمتها.
وتقول الجهات اياها ان المشكلة باتت امنية بما تعنيه الكلمة، وبعدما تبين ان قيادات «داعش» هي من الحيوية بحيث تشكل خطرا حقيقياً على لبنان.
صناعة (وزراعة) الخلايا لم تتوقف. خطة «داعش» هي تفجير لبنان ليتسنى لها الاختراق، وبالتالي اقامة ولاية لبنان، والاطلالة المنتظرة على البحر الابيض المتوسط، وبالتالي تحويل لبنان الى صومال آخر ولكن على تخوم اوروبا...
والجهات المذكورة تقول ان احداً لا يشكك ا لبتة في ان النازحين السوريين هم ضحايا اعصار يضرب المنطقة، ودون ان يدري احد متى ينتهي هذا الاعصار وما هي مخلفاته، لكن المشكلة في لبنان مزدوجة. الطبقة السياسية بائسة في لبنان، لا كهرباء ولا ماء، ولا طرقات، فيما الرقابة على الاسواق فولكلورية، والفساد يضرب كل مفاصل الدولة.
هذا يعني ان لبنان لا بد ان ينوء تحت ذلك العبء الثقيل. مليونا نازح على مساحة 10آلاف كيلومتر مربع، وفي ظل وضع مالي واقتصادي يترنح، وهذا ما تظهره تقارير البنك الدولي، وتقارير صندوق النقد الدولي، اضافة الى تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية.
في هذه الحال، لبنان مهدد بالانهيار الاقتصادي وربما المالي اذا ما بقيت العشوائية، والتصدعات السياسية تعصف بالبلاد.
الى ذلك، هناك عواصم خارجية ترى في النازحين احتياطياً بشرياً، وحتى طائفياً، يمكن توظيفه في الوقت المناسب لدى اعادة تشكيل البنية السياسية والدستورية في لبنان.
تفكيك الخلايا قائم على قدم وساق. هذا يبين ان السلسلة لن تتوقف عند حدود ما دام هناك الفائض المالي، والفائض الايديولوجي، ناهيك بفائض اليأس.

ـ انتحاريو القاع والمخيمات ـ

هذا لا يحجب الحديث عن «الاهوال» داخل مخيم عين الحلوة، وربما داخل مخيمات اخرى بعدما اشارت الاستقصاءات والتحقيقات الى ان انتحاريي القاع كان يفترض ان يتوجهوا الى احد المخيمات الفلسطينية، ومن هناك يتم تأمين الدراجات النارية لهم لتنفيذ عمليات انتحارية متزامنة في ضاحية بيروت الجنوبية.
قد يكون حدث خلل لوجيستي جعل الثمانية يفجرون انفسهم بتلك الطريقة «شبه المجانية»، لتبقى العيون على المخيمات كما لو ان اللاجئين بحاجة الى كميات اضافية من البؤس، ولا يكفيهم ما حصل لهم في نهر البارد وفي اليرموك حيث فصائل معينة ومعروفة هي التي فتحت الباب امام مقاتلي «داعش» و«النصرة» ليتحول المخيم الى خراب...
عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية في حركة «فتح» والمكلف ملف فلسطينيي لبنان، جاء كما العادة لاجراء بعض الجراحات التجميلية وبأصابع مخملية، هل يعلم ان «فتح» اصبحت اكثر من «فتح» وان الصراع بين قادتها الذين سقطوا بمرور الزمن او سقطوا بمرور القضية، هو في ذروته، مع حصول اختراقات مثيرة داخل الحركة من قبل مجموعات او تنظيمات متطرفة.
واذا كان دور «حماس» معروفاً في اليرموك وغير اليرموك، فان المشكلة في «فتح» وفي مدى صدقية قياداتها والسيطرة على الوضع التي يدعيها ا للواء منير المقدح، فيما زملاء له في قيادة الحركة يؤكدون ان اكثر من نصفه مع الجماعات الاسلامية والباقي مع «فتح».

ـ داعشيون من عائلات فتحاوية ـ

ماذا يستطيع أن يفعل عزام الاحمد الذي يعلم ان لدى المسؤولين اللبنانيين الكثير مما يقولونه، ودون ان يأخذوا بتطمينات صبحي ابو عرب او فتحي ابو العردات. لديهم الكثير من المعلومات حول تجنيد عشرات الشبان لمصلحة «داعش»، والكثيرون منهم توجهوا الى الداخل السوري، وبعضهم ينتمي الى عائلات معروفة، تاريخياً، بأنها «فتحاوية».
ومعلومات كثيرة عن نشاطات «ابو بكر الشيشاني» العلني، ومعه هلال ابو هلال، في اجتذاب الفتيان والتوسع داخل المخيم، وبعدما وعد قادة الفصائل بتطويق نشاطات بلال بدر الذي يتنقل عناصره المدججون، وبصورة خاصة ليلاً، في بعض ارجاء المخيم المحسوبة او المقتطعة لفصائل محددة.

الجمهورية :

إرتدادات محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، شكّلت الجاذب الأساس للاهتمام الداخلي، ولبنان على كلّ مستوياته، منَح نفسه صفة المراقب للحدث التركي، ورصَد اتجاهات رياحه، وحركة التطوّرات التالية له، والمدى الذي قد تبلغه ارتداداته، وتأثيراتها الآنية واللاحقة، سواء على المسرح التركي، أو على الساحة الإقليمية. وقد يبدو الحدث التركي مرشّحاً للتفاعل داخلياً وإلى مدى زمني مفتوح على شتّى الاحتمالات، وقد تتخطّى ارتدادتُه الحدود وتصل إلى دول الجوار التركي وربّما أبعد. وإذا كان لبنان بعيداً نسبياً من الحدث التركي وارتداداته المباشرة، إلّا أنّ ذلك يشكّل حافزاً إضافياً لرفع مستوى الجهوزية الداخلية وبناء التحصينات الوقائية من العواصف، مهما كان نوعها وأياً كان مصدرها. إلّا أنّ الصورة الداخلية تشي بغير ذلك، وتُنذر باشتباكات سياسية على جبهتَي «سلّة بري» وملفّ النفط.

تؤشّر الساعة السياسية إلى أنّ الجلسات الثلاث المتتالية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بدءاً من الثاني من آب المقبل، قد أصبحت على مسافة أقلّ مِن أسبوعين، وسط أجواء غير مشجّعة ولا تنبئ بإمكان وصول الجلسات المحدّدة في 2و3و4 آب إلى الحلّ المنشود سياسياً، ورئاسياً وحكومياً وعلى مستوى القانون الانتخابي، بل حتى الآن ما زال الدخان قاتماً.

تلك الصورة السلبية تؤكّدها الأجواء السائدة مختلف القوى السياسية، حتى إنّ برّي لا يستطيع أن يعطي أملاً جدّياً في إمكان بلوغ حلول. ويلاحظ زوّاره عدمَ ارتياحه إلى نيّات المعرقلين الذين يَعتبرُ أنّهم يقومون بتعطيل الحلول خدمةً لـ«قانون الستين» ومحاولة فرضِه مجدّداً أمراً واقعاً، بما يُبقي الواقع السياسي على ما هو مِن الانقسامات والفروقات والمناكفات.

وردّاً على سؤال، قال برّي: «لقد قدّمتُ ما لديّ، ولن أستسلم، بل سأستمرّ بالبحث عن حلول، ويمكن أن نتجاوز كلَّ التعقيدات ونخرج بحلول إذا ما صَفت النيّات».

«توتّر نفطي»

من جهةٍ ثانية، انقطع حبلُ التفاؤل النفطي بشكل مفاجئ، ولاحَظ متابعون لهذا الملف بأنّه عاد إلى نقطة الصفر مع بروز فرملةٍ له، ربطاً بالتحفّظات التي أُبديَت حياله من بعض الفرقاء، بأنّ تفاهم عين التينة بين برّي و«التيار الوطني الحر»، تمَّ بمعزل عن القوى السياسية الأخرى، وكذلك بالتحفّظات التي أبداها رئيس الحكومة تمام سلام من أنّ هذا التفاهم لم يتمّ بصورة مثالية، مكملاً بذلك تحفّظات فريقه التي أكّدت أنّ هذا التفاهم يحتاج إلى توضيح واطّلاع القوى السياسية عليه.

وقال سلام أمام زوّاره أمس: «هذا الملف يحوط به الكثير من اللغط، وموقفي واضح وصريح، إنّه ملف وطني تقني بامتياز، يجب إبعاده عن المزايدات والمواقف السياسية. إنّها ثروة طبيعية نحتاج لاستثمارها بجهوزية ماليّة وفنّية وتجارية وإدارية كبيرة، لخوضها بخطى ثابتة وبرؤية واضحة غير مجتزَأة، لنعرف إلى أين يمكن أن نصل، ولذلك نعمل للوصول إلى مقاربة الملف بتوافق القوى جميعها، بما يضمن الشفافية».

وردّاً على سؤال، قال سلام: «لستُ منزعجاً، ولكنّني لن أدعو اللجنة الوزارية قبل تحقيق بعض الأمور. بالتأكيد إنّ ما حصَل (توافق عين التينة)، ليس الطريقة المثالية. وهمّي تحقيق التوافق بين الجميع حول الملفّ والاعتناء بمقاربته، واستكمال مستلزمات هذه المقاربة.

فالموضوع ليس قضية تحديد مربّعات وحسب، إنّما هناك أبعاد أخرى لها علاقة بمسار متكامل علينا المضيّ به برؤية مستقبلية واضحة وبقرار سليم، وأحاول تجميعَ كلّ هذه المستلزمات لخوضه بخطى واثقة وثابتة».

برّي : لن أسكت

إلّا أنّ رئيس مجلس النواب عبّر عن استيائه البالغ ممّا وصَفه التعطيل المتجدّد لملفّ النفط، معتبراً «أنّ وراء الأكمة ما وراءها» في هذا المجال، محذّراً من «أنّ تعطيل ملفّ النفط يشكّل خدمة لإسرائيل، «وأخشى أن تكون هناك أيادٍ خبيثة تعمل لمصلحة إسرائيل، وأن يكون هناك لبنانيون يتجاوبون مع هذا التعطيل، أنا لا أريد أن أتّهم أحداً، ولكنّني لا أفهم لماذا يُراد تعطيل النفط، بل لماذا يُراد خدمة إسرائيل»؟

ولفتَ برّي الانتباه إلى «أنّ الأمور كانت تسير بشكل طبيعي، إلّا أنّ هناك من تراجَع فجأةً، فهل تراجَع من تلقاء نفسه، أم أنّ هناك من ضغَط للتراجع والتعطيل؟ وقال: «هذا الموضوع شديد الأهمّية بالنسبة إلى لبنان، وبالتالي هو في منتهى الحساسية، وسيؤدّي هذا التعطيل المتجدّد له إلى مشكلة كبيرة في البلد، فليَعلموا أنّني لن أسكت، هذا الموضوع يجب أن يحصل لأنّ فيه مصلحةً حيوية للبلد».

خليل: النفط أولوية

وسألَ وزير المال علي حسن خليل: «هل يُعقل، منذ 3 سنوات ونحن ما زلنا نبحث عن تفاهم حول قانون النفط؟ وهل يُعقل عندما يُطلب منّا كقوى سياسية أن نتفاهم حول أيّ عنوان من العناوين، ومنها قانون النفط، وعندما نتّفق، يأتي مَن يقول لنا لماذا اتّفقتم وكيف اتّفقتم؟».

وقال: «مقاربتُنا لملف النفط، مقاربة وطنية خالصة، نريد من خلالها الإسراع والبدء في التنقيب عن النفط واستخراجه، إنّ هذا الأمر يشكّل أولوية ويفتح آفاقاً جديدة أمام البلد في كلّ المجالات السياسية والاقتصادية وفي العلاقات الدولية والمحلّية، ويعطي دفعاً نحو ارتباط الناس بوطنهم».

المستقبل... برّي

إلى ذلك، كانت لافتةً المقاربة الهادئة مِن شخصيات رفيعة المستوى في تيار «المستقبل» لموقف برّي. ووصَفت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ«الجمهورية» العلاقة مع الرئيس برّي بأنّها ممتازة، نافيةً وجودَ محاولات من أحد لوضعِ إسفينٍ بين الطرفين، ما خلا بعض إعلام 8 آذار».

قبّاني

ولفتَ في السياق، قولُ رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني لـ«الجمهورية»: «إنّ الرئيس سلام ليس مستاءً مِن الاتفاق الذي تمَّ بين الرابية وعين التينة ، خصوصاً وأنّه كان دائماً في انتظار أن يتمّ الاتفاق بين الرئيس برّي والعماد ميشال عون والوزير جبران باسيل.

ولكن هناك مضمون الاتّفاق والرئيس سلام يتمهّل لدرسه، وهو لا يريد أن يَدخلوا إلى اجتماع اللجنة الوزارية ويَختلفوا من دون أن يكون قد كوَّن رأياً، يريد درسَ الموضوع قبل أن يطرحه». وعن موقف تيار «المستقبل»، أكّد قباني: «نحن مع المرسومين، ونحن مع تلزيم عدد من البلوكات أي مع مضمون الاتفاق الذي تمّ بين الرئيس برّي والوزير باسيل».

حوار «المستقبل»ـ الحزب

على صعيد آخر، يَفتح الأسبوع الحالي على نشاطات مكثَّفة، أوّلها اليوم الاثنين، حيث يَعقد مجلس الوزراء جلسةً ماليّة للبحث في الوضع المالي والاقتصادي، إذ يُفترض أن تناقِش مواضعَ الخَلل وأسباب العجز، مع عرضِ اقتراحات لعلاجات موضعية.

وثانيها غداً الثلاثاء، حيث يُعقد مساءً، الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة. ورَفضت مصادر بارزة في التيار مقولة إنّ «المستقبل» يشارك شكلياً في الحوار الثنائي مع «حزب الله»، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنّ التصعيد السياسي في بيانات الطرفين هو مواقف سياسية.

وردّاً على سؤال عن الجدوى من المشاركة في حوار مع الحزب، طالما إنّ التصعيد السياسي بين الطرفين مستمرّ، أجابت المصادر: «تخَيّلوا لو أنّ التصعيد السياسي قائم، بالشكل الذي يتمّ فيه، وليس هناك مِن حوار مع «حزب الله»، فماذا ستكون النتيجة»؟

أضافت: «الحوار مِن الأساس كان له هدفان، الأوّل، هو محاولة الوصول إلى حلّ أزمة الفراغ في الرئاسة. وأمّا الهدف الثاني فهو تخفيض حدّة التشنّج السنّي ـ الشيعي في الشارع، في وقتٍ تلتهب الحرائق على أبواب البلد. الهدف الأوّل، مِن الواضح أنّه غير ناجح، وقد فشلَ، ولا يقدّم الطرف الآخر أيّ خطوة، ولا يزال يقاطع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

أمّا الهدف الثاني، فلا نستطيع إلّا أن نعترف بأنّ وجود هذا الحوار يساهم في خفضِ حدّة التوتّر السنّي ـ الشيعي، فلولاه، لا سَمح الله، لانفجَر التوتّر وأحرِق البلد بكامله بلا استثناء، بكلّ طوائفه ومناطقه».