نعمتان مفقودتان الصحة والأمان. فقدان الصحة قد يصيب شخص أو شخصين أو مجموعة من الأشخاص. وفي الغالب الأعم ناتج عن قدر يصيب شخص ما. وإمكانية استعادتها قد يكون متوفرا عن طريق المعالجة الطبية في الكثير من الحالات.
وكذلك فقدان الأمان قد يصيب فرد في المجتمع أو أكثر وبالتالي فإن وسائل المعالجة تبقى متيسرة مع قليل من الجهود المحدودة. لكن الرزية الكبرى فهي عندما يفقد مجتمع بأكمله نعمة الأمان. وينتج ذلك عن غياب الجهة الشرعية  الضامنة للأمن والاستقرار في أي مساحة جغرافية لأي منطقة في أي بلد. 
 
وليس من باب المغالاة الإدعاء بأن مدينة الشمس بعلبك والتي تعتبر العاصمة السياحية لمنطقة البقاع الشمالي عانت ولسنوات خلت من فقدان نعمة الأمان. وذلك بسبب فوضى السلاح المتفلت والمنتشر بشكل واسع وحيازته من قبل عصابات خارجة على القانون واشخاص ملاحقين بجرائم متفاوتة تبدأ بوثيقة إطلاق الرصاص العشوائي في كل مناسبة أو حتى بدون مناسبة والذي يؤدي في حالات كثيرة إلى وقوع ضحايا نتيجة الرصاص الطائش وصولا إلى ارتكاب جرائم قتل دون وازع من ضمير أو خوف من قانون. مرورا بشيوع حالات خطف تنتهي عادة بعملية مقايضة مبالغ مالية يدفعها ذوي الضحية / الرهينة / لقاء إطلاق سراحها. وتتم عملية التبادل بأشراف مسؤولين يتبوؤن مناصب مهمة في الدولة. وضمن المدى المنظور للأجهزة الأمنية. عدا عن الظواهر المسلحة التي شاعت بشكل غير مسبوق. والسيارات الغير شرعية وبدون لوحات مع زجاج حاجب للرؤية والتعدي على الحريات الشخصية والأملاك العامة وفرض الخوات على اصحاب المصالح والمؤسسات التجارية والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى اشتباكات تدور رحاها بين الأحياء السكنية وتستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية وينتج عنها  خسائر مادية وسقوط  ضحايا أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل. 
 
وكل ذلك يجري على مرأى ومسمع القوى العسكرية المكلفة حفظ الأمن وصيانة الاستقرار في البلد والتي لا تحرك عرباتها و آلياتها المجنزرة باتجاه ميدان المعركة إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها حيث تقوم دورية مؤللة من الجيش بزيارة المكان دون أي ملاحقة لمسببي التوتر الأمني بذريعة الحاجة إلى قرار سياسي وإلى غطاء شرعي من الطغمة السياسية الحاكمة في البلد. 
 
وبدا واضحا ومن خلال التواتر والشياع المفيد للاطمئنان أن هذا القرار السياسي مخبوء تحت عباءة حزب الله وغير مستعد للأفراج عنه لأسباب لها علاقة بسياسة الحزب التي ترتكز في جانب منها على أن الخلل الأمني يعطي الحزب مساحة من حرية التحكم تتيح له فرض وقائع أمنية وعسكرية وسياسية تخدم مشروعه الذي يتناقض أساسا مع مشروع الدولة والهوية الوطنية. 
 
هذا المناخ الأمني الموبوء وجدت فيه بعض المجموعات المرتبطة بالإرهاب مناسبة لتفعيل نشاطاتها ومنها شراء كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وايصالها إلى الجماعات الإرهابية من خلال قنوات اتصال تقوم بدور الوسيط تحت عنوان التجارة.

 وهذه الجماعات كانت تعيده إلى الداخل اللبناني بسيارات مفخخة وزنانير ناسفة إلى أن تم إلقاء القبض على عناصر تابعة لهذه المجموعات وتم الكشف من خلال التحقيقات على شبكات إرهابية خطيرة كانت تتحضر لعمليات انتحارية وتفجير سيارات مفخخة في مناطق لبنانية متنوعة الانتماء المذهبي والحزبي. الأمر الذي وجد معه حزب الله نفسه أمام مواجهة مباشرة ووجها لوجه مع هذه الجماعات الإرهابية واكتشف بالملموس مخاطر الفلتان الأمني. 
 
هذا الواقع دفع بحزب الله للتسليم مكرها للجيش اللبناني باستلام زمام المبادرة والإمساك بأمن البلد باعتباره الجهة الشرعية الضامنة للاستقرار والقادرة على حماية الحدود وبدعم وغطاء دوليين. فتحركت الالوية المختصة لملاحقة المشتبه بانتمائهم للإرهاب والمطلوبين بجرائم متنوعة والخارجين على القانون الذين ينشرون الفوضى وقامت بعمليات مداهمة طالت قرى وبلدات منطقة بعلبك. وكان لحي الشراونة في شمال المدينة النصيب الأكبر من هذه المداهمات والملاحقات. مما أشاع جوا من الاطمئنان والارتياح لدى السكان. باعتبار أن القوى الشرعية هي المؤهلة والقادرة والتي يحق لها الامساك بالقرار الأمني وليس أي جهة غيرها/ وان تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا.