مبادرات حاكم المصرف ترضي حزب الله , ومبادرات فرنسية حريرية حول الرئاسة الاولى

 

السفير :

بعد التوتر الشديد الذي ساد العلاقة بين «حزب الله» وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على وقع القانون المالي الأميركي الموجّه ضد الحزب، يبدو أن الاتصالات التي جرت في الظل مؤخراً، نجحت في إعطاء فرصة جديدة للطرفين، من أجل السعي الى صياغة مقاربة مشتركة لكيفية التعاطي مع هذا القانون ومراسيمه التطبيقية، بأقل الخسائر الممكنة.
وبرغم أن الحزب سبق له أن أبلغ من يهمّه الأمر في القطاع المصرفي أنه ليس غوغائيا في ردّ فعله، بل يلحظ خصوصية الواقع اللبناني والمناخ الدولي ويتفهم وضع المصارف اللبنانية وحاجتها الى مراعاة العقوبات التي فرضتها واشنطن على الحزب، إلا أنه أكد في الوقت ذاته لجميع المعنيين تحسسه حيال التعرض للسيادة المالية ورفضه تبرع البعض بترجمة متشددة للقانون الاميركي، «خصوصاً أن مضمونه كما محتوى المراسيم التطبيقية يسمحان بأن يكون هناك التزام مرن بهما، لا يرتّب أي تبعات على لبنان».
أكثر من ذلك، تعاطى «حزب الله» مع مبالغات بعض المصارف في تضييق الخناق المالي على الحزب استجابة للطلب الاميركي، «انطلاقا من كونها تشكل تهديداً للميثاقية اللبنانية، ببعدها المالي ـ الاجتماعي الذي لا يقلّ حساسية عن بعدها السياسي ـ الوطني»، وفق ما ينقل العارفون بنمط تفكير الحزب الذي يرى أنه من غير الجائز أن يحظى جزء من اللبنانيين بالأمن المصرفي، بينما يُحرم منه جزء آخر، لأن في ذلك ضرباً للمساواة بين المواطنين.
ويتهم الحزب مصرفاً أساسياً، (معروف لديه بالاسم)، بأنه يؤدي دوراً سلبياً في هذا الملف، ويشكّل رأس حربة في تحريض المصارف على الالتزام المفرط بالقانون الأميركي ومراسيمه التطبيقية.
ويشعر الحزب، كما يؤكد المطلعون على موقفه، بمرارة حيال عدم تنفيذ التفاهم الذي كان قد توصل اليه سابقا مع سلامة، بعد ثلاث جلسات جمعتهما، خصوصا لجهة عدم جواز اقفال أي حساب، او رفض فتح أي حساب، قبل اطلاع هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي على الاسباب الموجبة، ونيل موافقتها، الى جانب التأكيد بأن توطين رواتب الوزراء والنواب المنتمين الى الحزب لا يخضع الى قوانين الإرهاب وتبييض الأموال، وما شابه، لأن هذه الرواتب معروفة المصدر.
فوجئ الحزب لاحقا بأن التعميمين اللذين صدرا عن المصرف المركزي يتعارضان مع روحية النقاش الذي جرى معه، فيما كان سلامة يؤكد ان التعميمين يوفقان بين الزامية التقيد بالقانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية من جهة، وبين خصوصية الداخل اللبناني وتعقيداته من جهة أخرى.
لكن البيان المرن الذي صدر عن سلامة أمس، أعاد تنشيط المساعي الهادفة الى ايجاد ارضية مشتركة بين الجانبين.
وعلمت «السفير» أن اجتماعا سيعقد بعد ظهر اليوم بين النائب علي فياض والنائب السابق أمين شري عن «حزب الله»، وجمعية المصارف، في مكتب فياض في مجلس النواب، سعيا الى التوافق على مقاربة مشتركة للتحدي المالي الذي فرضته الاجراءات الاميركية.
وسيصارح وفد الحزب جمعية المصارف بالمخاوف التي رتّبها نمط تعاملها مع القانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية، وسيتداول معها ببعض الافكار الهادفة الى معالجة سليمة لهذا الملف، كما سيدعوها الى تحمل مسؤولياتها في حماية الاستقرار الاجتماعي وعدم الايغال في اتخاذ تدابير مالية مجحفة بحق مواطنين لبنانيين.
والتقى وزير المال علي حسن خليل أمس وفدا من جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه الذي قال ردا على سؤال حول التعاميم التي أصدرها حاكم مصرف لبنان وبدء بعض المصارف بتطبيقها على أفراد في «حزب الله»: بدأت المصارف بالتطبيق، باعتبار أن هذه التعاميم صادرة حديثاً وهي تحت سقف القانون الذي صدر، ونحن كلنا نعمل تحت سلطة الدولة اللبنانية وبإشرافها وبموجب القوانين الصادرة عن المجلس النيابي.
وأضاف: نحن نطبّق قوانين لبنانية ونعمل ضمن إطار قوانين عالمية تطبق على كل المصارف في العالم، بما فيها مصارفنا العاملة في لبنان، والعاملة أيضاً في 33 بلداً خارج لبنان.
الكرة في ملعب المصارف؟
وذكرت أوساط سياسية مطلعة على موقف «حزب الله»، أن الحزب يعتبر ان الكرة اصبحت في ملعب المصارف بعد البيان الصادر عن سلامة، والذي يشدد فيه على وجوب مراجعة هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي قبل ان يبادر أي مصرف الى اقفال أي حساب.
واشارت الاوساط الى ان المصارف تبدو في هذه اللحظة امام خيارين، فإما ان تتقيد بما صدر عن سلامة البارحة، وإما ان تواصل الاجتهاد في تفسير القانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية وبالتالي تتعاطى باستنسابية ومزاجية مع شريحة واسعة من اللبنانيين، وعندها تصبح في مواجهة مباشرة مع «حزب الله» من جهة ومع المصرف المركزي من جهة أخرى.
وأكدت الاوساط ان المصارف مدعوة الى الالتزام بما ورد في بيان سلامة، معربة عن خشيتها من ان يلجأ بعضها الى التنصل من الضوابط التي حددها حاكم المصرف المركزي، علما انها يجب ان تكون ملزمة بمراعاة هذه الضوابط، باعتبار ان المصرف المركزي هو المعني بضبط السياسة النقدية وسلوك المصارف.
الى ذلك، أبلغت مصادر وزارية «السفير» ان المطلوب من المصارف ان تكون اكثر واقعية في التعامل مع القانون الاميركي ومراسيمه التطبيقية، لافتة الانتباه الى ان بعضها يذهب بعيدا في التنفيذ، وحتى أبعد مما تريده واشنطن.
واعتبرت المصادر انه لا يوجد مبرر لحالة الرعب التي تتحكم بقرارات العديد من المصارف، مشيرة الى ان موقف حاكم مصرف لبنان الجديد يشكل تطورا ايجابيا في اتجاه ضبط إيقاع المصارف واحتواء التوتر الاخير مع «حزب الله».
ولفتت المصادر الوزارية الانتباه الى انه لا يجوز، تحت وطأة الاستنسابية والمزاجية، تعريض مصالح آلاف من اللبنانيين الى الخطر المصرفي، فقط لان صلات عمل تربطهم مع مؤسسات صحية وتربوية واجتماعية وحقوقية تابعة للحزب، من دون ان يكونوا هم أعضاء فيه.
ودخلت السفارة الأميركية في بيروت، على خط الازمة، إذ نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في السفارة قوله: بينما لا نزال نتوخى الحذر في محاولاتنا لعزل «حزب الله» عن النظام المصرفي العالمي، فإننا سنفعل ذلك بطريقة تحمي الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي قدر الإمكان، وهذا الأمر لن يستهدف الأبرياء.
سلامة
وكان سلامة قد اعتبر في بيان صدر عنه أمس، أن القانون الصادر في الولايات المتحدة هو قانون أميركي مطلوب تطبيقه عالمياً وفي لبنان، وبالتالي فإن التعميم رقم 137 الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 3 أيار 2016 كان واجباً قانونياً لبنانياً، ولو لم نفعل ذلك، لكان بإمكان المصارف المراسلة تطبيق سياسة التقليص من المخاطر(de-risking) ، فيصبح قطاعنا المصرفي معزولاً عن العالم.
وأوضح انه خلال الاجتماع الأخير لهيئة التحقيق الخاصة (التابعة للمصرف المركزي)، تم التوافق على المبادئ الأساسية التي سنتابع بموجبها، ومن خلال هذه الهيئة، تصرفات المصارف مع زبائنها بخصوص تطبيق تعميم مصرف لبنان رقم 137، مشيرا الى ان تلك المبادئ هي:
باستثناء الحسابات العائدة لأشخاص أو مؤسسات مدرجة أسماؤهم على اللائحة السوداء الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية« OFAC».
(a) على المصارف التي تريد إقفال حسابات مؤسسات أو أشخاص لأنها تعتبرها مخالفة للقانون الأميركي أن تقدم التبرير لذلك قبل إقفال الحساب.
(b) يجب أن يتضمن التبرير حركة الحساب (الوتيرة/الحجم).
(c) على المصرف أن ينتظر ردّا من هيئة التحقيق الخاصة قبل إقفال الحساب، وإن لم يبلغه الردّ خلال 30 يوماً، يتصرّف عندها المصرف على مسؤوليته.
(d) يمكن للمصارف ولهيئة التحقيق الخاصة طرح الموضوع على الهيئة المصرفية العليا إن اقتضت الحاجة، علماً أن قرارات هذه الهيئة غير قابلة للمراجعة وفقاً للقانون اللبناني.
وكشف عن أن إقرار هذه المبادئ وتحويلها إلى تعميم صادر عن هيئة التحقيق الخاصة، سيتم في أقرب وقت، مع مفعول رجعي مطابق لتاريخ إصدار تعميم مصرف لبنان.

النهار :

شكلت زيارة الرئيس سعد الحريري لقصر الاليزيه أمس، بعد أسبوع من زيارة مماثلة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مؤشراً بارزاً لتحريك الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مبادرة بلاده في شأن الأزمة الرئاسية في لبنان قبل أسبوع واحد من مرور سنتين على الفراغ الرئاسي. ومع أن معظم الانطباعات والمعطيات السياسية اللبنانية المتصلة بالتحرك الفرنسي يميل الى التشكيك في امكان تحقيقه راهناً ما عجز عنه سابقاً في هذا السياق نظراً الى ضعف الرهانات على أي تبديل محتمل في الموانع الاقليمية التي حالت دوما دون انتخاب رئيس للجمهورية، فان اللقاءين المتعاقبين اللذين عقدهما الرئيس هولاند مع البطريرك الراعي والرئيس الحريري شكلا علامة فارقة بدأت تتعامل معها القوى اللبنانية بجدية على سبيل تقصي الجديد الذي يقف وراء تجديد باريس مساعيها من أجل كسر الازمة. واذا كانت هذه الحركة تسبق الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت لبيروت في 27 أيار الجاري لعقد لقاءات مع المسؤولين الرسميين والقيادات السياسية والحزبية فان العامل الأبرز الآخر الذي ارتبط بالمسعى الفرنسي يتمثل في تحرك جديد تجاه ايران والمملكة العربية السعودية.
وأفاد مراسل "النهار" في باريس سمير تويني ان الرئيس هولاند يسعى الى تكوين صورة واضحة عن الوضع الداخلي في لبنان للقيام بتحرك ديبلوماسي من أجل سد الفراغ الرئاسي، وقد يشكل اللقاء الذي سيعقده مع ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي سيقوم بزيارة لباريس في نهاية أيار وكذلك محادثاته منتصف حزيران المقبل مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، محطتين اساسيتين لتكوين تصور واضح عن العقبات التي يجب تجاوزها لانتخاب رئيس للبنان. وأوضحت مصادر ديبلوماسية في باريس لـ"النهار" ان محادثات هولاند والحريري أمس تناولت آخر التطورات المتصلة بملف الانتخابات الرئاسية والسبل الممكنة لوضع حد للفراغ، كما تناولت الاقتراحات التي قدمها البطريرك الماروني الى الرئيس الفرنسي لانجاز هذه الانتخابات في ظل العوائق الداخلية والاقليمية التي تعترضها. لكن المصادر نفسها اعترفت بان الطريق لا تزال غير معبدة الى قصر بعبدا في القريب العاجل وان الامر يحتاج الى مزيد من الجهود والمشاورات.
وبدا لافتاً في كلام الحريري عقب لقائه الرئيس الفرنسي اشارته الى حرص الاخير على انهاء هذا الفراغ "لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان وصل الى مراحل خطرة للغاية". وأعرب عن اعتقاده أن الانتخابات البلدية والاختيارية "ستشجع كل الافرقاء السياسيين على التفكير جدياً في اجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية". وسئل عن موقفه من اصرار البطريرك الراعي على لقائه العماد ميشال عون، فأجاب الحريري ان "لا مشكل لدي في لقاء العماد عون ولكن يجب ان نحدد هدف اللقاء فنحن لدينا مرشح رئاسي هو النائب سليمان فرنجية ونكن في المقابل كل الاحترام والمحبة للعماد عون وأنا قلت انه لا مانع لدينا ان يكون للفريق الاخر الاكثرية وينزلوا الى مجلس النواب وينتخبوا العماد عون فنحن لن نعطل".
ويشار في سياق التحرك الفرنسي الى ان السفير الفرنسي في بيروت ايمانويل بون سارع أمس الى تصويب ما نقل عنه من تحضيرات تجريها فرنسا لعقد مؤتمر دولي حول الازمة السياسية والدستورية في لبنان. ونفى السفير بون ان يكون هناك مشروع لعقد مؤتمر دولي حول لبنان قائلاً: "ما نريد العمل عليه هو ما أعلنه الرئيس هولاند لدى زيارته لبيروت وهو عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان".

قانون الـ60؟
في غضون ذلك، أبلغت مصادر نيابية "النهار" انه من المرجح أن يطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم خلال جلسة الحوار النيابي في عين التينة الدعوة الى الاتفاق على مسار يؤدي الى إجراء الانتخابات النيابية. وفي هذه الدعوة سيقول الرئيس بري إنه في حال عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب فينبغي عندئذ الذهاب الى الانتخابات على أساس القانون النافذ أي قانون الـ60 الذي يتطلب إدخال تعديلات عليه لجهة عبارة "لمرة واحدة" فضلاً عن تعديل النص المتعلق بتمديد ولاية المجلس. ورأت أن دعوة بري في الحوار النيابي ستتردد أصداؤها في إجتماع اللجان النيابية المشتركة غداً حيث ستتبلور كل الاتجاهات النيابية من هذا الطرح. ولاحظت المصادر ان ما سيقترحه الرئيس بري يأتي قبل أقل من أسبوعيّن من إنتهاء الدورة العادية للمجلس في نهاية الشهر الجاري.

 

الحزب ومصرف لبنان
الى ذلك، علمت "النهار" من مصادر وزارية ان مجلس الوزراء الذي يعقد غدا جلسة عادية بجدول أعمال وزّع أمس، سيسبقه اليوم إجتماعان برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام: الاول يضم وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمتابعة موضوع العقوبات الاميركية المصرفية في حق "حزب الله" وتعاميم المصرف المركزي حيالها. والاجتماع الثاني للجنة الوزارية المكلفة ملف اللاجئين السوريين. وأعتبرت المصادر ان مصير العدالة الدولية في ضوء تعليق عمل الحكمة الدولية جلساتها أمس في انتظار الحصول على التأكيدات الرسمية لمقتل مصطفى بدر الدين التي طلبتها المحكمة ومصير النقد اللبناني مرتبطان بـ"حزب الله". ولفتت الى ان المواجهة بين المجتمع الدولي و"حزب الله" على المستوى المصرفي لم يبلغ ذروته وما يحصل اليوم هو تشنج داخلي يتركز على الحكومة وعلى مصرف لبنان. وكان حاكم مصرف لبنان أصدر أمس بياناً جديداً تضمن ايضاحات اضافية حول أسباب التزام لبنان القانون الاميركي المطلوب تطبيقه عالمياً وفي لبنان، مؤكداً ان تعميم المصرف في هذا السياق "كان واجباً قانونيا لبنانياً" وربط تأمين الاستقرار التسليفي بتطبيق هذا القانون "وإلا يصبح قطاعنا المصرفي معزولاً عن العالم". واشار الى ان لجنة الرقابة على المصارف ستصدر تعميماً تطبيقياً له صلة بالحسابات المدينة التي توافق على اقفالها وكيفية معالجتها حسابياً ومصرفياً.

 

المستقبل :

في إطار التواصل المستمر بينهما والحرص المشترك على إنهاء الفراغ الرئاسي، التقى الرئيس سعد الحريري الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس وتباحث معه في ملف الشغور وانعكاساته السلبية على لبنان مؤسساتياً واقتصادياً واجتماعياً، شارحاً له الجهود المبذولة من أجل وضع حد للاستنزاف الرئاسي والوطني الحاصل نتيجة تعطيل إنجاز الاستحقاق. وإذ نقل عن هولاند حرصه البالغ على انتخاب رئيس للجمهورية، جاء لافتاً للانتباه تجديد الحريري بعد اللقاء التمسك بدعم ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة مع إبداء انفتاحه على عقد لقاء مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على أن يقترن هذا اللقاء بتحديد مسبق للهدف المبتغى منه، مشدداً في هذا المجال على كون الأزمة الرئاسية ناتجة عن تعطيل جلسات انتخاب الرئيس وبالتالي على عون وحلفائه في 8 آذار «أن يتباحثوا في ما بينهم للتوصل إلى الحل وليس أن يتحدثوا مع سعد الحريري لإقناعه بهذا الحل«.
وبعد زيارته أمس قصر الأليزيه حيث كان في استقباله الرئيس الفرنسي عند مدخل القصر حيث عقدا اجتماعاً ثنائياً استمر قرابة الساعة، أكد الحريري أنّ هولاند «حريص جداً على إنهاء الفراغ الرئاسي»، وقال رداً على أسئلة الصحافيين بشأن إمكانية عقد لقاء بينه وبين عون: لا مشكل لدي في اللقاء مع العماد عون ولكن يجب أن نحدد هدف اللقاء، وأنا كرئيس حزب سياسي قلت إنه لا مانع لدينا أن يكون للفريق الآخر الأكثرية وينزلوا إلى مجلس النواب وينتخبوا العماد عون فنحن لن نعطّل ولا نعتبر أن التعطيل حق دستوري»، مضيفاً رداً على سؤال آخر: «موضوع الفراغ الرئاسي واضح جداً، هناك تعطيل حاصل وسببه من «حزب الله» والعماد عون، وهذا أمر مؤسف لأن البلد وكل اللبنانيين يدفعون ثمنه». 
استحقاق الجنوب
وعلى بُعد أيام من المرحلة الانتخابية الثالثة ما قبل الأخيرة للاستحقاق البلدي والاختياري في الجنوب، تتجه الأنظار إلى قضاء صور (فادي البردان ص 5) حيث من المرتقب أن يشهد الأحد المقبل مواجهات بلدية حامية في بعض بلدات القضاء بين لوائح «حزب الله» و»حركة أمل» من جهة ولوائح منافسة من مرشحي العائلات والمستقلين مدعومة من قوى حزبية يسارية، ستكون أسخنها وأشدها وقعاً في بلدة البازورية مسقط رأس أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بين لائحتين الأولى ائتلافية بين الحزب و«أمل» والثانية مؤلفة من 14 مرشحاً من المتوقع أن ينافسوا بشدة في الاستحقاق لما يتمتعون به من دعم وازن بين أوساط العائلات والقوى اليسارية ومن ثقل نوعي وخدماتي مشهود لهم في البلدة.

الديار :

شيء ما يشبه الانفجار احدثه الكلام عن المؤتمر الدولي لدى مرجعيات سياسية وروحية. والسبب ان اشارات وردت في وقت سابق الى هذه المرجعيات بأن ثمة جهات خارجية تعمل في هذا الاتجاه.
اما السبب الذي تستند اليه تلك المرجعيات، فهو الرغبة في الالتفاف على سيناريوات حساسة، وبالتالي انقاذ لبنان، وبأي ثمن، من تلك النظرية، وقد لا تكون مجرد نظرية، التي تقول ان لبنان يعيش كل ظروف الحرب الاهلية لان كل الابواب موصدة امام اي حل للازمة.
تقول ايضاً ان البعض في واشنطن، من الفريق الكيسنجري الذي لا بد ان يعود الى حيويته السابقة اذا ما انتخب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، يرى ان تسوية الصراع في سوريا تستلزم تفجير الوضع في لبنان، حتى اذا ما انتقلت النيران، واهلها وزبانيتها اليه، يصبح بالامكان اعادة رسم الخارطة في سوريا وبالشوكة والسكين.
غير ان ما يفهم من الديبلوماسيين الاميركيين، ومن العسكريين الذين يزورون وزارة الدفاع، بعيداً من الضوء، ان ادارة باراك اوباما التي تقرب التقاطع بين التعقيدات المحلية والتعقيدات الاقليمية في الحيلولة دون انجاز الاستحقاق الرئاسي، لا تنصح بالستاتيكو فحسب، بل وتوفر له الحماية اللازمة، وهي التي تعلم ان اي انهيار في الوضع الداخلي ينقل مقاتلي تنظيم «داعش» من سفوح السلسلة الشرقية الى شواطئ شرق البحر الابيض المتوسط.
الكلام عن المؤتمر اعاد الى ذاكرة بعض المرجعيات التي لم تعايش تلك الفترة بطبيعة الحال، لكنها عاشت آثارها وتأثيراتها، سلسلة المؤتمرات الدولية التي اعقبت الحرب العالمية الاولى، من فرساي الى سيفر وسان ريمو ولوزان. المؤثرون كانوا يحملون السكاكين لتقطيع الخرائط او لتقطيع الشعوب، لتبقى المنطقة رهينة منطق القبلية والطائفية.
وكانت قد وردت الى مرجعيات لبنانية معلومات عن اتصالات اجراها قطب لبناني او اكثر مع وكيل الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان حول امكان تحييد لبنان تحت مظلة الامم المتحدة، وهو المحكوم بقرارات مجلس الامن الدولي 1559 و1701 و1757.
وبحسب ما تسرب من معلومات، فان القطب رأى ان الحل في لبنان لا يمكن ان يكون بتثبيت الصيغة الراهنة، اي بالفديرالية العمودية (توزيع الرئاسات الثلاث طائفياً)، وهي الصيغة التي دأبت على انتاج الازمات.
البديل فيدرالية، او كونفديرالية، افقية، حيث لكل طائفة كانتونها او كانتوناتها الخاصة، وبرعاية دولية دقيقة وفاعلة الى ان يتكيف اللبنانيون، وعلى غرار ما حصل للسويسريين (الذين نشيدهم الوطني يشبه الصلاة) مع الصيغة المستحدثة او المستجلبة.
السفير الفرنسي ايمانويل بون الذي تردد انه اوقظ من نوه صبيحة امس للاستيضاح حول ما ورد على لسانه لجهة المؤتمر الدولي، فكان رده ان «لا مؤتمر تعدّ له فرنسا في شأن لبنانه، وقد حصل سوء فهم في شأن هذا الموضوع». كل ما في الامر انه حصل التباس (ام زلة لسان؟)، اذ ان بون كان يقصد اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي لم يحدد حتى الآن لا مكان ولا موعد انعقاده.
في كل الاحوال، باريس تشهد حراكاً سياسياً وديبلوماسياً في اكثر من اتجاه، ووزير الخارجية جان - مارك ايرولت يزوربيروت في 27 ايار الجاري، دون ان يكون خاوي الوفاض بأي حال، ولكن الى اي مدى يمكن تسويق الافكار التي سيحملها اذا ما اخذت بالاعتبار الحالة البابلية التي يعيشها لبنان، لا سيما مع نتائج الانتخابات البلدية في جبل لبنان والتي اظهرت كيف ان الجميع يلعبون ضد الجميع.

ـ رئيس انقاذي ـ

«الديار» استوضحت ديبلوماسياً اوروبياً حول ما يمكن ان يحمله ايرولت، فكان رده «تبعا لمعلوماتي فان الفرنسيين لا يعتبرون رئيس السنتين رئيساً انتقالياً بل رئيساً انقاذياً».
اضاف: «واذا كان العماد ميشال عون قد اعرب اكثر من مرة عن تأثره بشخصية الجنرال شارل ديغول، فهو يعلم، دون شك، بالدور الانقاذي الذي اضطلع به ودون النظر الى الموقع او الى المدة ما دامت المصلحة العليا لفرنسا تتطلب ذلك».
المرجح بل والمؤكد ان عون هو رئيس السنتين. العرض يأتي في وقت حساس جداً بالنسبة الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح الذي قد يضبط اعصابه كثيراً ليبوح بكل ما في صدره وبخفايا ما جرى في معركة جونية...
وهو لا بد ان يكون قد اضطلع على بعض التعليقات او على بعض الآراء التي صدرت عن قيادات سياسية، ومنها ان مقولة «الزعيم الاول» او «الزعيم الاقوى» لم تعد قابلة للتداول.
وهذه القيادات تصف النتائج بنصف انتصار او بنصف انكسار ما يعني ان الجنرال لا يستحق اكثر من نصف او ثلث ولاية، فيما يرد المناصرون بأن عون تمكن من احباط «مؤامرة» داخلية وخارجية عليه لاخراجه من الحلبة السياسية، مع التأكيد بأنه مثلما الجنرال لا يتجزأ فان ولاية رئيس الجمهورية لا يمكن ان تتجزأ ايضاً.

ـ عون: وراء الستار ـ

وفي مداخلة تلفزيونية مساء، خلا كلام عون من اي لمسة دراماتيكية، مغالباً النفس للحيولة دون تأثير معركة جونية على «اعلان النوايا» مع «القوات اللبنانية». وهو تحدث عن اناس «كانوا وراء الستار وليسوا مرئيين، لكننا كنا نرى كيف تدار اللعبة»، ليشير الى وجود «ممثلين محليين» للفريق الذي كان يخطط للانتخابات».
وقال انه لا يعرف ما اذا كان الدكتور سمير جعجع «يلعب اللعبة ام لا»، مستدركاً «لكنني لا اعتقد، اذا كانت له ارتباطات باحد الذين رشحوا على اللائحة ولا يحب ان يتركه.. ليضيف «انا اخوض المعركة بامكاناتي، وهذا سلوكي قبل معركة جونية. وكان يقال لنا اننا نربح المعارك المستحيلة. يمكن ان هذه المعركة كانت مستحيلة لانها لم تكن ضد قوة واحدة بل ضد مجموعة القوى المعارضة للتيار الوطني الحر في كسروان».
وأكد عون ان معركة جونية لن تؤثر في التفاهم القائم مع «القوات اللبنانية»َ لافتا الى انه لو لم يكن عارفاً بأن المعركة ستأخذ ذلك المنحى لما خاضها.
وفي كلام يعني «ان المجلس النيابي يصبح شرعياً اذا انتخبني» قال «لست بحاجة الى الانتخابات البلدية لأكرس نفسي الاقوى عند المسيحيين»، مضيفاً بأان «هذا المجلس اذا كانت هناك تسوية على مستوى الوطن عليه ان يلتزم بالشرعية الحزبية حتى يبدو وكأنه ينال الشرعية في موضوع رئاسة الجمهورية».
الطبق الرئيسي اليوم على طاولة الحوار الوطني المبادرة التي «يشتغل» عليها الرئيس نبيه بري علها تخرج لبنان من عنق الزجاجة، لا داعي للبحث عن باخرة في عرض البحر، ولا للبحث عن عاصمة تستضيف الاطراف اللبنانية «دوحة لبنانية»، ولوحظ ان مصادر رئيس المجلس النيابي لم تستخدم كلمة «سلة»، مع ان مراسلنا في عين التينة محمد بلوط يتحدث عن بنود المبادرة (لا محتويات السلة) من قانون جديد للانتخابات (اولاً؟!) الى انتخاب رئيس للجمهورية، وربما ايضا حكومة وحدة وطنية جديدة في العهد الجديد.

ـ لبننة المكان ـ

ويخشى بري، بعد دعوته الى 40 جلسة انتخابية، طار فيها النصاب، ان يستمر هذا «الوضع المتردي» من فراغ رئاسي وشبه شلل حكومي وبرلماني الى ايار 2017، موعد الانتخابات النيابية. ولهذا كانت مبادرته لايجاد مخارج لكل عناصر، وربما لكل عوامل الازمة.
من البداية، ورئيس المجلس يسعى للبننة الحل، وفي اطاره «لبننة المكان»، اتفاق في بيروت ومن خلال الحوار القائم، وهو لاقى تجاوباً ودعماً للمبادرة بدأ يلمسه اكان ذلك على الصعيد الداخلي ام على الصعيد الخارجي.
وتبعاً لما ينقل عنه فإن بري يعلم ان انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد هو الافضل، الا ان تجربة السنتين الماضيتين ليست مشجعة، ولا بد من الدخول الى الحلول والتشريع في ذلك من خلال الاتفاق على قانون جديد للانتخابات واختصار ولاية المجلس النيابي، وبالتالي اجراء انتخابات على اساس القانون الجديد، والارجح ان يأتي بخارطة نيابية مختلفة، وباكثرية مختلفة، مع الاخذ بالاعتبار ان 8 و14 اذار فارقا الحياة.
وتلحظ المبادرة تعهد الاطراف خطياً بحصول انتخابات رئاسية بعد ذلك، فتنعقد الجلسة ولينتخب من ينتخب. وهكذا يكون البدء بقانون الانتخاب للوصول الى قصر بعبدا وليس العكس.

 

الجمهورية :

فيما تتواصل القراءات السياسية لنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، وتستعدّ محافظة الجنوب لانتخاباتها الأحد المقبل، لم يحجب هذا الاستحقاق، على أهمّيته، الاهتمام عن ملفّات الداخل، وفي مقدّمها ملفّ الاستحقاق الرئاسي الذي حضَر بقوّة في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس سعد الحريري، وملفّ الحوار الوطني بين أقطاب الكتل النيابية، والذي يَلتئم اليوم بجلسةٍ جديدة في عين التينة، ويُنتظر أن يتناول ما حقّقته الانتخابات البلدية من نجاحات من شأنها أن تشجّع على إجراء الانتخابات النيابية بعد إقرار قانون انتخابي جديد أو حتى على أساس القانون النافذ، وقبل انتخاب رئيس الجمهورية العتيد أو بعده، ويُنتظر أن يضع راعي الحوار ومديرُه رئيس مجلس النواب نبيه برّي المتحاورين أمام مسؤولياتهم في هذا المجال. على رغم الانشغالات المستمرّة في جولات الاستحقاق البلدي والاختياري، ظلّ ملف قانون العقوبات الأميركية ضد «حزب الله» متصدّراً المشهد السياسي والمالي العام في البلاد.
وكان جديده أمس ما شاع من معلومات عن تلويح حاكم مصرف لبنان بالاستقالة على خلفية الضغوط التي يمارسها حزب الله لمنع التزام المصارف اللبنانية تطبيقَ القانون الأميركي. لكنّ مصادر مصرف لبنان سارعت الى نفي هذه الإشاعات مؤكّدةً استمرار سلامة في تحمّلِ مسؤولياته.
وقد سُجّلت في هذا الإطار جملة من التطوّرات في هذا الملف، كان أبرزها البيان ـ الاقتراح الذي أصدرَه حاكم مصرف لبنان، متضمِّناً نوعاً من التفسير لتعميمه السابق، ويقترح فيه إصدار هيئة التحقيق المصرفية تعميماً ينصّ على إلزام المصارف، وقبل إقفال أيّ حساب، بإحالة الطلب إليها للنظر فيه وإصدار رأيها في مهلة 30 يوماً.
وقالت مصادر متابعة للملفّ لـ«الجمهورية» إنّ بيان سلامة «فتَح ثغرةً أساسية لتسوية حول حسابات «حزب الله» لجهةِ معالجة التداعيات الناجمة من إقفال بعض هذه الحسابات.
ورأت «أنّ الحلّ يَكمن في تحرّك عاجل لحاكم مصرف لبنان بعقدِ جلسة عملٍ طارئة وسريعة مع المسؤولين الأميركيين شارحاً حقيقة الوضع في لبنان، وأنّ نوّاب الحزب انتخبَهم اللبنانيون ويمثّلون ثلثَ الشعب اللبناني، وبالتالي لا يمكن إسقاط هذا التعميم عليهم ووضعُ ثلثِ الشعب اللبناني على لائحة الإرهاب، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة الاميركية تنادي دائماً بالديموقراطية وتمثيلِ الشعوب في البرلمانات».

«حزب الله»
وقد لاقى اقتراح سلامة استحساناً لدى حزب الله، من دون أن يعني ذلك أنّه يشكّل حلّاً للقضية. وقالت مصادر مطّلعة على موقف «الحزب» لـ«الجمهورية» إنّ «بيان حاكم مصرف لبنان نعتبره خطوةً إيجابية من شأنها إيجاد ثغرة وتساعد على إيجاد علاج للمشكلة الناشئة».
لكنّ هذه المصادر حرصَت على التذكير مجدّداً برفض الحزب عبرَ بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» القانونَ الأميركي «جملةً وتفصيلاً، لأنّه يؤسّس لحرب إلغاء محلّية يساهم في تأجيجها المصرف المركزي وعددٌ مِن المصارف، فضلاً عن كون التزامه مصادرةً للسيادة اللبنانية النقدية».
وعن تصريح عضو «الكتلة» النائب علي فيّاض الذي اعتبَر أنّ محاولة تطبيق القانون الاميركي ستترك تأثيرات سلبية على الاستقرار في لبنان، وتكون لها تداعياتها السلبية على الوضع اللبناني برُمّته، قالت المصادر نفسُها «إنّ مِن الطبيعي أنّ يعلن الحاج علي هذا الموقف، في الوقت الذي تتّخذ جمعية مصارف لبنان علناً موقفاً متطرّفاً تدعو فيه إلى تطبيق العقوبات الأميركية في حقّ جزء كبير من اللبنانيين».
إلّا أنّ هذه المصادر أكّدت في الوقت نفسه استمرارَ المفاوضات مع وزير المال وجمعية المصارف ومع حاكم مصرف لبنان.
وكان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله قال «إنّ التعاميمَ التي تصدرُ باسمِ حاكميةِ مصرفِ لبنان تتلاقى مع تعاميم وقراراتٍ أميركية، وإنّ هناك من يحاولُ أن يفرضَ أكثرَ ممّا يريده الأميركيون».
من جهته، نبَّه النائب حسين الموسوي «المؤسّسات المصرفية التي بدأت تستجيب لهذه الإملاءات (القانون الأميركي) إلى مخاطر هذا السلوك»، مُذكّراً «الحكومة اللبنانية بمسؤوليتها عن شعبها وعدم التفرّج على استهداف المقاومة التي حفظت سيادة الدولة ومؤسّساتها بدماء شهدائها وتضحيات أهلها بما ملكوا من الأموال والأنفس».
موقف أميركي
وعلى رغم أنّه لم يصدر حتى الآن أيّ موقف رسمي أميركي حيال ردّةِ فِعل «حزب الله» على القانون، لفتَ أمس موقف للسفارة الأميركية في بيروت، نسَبته وكالة «رويترز» إلى مصادر السفارة، قالت فيه إنّه «بينما لا نزال نتوخّى الحذر في محاولاتنا لعزلِ «حزب الله» عن النظام المصرفي العالمي، فإنّنا سنفعل ذلك بطريقة تحمي الاقتصاد اللبناني والنظام المصرفي قدرَ الإمكان. هذا الأمر لن يستهدف الأبرياء».
كتلة «المستقبل»
في سياق متّصل، استنكرَت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها الأسبوعي أمس، «الموقف الذي صدر عن الكتلة النيابية لـ»حزب الله» والداعي إلى عدم التزام المصارف اللبنانية قواعدَ عملِ النظام المالي العالمي التي تلتزمها جميع دوَل العالم المشاركة في هذا النظام».
واعتبرَت أنّ هذا الموقف «يُعرّض الأمن الاقتصادي والمالي للبنان والمواطنين اللبنانيين، وكذلك أمنَ الاقتصاد اللبناني ونظامه المصرفي ومدّخَرات اللبنانيين للخطر الشديد».
الفراغ في باريس
مِن جهةٍ ثانية، حضرَت أزمة الشغور الرئاسي في اللقاء بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس سعد الحريري في قصر الإليزيه أمس.
وأوضَح الحريري بعد اللقاء «أنّ البحث تناول الأمور التي تهمّ لبنان والمنطقة، خصوصاً موضوع الفراغ الرئاسي وموضوع اللاجئين السوريين». وأكّد حِرص هولاند الشديد على إنهاء هذا الفراغ «لأنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان وصلَ إلى مراحل خطرة جداً».
وإذ أكّد الحريري أن لا مشكلة لديه في لقاء رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، شدّد على وجوب «أن نحدّد هدف اللقاء»، وقال: «في النهاية، نحن لدينا مرشّح رئاسي هو النائب سليمان فرنجية، وفي المقابل نكِنّ للعماد عون كلَّ الاحترام والمحبّة، ولا بدّ من التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
وأنا كرئيس حزب سياسي هو تيار «المستقبل»، قلتُ أنْ لا مانع لدينا أن يكون للفريق الآخر الأكثرية وينزل إلى مجلس النواب وينتخب العماد عون، فنحن لن نعطّل ولا نعتبر أنّ التعطيل حقّ دستوري. وعليه، فما هو الهدف من اللقاء مع العماد عون؟ هل أن نقتنعَ به كمرشّح رئاسي؟ هناك حلفاء له في الثامن من آذار يجب أن يَبحثوا في ما بينهم للتوصّل إلى الحلّ، وليس أن يتحدّثوا مع سعد الحريري لإقناعه بهذا الحل».
نفيٌ فرنسيّ
وكان السفيرالفرنسي إيمانويل بون قد نفى وجود مشروع لعقدِ مؤتمر دولي حول لبنان. وأوضَح بعد زيارته وزيرَ المال علي حسن خليل «أنّ ما نريد العمل عليه هو ما أعلنَه الرئيس هولاند لدى زيارته لبيروت، وهو عقدُ اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان». وأشار إلى أنّ وزير الخارجية جان مارك إيرولت سيزور لبنان للتشاور مع السلطات اللبنانية في الوسائل الفضلى لدعمِه.
وذكّرَ بما قاله هولاند عندما زار لبنان من «أننا نأمل في أن تتمكّن مجموعة الدعم الدولية من أن تجتمع في لبنان، وهذا ما نتمنّاه، وهذه المجموعة هي التي تعمل على الاستقرار والأمن والحلول السياسية للبنان، وليس لدينا طموحات أخرى سوى العمل مع جميع الأفرقاء الدوليين لمساعدته على تثبيت استقراره في مواجهة تداعيات الأزمة السورية، وليتمكّنَ من معالجة مشكلاته الخاصة».
رسالة أميركية
في غضون ذلك تسلّمَ رئيس الحكومة تمّام سلام رسالةً مِن وزير الخارجية الأميركية جون كيري، نَقلها إليه القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان داني هول لوجود السفير ريتشارد جونز خارج لبنان، وهي تؤكّد التزام الولايات المتحدة مساعدةَ لبنان على التعامل مع وجود أكثر من مليون نازح سوري على أراضيه.
وقال هول: «إلى المساعدات الإنسانية الطارئة، تلتزم الولايات المتحدة دعمَ التنمية في لبنان على المدى الطويل أيضاً». ولفتَ إلى «أنّ الولايات المتحدة تحيّي الجهود التي يبذلها لبنان حتى الآن بالتجاوب مع الأزمة السورية». وأكّد استمرار واشنطن «في «دعم المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني في كلّ خطوةٍ على هذا الطريق».
الإنترنت غير الشرعي
وفي ملفّ الإنترنت غير الشرعي، ومع عودة المدير العام لمؤسّسة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف أمس الأوّل إلى بيروت، تبدّلَ كثير من السيناريوهات المتداوَلة، خصوصاً تلك التي رجّحت عدمَ عودته.

اللواء :

كادت الوضعية الإقليمية والدولية للبنان تتقدّم على ما عداها، حتى أن الانتخابات البلدية في مرحلتها الثالثة بعد أربعة أيام، أوشكت أن تكون انتهت قبل أن تبدأ، وإن بدا النائب ميشال عون يحشد في جزّين، حيث لا معالم معركة، بعدما أعلنت «القوات اللبنانية» أنها جزء من لائحة نحنا لجزين» والتي تضمها إلى التيار العوني والكتائب والعائلات، وما يزال حزب الله على دعمه لحليفه العوني، في حين رفض الرئيس نبيه برّي أن يكون جزءاً من إشتباك جزّين، تاركاً الحرية لمؤيديه من مسلمين ومسيحيين، حتى إذا ما جاءت النتائج لصالح تحالفاته كان يعني انتصاراً جديداً يتجاوز جونية وزحلة، وإن قال النائب عون ليل أمس أنه «ليس بحاجة لانتخابات بلدية لإثبات أنه الأقوى مسيحياً».
وتمضي الاستعدادات، وسط ورشة توسعة للشوارع وإعادة ترصيفها في مدينة صيدا من قبل البلدية الحالية، حيث أعلنت النائب بهية الحريري أن صيدا الأحد على موعد مع تجديد الثقة لمحمد السعودي على رأس لائحة «إنماء صيدا» التي اختارت شعاراً لمعركتها: «صيدا إلى الأمام»، فيما ينشط مناصرو «لائحة الناس» المدعومة من النائب السابق أسامة سعد لعرض برنامجهم على أبناء المدينة.
وفي النبطية، إنسحابات بالجملة، حيث سجل انسحاب 187 مرشحاً من أصل 1141 ليستقر العدد على 994 مرشحاً بلدياً بينهم 26 إمرأة، وسط خلافات عائلية وتنظيمية وتمردات تبذل جهود فوق العادة لاحتوائها، سواء في البلدات الساحلية الكبرى أو قرى القضاء، وصولاً إلى قضائي مرجعيون وبنت جبيل.
العقوبات الأميركية
ولا يمكن النظر إلى الانتخابات البلدية في الجنوب وهي المحطة الشيعية الثالثة بعد البقاع والضاحية الجنوبية، بمعزل عن المواجهة الحاصلة بين مصرف لبنان ومعه جمعية المصارف و«حزب الله» التي تتولى بالنيابة عنه كتلة «الوفاء للمقاومة» الضغط على الحاكم رياض سلامة لتعليق أو إلغاء التعاميم التي أصدرها إلى المصارف للإلتزام بروحية القانون الصادر عن الكونغرس الأميركي في ما خصّ العقوبات على حزب الله وقيادته وكياناته الإعلامية والإقتصادية والإجتماعية، من دون استبعاد أن تلحق هذه الإجراءات بالبلديات الشيعية أو بما يصفه حزب الله «شرائح واسعة من اللبنانيين»، متهماً «البعض من اللبنانيين بأنه متأمرك أكثر من الأميركيين»، على حدّ تعبير عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الذي رأى أن «التعاميم التي تصدر باسم حاكمية مصرف لبنان تتلاقى مع تعاميم وقرارات أميركية، وأن هناك من يحاول أن يفرض أكثر مما يريده الأميركيون».
ومن غير المستبعد أن يتطرّق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعد غد الجمعة في خطابه التأبيني لمصطفى بدر الدين، إلى الانتخابات البلدية وإجراءات المصارف، على الرغم من أن المناسبة قد لا تتّسع لمثل هذه المواضيع الملحّة.
لقاء هولاند - الحريري
وحضر الوضع اللبناني بكل تعقيداته، «من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إلى مراحل خطرة للغاية»، على حدّ تعبير الرئيس سعد الحريري، إلى الانتخابات البلدية باعتبارها تفتح الباب أمام انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس نيابي جديد، وصولاً إلى الجهود الدولية المبذولة لوقف النار في سوريا والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، على مدى ساعة كاملة في قصر الإليزيه، على طاولة اللقاء بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الحريري الذي حظي باستقبال استثنائي من قبل الرئيس الفرنسي الذي استقبله على مدخل القصر وصافحه بحرارة.
وقال مصدر مقرّب لـ«اللواء» أن المحادثات اتسمت «بالجدّية والإنتاجية»، وأن الرئيس الحريري لمس حرصاً فرنسياً ثابتاً لإنهاء الشغور الرئاسي، ومساعدة لبنان على الخروج من الأزمة التي تعصف به، سواء على خلفية استمرار الشغور في منصب رئيس الدولة، أو التداعيات السورية الضاغطة على لبنان ديموغرافياً ومالياً واقتصادياً.
وكشف الرئيس الحريري بعد اللقاء أن موضوع الفراغ الرئاسي سببه حزب الله والعماد عون، واللبنانيون يدفعون الثمن، والحل لوقف التدهور الحاصل في المؤسسات هو إنهاء الفراغ، معلناً أن لا مانع لديه من لقاء العماد عون، لكن يجب أن يُحدّد هدف اللقاء أولاً، لأنه لدينا مرشّح رئاسي وهو النائب سليمان فرنجية، ودعا حلفاء عون في 8 آذار للتباحث في ما بينهم للتوصل إلى حل والتحدث معه وليس أن يتحدثوا مع الحريري لإقناعه بهذا الحل.
وفي ما خصّ اللاجئين السوريين قال الحريري أن «الحل الأساسي لهذا الموضوع هو عودة اللاجئين إلى ديارهم ضمن حل سياسي بأسرع وقت».
رسالة كيري إلى سلام
وفي إطار متصل، تميّز يوم رئيس الحكومة تمام سلام أمس، بأنه ديبلوماسي بامتياز، فمن جهة تلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في نواكشوط في 25 و26 تموز، ومن جهة ثانية تسلّم رسالة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري نقلها إليه القائم بأعمال السفارة داني هول تتعلق بأوضاع النازحين السوريين، وتعبّر وفقاً للديبلوماسي الأميركي عن التزام الولايات المتحدة بمساعدة لبنان على التعامل مع وجود أكثر من مليون نازح سوري، كاشفاً بأن الولايات المتحدة قدّمت أكثر من 133 مليون دولار في مؤتمر لندن كمساعدات إنسانية طارئة للنازحين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم، وأكد أن واشنطن تتطلع إلى الوقوف على التزاماتها خلال القمة العالمية الإنسانية المرتقب انعقادها في اسطنبول في 23 و24 أيار الحالي.
تداعيات الإجراءات المالية
في خضم هذه الضغوطات، تفاعلت تداعيات القانون الأميركي، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس تمام سلام من تهدئة المخاوف واحتواء المشكلة المندلعة بين المصرف المركزي و«حزب الله».
وانفاذاً لقرار مجلس الوزراء التقى وزير المال علي حسن خليل وفداً من جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه تطرق إلى الاتصالات المتاحة للخروج من هذا المأزق، عشية عودة مجلس الوزراء إلی الإنعقاد غدا الخميس، حيث سيحضر هذا الملف على جدول الأعمال، ومن دون استبعاد أن يكون على طاولة الحوار الوطني اليوم.
وفي جملة النقاط التي جرت مناقشتها في اللقاء والتي أشار إلى بعضها طربيه:
1- أن المصارف اللبنانية تعمل تحت سقف القانون، وتحت سلطة الدولة اللبنانية والقوانين الصادرة عن المجلس النيابي.
2- ومع ان المصارف تطبق القوانين اللبنانية، لكنها تعمل ضمن إطار قوانين عالمية تطبق على كل المصارف في العالم بما في ذلك مصارفنا العاملة في 33 بلداً.
3- اعتبر طربيه ان المخرج هو التطبيق الواعي للقانون، وأن المصارف ليست جزءاً من العقوبات التي يفرضها القانون الأميركي على «حزب الله»، معتبراً ان تطبيق العقوبات في لبنان هو جزء من ضريبة الامتثال التي يجب أن يتعامل معها القطاع المصرفي، لذا يتعين أن يحدث تفاهم بين المصارف والحكومة ومصرف لبنان، كاشفاً أن تعميم مصرف لبنان لم نبدأ تطبيقه بعد.
بدوره، خرج حاكم مصرف لبنان عن صمته وأصدر بياناً أوضح فيه الآتي:
1 - القانون الصادر في الولايات المتحدة هو قانون أميركي مطلوب تطبيقه عالمياً، في لبنان، وبالتالي فان التعميم رقم 137 تاريخ 3 أيار 2016 الصادر عن المصرف المركزي كان واجباً قانونياً لبنانياً.
2 - لم يكن من الممكن تأمين الاستقرار التسليفي إذا لم يطبق هذا القانون الأميركي، وبالتالي فالتعميم من شأنه أن يريح المصارف المراسلة ويؤكد ملاءمة العمل المصرفي في لبنان عما هو مطلوب دولياً، وهذا ما من شأنه أيضاً أن يسمح بحركة الأموال الوافدة من المغتربين وغير المقيمين.
3 - أما في ما خص كيفية تنفيذ هذا التعميم سواء في ما خص حركة الرقابة بين المصارف وهيئة الرقابة في مصرف لبنان، لا سيما في ما خص الحسابات الدائنة والمدينة التي تحميها السرية المصرفية، واستثناء الحسابات العائدة إلى أشخاص أو مؤسسات مدرجة على اللائحة السوداء لـOFAC (مكتب مراقبة الاصول في الخزانة الأميركية)، فانه يتعين على المصارف اتباع الآلية التالية:
أ - على المصارف التي تريد اقفال حسابات أشخاص أن تبرر خطوتها بكتاب ترفعه إلى المصرف المركزي.
ب - تنظر هيئة التحقيق بالطلب ولا يقفل المصرف الحساب قبل أن يأتيه الرد أو بعد مرور 30 يوماً، علماً أن الخلافات يمكن ان تطرح على الهيئة المصرفية العليا باعتبار أن قراراتها غير قابلة للمراجعة من الناحية القانونية، وان تعميماً تطبيقياً اضافياً سيصدر لهذه الغاية.