ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بذكرى ولادة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، واتخذ بعض الشيعة هذه المناسبة مناسبة للغلو، وبدت الإحتفالات على مواقع التواصل الإجتماعي احتفالات سطحية باهتة، هّمها الوحيد التحريض أحيانا، والمزايدات في أحيان كثيرة، علماً أن هذه المناسبة الجليلة هي مناسبة للتأمل والتزود من حياة علي عليه السلام وسيرته وتعاليمه، هذه السيرة التي تصلح كدستور للحياة البشرية على كل صعيد سياسيا وإجتماعيا ودينيا وغير ذلك .
لقد شكّلت سيرة علي عليه السلام، سواء سيرته الشخصية أو سيرته في الحكم، شكلت مادة كبيرة للإستفادة منها في جميع جوانب الحياة، فهو كإمام قدم أسلوبا جديدا بسيرته وسلوكه، غفل عنه كثيرون خصوصا من أولئك الذين يحتلفون اليوم بذكرى ولادته، فطغت مظاهر الإحتفال على التزود من سيره علي وأخلاق علي وعبادة علي، وهو كخليفة استطاع أن يقود المسملين جميعا بحكمته ومسؤوليته وتجاوز كل الخلافات التي نشأت بعد وفاة الرسول الأكرم (ص) وأمسك بزمام أمور المسلمين، واعتبر أن الهدف الاساس حفظ الإسلام وقال كلمته المشهورة : لأسالمنّ ما سلمت أمور المسلمين.
وبايع علي كأي مسلم يريد أن ينقذ إرث محمد (ص) واستطاع بذلك أن يفرض شرعية من سبقه من الخلفاء، وليؤكد بذلك أن الهدف الأساس هو الحفاظ على الإسلام ونهج المصطفى محمد (ص) وليؤكد شرعية الخلفاء قبله وليقول لنا نحن الشيعة اليوم، خلفاء شرعيون إن لم يكن بالنص فمن شرعيته هو لأنه بايع وأقرّ وأمضى وخصوصا أنه وعندما تسنى له الأمر كخليفة مضى فيما كان عليه قبله من الخلفاء، فلم يبطل إلا القليل، وأمضى على ما كان عليه السلف، وحكم بما أنزل الله وحكم بسنّة محمد رسوله .

إن مناسبة ولادة الإمام علي عليه السلام ينبغى أن تكون مناسبة للتأمل بسيره علي عليه السلام وبمواقفه وبعبادته وبسياسته وبأخلاقه،لأنه عليه السلام ترك إرثا كبيرا في العبادة والسياسة والأخلاق، وحري بكل مسلم أن ينهل من هذه العطاءات وهذا الإرث الذي تركه علي بن أبي طالب .

ولا ينبغي أن تكون هذه المناسبة مناسبة للمزايدات والتحريض الطائفي والمذهبي، بل إن رسالة علي عليه السلام كانت رسالة محبة وحوار وتلاقي وسلام، وكانت رسالته نبذ الفرقة والعصبية وهي تلك الرسالة التي أمر بها الرسول الأكرم (ص)
إن الإحتفال بذكرى ولادة علي عليه السلام ينبغي أن يكون احتفاء بالوحدة ومحطة إسلامية لجميع الطوائف والمذاهب، لأن عليا كان وما زال خليفة للمسلمين جميعا وإن احتكار الشيعة وحدهم لعلي هو إساءة لعلي نفسه قبل أن تكون إساءة للأمة كلها، لأن عليا عليه السلام أكبر من شيعته، ولان عليا رسالة إنسانية بشرية تاريخية فوق الزمان والمكان.