يقول الفيلسوف الإنكليزي /توماس هوبز /1679- 1588 / في وصفه للمرحلة الوحشية التي تمر بها بعض المجتمعات في مرحلة معينة ( حرب الكل ضد الكل ). 


وهذا ينطبق على المشهد السوري في نظرة واقعية لتعقيدات خارطة الصراع الجارية على كافة الأراضي السورية وتعدد أطرافها الدولية والإقليمية، إضافة إلى الأطراف الداخلية، إذ أن النظام يحارب المعارضة. والمعارضة تحارب النظام هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن تنظيم داعش يحارب النظام والمعارضة وجبهة النصرة واحرار الشام وجيش الإسلام..... وكذلك فإن جبهة النصرة تحارب النظام وداعش وجيش الإسلام.... إلى آخر متفرقات الحروب والمعارك وعمليات السلب والنهب التي تقوم بها بعض العصابات المحلية والتي تنشط في أغلب النواحي السورية. 


وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي فإن الولايات المتحدة الأميركية في خصومة مع إيران حول الشأن السوري، وإيران وتركيا في مواجهة مع بعض التنظيمات والميليشيات المسلحة، كما أن روسيا كانت في مواجهة مع تركيا وليست على توافق تام في الرؤية للأزمة السورية مع الولايات المتحدة الأميركية.

يضاف إلى ذلك التداخلات المتباينة من بعض الدول العربية وخاصة السعودية ومعها بعض دول الخليج العربي في معترك المشكلة السورية، ما يعني في المحصلة أن سوريا التي كانت في مرحلة ماضية تعتبر لاعب إقليمي فاعل تحولت إلى ملعب إقليمي ودولي.

أي أنها تحولت إلى ساحة لصراعات القوى على ترتيب وضع المنطقة العربية الشرقية، وعلى الموقع الذي يمكن أن تحظى به هذه الدولة او تلك، وخصوصا الدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط. 


فسوريا تحولت إلى ساحة لصراعات الدول. إذ أن كل دولة تحاول فرض أجندتها الخاصة وتمرير رؤيتها لمستقبل هذا البلد، وهذا يبدو نتيجة طبيعية للسياسات التي انتهجها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وسعى من خلالها إلى فرض سوريا وكأنها دولة إقليمية كبرى قادرة على التحكم والتأثير والفعل خارج حدودها، وإعطائها دور أكبر بكثير من قدراتها وامكانياتها خصوصا من خلال محاولات نظام الأسد الأب الإمساك بالورقتين الفلسطينية واللبنانية وفي ادعاءاته الفارغة محاربة إسرائيل وتشكيل ما أطلق عليه زورا وجزافا محور الممانعة ولعب دور القلب لهذا المحور وقيادته، وانتهاجه سياسات صارمة وفي أغلب الأحيان معادية لمعظم الدول العربية. 


وفي نظرة شاملة للتطورات الميدانية على الساحة السورية والتي يبدو معها وكأن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا هما اللاعبان الرئيسيان في الملعب السوري، وأن الأطراف الأخرى ومن بينها إيران وتركيا والسعودية وقطر وغيرها لها ادوار محددة وغالبا ضمن السيطرة.

إلا أن حقيقة الواقع السوري والتي لا يمكن لأحد أن ينكرها هي أن الولايات المتحدة الأميركية هي اللاعب الرئيسي في سوريا وهي الأكثر تأثيرا وقدرة ليس في سوريا فحسب بل في العالم كله، وليس فقط انطلاقا من قوتها العسكرية بل من واقع قوتها الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية ومن الفجوة الكبيرة بينها وبين العالم كله على كافة الأصعدة. 


وأما الحديث عن تنسيق أميركي روسي في الشأن السوري فهو ليس أكثر من محاولة أميركية للمزيد من توريط روسيا أكثر فأكثر في المستنقع السوري لاستنزافه وارهاقه، كما تستنزف باقي الأطراف المشاركة في الحرب السورية.