مع ولادة الجمهورية الاسلامية الايرانية أعلن الإمام الخميني قائد الثورة الإيرانية عام 1979 عن يوم القدس في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك في بيان شهير جاء فيه :
(إن آخر جمعة من شهر رمضان هو يوم القدس، وقد تقع ليلة القدر في العقد الأخير من شهر رمضان، وهي ليلة يعتبر إحياؤها، سنة إلهية، وتفوق منزلتها ألف شهر، وهي ليلة يقرر فيها مصير العباد. ويجب إحياء يوم القدس الذي يقع بجوار ليلة القدر ليكون منطلقاً لصحوة المسلمين حتى ينطلقوا من سباتهم الذي اكتنفهم عبر التاريخ، خاصة خلال القرون الأخيرة وحتى يكون يوم الصحوة، هذا أفضل من عشرات السنوات التي عاشتها القوى الكبرى والمنافقون في العالم، وأن يقرّر مسلمو العالم مصيرهم بأيديهم وبقدراتهم وامكاناتهم.
إن المسلمين يتحررون في ليلة القدر من عبادة غير الله تعالى أي شياطين الإنس والجن من خلال العبادة ومناجاة الله تعالى ويدخلون في عبادة الله. ويجدر بالمسلمين في العالم، في يوم القدس، وهو آخر جمعة في شهر الله الأعظم، أن يتحرروا من قيود أسر الشياطين والقوى الكبرى وعبوديتهم، وأن يتصلوا بقدرة الله التي لا تزول وأن يقطعوا أيدي مجرمي التاريخ من بلاد المستضعفين وأن يمنعوهم من مطامعهم.
أيها المسلمون في العالم، وأيها المستضعفون في الأرض، انهضوا وقرّروا مصيركم بأنفسكم. إلى متى تجلسون بانتظار تقرير مصيركم في واشنطن أو موسكو؟ وإلى متى تسحق قدسكم تحت أقدام نفايا أميركا و"إسرائيل" الغاصبة؟ وإلى متى تظل القدس وفلسطين ولبنان والمسلمون المضطهدون في تلك البقاع تحت سيطرة المجرمين، وأنتم تتفرجون؟ ويلعب بعض حكامكم الخونة دوراً سلبياً في ذلك.)
وأراد الإمام الخميني أنذاك تذكير الأمة الاسلامية والعربية بقضية فلسطين وحدد بذلك استراتيجية أساسية للسياسة الإيرانية الخارجية .
وتحول يوم القدس كمناسبة عالمية ونجح الامام الخميني في تحريك الرأي العام العربي والاسلامي تجاه قضية فلسطين فأسس بذلك لنهضة سياسية وعسكرية لمواجهة العدو الاسرائيلي شكلت فيما بعد تهديدا خطيرا للأمن الإسرائيلي .
وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على هذا الإعلان تعرضت المنطقة العربية والاسلامية لمتغيرات عديدة سياسية وأمنية وعسكرية، وشكلت هذه المتغيرات تراجعا كبيرا في الإهتمام بيوم القدس العالمي وأخذت القضايا والأحداث بعدا جديدا فرض نفسه، بعد الإتفاق النووي الايراني والاتفاقات الأخرى بين الجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة الأمريكية من جهة  وبعد تورط حزب الله بالحرب السورية وتدخله في شوؤن بعض الدول العربية من جهة ثانية، فكانت التداعيات كبيرة جدا على المستوى العربي والاسلامي حيث تراجعات شعارات القدس والقضية في سلم الأولويات وفرض حزب الله كفصيل إيراني في المنطقة منظمة جديدة في المنطقة أضاع من خلالها القدس والقضية، وتاه في طريق القدس بعدما أحدث تدخله في سوريا والدول العربية شرخا كبيرا بينه وبين الرأي العام العربي والاسلامي.
أقفلت سياسات حزب الله الطريق إلى القدس وأصبحت القضية للمزايدات السياسية والإعلامية فقط في ظل تجاهل عربي رسمي وشعبي كامل .
إن الإطلالة المرتقبة للسيد نصر الله لن تستطيع إعادة القضية إلى زخمها السابق بعدما أقدم حزب الله على انتحاره عربيا وإسلاميا ولم يعد هناك صدى لأي خطاب حول هذه القضية بالرغم من أهميتها و قداستها .