"على الحليف ان يقدّر مختلف الظروف لحلفائه وان يتروى قبل اطلاق الاحكام، سيما وانه يعلم حقيقة الموقف الانتخابي البلدي في زحلة مسبقا".

 

هذا لسان حال من قرأ واستمع الى انفعالات قريبين من رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون في تعليقهم على نتائج الانتخابات البلدية في مدينة زحلة واتهام "حزب الله" بخذلان لائحة الاحزاب.

في المقابل، فإن التفاهم بين الحزب و"التيار الوطني الحر" انجز على قواعد صلبة مرتكزة الى صورة المشهد في الاقليم والعالم، ومرّ هذا التفاهم في ثلاث محطات كبرى:

1- حرب تموز العام 2006 وعقبها رُوي عن السيد حسن نصرالله قوله "لو كتبت لي الشفاعة يوم القيامة اول من سينال شفاعتي الرئيس اميل لحود والعماد ميشال عون"، تقديرا لموقفهما الحاسم في الحرب.

2- الحرب السورية التي هي اخطر من الحرب ضد اسرائيل، لان الحرب ضد العدو تعني انك اما مع وطنك او مع العدو، وصحيح ان هناك فضلا لمن وقف مع المقاومة ولكن وقوفه في المكان الطبيعي، اما الحرب في سوريا فهي امتحان يحتاج الى تمييز بين الحق والباطل. لم يعترض عون على "حزب الله" في ما خص الحرب السورية، صحيح لم يعلن موقفا مؤيدا لدخول الحزب في الحرب، انما كان يتفهم المشاركة ونقل عنه كلام عن اهمية محاربة الارهاب خارج الحدود.

3- رئاسة الجمهورية، وهو امتحان يمر به "حزب الله" الذي يتحمل الاتهامات والضربات من الحلفاء قبل الخصوم ويتهم بالتعطيل، وقوى اقليمية ودولية تمارس ضغوطا متصاعدة على الحزب. حتى ان بعض حلفائه صارحوه بأن لديه فرصة لتسويق حليف آخر هو سليمان فرنجية الذي وصلت الرئاسة الى باب داره ولم يفتح لها الباب لان الحزب متمسك بعون.

فجأة، جاء التحالف بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، ولم يسمع احد اعتراضا من "حزب الله"، لا بل ان السيد نصرالله قال علنا ان "اي تقارب بين اللبنانيين نؤيده"، رغم التناقض الجوهري بين ان تكون حليفا للمقاومة وحليفا في الوقت عينه مع حليف السعودية واميركا، ومع ذلك فإن الحزب لم يعترض.

وبرغم كل الضغوط، يبدو "حزب الله" اكثر اصرارا على التفاهم ببعده الاستراتيجي مع "التيار" وعلى كلمة السيد نصرالله ووعده لعون، علما ان حملة كبيرة شنت ممن رشحوا عون الى الرئاسة طالبت الحزب باعلان ترشيح عون، وكان الاخير يعرف ان عدم التسمية انما تم بالتفاهم معه حماية لهذا الترشيح الى حين طلب عون ان تتم التسمية لكسر الاحراج.

يأتي ذلك علما ان كل الاتهامات للحزب بالتعطيل تخرج من رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ولم يطلب الحزب من عون او يلمّح له بوجوب اسكات حليفه جعجع لان عون يعرف الحقيقة، ولو ان الحزب لا يريد عون لكان سهل انتخاب فرنجية.

اليوم ثمة ضجة كبيرة جراء الانتخابات البلدية في زحلة. وقد كان "حزب الله" واضحا جدا. منذ البداية، قال للجميع: لدينا التزام مع آل سكاف لانهم اصل من اصول المدينة، ولدينا التزام مع النائب نقولا فتوش لانه حليفنا، ولدينا التزام مع ميشال عون، اذا اتفقتم نحن مع الاتفاق والحزب سعى للاتفاق انما كل الاطراف رفضت باستثناء فتوش.

والواقع ان عون يعرف ان ميريام سكاف هي ضد "القوات" في زحلة وهو تحالف مع "القوات" ضد آل سكاف وبدأ بالترويج ان سكاف متحالفة مع "تيار المستقبل" وهو تحالف مع "المستقبل" في بيروت. الحزب قال لعون "اذا سرتم بالتوافق في زحلة نحن نؤيد التوافق"، والشيخ نعيم قاسم اجتمع مع سكاف وابلغها "اذا سرت بالتفاهم كل اصواتنا مع التفاهم، واذا كنت لا تريدين فنحن ملتزمون معك ولكن عون وفتوش حليفانا ولا نستطيع منحك كل الأصوات". وبعد اخذ ورد اقتنعت سكاف بموقف الحزب، ولم يخل الحزب بأي التزام مع سكاف او فتوش او عون.

وبرغم كل المحاذير وخطورتها، تفهم "حزب الله" موقف ميشال عون مع الرئيس نبيه بري، وهو يعرف ان بري حليف استراتيجي للحزب. طلب الحزب من عون الحوار مع بري فقابل الطلب بالحديث عن "حليف الحليف" مما فاقم الازمة. نصح عون بعدم القول ان مجلس النواب غير شرعي في حين تريد من بري تأييدك في الرئاسة ولم يقتنع. كما نصحه بالمشاركة بجلسة تشريع الضرورة وجاء الجواب سلبيا. قيل لعون أنك جلست تفاوض الرئيس سعد الحريري سنة كاملة ولست قادرا على الحوار مع بري لاسبوع.. للاسف يعتبر عون وبعض المقربين منه ان بري ملزم بانتخاب "الجنرال" رغما عنه، وهذا اعتقاد خاطئ جدا ومن يتوهم ذلك لا يعرف الدور الحاسم لبري في الاستحقاقات.

هناك سلسلة اخطاء يرتكبها "التيار الحر"، عليه الاستدراك قبل تحولها الى خطايا لا تغتفر، الا ان "حزب الله" لن يبدل في تفاهمه مع "التيار" تبديلا.

( السفير)