تفاهمات بين معراب وبيت الوسط  لتصحيح الاخطاء , والمسيحيون يرفضون إنتخاب رئيس خفيف

 

السفير :

برغم مضي أيام عدة على انتهاء الانتخابات البلدية في بيروت، إلا أن هزاتها الارتدادية لا تزال متواصلة، بعدما أدت نتائجها المركّبة الى تحريك «فالق» الهواجس المتبادلة بين «تيار المستقبل» وحلفائه المسيحيين.
وإذا كانت صناديق الاقتراع في بيروت وعاصمة البقاع قد باحت بمكنوناتها وأسرارها، فإن دفاتر الحساب فُتحت للتو في «بيت الوسط» ومعراب والصيفي، بعدما كشفت أرقام المقترعين للائحة «البيارتة»، كما أعداد المقاطعين للعملية الانتخابية عن خلل فادح في منظومة التحالف وبنيته التحتية التي بدت بحاجة ملحة الى أعمال صيانة.
حتى الأمس القريب، اعتاد حلفاء الحريري من المسيحيين، خصوصا رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على التخفيف من وطأة التناقضات التي كانت تسري تحت جلد التحالف، متسببة بعوارض جانبية.
كثيرا ما كان جعجع يستخدم القفازات السياسية في مقاربة العلاقة بالحريري، مفضلاً تدوير الزوايا الحادة على الاصطدام بها، الى حد أنه قرر أن «يبتلع» الإهانة التي شعر بها عندما لامه رئيس «المستقبل» علنا على توقيت المصالحة مع العماد ميشال عون، خلال احتفال «14 آذار» في «البيال».
يبدو جعجع وكأنه يريد لعلاقته مع الحريري أن تكون مضبوطة على إيقاع عقارب ساعته، وليس على وقع ردود الفعل الارتجالية، ولو اضطر لكتم الغيظ الى حين، في انتظار اللحظة المناسبة لتغيير قواعد اللعبة.
والأرجح أن جعجع بات يميل في أعقاب تفاهمه مع عون الى تعديل شروط «العقد» الذي كان يربطه برئيس «المستقبل»، لا سيما بعدما ساهمت مصالحة معراب في تعزيز رصيده وتحسين موقعه التفاوضي.
وبقعة زيت التململ المسيحي امتدت أبعد من معراب، الى درجة أن شخصية كانت محسوبة تقليدياً على «المستقبل»، مثل الوزير ميشال فرعون، باتت لا تخفي تمايزها عن التيار الازرق. ويروى أن فرعون صارح الحريري مؤخرا، بحقيقة المزاج المسيحي المتذمر في العاصمة، نتيجة نهج المجلس البلدي لبيروت، قائلا له في أحد الاجتماعات: أنا اسمي ميشال فرعون، وأنا وزير ونائب، ومع ذلك لم أحصل على خدمة من بلدية بيروت (السابقة) منذ مدة طويلة.
«القوات» تصارح الحريري
وتعترف مصادر مقربة من «القوات اللبنانية» بأن هناك خللاً في التحالف مع «المستقبل»، بلغ حد «العطب البنيوي»، الأمر الذي بات يتطلب مراجعة نقدية جريئة من الطرفين، بغية تصويب المسار، قبل أن تتفاقم الأزمة بينهما.
وترفض المصادر المطلعة على مناخ معراب اتهامات «المستقبل» لحلفائه المسيحيين، وفي طليعتهم «القوات»، بخيانة لائحة «البيارتة» وعدم الإيفاء بالالتزامات المفترضة حيالها، لافتة الانتباه الى أن النتيجة الهزيلة التي حصدتها اللائحة تعود الى تراكم مجموعة من الملفات التي لا علاقة لـ «القوات» بها، بل نشأت على ضفاف «المستقبل» بشكل أو بآخر، ما أثّر على الرأي العام المسيحي وخياراته الاحد الماضي.
وتشير المصادر المقربة من «القوات» الى أن أداء المجلس البلدي السابق الذي انتُخب تحت مظلة «المستقبل»، كان مجحفاً بحق الأحياء البيروتية المسيحية التي عانت من حرمان إنمائي متعدد الأبعاد، «وحتى معالجة أزمة النفايات على سبيل المثال خضعت الى ازدواجية المعايير، إذ كانت تُرفع من مناطق عدة في بيروت فيما تُركت متراكمة في الأشرفية لوقت طويل».
والى جانب التمييز في المعاملة الإنمائية، تأثر الجمهور المسيحي - وفق المصادر ذاتها - بنمط التعاطي مع مسألة الحوض الرابع في المرفأ، وقضية الانترنت ودور عبد المنعم يوسف فيها، ومحاصرة جهاز أمن الدولة الذي يقوده ضابط مسيحي، وترشيح رئيس «المستقبل» للنائب سليمان فرنجية، والإساءة التي وجّهها الحريري الى جعجع علناً خلال احتفال «البيال» الشهير، والتي كادت تتسبب باندلاع مواجهات ساخنة بين الجمهورين لولا مسارعة رئيس «القوات» الى احتواء ما جرى.
وتشير المصادر المطلعة على أجواء معراب الى أن طريقة تشكيل لائحة «البيارتة» انطوت على ثغرات عدة، موضحة أن «القوات» لم تكن موافقة على طريقة تأليفها من حيث الشكل والمضمون، ولكنها تخطت تحفظاتها وقبلت بأن يكون لها مقعد واحد في المجلس البلدي، حرصاً على حماية التحالف مع «المستقبل»، الذي كان يُفترض به تقدير هذا السلوك، وليس التجني على «القوات» باتهامات انفعالية.
وتضيف المصادر: المفارقة، أن «القوات» متهمة بعدم احترام التزاماتها، في حين ان اسم مرشحها هو الذي تعرض للتشطيب الواسع في الشارع السني، ما أدى الى حلوله في المركز الأخير على اللائحة الفائزة، والمفارقة الاخرى أن البعض افترض أن هناك إمكانية لتشغيل محركات الماكينة الانتخابية لـ «القوات» بطاقتها القصوى وراح يحاسبها على هذا الأساس، متجاهلا أن لها مرشحاً واحداً على اللائحة.
وتتوجه المصادر الى الحريري بالقول: لو سملنا معك بأن «القوات» والاطراف الاخرى في الدائرة الاولى تعمدت بقرار سياسي إعطاء لائحة «بيروت مدينتي» الأصوات المسيحية، علما ان هذا ليس صحيحا، فمن يتحمل المسؤولية عن الأصوات السنية التي حصلت عليها تلك اللائحة، وعن النسبة الواسعة من المقاطعة السنية لانتخابات العاصمة.. أليس «تيار المستقبل»؟
وتتوقف المصادر المقربة من «القوات» عند سلوك الحريري في زحلة التي تعادل برمزيتها الاشرفية وبشري وتكاد تكون عاصمة «القوات»، متسائلة: أين هي الحكمة ومقتضيات مراعاة التحالف في أن يزور الحريري السيدة ميريام سكاف عشية الانتخابات البلدية، ثم يدعمها في معركتها ضد لائحة الاحزاب التي شكلت «القوات» أحد أركانها ودعائمها؟
وتشدد المصادر على أنه لم يعد مقبولا تحميل «القوات»، في كل مرة، تبعات أي إخفاق أو خلل يحصل على مستوى مقاربة الاستحقاقات السياسية والانتخابية، من البلدية الى رئاسة الجمهورية وما بينهما، «ولا تجوز المبالغة في الاتكال على صبر «القوات» ورباطة جأشها..».
وتعتبر المصادر أن «تيار المستقبل» مدعو الى مراجعة ذاتية جريئة والتدقيق في نقاط الضعف التي يعاني منها، ملاحظة أن الحريري ارتكب العديد من الأخطاء بحق المسيحيين منذ عودته الى لبنان، ما ولّد لديهم حالة من الاحتقان انعكست على سلوكهم في الانتخابات البلدية، «وهذه حقيقة ينبغي الإقرار بها، تمهيدا لمعالجتها، وليس الهروب منها الى الأمام».
وترى المصادر أن مشكلة «المستقبل» الحقيقية والعميقة تتمثل في افتقاره الى «الواقعية» في مقاربة الملفات والاستحقاقات، خلافاً لوضع «القوات» التي تحسن التوفيق بين براغماتيتها ومبادئها، معربة عن اعتقادها بأن الحريري لا يتكيف بالقدر المطلوب مع معطيات الواقع وحقائقه، بل ينطلق من مقدمات خاطئة تقود حكماً الى نهايات غير سعيدة.
وتؤكد المصادر المقربة من «القوات» أن الفريق المحيط بجعجع لا يحرضه على فك ارتباطه بـ «تيار المستقبل»، برغم كل المآخذ على نهج الحريري، آملة أن يكون لدى المحيطين بالحريري الحرص ذاته، وأن يسدوا له النصائح المفيدة، لا تلك التي تورطه في المآزق.
وتؤكد المصادر أن «القوات» لن تشارك بعد الآن في أي تركيبة ائتلافية لا تتوافر فيها مقوّمات النجاح، لافتة الانتباه الى أن جعجع لا يزال حريصاً على استمرار التحالف مع «المستقبل»، برغم كل شيء، لكنه يتطلع في الوقت ذاته الى نقاش صريح حول مكامن الخلل، لتصحيحها على قاعدة وضع الأمور في نصابها وتحقيق التوازن من البلدية الى مؤسسات الدولة.

النهار :

قبل ثلاثة أيام من موعد المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان الاحد المقبل، بدا واضحاً ان المناخات والنتائج المحققة حتى الآن عقب مرحلة بيروت والبقاع وما تستتبعه في بقية المحافظات ستنطبق عليها قاعدة "ما بعد الاستحقاق البلدي لن يكون كما قبله" على مختلف المستويات السياسية الداخلية. فاذا كان ضجيج النتائج والصدمات التي أثارتها نتائج بيروت وزحلة في شكل خاص قد ملأ الفضاء الاعلامي والسياسي في الايام الاخيرة من حيث تأثيراتها الفورية أو البعيدة المدى على العلاقات بين أفرقاء وحلفاء سياسيين بدوا هذه المرة على شفير "طلاق" ما لم تستدرك الهزة العنيفة التي اقتحمت واقع تحالفاتهم، فان الجديد المفاجئ الى حد بعيد جاء أمس من بوابة فتح ملف تداعيات نتائج الاستحقاق البلدي على ملف الانتخابات النيابية نفسها.
وفتح الملف على الغارب من خلال ما بدا "مبادرة" لرئيس مجلس النواب نبيه بري لاقى عبرها النتائج الفورية للمرحلة الاولى ليقطع الطريق أولاً على أي امكان للتمديد تكراراً لمجلس النواب وليمضي ابعد في تحديد برنامج مبدئي يفضي الى التوافق على قانون جديد للانتخاب ومن ثم اجراء انتخابات نيابية مبكرة ومن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ولو بمن يحضر. والحال ان بري الذي تدرج في طرحه من اجراء الانتخابات وفق القانون الحالي في حال تعذر التوافق على قانون جديد الى توافق على تقصير ولاية المجلس الحالي وتعهد الكتل انتخاب رئيس ولو بمن حضر، أثار غباراً كثيفاً مكتوماً حول هذه المبادرة ينتظر ان تتبلور المواقف منه تباعاً.
وعلمت "النهار" من أوساط نيابية مواكبة للطرح الجديد للرئيس بري المتصل بإجراء إنتخابات نيابية قبل الرئاسية شرط التزام إنتخاب رئيس للجمهورية فور إنجاز هذه الانتخابات، أن رئيس المجلس وجّه بإقتراحه هذا الرسائل الآتية:
- إذا لم يتم التوافق على قانون جديد للانتخاب في حدود الخريف المقبل، تكون الامور ذاهبة الى إجراء الانتخابات الربيع المقبل بموجب قانون الستين.
- ان الدعوة الى التوافق على قانون الانتخاب تعني ان القانون المختلط هو الانسب.
- ان إجراء الانتخابات النيابية قبل إنتهاء فترة التمديد يسبقه تعهد من كل الاطراف السياسيين لانتخاب رئيس للجمهورية وعدم تكرار الممارسة الحالية بتعطيل النصاب وذلك منعا لتطيير الحكومة بسبب إنتخاب مجلس جديد من دون وصول رئيس الى بعبدا يطلق عملية الاتيان بحكومة جديدة، وتالياً تصبح البلاد بلا سلطة تنفيذية كليا.
في غضون ذلك تصاعدت حمى الاستعدادات لمعركة جونية الانتخابية باعتبارها المعركة الاكثر توهجاً في قضاء كسروان وأقضية الجبل عموماًً. وبدا واضحاً ان نتائج السباق السياسي والانتخابي في زحلة خصوصا قد لفح معركة جونية بمزيد من الحرارة مع ان لعاصمة كسروان خصوصية تميزها عن عاصمة البقاع ولا تجعل المعطيات نفسها تؤثر في المعركة إلاّ من باب مواقف الاحزاب المسيحية التي تقف في جونية في مواقع مختلفة عما شهدته زحلة. ذلك ان المعركة في جونية تتركز على انقسام قوي بين العائلات وتجسده لائحتان الاولى برئاسة فؤاد البواري المدعوم من ائتلاف يضم النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام والوزير السابق فارس بويز، والثانية برئاسة جوان حبيش مدعومة من "التيار الوطني الحر" وحزبي الكتائب والوطنيين الاحرار. وتقف "القوات اللبنانية" من التنافس في موقع حرج جعلها تتجه كما افادت المعلومات مساء أمس الى اطلاق الحرية لانصارها في الانتخاب.
وفي سياق انتخابي آخر، كشف رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون امس في حديث الى "النهار" ان لائحة مكتملة من العونيين و"القوات اللبنانية" ستقف في وجهه في دير القمر حيث يدعم شمعون والوزير السابق ناجي البستاني لائحة برئاسة فادي حنين. كما أكد شمعون ان "جماعة وليد بك (جنبلاط) يعملون ضدي ويدعمون اللائحة الثانية".

مجلس الوزراء
الى ذلك، علمت "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء العادية عصر اليوم ستبحث في جدول أعمال من 120 بنداً بعدما سحب منه رئيس الوزراء تمام سلام "صواعق" يمكن أن تطرح إشكاليات وفق توصيف مصادر وزارية.لكن هذه "الصواعق" المنزوعة لا تشمل بنوداً مثيرة للجدل تتعلق بالصحة وتجهيزات المطار التي تريد وزارة الاشغال العامة والنقل حصر مدة إستدراج العروض لتوفيرها بخمسة أيام فقط.

 

اللاجئون
وفي تطور مفاجئ في موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، علمت "النهار" ان الحكومة تخلت عن الرفض المطلق للشرط الدولي ربط المساعدات للبنان بتشغيل اللاجئين وقررت ان تنظر في كل مشروع ستموّله الجهات المانحة على قاعدة المواءمة بين تشغيل اللاجئين والقوانين اللبنانية المرعية، على ان يتم توفير فرص عمل كثيرة للبنانيين بموجب مشاريع مطروحة. وجاءت هذه المعلومات عقب الاجتماع الذي رأسه عصر أمس الرئيس سلام للجنة الوزارية المعنية التي ضمت وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ووزير العمل سجعان قزي ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، فيما غاب عن الاجتماع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الموجود في قطر. وأبلغ الوزير قزي "النهار" ان البحث تناول المواءمة بين طلبات الدول المانحة والقوانين اللبنانية في ضوء ما طلبه لبنان في مؤتمر لندن وبعده من دعم مادي لإنشاء بنى تحتية وإصلاح أخرى بما يحافظ على فرص العمل للايدي العاملة اللبنانية وفتح سوق العمل أمام اللاجئين في القطاعات التي إعتاد لبنان أن يفتحها أمام العمال السوريين. وكشف ان هناك مشاريع زراعية والثروة السمكية وإستصلاح الشواطئ والمواصلات البرية والصحة ستنطلق بناء على ما قدمه لبنان أمام مؤتمر لندن.
وفي سياق آخر، نفذت أمس مناورة عسكرية مشتركة في اطار التعاون بين الجيشين اللبناني والبريطاني في قاعدة حامات الجوية والبقعة البحرية المقابلة لها اشتركت فيها طوافات.

 

المستقبل :

تتوجه جونية في استحقاقها البلدي الأحد المقبل الى معركة تنافسية بين لائحتين: الأولى، لائحة «جونية التجدد مسيرة عطاء» التي تحظى بتأييد العائلات ورعاية المهندس نعمة افرام والنائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن إضافة الى حزب «القوات اللبنانية»، والثانية، لائحة «كرامة جونية» المدعومة من «التيار الوطني الحر» برئاسة جوان حبيش.
هذه المعركة كان يمكن أن تكون وطأتها مقبولة ومفهومة، لو لم تتداخل فيها عوامل عدة جعلت منها «أم المعارك» في جبل لبنان. ففي جونية اليوم مواقع تواصل اجتماعي تتبارى وأغنيات تبث ومسيرات سيارة ومهرجانات انتخابية لا تُعد ولا تحصى وحملات إعلانية مكثفة، تفوق ربما ما شهدته العاصمة بيروت وزحلة.
في الوقائع، أنه خيضت منازلات إعلانية وإعلامية حفلت بكلام غير مبرر وغير مسبوق في مقياس مراقبين حياديين، في حق المجلس البلدي الحالي برئاسة المهندس أنطوان افرام والذي يضم مختلف المكونات المجتمعية والسياسية والحزبية للمدينة. المفارقة في هذا الإطار، يقول أحد معمري المدينة: فؤاد شهاب ما حدا عرف قيمته إلا بعد رحيله بسنوات. لم يبق شيء اليوم حتى من المؤسسات التي أقامها. وتخيل أن يتم غداً بشحطة قلم تدمير كل ما أنجزه طوني افرام، كما كانوا قد كسروا سابقاً التماثيل»، في إشارة الى السمبوزيوم في النحت قبل 12 سنة الذي ترك بعده فنانون من العالم ومن لبنان منحوتات هدية الى جونية، أزيلت وحطمت. 
المفارقة الثانية تتمثل في عدم فهم من يهاجم من؟! فالتيار الوطني الحر الذي يدعم لائحة المرشح جوان حبيش، هو مُمثل في المجلس الحالي خير تمثيل ولم يعترض يوماً لا على أداء المجلس ولا على قراراته. ومن اختاره حبيش كنائب رئيس على لائحته، وهو روي الهوا، منتمٍ الى التيار كحبيش، وفي الوقت عينه يجسد العضو الفاعل في البلدية الحالية على صعيد الخدمات.
وفي الوقائع أيضاً، يُسجل للائحة «جونية التجدد- مسيرة عطاء» برئاسة فؤاد البواري، إطلاق برنامج طموح وضعه فريق افرام بالتفاهم مع كل مكونات اللائحة وحاز على إعجاب وتقدير الكثيرين، في وقت لم يُسمع بعد بأي مشروع خارج حملات خرجت عن كل الأصول المعمول بها، والقيم التي لطالما طبعت جونية وأهلها، وكان أن طالت هذه الحملات عائلة افرام بالتحديد. 
وبينما يبدو مسؤولو الدعاية الانتخابية للائحة «كرامة جونية» مرتاحين سلفاً لنتائج المعركة ويعربون عن ثقتهم بإحراز فوز أكيد لحبيش، تشير الماكينة الانتخابية المقابلة الى أن آخر استطلاعات الرأي التي جرت في جونية تتوقع تسجيل «مفاجأة مدوية من العيار الثقيل« لصالح «لائحة جونية التجدد مسيرة عطاء» بفارق جيد جداً، مع استبعاد أي عملية خرق، بناء على العوامل الآتية:

1 - تحالف العائلات مع سياسيي المدينة وعلى رأسهم النائبان السابقان منصور البون وفريد هيكل الخازن.

2 - الهالة المعنوية الكبرى في احتضان هذه اللائحة من قبل المهندس نعمة افرام.

3 - وقوف «القوات اللبنانية« الى جانب هذه اللائحة.

4 - حملة القدح والذم بحق عائلة افرام وقد أثارت رد فعل عكسياً وحالة امتعاض واسعة في جونية.

5 - عنصر الشباب في هذه اللائحة الذين يمثلون أكثر من نصف أعضائها إضافة الى الخبرة المتجسدة في النصف الآخر. ومن الشباب البارزين المرشح لنيابة رئاسة المجلس البلدي فادي فياض مدير عام مهرجانات جونية الدولية، والبطل اللبناني سيلفيو شيحا.
وتضيف أوساط «لائحة التجدد» الى ذلك كله، حراجة حجة حبيش في إظهار إنجازات تُذكر خلال توليه رئاسة المجلس البلدي، إذ تم تسجيل استقالات جماعية في عهده كادت تطيح بالمجلس البلدي ورفع دعاوى وصلت الى حد إصدار قرار ظني بحقه من قبل المدعي العام المالي!

الجمهورية :

بدا النواب في ساحة النجمة ظهر الثلاثاء وكأنهم كائنات هجينة. في الدردشات التي حصلت اعترف بعضهم بأنهم، وبعد اجراء الانتخابات البلدية، وهم العاطلون من العمل، انما يغتصبون السلطة.
الذين ينؤون الآن بالتمديد الثاني يقتربون اكثر فأكثر من التمديد الثالث، لن يحصل هذا. والعالمون ببواطن الامور يقولون لا قانون انتخاب ما دام لا رئيس هناك، ولا رئيس هناك قبل ان يتبلور المشهد الاقليمي. الرئيس نبيه بري دق جرس الانذار... التمديد انتحار!
الكرسي الرئاسي الذي لم يعد يختلف في دستور الجمهورية الثانية، عن الكرسي الكهربائي بيد ولي ولي العهد السعودي، المثير ان اوساطاً سياسية في لبنان تراهن على زيارة الامير محمد بن سلطان للاليزيه في نهاية الشهر الجاري، الرئيس فرنسوا هولاند الذي شعبيته تضاهي شعبية المجلس البلدي الجديد لبيروت، او اقل (14 في المئة) وعد باقناع الزائر السعودي باعادة فتح الطريق الى قصر بعبدا...
مقابل ماذا يتخلى سمو الامير الذي يعتبر نفسه رجل الاوراق القوية، مثلما هو رجل المواقف القوية، عن الورقة اللبنانية؟ لا تستطيع باريس ان تفعل شيئاً الآن، والفرنسي جان دانييل يقول ان من يستطيع ان يشتري اللوفر يستطيع ان يشتري... الاليزيه.
خلال الجلسة الاخيرة للجان النيابية المشتركة، كان نائب بارز يهمس في آذان بعض زملائه «ما زال امامنا عشرة اشهر، هذه مدة كافية لكي يتبلور الوضع في الاقليم، وسيهبط علينا قانون الانتخاب من المدخنة».
الرئيس بري بالمرصاد، إما قانون انتخاب او نذهب الى بيوتنا، قانون الستين فوق الرؤوس مثل سيف ديموكليس. نواب، ويعتبرون ذلك من باب التهويل، يقولون ان كل الوضع اللبناني مرتبط بكل الوضع في سوريا. ان مضت سوريا في الحرب مضى لبنان في الستاتيكو، في احسن الاحوال، وانا ذهبت الى التسوية، فالتسوية اياها تأتي بالرئيس اللبناني وبقانون الانتخاب اللبناني.
الانتخابات البلدية بدت وكأنها اقصى ما تستطيع ان تفعله «الديموقراطية» في لبنان كل انتخابات اخرى مؤجلة. هذا لا يمنع الاوساط السياسية من القول ان «حالة التمرد» التي حصلت في الاشرفية يوم الاحد اظهرت ان المسيحيين لن يقبلوا الا رئيساً قوياً. لا رئيس افضل من رئيس بوزن الريشة.
غداة الانتخابات قيل الكثير، على صفحات الفايسبوك كما على مواقع التواصل الاجتماعي، حول تدهور العلاقة بين «حزب الله» والتيار الوطني الحرّ. البعض اختزل الحالة بـ «سوء التفاهم الذي يهدد ورقة التفاهم».
مصادر مقربة من «حزب الله» تقول «البعض اساء الفهم فأساء الى التفاهم؟ واضافت المصادر «الحزب اكبر من ان يسيء الى التفاهم».
وتابعت المصادر المقربة من حزب الله لـ «الديار» بالقول: « التفاهم مصلحة استراتيجية للطرفين، وبالتالي للبنان، والعوامل التي فرضت حصوله لا تزال مستمرة»، مؤكدة «اننا لسنا جسماً واحداً او بنية عضوية واحدة، منذ البداية كانت هذه القناعة، ومن الطبيعي ان تكون هناك وجهات نظر متباينة حول بعض المسائل، ولكن في المواضيع الاساسية، مثل سوريا، ورئاسة الجمهورية، والمقاومة كنا دائما في موقع واحد».
واوضحت المصادر «طلبنا من التيار الوطني ان يتفهم طبيعة علاقتنا مع حلفائنا، لا سيما الرئيس نبيه بري، وهم ايضاً طلبوا منا ان نتفهم علاقتهم مع القوات اللبنانية».
وتابعت المصادر «التيار عقد تحالف معراب ولم نعلق عليه سلباً، ولم نطلب منه وقف حملة الدكتور سمير جعجع علينا بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، والتيار يعلم انه لولا موقفنا الثابت لاصبح النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية منذ ترشيحه».
وترى المصادر «انه من الطبيعي ان يكون هناك اختلاف في مسائل محددة، دون ان يهز ذلك التفاهم. حدث هذا بالنسبة الى التمديد لقيادة الجيش، واوضحنا للتيار اننا لا نستطيع ان نعطي اصواتنا لـ «القوات» في زحلة. لدينا التزام مع السيدة ميريام سكاف، ومع النائب نقولا فتوش الذي وقف معنا منذ عام 2005، وله مواقف مشرفة، وكان دائماً حليفاً لنا».
وتشير المصادر «لو اخذ برأينا وحصل تفاهم بين الجنرال عون والنائب فتوش والسيدة سكاف لاكتسح الثلاثي كل المقاعد، ولكن...».
اما لماذا لم يترشح الحزب ولم يقترع في بيروت فقالت المصادر المقربة «لأن الرئيس بري يمثلنا»، وتضيف المصادر ان الرئيس سعد الحريري كان يراهن على ان نخوض انتخابات بيروت ليستثير العصبية المذهبية، ويرفع منسوب المقترعين لم نمنحه هذه الفرصة، ولو اقترعنا كما اظهرت النتائج، لحصل اختراق في لائحة «البيارتة» لا يقل عن 10 مقاعد».
وحسب المصادر المقربة من حزب الله، فان الحريري يعتمد في الوقت الحاضر، سياسة «لاحتواء» وتجنب المعارك لانه يعلم تماماً، ومعركة بيروت اظهرت ذلك، ان اي اختبار شعبي سيكون مكلفاً وصادماً. على هذا الاساس تشكلت لائحة بيروت، بمشاركة كل الاطراف تقريباً، واضطر الى مد اليد الى العماد ميشال عون». واذ تبدو طرابلس المختبر الحقيقي لخارطة القوى، فهو تفادى المعركة ومد يده الى الرئيس نجيب ميقاتي مع علمنا التام حسب المصادر بموقفه الحقيقي، او بموقف تيار المستقبل منه، لكنها الضرورة، ضرورة الا تكون الضربة قاسية جداً في عاصمة الشمال وما تعنيه بالنسبة الى الحريري.
وتابعت المصادر «ان الانتخابات البلدية اثرت في المشهد السياسي العام، وتشير المصادر الى ان الحزب اثبت انه يتمتع بحضور شعبي كاسح ، مع حلفائه، في البقاع، و«لسوف يتكرر ذلك في الجنوب».
وعن بريتال، قالت المصادر المقربة من حزب الله «الحزب بقي بعيداً عنها على اساس ان للشيخ صبحي الطفيلي حيثية كونه اميناً عاماً سابقاً للحزب، لكنه تجاوز كل الخطوط الحمراء بمواقفه وتصريحاته لا سيما حيال الشهداء، فكان ان الناس انتخبوا ضد منطقه...
وترى المصادر «ان الازمة السورية طويلة، وبالتالي الازمة اللبنانية طويلة، الا اذا ذهبنا الى خيار السيد حسن (نصرالله) الذي دعا الى الفصل بين الأزمة في سوريا، واختلافنا فيها وعليها والأزمة اللبنانية، وبالتالي انتخاب رئيس للجمهورية بارادة لبنانية بحتة».
وتشدد المصادر على ان السعودية هي التي تحول دون المضي في ذلك الخيار «لأنها لا تريد ميشال عون»، واكدت «اننا لسنا معنيين ابداً بالمؤتمر التأسيسي»، السيد كان واضحا حين قال «اذا اردتم...»، وهو الذي أعلن التزامه اتفاق الطائف، ولا مثالثة ولا من يحزنون...

الجمهورية :

تتّخذ المعارك الانتخابية في بعض بلدات جبل لبنان طابعاً أكثر حدّية، خصوصاً أنّ الوقائع أظهرَت أنّ التحالفات الحزبية مبنية على المصالح الخاصة وليس على المبادئ العمومية التي تهمّ المجتمع. واللافت أنّ الأحزاب تتحالف في ما بينها عندما يكون هناك مصلحة لها، وتسعى إلى الوفاق في البلدات التي ترى أنّها لا تستطيع الانتصار فيها. وفي هذا الإطار برز التنافس في جونية، حيث يواجه «التيار الوطني الحرّ» والكتائب اللبنانية حزبَ «القوات اللبنانية»، في حين يخوض «التيار» و»القوات» معركة ضد الكتائب في سنّ الفيل، فيما يتواجه «التيار» و»القوات» في بسكنتا. يتوجّه ناخبو جبل لبنان إلى صناديق الاقتراع الأحد المقبل، حيث لم يتمكّن تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» من الاتفاق، بل إنّهما يتنافسان في بلديات عدة، في وقتٍ انقسَم كلّ منهما بعضُه على بعض وتوزَّعوا على اللوائح في بعض البلدات.
وفي هذا السياق، تتواجه «القوات» و«التيار» في بلدات عدة، حيث لم يستطيعا تأليف لوائح مشتركة، بل إنّ كلّ ما حكِيَ عن تفاهمات شاملة ذهبَ أدراج الرياح، واللافت أنَّ هاتين القوّتين تتواجهان في بلدة معيّنة وتتحالفان في بلدة أخرى مع القوى المحلية أو رؤساء البلدية، عندما يدركون أنّهما لا يستطيعان الفوز بالبلدية.
إلى ذلك، استمرّت نسبة التصويت المتدنّية لـ»لائحة البيارتة» في اليوم الانتخابي الطويل الأحد الماضي بالتفاعل سلباً، وتردّدت أصداؤها في أرجاء «بيت الوسط»، مثيرةً تساؤلات كبيرة حول إمكان تأثير ما حصَل على العلاقة بين تيار «المستقبل» والحلفاء الذين غمزَ الرئيس سعد الحريري من قناتهم، في اعتبار أنّ ما حصَل كاد يُهدّد المناصفة.
مصادر «المستقبل»
وفي هذا السياق، أقرَّت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ»الجمهورية» بأنّ ما حصل الأحد خلقَ مرارةً شديدة لدى «التيار»، وهو الذي يحمل راية المناصفة والعيش المشترك، معتبرةً أنّ مَن صوَّتَ لغير لائحة «البيارتة» كان يقول إنّه ليس مهتمّاً لا بالمناصفة ولا بالعيش المشترك، وقالت: «لو لم يصبَّ جمهورُنا في هذه اللائحة بالشكل الذي أقدمَ عليه، لكانت المناصفة والعيش المشترك في خطر، ونفتخر بأنّنا نحن من حَمينا المناصفة ونأسَف لأنّ الآخرين لم يقدّروا ماذا فعلوا، هذا إذا هم فعلوا، أمّا إذا تبيَّن أن لا مونة لهم على شارعهم، فذلك أسوأ بكثير».
وإذ جزَمت المصادر بأنّ تقويماً دقيقاً سيجري لِما حصَل، رفضَت الإجابة عن سؤال هل أنّ الثقة بالحلفاء لا تزال موجودة، وقالت: «من المبكر الحديث عن ذلك». وأضافت: «أخبرَنا حلفاؤنا أنّ 86 في المئة من الشارع معهم، لكن تبيّنَ أنّه إمّا أنّ هذا الكلام غير صحيح لأنّهم قالوا إنّهم لم يستطيعوا السيطرة على الشارع، وإمّا الكلام صحيح وأخذوا الناس إلى مكان آخر، وفي الحالين هناك مشكلة عندهم وليس عندنا».
وخَتمت المصادر: «إنّ الرئيس الحريري هو مَن حمى المناصفة، ولولا أصوات تيار «المستقبل»، لكانت الأمور أخذت منحى آخر، ونحن نفتخر بأنّنا حملنا المناصفة على أكتافنا وحميناها».
حوري
وكان عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري قال «إنّ بعض من تَحالفنا معهم أمَّنوا لأنفسهم مقاعدَ في المجلس البلدي لكنّ أصواتهم ذهبَت في اتّجاه اللائحة المنافسة».
وأضاف: «ما يُزعجنا أنّ اللائحة كانت تحمل عنواناً أساسياً هو المناصفة والعيش الواحد المشترك»، مشيراً إلى أنّ تيار «المستقبل» أخَذ على عاتقه التزام هذا النهج»، ورأى أنّ «الامتناع عن دعم هذه اللائحة فيه نوع من الإخلال».
زهرا
في المقابل، سأل عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا: «هل نحن أتباع لسيّد إسمُه «المستقبل» لنخونَه في الانتخابات البلدية؟»، مشيراً إلى أنّه على قدرِ استطاعة الجمهور النزولَ نزلوا، ولكنْ ماذا عن نسبة المشاركة في المناطق الأخرى؟».
ولفتَ إلى أنّ كلّ الناس قصّروا ويجب معالجة هذا التقصير بالحوار لا برميِ المسؤولية والاتّهامات على الآخر. وأكّد أنّه في الانتخابات البلدية وفي بيروت لم يجرِ أيّ تشطيب من «القوات»، مشدّداً على أنّ جمهور تيار «المستقبل» هو مَن شطّبَ «القوات» وليس العكس». وأضاف: «هم يشتكون تقليدياً أنّ هناك أُمرةً لا تردّ في «القوات»، هل أصبحَت «القوات اللبنانية» الآن لا تمون على محازبيها»؟
وسأل زهرا:« لماذا لا نقول إنّ تيار «المستقبل» خانَنا في زحلة، ومع العِلم أنّه سيقف على حياد، فإنّ جمهورَه لم يلتزم ذلك».

«التيار الوطني الحر»
على المقلب الآخر، ظلّت انتخابات بيروت تتفاعل داخل أروقة «التيار الوطني الحرّ»، وكانَ لافتاً إعلان القيادي في «التيار» زياد عبس أنّه لم يتبلَّغ حتّى الساعة أيّ قرار بفصلِه، على رغم كلّ ما قيل، مؤكّداً «أنّ سوءَ إدارة ملفّ الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت، وكلّ ما نتجَ عنها من ترشيحات ونتائج وردّات فعل، ولا سيّما تهميش إرادة هيئة القضاء والهيئات المحلّية في اختيار المرشّحين المناسبين، كلّ ذلك، يتحمّل مسؤوليتَه «المفاوض الوحيد» المكلّف إدارة هذا الملف».
واعتبَر أنّ «ردّة فعل هيئة القضاء وعونيّي بيروت، يتحمّل مسؤوليتَها العماد ميشال عون»، وأضاف: «منه تعلّموا ألّا يقبلوا بأقلّ مِن ما يستحقّون وأن يختاروا هم مَن يمثّلهم وألّا يصوّتوا لغير قناعتهم، وطالما ردّدوا معه، «إذا كان الرفض متعِباً، فإنّ القبول مميت».
برّي
إلى ذلك، نَقل النواب عن الرئيس نبيه برّي بعد «لقاء الأربعاء النيابي» ارتياحه إلى حسنِ سير المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، مؤكّداً ضرورة أن تُستكمل بقيّة المراحل في ظلّ هذه الأجواء.
وقال إنّنا أصبحنا أكثر حاجة اليوم لإنجاز قانون جديد للانتخابات والخروج من دائرة المراوحة، لأنّه يشكّل مفتاح حلّ أزماتنا السياسية. وجدّد القول إنّ التوافق على هذا القانون يفتح الباب أمام إجراء الانتخابات النيابية في أيّ وقت، مؤكّداً في الوقت نفسه أن لا تمديد للمجلس بأيّ شكل من الأشكال بعد اليوم.

اللواء :

72 ساعة فاصلة عن المرحلة الثانية للانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، تسبقها جلسة لمجلس الوزراء عصر اليوم، حافلة بجدول أعمال ببنود وظيفية، وسط استحقاقات داهمة، مثل اقفال مطمر الناعمة بعد أسبوع بصورة نهائية من دون ان تكون قد تمت التلزيمات المطلوبة لمطمري برج حمود و«الكوستا برافا»، ومن دون العثور على مطمر مناسب لنفايات إقليم الخروب وبعض جبل لبنان، على ان تجري عملية تقييم لاجراء الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك - الهرمل، التي فتحت الباب امام همة نيابية عبر عنها الرئيس نبيه برّي، كما اشارت «اللواء» بطي أي محاولة لتمديد جديد لمجلس النواب في العام 2017، وتركيز الجهود على إقرار قانون جديد للانتخاب، حتى إذا انتخب على أساسه مجلس نواب جديد ودعي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإنه على استعداد لإسقاط شرط الثلثين، ويجري الانتخابات الرئاسية بمن حضر إذا لم يلتزم النواب بأن يوفروا النصاب، على غرار ما يحصل في الجلسات النيابية التي تنتظر الرقم 40 في 2 حزيران المقبل.
وإذا كانت دوائر المجلس النيابي سارعت إلى سحب نية الرئيس برّي التخلي عن شرط الثلثين للنصاب النيابي لانتخاب الرئيس، فإن هذا الموقف جاء على خلفية عدم القبول بالاستمرار في حالة المراوحة، والتي تتزامن مع رغبة جامحة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لتحريك حجر الرحى بما خص انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث كان هذا الموضوع موضع بحث لدى استقبال الرئيس تمام سلام للسفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون الذي يمارس مهامه قبل تقديم أوراق اعتماده، والذي وصفت زيارته إلى السراي في إطار التحضير لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت إلى بيروت في 27 الشهر الحالي، لمتابعة محادثات الرئيس هولاند مع المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة للعاصمة اللبنانية، والتي تركزت على موضوعين: انتخاب الرئيس ودعم لبنان في تحمل أعباء أزمة النازحين السوريين.
وسيحضر هذان الموضوعان في كلمة الرئيس سلام امام المنتدى الاقتصادي العربي صباح اليوم في دورته الـ24 والتي يُشارك فيها نحو 500 مستثمر ورجل أعمال من 19 بلداً.
كما ستكون هناك كلمة في ختام المنتدى بعيد السادسة مساءً للرئيس سعد الحريري يتطرق فيها إلى أهمية اجراء الانتخابات البلدية والافاق التي من شأنها ان تفتحها في ما خص ملء الفراغ الرئاسي لتحريك الحركة الاقتصادية والانتاجية في البلاد.
وعند الرابعة عصراً، ولمناسبة «يوم الجريح» للمقاومة الإسلامية، يلقي الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله كلمة عبر الشاشة يتطرق فيها إلى معاني المناسبة، والتطورات المتصلة بالمعارك البلدية، فضلاً عن التطورات السياسية المحلية والإقليمية، في ضوء العودة إلى التفجيرات في العراق، واحتدام المعارك في حلب والغوطة الشرقية في دمشق.
وهذه الفسحة السياسية تأتي في سياق مناسبات، من دون ان تخطف الضوء عن التحضيرات الجارية للمعارك الانتخابية في جبل لبنان، مع بروز مؤشرات «تمرد شيعي» في بلدات الضاحية الجنوبية، بدءاً من الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك، بعدما أصبح من الثابت ان نتائج الانتخابات في البقاع وبعلبك - الهرمل فتحت شهية الشخصيات غير المتفقة مع حزب الله على خوض الانتخابات، لا سيما بعدما حصدت اللائحة المناهضة للائحة «التنمية والوفاء» في بعلبك 46 في المائة من الأصوات.
وفي هذا السياق، أعلن الدكتور أديب كنج لائحة «الغبيري للجميع» ضمّت بلال علامة، والمحامي واصف الحركة وجمال الخنسا والمحامي ايمن فرحات، في مواجهة لائحة «التنمية والوفاء» التي غاب عنها رئيس البلدية السابق محمّد سعيد الخنسا.
وفي حارة حريك أعلن زياد نجيب دكاش ترشيحه لعضوية مجلس بلدية حارة حريك منفرداً مقابل لائحة «الوفاء والتنمية والاصلاح»، والمدعومة من «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«حركة أمل».
صيدا
ومن صيدا، أفادت مراسلة «اللواء» ثريا حسن زعيتر ان كثافة مرشحين للمجالس البلدية سجلت في السراي، حيث فاق العدد الألف متقدّم، باشراف المحافظ منصور ضو، مع الإشارة إلى ان عدد بلديات محافظة الجنوب (باستثناء النبطية) 47 بلدية وعدد أعضائها 576 عضواً، في حين ان عدد المخاتير في صيدا وجوارها يصل إلى 123 مختاراً، وذلك قبل دقائق من اقفال باب الترشيح.
وعلى صيعد اللوائح، وبالاضافة إلى لائحتي رئيس بلدية صيدا الحالي محمّد السعودي المدعوم من نائبي المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري وتيار «المستقبل» والمؤسسات الاقتصادية والاهلية والتي ترشح من ضمنها أمس، أمين عام تيّار «المستقبل» أحمد الحريري، ولائحة «صوت الناس» برئاسة بلال شعبان والتي يدعمها التنظيم الشعبي الناصري وتجمع الأحزاب الوطنية الحليفة، أعلن مسؤول الحملة الانتخابية للجماعة الإسلامية أحمد الجردلي ان مرشحي الجماعة للانتخابات هم: كامل كزبر وحسن الشماس ومطاع مجذوب.
صراع «القوات» - عون
مسيحياً، انضمت ماكينة «القوات اللبنانية» إلى لائحة «جونية التجدد» برئاسة فؤاد البواري في مواجهة لائحة جوان حبيش الرئيس الحالي للمجلس البلدي والتي يخوضها بعنوان لائحة «كرامة جونية» المدعومة من «التيار الوطني الحر» ورئيسة النائب ميشال عون.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مسؤولة في لائحة «جونية التجدد» ان التعاون الانتخابي بين المكونات العائلية والسياسية والحزبية التي تلتقي حول كافة المرشحين في لائحتها وبرنامجها الإنمائي هو راسخ بشكل لم يسبق له ان تجسّد في معارك انتخابية مماثلة، الأمر الذي سيحقق نتائج ستحدث صدمة لدى كثيرين.
وأوضحت المصادر ان «القوات اللبنانية» أكثر من داعمة للائحة، وانها مكون أساسي إلى جانب المكونات الأخرى في اللائحة وقد التحق مسؤولو ماكينتها الانتخابية بالماكينة الام للائحة وباشروا عملهم.
الا ان أي مصدر قواتي لم يعلن ذلك رسمياً، وذلك خوفاً من ان تجر معركة جونية إلى تصدع «تفاهم معراب».
وفي المقابل، أعلن كل من التيار العوني و«القوات» انخراطهما معاً في معركة انطلياس - النقاش برئاسة المحامي الياس يوسف الصافي، في مواجهة لائحة شكلها الرئيس السابق للبلدية ايلي فرحات بوجودة باسم «اهالي انطلياس النقاش».

الاخبار  :

لا يحتاج الرئيس سعد الحريري الى صناديق الاقتراع في بيروت، وحتى في زحله، كي يكتشف ان ثمن مغامراته السياسية، وآخرها ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، كبير وباهظ. ولا يحتاج ايضا الى هذه الحملة الاعلامية والسياسية المضادة، كي يطلق تهديدات في شأن الحفاظ على الشراكة، ما دامت القوى المسيحية هي التي تحمل منذ سنوات شعار رفع الغبن عن المسيحيين واحترام حقوقهم التي حافظ عليها اتفاق الطائف وأهدرها تنفيذه برعاية الرئيس رفيق الحريري، وترويكا الحكم في ظل النظام السوري.

ولا يحتاج حكماً الى التلويح بالمناصفة، ما دامت المناصفة الحقيقية «سرقت» في عهد الأب والابن، بحسب ما تقول اوساط مسيحية، بعدما ضاعف الحريري من حدّة تهديداته تجاه القوى المسيحية، فيما لم يتوجه الى حلفائه الاخرين بأي كلمة اعتراضية.
في الاسابيع الاخيرة، كُشف عن كلام قيل في بيت الوسط، يعبّر تماماً عن النيات المضمرة تجاه القوى المسيحية الحليفة وغير الحليفة، وليس اقلها ما اعاد الحريري قوله علنا عن المناصفة في بلدية بيروت وغيرها. واذا كانت المناصفة في بلدية بيروت لا تحتاج الى الحريري وحده، وهي جرت برعاية كافة القوى السياسية ولا سيما الرئيس نبيه بري الذي حرص على تذكير المعنيين بضرورة حصولها مهما كان الثمن، فان القوى المسيحية المعنية لديها ايضا دفتر شروط مضاد في وجه تلميحات الحريري وتلويحه باتخاذ «عقوبات مستقبلية» في حق الشركاء المسيحيين.

بعيداً عن لغة الارقام والنتائج المعبّرة التي خلصت اليها الانتخابات البلدية وتقويم الاقتراع المسيحي والاسلامي للوائح المتنافسة في بيروت وقدرة الاحزاب المسيحية على التجييش، فان ثمة حقائق سياسية يقولها سياسيون معنيون ويفترض بفريق الحريري ومستشاريه ان يضعوها في حساباتهم، وهي ان هذا الاقتراع ليس عملية حسابية، والرد على الحريري لن يكون باللجوء الى تبريرات علمية وجداول وارقام. هناك كلام يقال لرئيس الحكومة السابق بوضوح:
هذا الاقتراع بنسبه المئوية كان اقل من نسبة الاقتراع التي سجلت عام 1992 حين قاطع المسيحيون الانتخابات النيابية، والتي اوصلت الى المجلس النيابي طاقم الحكم الذي لا يزال مستمراً حتى الان بمعظمه منذ ذلك الحين، من دون الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
والاقتراع المسيحي، ببساطة، ليس وليد اللحظة الانتخابية او انقلاباً على التحالفات التي صيغت من فوق الطاولة او من تحتها، وليس قفزاً فوق لقاءات عقدت في بيت الوسط او غيره. عمر هذا الاقتراع المسيحي اشهر وسنوات، وهو نتيجة ما يسميه احد السياسيين «تسويات غامضة وشكوك وسوء نية» يمارسها الحريري وفريقه يوميا تجاه القوى المسيحية الاساسية. فاقتراع بيروت، وتحديدا الدائرة الاولى، لا علاقة له لا بتصفيات حسابات شخصية داخل التيار الوطني الحر، ولا بدور القوات اللبنانية في التحكم بجمهورها، بل له علاقة بممارسة الحريري تجاه المسيحيين منذ التحالف الرباعي حتى اتفاق الدوحة وبعده وترؤسه الحكومة وخروجه من بيروت وعودته اليها. هذا الاقتراع هو جردة حساب منذ «السين سين» وزيارة دمشق والرئيس بشار الاسد، هو اقتراع تشكيل الحكومة مع من كان يتهمهم بنفسه باغتيال والده، والمشاركة في حكومة وحوار من دون القوات اللبنانية ورئيسها الدكتور سمير جعجع، والانقلاب على الحوار مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، والسير بكل ما هو ضده في الحكومة وفي قانون الانتخاب وفي ترشيح فرنجيه. وهو اقتراع ضد خيار تسوية باريس وترشيح فرنجيه في وجه تفاهم معراب ــــ الرابية، والاصرار عليه بعدما اعلن جعجع ترشيح عون.



هذا الاقتراع هو تماما ما كانت القيادات السياسية المسيحية تحاول ان تغلّفه بقالب ديبلوماسي، وابقاءه تحت الطاولة حفاظا على الاستقرار وعلى التحالفات التي بنيت بعد عام 2005، بعدما خطف الحريري وفريقه كل الانتصارات التي حققها المسيحيون مع البطريرك الماروني الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير، ليتخلى لاحقا عن الفوز في انتخابات عام 2005 ومن ثم عام 2009 ليلة اقفال صناديق الاقتراع، لمصلحة ما يعده هو تركيبة ثابتة مع بري.
وتصويت بيروت يعني حقيقة ان احدا من هذه القيادات لم يغفر للحريري ما يقوم به يوميا، في اطار استبعاد القيادات المسيحية ومحاولة التحدث باسمها، فقط لان في كتلته بضعة اسماء مسيحية. ولم تسامحه يوما على انه يريد الاستئثار بحصة المسيحيين في مجلس الوزراء ومجلس النواب وفي الادارة، وفي الاستمرار في نهب المال العام والفساد الذي استشرى في عهد حكومات فريقه المتتالية.