عام أكاديمي أخر إنتهى!

عام أكاديمي آخر إنتهى في لبنان، والشباب المتخرجين لا زالوا يسألوا أنفسهم ماذا نفعل بالشهادة التي حصلنا عليها بعد عمر من الكد والسهر؟!

أكثر من 30 ألف طالب يتخرج سنويًا من المعاهد والجامعات في لبنان، يعاني غالبيتهم من إيجاد الوظيفة الملائمة، فسوق العمل عاجز عن إستيعاب الكمالهائل من الخريجين نظرًا لعدم التجانس بين مهاراتهم ومتطلبات سوق العمل،لجملة من الأسباب، أبرزها النقص في التوجيه المهني والأكاديمي.

المتخرجين وفرص العمل:

فالمتخرجين يقفون في صيف كل عام حيارى، يغادرون إلى بلاد الله الواسعة حيث تناديهم فرصة العمل المناسبة، أم يصبرون في لبنان حيث العمل بالقطارة، إذا وجد، وحيث مجموع الرواتب على مدى سنوات لا يسدّ احيانًا جزءًا يسيرًا من أقساط الدراسة!

وعليه.. فإن مشكلة الخريجين والبطالة في لبنان هي إياها مشكلة النظام السياسي المبني على والمحسوبية.

وتراوح نسبة البطالة في لبنان بين ١٨ و٢٠%، وكانت عام ٢٠١٣ نحو ١١%، ففي أوساط الشباب والخريجين نسبة البطالة ٦٠% هي النسبة الأعلى تقريبا في المنطقة، في حين أن معدلها في العالم يوازي ١٣،١%، مشيرًا إلى أن ندرة فرص العمل مزمنة ونسبها تتفاوت موسميًا: ففي فصل الصيف هناك فرص عمل بسبب موسم الإصطياف، ولكن في الأوضاع السياسية المريحة، لكن نسبة البطالة دائمًا مرتفعة قياسًا على الدول الآسيوية والعربية.

أسباب البطالة:

لا سياسة حكومية واضحة في الدولة اللبنانية ولا سياسة علمية مبنية على دراسة الواقع والإحصاء في مواجهة البطالة، فدائمًا نضع أرقامًا في مواجهة البطالة ولا نضع حلولًا، ولا سياسة واضحة لفتح مجالات للعمل وتوسيعه، ففي لبنان فرص العمل محددة ووضعه يزداد تعقيدًا في ظل الأزمات المتراكمة والطارئة، ولا تجانس أبدا بين متطلبات سوق العمل وبرامج إعداد المهنيين والتقنيين والكادرات المتخصصة اللازمة.

إضافةً إلى ذلك إن أزمة النزوح السوري واليد العاملة الأقل أجرًا لعبت دورًا أساسيًا، وضعف الطلب العربي على اليد العاملة في لبنان وتفضيل اليد العاملة الآسيوية، ولهذا فإن نصف العاطلين عن العمل في لبنان هم من الشباب الساعين للعمل لأول مرة أي الخريجين الجدد ٤٧% منهم شباب و٥٥% منهم شابات.

البطالة شبابية بإمتياز:

ففي لبنان تتركز البطالة بكثافة ضمن الفئة العمرية ١٥ - ٢٤ سنة، وهذه الفئة العمرية تمثل الشباب كما هي العادة في مصطلحات الأمم المتحدة، ونسبة البطالة لهذه الفئة تبلغ ما بين أربعة وخمسة أضعاف ما عليه بالنسبة إلى الفئات الأخرى من القوى العاملة.

الحلول الممكنة:

هناك حلول للأزمة المطروحة، من بينها الحد من الإلتحاق بالإختصاصات التقليدية التي يفاقم الإقبال الشديد عليها مشكلة البطالة، حيث هناك فائض من الطلاب المتخرجين في مجالات الطب والمحاماة والهندسة، كذلك من الضروري أن تواكب مؤسسات التعليم العالي المستجدات في أسواق العمل المحلية والخارجية، وأن تسعى إلى الإستجابة لحاجاتها عبر إستحداث إختصاصات جديدة من شأنها خلق فرص عمل متجددة للشباب اللبناني، وتحفيز طاقاتهم بإتجاه مهن تحاكي العصر والتطورات التكنولوجية والفكرية.

ويحضّ الخبراء في الإقتصاد مؤسسات التعليم العالي على إعتماد برامج تعليمية تجمع ما بين الإعداد العلمي للطالب والتدريب العملي من خلال ممارسته نشاطًا مهنيًا يتعلق بموضوع إختصاصه، ويلاحظ ان بعض الجامعات قد باشرت برنامج الإعداد الذي يقضي بأن يرتبط الطلاب وهم على مقاعد الدراسة بعقود عمل في مؤسسات إنتاجية، بحيث تتوزع فترة إعدادهم العالي بين الدراسة في الجامعة والممارسة المهنية في مؤسسة الإنتاج.

وأخيرًا، إلى مشكلة غياب سياسة إغاثة حقيقية للنازحين، مما يوقع العامل اللبناني في منافسة كبيرة مع اليد العاملة النازحة، علمًا أن الكثير من الوافدين من سوريا هم من أصحاب الإختصاصات، الذين يفتشون عن فرصة عمل في إختصاصهم، ويمكن أن يقبلوا بأجور أقل بكثير من تلك التي يطلبها العامل اللبناني، مما يفاقم من حدة تفشي البطالة.