قد يبدو للوهلة الاولى ان امرا غير مفهوم ويدعو للتعجب حين يخرج المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران بموقف متناقض تماما عن موقف آخر للرئيس الايراني حسن روحاني وفي نفس الاحتفال الذي اقامه المرشد، وينقل الموقفين المتناقضين نفس وكالة انباء فارس الرسمية !

  فالمرشد يقول : " ان واجب الطرف الاخر ( اميركا ) من الاتفاق النووي رفع العقوبات والتي لم تزل قائمة حتى اللحظة، والاصول الايرانية الموجودة في باقي العالم لم يفرج عنها ايضا ... مع التأكيد اننا التزمنا تماما بكل ما هو متوجب علينا بالاتفاق من ناحية خفض التخصيب او غيره " 
  هذا فيما الرئيس الايراني حسن روحاني وبنفس الاحتفال يقول : " لقد تمكنا من الغاء الحظر عن ايران من خلال المفاوضات النووية "  ومع قليل من التأمل يمكن حل هذا التعارض بين موقفي الرجلين من خلال رسم المساحة الجيوسياسية لسلطة كل واحد منهما، فروحاني ومن موقعه كرئيس للجمهورية انما يتطلع للامر ومن خلفه لكامل الاتفاق من منظار ايراني محض وضمن الجغرافيا الايرانية والمصالح الايرانية والعلاقات بين ايران وبين المنظومة الدولية التي يسعى ان يكون جزء منها بعد غياب استمر منذ 1995 تاريخ فرض حظر تجاري كامل على الجمهورية .

  فيما يذهب الخامنئي ومن موقعه كولي للفقيه ودولته الممتدة خارج الحدود الدولية لايران والتي تصل كما عبر احد مسؤولي الحرس الى جنوب لبنان وتشمل طبعا اربع عواصم عربية ليعتبر ان الاتفاق النووي مع اميركا يجب ان يترجم ايجابا على امتداد هذه المساحة من دون ان يترتب على هذه الاطراف موجبات ما هو مطلوب من الجمهورية، كما اشيع آنذاك في الايام الاولى لتوقيع الاتفاق، بان نفوذ " الولي الفقيه"  الايراني سوف يتنعم بالاموال المفرج عنها مما يزيد من سطوته واحكام قبضته داخل بعض الدول العربية، وهذا ما اثار حفيظة تلك الدول يومها .

  وفي هذا السياق يمكن ان نفهم تشديد العقوبات الاميركية الاخيرة على حزب الله والتي من المتوقع ان تأخذ منحى تصاعدي كما اكد مارك ميدوز عضو الكونغرس الجمهوري في ولاية كاليفورنيا والذي شارك في رعاية القانون الاميركي حين التقى بالوفد المصرفي اللبناني وطولب باجراء تعديلات فكان الرد الحاسم من طرفه : " لكننا سنذهب الى ابعد ما يعتقدون " .

  وهذا ايضا ما اكده مسؤول الخزينة الاميركية عند زيارته للرئيس بري وما كان نقله قبل ذلك عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر كجواب نهائي بان القانون لن يتغير وسوف ينفذ بحذافيره  وهذه الجو الاميركي المتشدد بتنفيذ العقوبات على حزب الله قد وصل الى مسامع واذان من يعنيهم الامر من رجال اعمال ومتمولين شيعة وبدأوا يعلنون البرأة من حزب الله ويقدمون تقاريرهم للامركي بهذا الخصوص ولعل هذا ما اثار غضب وانزعاج حزب الله الذي بدأ يتلمس عمليا نتائج العقوبات على حركته المالية التي وصفتها مجلة " بلومبرغ " بانها الاسوأ على حزب الله منذ عقود " .

  وامام ما وصل اليه حزب الله من طريق مسدود  يبقى السؤال مطروحا عليه: هل سيعمد الى اسلوب المواجهة التي لم تفض الا الى المزيد من التدهور كما حصل مع الجمهورية الايرانية غير آبه بمستقبل لبنان عموما والشيعة خصوصا من دون ان يتعلم ان المواجهة التي خاضتها ايران بكل ما لديها من امكانيات انتهت بما يشبه الخضوع عبر التوقيع على الاتفاق ام انه سيوفر على اللبنانيين عقود من المكابرة وان يقنع الولي الفقيه بانه جزء من الاتفاق النووي وبالتالي فان عليه مستلزمات يجب ان يقوم به وهو يعلمها تماما .